العرب والغرب .... قضيتنا وقضيتهم

 
 
 

شبكة المنصور

عراق المطيري
منذ أن ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى أنجبها طمع  الغرب على الأرض التي اغتصبت من سكانها الأصليين وقامت عليها دولتها حملت في ثناياها صفات أصلها , فقيامها كان استجابة لأطماع وجشع أصحاب رؤوس الأموال الغربيين الباحثين عن تنمية ثرواتهم والذين اصطحبوا معهم اليد العاملة الأفريقية , وحتى بعد هذا الزمن الطويل والتطور الحضاري الذي شهدته الإنسانية ظل هاجس النخبة التي تسيطر على إدارة مؤسساتها الطمع وحب السيطرة على شعوب الأرض, وكما هو معروف أن الشعب العربي وأرضه وما تحتوي من خيرات كان ولا يزال مطمعا للغرب منذ أن انهارت الدولة العربية فأصبحت مواجهة  فعلية بالنسبة لهم وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وريث الإمبراطورية البريطانية ومن سبقها فالمسألة اقتصادية تأخذ أبعادا سياسية وعسكرية وأمنية تنتهي بصهر امة أما بالنسبة لنا فهي مسألة وجود وقيمة إنسانية واستحضار طاقات امة واستنهاضها لصد العدوان, بمعنى إن هناك أوضاع خاطئة وأزمة اختلال في وضع قائم صنعه الغرب نريد كأمة تصحيحه ووضعه بشكله الطبيعي .

 
ولتحقيق هدفهم التقت مصالح الغرب مع القوى الإقليمية الطامعة في الأمة العربية التي أنهكها الاحتلال الأجنبي على مدى قرون وسادت فيها مفاهيم كرسها تعاقب ذلك الاحتلال لإضعاف شخصيتها وتذويب انتمائها لتراثها وتاريخها وساعدت في تقسيمها كغنائم وزرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي وقد أدى إلى خلق نزعة قطرية تطورت بشكل رهيب وخطير وهذه أدت إلى ظهور نماذج من الزعامات التي تحالفت مع الغرب وفق مبدأ تبادل المصالح أي أن تقوم هذه الزعامات بخدمة مصالح الغرب ومساعدته على استنزاف الثروات العربية وتحويلها بعيدا عن دعم التمنية المحلية وتعميق التبعية للغرب مقابل تأمين حمايتها وقمع أي نهوض شعبي يدعو إلى التحرر وتوحيد طاقات الجماهير العربية وقيادتها ككتلة واحدة غير قابلة للتجزئة .

 
وليأخذ هذا النتاج مداه في محاربة الأنظمة الوطنية التي قامت كمراكز قوة واستقطاب في بعض الأقطار العربية عمدت أمريكا إلى تشويه صورة تلك الأنظمة وإظهارها على أنها غول سيلتهم الأقطار الباقية تمهيدا للحصول على شرعية عربية في مقاتلتها ووأدها خصوصا وان القرار الدولي تحت ظل الهيمنة الأمريكية وفي هذا السياق نحن لسنا في حاجة للخوض في تفاصيل التجارب العربية بهذا الشأن كإجهاض التجربة الناصرية في مصر أو إفشال الخطوة الوحدوية العربية بين مصر وسوريا وكذلك وحدة شطري اليمن والتي ختمتها أمريكا بالعدوان العسكري الوحشي على العراق بعد التطور الكبير الذي أنجزه نظام حكمه الوطني وتجربة حزب البعث العربي الاشتراكي الرائدة فيه

 
من متابعة لمسيرة الأحداث لابد أن يتبين لنا إن الحملة العدوانية على امتنا التي نشهدها اليوم  ليست وليدة حدث معين كما يحاول البعض أن يروج ، إنما كانت نتاج لتراكم أفعال مبيته وان أمريكا بالذات تتحرك فيها مستغلة ظروفا دولية مؤاتية خلقت هي معظمها وأخرى قامت بالضد منها وتتحداها , وهي ( أي الإدارات الأمريكية ) تدرك إن هيمنتها على النظام العالمي وهيمنتها الاقتصادية لن تطول بسبب حركات التحرر والنهوض الإنساني التي بدأت تتطور بين شعوب الأرض النامية فاندفعت بأقصى سرعة لتجمع الحصاد قبل أن يتعاظم نفوذ غيرها كأوربا الموحدة واليابان والصين .

 
إن هذا التصور دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى استخدام ورقتها الأقوى والأخيرة خصوصا مع وصول زعامات متهورة لعدة دورات انتخابية فزجت بجيشها بشكل مباشر في المنطقة  لفرض سياسة الأمر الواقع متناسية إرادة شعبنا في الحياة في إهمال تام لأحداث المنطقة خلال أكثر من قرن بالاعتماد على الأنظمة الحاكمة , وإذا كانت قد نجحت في تسويف القضية الفلسطينية طيلة هذه الفترة والتدرج في الحصول على المغانم خصوصا بعد نكسة الجيوش العربية عام 1967 ونجاح الكيان الصهيوني في احتلال أراضي عربية جديدة في كل الجبهات وضمها إلى شروط الفارضات كعامل دعم وإسناد إلى مطالبه المدعومة غربيا وصولا إلى المبادرة العربية التي رفضتها زعامات الكيان الصهيوني المتعاقبة وسخرت منها فان نتائج العدوان الأمريكي على العراق قد غيرت الكثير من المعطيات فجرت الرياح في المنطقة بما لا تشتهي سفن أمريكا على الرغم من محاولات التجميل والترقيع والإسناد التي تمارسها الأنظمة العربية الحاكمة فمؤشر الأحداث يشير إلى بداية الانهيار الأمريكي الذي لا يريد البعض أن يعترف به والمشروع الاقتصادي الذي من اجله وقعت مجريات الأحداث بهذه الصورة القاسية في المنطقة قد اثبت فشله .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ١٥ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٠ / حزيران / ٢٠٠٩ م