المطلوب …. رفع الغطاء السياسي

 
 
 

شبكة المنصور

المحامي حسن بيان

 الاجتماع الثلاثي الذي عقد في مقر مخابرات الجيش في بيروت وضم ممثلين "لأمل وللمستقبل وحزب الله"،اختلفت التقييمات بشأنه، منهم من اعتبره خطوة سلبية تذكر بسنوات الحرب،ومنهم من اعتبره خطوة ايجابية،كونها تصب في اطار احتواء التوترات الامنية التي شهدتها العاصمة وبعض المناطق اللبنانية قبل وبعد السابع من ايار 2008،

 

ومن خلال الردود والتوضيح،تبين، ان هذا الاجتماع لم يكن يتيماً بل سبقته لقاءات عديدة لم يشكف النقاب عنها،وبقيت طي الكتمان  الى ان افصح عنها بعد احداث عائشة بكار،

 

ان هذا اللقاء الثلاثي والذي يمكن ان تكون اعقبته لقاءات اخرى هو ذو دلالات لا يمكن المرور عليها مروراً عابراً وكأنها ترتبط بمعالجة ذيول حوادث امنية ولذلك يجدر التوقف عندها لعدة أسباب:

 

السبب الاول: ان عقد اللقاءات ذات الطابع الامني بين اطراف سياسية،هو اقرار بأن  هذه الاطراف ما تزال تشكل قوة امر واقع تفرض نفسها حقيقة امنية قائمة على الارض.

 

السبب الثاني :ان عقد اللقاءات الامنية وفي المكان الذي عقدت فيه لا يذكر باستحضار اللقاءات الامنية التي كانت تعقد بين قوى الامر الواقع قبل اتفاق الطائف،وحسب،بل أيضاً تدفع بالذاكرة لان نستحضر ميدان سباق الخيل الذي اعتمد مقراً لاجتماع اللجان الامنية لمعالجة ذيول الحوادث الامنية انذاك،

 

السبب الثالث: ان اطراف اللقاء الثلاثي الذي انعقد في مقر مخابرات الجيش،اعاد تسليط الضوء بأن الاطار السياسي الفوقي يسحب نفسه على الاطار الامني التحتي،وان القول بأن الخلاف السياسي ليس مشدوداً الى حلقاته المذهبية هو قول ولا يستقيم موضوعياً وحقيقة القائمة على الارض،

 

لهذه الاسباب الثلاث،لا نسجل لهذا اللقاء بعداً ايجابياً،لا بالشكل ولا بالمضمون،لأنه اذا كانت المبررات في السابق تملي او تفرض عقد مثل هذه اللقاءات،فلأن الواقع الموضوعي كان انذاك يفرض نفسه،وكانت قوى الواقع هي التي تدير الصراع السياسي والامني في ظل غياب او تغييب لموقع الدولة واجهزتها السلطوية،

 

اما  اليوم وفي ظل وجود الدولة التي يزعم الجميع انها تشكل مرجعية وطنية جامعة بأبعاد سياسية وامنية،هل هناك ما يبرر ادواراً امنية رديفة لادوار اجهزة الدولة ذات الصلة؟

 

ان منطق الامور،هو ان تكون الدولة هي المرجع الامني المعني بتوفير الحماية للشعب بغض النظر  عن الهوية السياسية والطائفية او التواجد المناطقي،واذا كان الواقع القائم لم يشر الى عكس ذلك،فهذا يعني،ان القول بحق الدولة باحتكار الدور الامني انما يندرج ضمن عملية التكاذب السياسي والتي يبدو انها باتت تشكل سمة اساسية من سمات الممارسة السياسية اللبنانية،

 

فإذا كانت الحوادث الامنية التي حصلت خلال المرحلة الماضية والنفوس ما تزال مشحونة،فإن اللقاءات الامنية ان كانت ثلاثية الاطراف او اكثر من ذلك،لا تشكل صدمة ايجابية مريحة للقاعدة الشعبية العريضة،لأن هذه اللقاءات عبر اطرافها المشاركين وان تكن ظاهرياً تعالج ذيولاً امنية وتعمل لاحتواء مضاعفاتها،الاان في الحقيقة تعيد استحضار واقع يريد اللبنانيون ان يسقطوه من ذاكرتهم ، كما انها تعمل على توفير حماية للحالة الامنية الميليشياوية التي سرعان ما تندفع الى احتلال الطرق والزوايا وتعبث بأمن المواطنين وسلامتهم،

 

من هنا،فإن المعالجة لذيول الاحدات الامنية والحؤول دون تكرارها،ليس بعقد مثل هذه اللقاءات الامنية التي توفر الحماية للحالة الميليشاوية،بل برفع الغطاء السياسي عن كل سلوك او تصرف امني يعبث بأمن المواطن والحالة المجتمعية

 

ان رفع الغطاء السياسي بقرار واضح من القوى التي تدعي حرصاً على الدولة ودورها،هو الذي يضح حداً لحالة العبث الامني،وهو الذي يجعل من يريد عبثاً بالامن الخاص  والعام بأنه عرضة للمساءلة القانونية وهو الذي يمكن الدولة بأن تمارس وظيفتها يما يخدم مصلحة الجميع كونها على مساحة واحدة من الجميع او هكذا يجب ان تكون.

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ٠٨ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / تمــوز / ٢٠٠٩ م