من سيحكم العراق بعد انهزام الأمريكان وكيف ؟

 
 
 

شبكة المنصور

عراق المطيري

اعتادت أمريكا الدولة العظمى وصاحبة السطوة والقوة العالمية الكبيرة المتفردة بالقرار العالمي أن تستثمر جهود غيرها على السواء العسكرية أو الاقتصادية وبالتحديد في هذين الجانبين لان احدهما يكمل دور الآخر لتحقيق التفوق في الجوانب الأخرى وهذا ليس بالشيء الجديد في السياسة الأمريكية فالاستقراء التاريخي البسيط والسريع يوضح ذلك خصوصا في المعارك المصيرية الكبرى وذات المردود أو البعد الدولي الكبير , فلم تشترك الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى ولا الثانية إلا بعد أن تأكدت من أنها ستجني نتائج القتال الحاد الذي هدرت من اجله ثروات وأرواح طائلة بين المعسكرين المتناحرين معسكر الحلفاء ومعسكر المحور بعد أن غذت ودعمت أسباب الحرب بالمال وبالآلة العسكرية وحين شارفت الحرب على نهايتها وحان جني الثمار تدخلت لصالح الحلفاء حيث كانت تحافظ على قواتها وإمكانياتها .

 

هذا ديدن الولايات المتحدة الأمريكية في اشتراكها بالحروب , تلوح بالعصا وتهدد بها ثم تضرب بها الضعيف ليخشاها القوي , أو على الأقل تضمن حياد القوي الذي تتجنب الاصطدام به فتستفرد بالأضعف منها وتحاول في كل الأحوال إيجاد من يقاتل عنها بالنيابة شريطة أن تجني ثمار النصر وخصوصا الاقتصادية ولكي لا يتشعب الحديث ونبقى في صلبه فان هذا ما حصل في العراق تماما , فبعد أن أيقنت بان نظام الحكم في العراق وطني ويمثل مركز ثقل في المنطقة ويتقاطع مع مصالحها في الشرق الأوسط والوطن العربي بالتحديد ويقف شوكة الصد القاتلة لها خصوصا بعد الخطوات الوطنية الجبارة التي خطتها قيادته وضعت في حساباتها أن تجد من يقاتله بالنيابة عنها فأثارت المسألة الكردية وجندت لها العملاء ومدتهم بأسباب التمرد والاستمرار فيه فكانت حكمة القيادة العراقية انضج في استيعاب المشكلة وتجاوزها والعبور بالشعب العراقي إلى بر الأمان وإثر ذلك جرت تغييرات كثيرة في المنطقة كان ضحيتها في البداية الشرطي الأمريكي في الخليج العربي شاه إيران بعد توقيعه اتفاقية الجزائر مع العراق الذي أبدل بشاه جديد أقذر منه واقدر على تلبية المصالح الأمريكية في المنطقة يرتدي العمامة الإسلامية ولا تتوقف أطماعه عند تغذية التمرد الكردي أو دعمه بل تبنى مشروع طائفيا اخطر بكثير مما كان يعمل عليه الشاه بل وراهن خاسرا على نتائج حرب استمرت لأكثر من ثمان سنوات لإسقاط نظام الحكم الوطني العراقي ( ولمن ينكر التعاون الأمريكي الإيراني نذكر بفضيحة إيران كيت وسقوط طائرة الأسلحة فوق الأراضي التركية وتصريح الدجال الأكبر خميني حول تعاونه مع الشيطان ضد العراق ) وبعد أن أكلت الحرب مئات الآلاف ضحايا من الطرفين وفشل مشروع الشرطي الشاه الجديد الخميني  لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحريك عملائها في الخليج لشن حرب اقتصادية ليس على العراق فحسب بل على شعوب المنطقة التي تعتمد على النفط في تنميتها كصفحة جديدة من صفحات التغلغل الأمريكي في المنطقة .

 

إلى هنا لم تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر بل تدير من يتحرك نيابة عنها من عملائها كما أسلفنا ومن خلالهم تعمل على تحقيق مجموعة من المصالح التي تصب في المحصلة النهائية في سلتها  وكل محاولاتها كانت تجد الفشل على الجانب السياسي فلجأت إلى الحصار الاقتصادي الذي فرضته على القطر كصفحة قتالية جديدة وما رافقه من عدوان وجور وقرارات استمدتها من هيمنتها على المنظمة الدولية .

 

حين لم تجد بديلا عن كسر التلاحم الشعبي العراقي مع قيادته تدخلت عسكريا بشكل مباشر تحت حجج اعترفت ببطلانها وعملت على تذويب الدولة العراقية وحل كل مفاصلها وخاصة السيادية ولكنها لم تستغني عمن يقاتل بالنيابة عنها فاستقطبت إلى العراق كل عملائها وتحت واجهات وعناوين مختلفة وجعلت من القطر كما يبدو ساحة للتناحر وتصفية الحسابات بين الأعداء شملت أبناء الشعب العراقي فقط دون العملاء إلا من سقط منهم أثناء أداء استحقاق عمالته وهذا كعميل إلى حيث ويئس المصير .

 

لو عدنا قليلا إلى موضوع الحصار الاقتصادي فان للعراق منفذ واحد مع المياه الدولية كما هو معلوم على الخليج العربي والمياه الدولية ولو افترضنا أن الولايات المتحدة الأمريكية أحكمت سيطرتها على هذا المنفذ ومنعت دخول وخروج البضائع والسلع من والى العراق بالقوة العسكرية ولو أضفنا تركيا وإيران إلى الدول المتعاونة مع أمريكا لتطبق مصالحهما معها في فرض الحصار على العراق وأضفنا إليها شيوخ كاظمة أو الكويت باعتبارهم اكبر الجهات المنتفعة من حصار الشعب العراقي وحرمانه من مقومات الحياة وعملوا بكل طاقاتهم من اجل ديمومته الم يكن بمقدور أخواننا وأبناء عمومتنا العرب في سوريا والأردن والسعودية المساهمة في كسر الحصار الأمريكي على شعبنا والمساهمة في تمرير ما يمده بأسباب الحياة لولا عمالة هذه الأنظمة وتعاونها طوعا في محاربة شعبنا بالنيابة عن الأمريكان إذا اعتبرنا باقي الأقطار العربية بعيدة جغرافيا . 

 

إلى هنا والولايات المتحدة الأمريكية خارج حدود الأداء الفعلي للقتال باستثناء تفتيت أجهزة الحكم الوطني العراقية اثر غزوها العسكري فأصبحت هدفا مشروعا للمقاومة العراقية فبفعل تفوق الآلة العسكرية التي تمتلكها ونوعية الأسلحة المستخدمة في المعارك وعدم تكافؤها انتهى الصراع المنظم دون حسم وبدأ نوع جديد من القتال تحولت فيه الحرب إلى حرب تحرير لها متطلباتها واستحقاقاتها وأساليبها كما هو معروف .

 

عمدت الإدارة الأمريكية مرة أخرى كما أسلفنا إلى من يقاتل القوى الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال بدل عنها فدخلت معها المخابرات الإيرانية والأحزاب المنضوية تحت قيادتها وإثارة مظلومية الطائفة والانتصار لها ومن الجهة الثانية دخلت تنظيمات القاعدة ومن التف حولها تحت ذريعة صد الهجمة الشعوبية واتخذت مجموعة من العناوين ودار صراع طويل استهدف القوى الوطنية والشريحة المثقفة والعلماء والأساتذة ومن وقع بالصدفة المحضة في مكان مسرح الجريمة فقط ولازالت العناوين التي تدعي القتال رياء كما هي تعلن عن مواقفها التي تدعم الاحتلال وشاركت في حكومته وساهمت في تظليل البسطاء من أبناء شعبنا لتسخيرهم لخدمتها في الوقت الذي وفرت الحماية لقوات الغزو الأمريكية ودافعت عنها ضد هجمات المقاومة .

 

لم تكتفي الإدارة الأمريكية بسيل الدماء الذي سال انهارا على ارض العراق الطاهرة ولا بتدمير البنى التحتية ومقومات الدولة  بل عمدت إلى أسلوب أقذر فتوجهت إلى الواجهات التي ساهمت مع بداية الغزو في المقاومة فاستطاعت النفاذ إلى قسم منها واختراقها وانحرفت بها عن أهدافها التي تشكلت من اجلها حتى تمكنت من التلاعب بمناهجها ومشاريعها وثوابتها للتحرير وأملا منا في أن تنتبه لنفسها وتعود عن ما وصلت إليه في خدمة المحتل نكتفي بالإشارة إليها ونتجنب ذكر أسمائها وقد حققت بذلك مجموعة من الأهداف الخطرة من بين أهمها تذويب قدرتها على المقاومة والتشاغل بما هو دون أهدافها في الجهاد وتفتيت الجهد الوطني القتالي العراقي وتفتيت ولاء المواطن وتشكيكه في قدرة المقاومة على تحرير القطر وإضعاف التفافه حول المقاومة ودعمها وكلها تصب في نتائجها لصالح ضمان امن قوات الاحتلال وإيجاد البدائل التي تتصدى للمقاومة الوطنية الباسلة .

 

والآن وبعد الخطوة الأولى على طريق تقهقر العدو المحتل وانسحابه إلى مواقع يتصور أنها تحميه من ضربات المقاومة العراقية الباسلة  تمهيدا لانهزامه النهائي بدأ يروج إلى طرح جديد فنسمع ونقرأ سؤالا بات يتردد كثيرا هو من سيقود العراق بعد النصر الحاسم والنهائي والانهزام الأمريكي وكيف ؟ وفيه إشارة ضمنية إلى قيادات حزب البعث العربي الاشتراكي بل وتخويف الشعب من سياسة الحزب فيما إذا استلم القيادة وما ينتج عنها من انتقام وروح الثأر.

 

هذا السؤال يطرحه من يقاتل الشعب العراقي بالنيابة عن أمريكا بل ويتطوع ليقاتل بالنيابة حتى عن حلفائها من حكام المنطقة ومن عملائهم لان الحكم بحد ذاته ليس هدفا إلا لضعفاء النفوس وقليلي الحكمة , فطلاب السلطة ممن يتمسكون بالكراسي على شاكلة عملاء المنطقة الخضراء اليوم فبعد أن رفضهم الشعب يرفضون التخلي عن كراسيهم ومناصبهم في العمالة وخدمة المحتل فأصبحت مرجعياتهم في قم وطهران ملاذا لهم لفض نزاعاتهم وإعادة تقسيم الأدوار بينهم وها هم ما يسمون أنفسهم برلمان يتدارسون طريقة تمديد موعد الانتخابات للاستفادة من تجربتهم في المحافظات بعد سحب نسخ قوائم المراكز الانتخابية التي تكشف تزويرهم من مدرائها ولإطالة فترة بقائهم من جهة ولتدارس الخارطة السياسية وإعادة تحالفاتهم والتي تمهد لمستقبلهم المظلم بعد أن فشلوا في كسب ثقة الشعب العراقي من جهة أخرى وهذا ما أعطى ذريعة ومبرر إضافي وعامل قوة للرئيس الأمريكي باراك أوباما بتأخير انسحابه من القطر حيث يضعه بين سندان شعبه الذي وعده بالانسحاب ومطرقة المقاومة العراقية .

 

لقد قالها الرئيس الشهيد الخالد رحمه الله ورحم كل شهداء العراق إن القطر يحكمه من يحرره ويحكمه الأقدر على خدمة شعبه وجاهد وضحى من اجله ونحن إذ نفتخر بما قدمناه من شهداء على طريق التحرير وان أمريكا وعملائها استهدفونا بحياتنا وأرزاقنا وأسرت واغتيلت قياداتنا وهجرت غوائلنا وساندنا شعبنا نقولها بالفم المليان مدوية وقوية وواضحة يحكم العراق كل أبنائه الشرفاء بغض النظر عن انتمائهم السياسي أو الديني أو العرقي أو الفكري دون استثناء , يحكم القطر من يختاره أبنائه وبالتأكد فان الخيار الشعبي هو من يفرض نفسه على الجميع وعلى الأفواه العفنة التي تثير هذا التساؤل أن تسكت عن النعيق ومواصلة اجتثاث القوى الوطنية المجاهدة والنبيلة .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ٠٣ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٥ / تمــوز / ٢٠٠٩ م