على ضوء خطاب المجاهد المعتز بالله عزة الدوري في يوم الهروب الامريكي

 
 
 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

أربع سنوات بعد يوم 9/ 4/2003، جبت فيها مدن العراق طولا وعرضا وشاهدت بأم عيني آلاف الدوريات الامريكية الراجلة والمحمولة في المروحيات والدبابات والهمرات والهمفيات وعجلات الدفع الرباعي، غير اني لم أر مطلقا جنديا اميركا واحدا خفض بندقيته تحت صدره ولم أر جنديا أو مرتزقا امريكيا ثابت النظر باتجاه واحد بل كانت رقابهم تدور عبر دائرة تامة أو تدور بهم دواليب عجلاتهم في دوائر تامة. لا أبالغ ان قلت، ان من غير الممكن ان يكون هناك جندي او مدني اميركي لم يتعرض الى حوادث قتالية في مدن وقرى العراق ومزارعه وبساتينه. شاهدت بأم عيني وانا اتنقل بطرق ميسمية وفي البساتين والارياف تحت ظروف قطع الطرق السريعة بين المحافظات آلاف الحفر التي تركتها الالغام والقنابل التي استهدفت آليات ودبابات الغزاة واحرقت حديدهم واجسادهم النجسة, فضلا عن تلك التي شهدتها بعيني وسمعتها بأذني تدوي وتحرق معسكرات ومقرات الغزاة واهدافهم المتحركة ليلا ونهارا. وشاهدت شارع المطار ومنطقة حيفا والبياع وبغداد الجديدة والكرادة وهي تحتضن حرائق مئات الآليات والدبابات، بل وحتى جنود اميركان يحترقون فيها وقد تركهم رفاقهم وولوا هاربين للنجاة بأنفسهم وشاهدت ايضا سيارات عراقية تطارد الهمرات والهمفيات بقذائف الحق ورصاص البنادق الآلية فوق جسر الجادرية وفي الدورة وجسر صدام الكبير فيما العلوج هاربون كما القردة المذعورة!.

 

هذا هو الوحل والمستنقع الذي سقطت فيه اميركا واعوانها بفعل المقاومة العراقية البطلة و سقط مَن تحالف معهم من دول الجوار سرا او علنا ... وهذا هو .. العامل الوحيد الذي اجبر اميركا على الاعلان عن خطط الانسحاب وبدأتها بتجربة اولى هي الاعلان عن الانسحاب من بعض المدن العراقية لتأمين خفض الخسائر الكارثية التي تتعرض لها يوميا ... وهذه هي الحقيقة التي اعترفت بها اميركا ذاتها ضمنا وعلنا ويعرفها القاصي والداني باستثناء حكام المنطقة الخضراء وبرلمان ديمقراطية المارينز الامريكية- الصفوية- الصهيونية الذين لا يرون ولا يسمعون غير وقائع العمالة والخيانة وذل التاريخ.

 

الحقيقة الثابتة ان اميركا غزت العراق لكي تبقى وليس لتنسحب بعد ست سنوات أو عشر, ولم يكن من قال ذلك ونحن منهم واهمين ولا قاصري نظر وبصيرة وتحليل. لان اميركا قد جاءت فعلا لتبقى, غير ان حسابات بيدرها ما طابقت بيدر نواتجها. كانت حساباتها رضا شعبي يحتضن وجودها واستقبال ودي ووردي صورّه لها عرّابي الغزو من حملة الجنسية العراقية الخونة في خداعهم لاميركا وهم يغازلون مخيلتها الصهيونية المريضة ونزواتها الاحتلالية الاستعمارية واطماعها الاقتصادية, غير انها جنت وحصدت الموت والانتحار والجنون والعوق وخسائر اطنان من الدولارات, أي انها سقطت في شر توجهاتها العدوانية.

 

اذن: الحقائق الثابتة ان اميركا قد اخفقت وخسرت بشرا وآليات واموال, وهذه الخسائر اكبر بكثير لحد الآن من مكاسب الغزو اللعين. وان هذه الخسائر هي التي ارغمت اميركا شعبا وادارة على اعادة النظر في مشروعها الاجرامي وليس أي اجراء او تصرف او موقف تبنته وقامت به حكومة الاحتلال العميلة واحزاب وميليشيات الاحتلال العميلة, ولا مرجعياتها الطائفية الخرساء الصماء المتواطئة, كما يروجون ويضحكون العالم كله عليهم واولهم اميركا, بل هي مقاومة العراق البطلة وشعبنا العظيم وقواه الطليعية القومية والوطنية والاسلامية.

 

لم يكن المشروع الامريكي سرا من الاسرار ولا لغزا من الالغاز, بل كانت وما زالت اهدافه معروفة ومعلنة, السياسي منها والاقتصادي, وقد صرح به جميع صقور اليمين المتصهين الامريكي من بوش الى رامسفيلد الى وولفوتز وغيرهم. انه مشروع لتمزيق العراق لخدمة الدولة العبرية المسخ عبر تمزيق العراق ارضا وشعبا ومن ثم التمدد الى سوريا التي ما زالت لم تسوي كامل متعلقاتها مع الكيان الصهيوني وكدولة مجاورة لهذا الكيان، يسودها فكر قومي عروبي يمكن ان يفجر في اية لحظة وضعا ثوريا لا يتوافق مع المخطط الامبريالي الصهيوني وقد يطور وسائل دفاع وهجوم تخل بتفوق الدولة العبرية المطلوب كاستراتيج ثابت يحكم المنطقة برمتها, وكذلك التأثير بصيغة ثابتة على سياسات الدول الاسلامية المجاورة عبر جر بعضها الى شراكة غير حميدة لاميركا تشرخ بقوة علاقتها مع العرب والدعم المحتمل لهم في صراعهم الاستراتيجي, صراع الكينونة والوجود, مع الصهيونية. اما الغايات الاقتصادية للغزو فهو السيطرة على ثروات العراق ومنها بالذات الثروة النفطية وادامة النفوذ المعروف على نفوط باقي المنطقة وخاصة نفط الخليج.

 

كل هذه الاهداف ما زالت تقطن على هوامش وحافات العراق ولم تتحقق بفضل حرب المقاومة الضروس الذي هو امتداد طبيعي في صفحة ثانية من صفحات معركة الحواسم الخالدة كما اسماها شهيد الامة الخالد صدام حسين رحمه الله وكما خطط لها هو وقيادة العراق التاريخية البطلة. فلماذا تقرر اميركا وتعلن وتتعامل بمفردات فعلية للانسحاب من مدن العراق؟ الجواب القاطع هو خسائرها الباهضة.

 

ورغم ان عملاء اميركا قد حاولوا تجيير هذا اليوم لصالحهم وفق منطق اخطل ومتهافت ومضحك وحاولوا استعراض عضلات نحن نعلم جيدا انها عضلات كارتونية وفارغة من اي مضمون للقوة الحقيقية لا كقوة ايمان او مبادئ لان لا مبادئ ولا ايمان للخيانة والعمالة الخسيسة كما هو معلوم ولا كقوة عدة فالكل يعلم ان قرابة مليون منتسب الى الشرطة والجيش لا يمتلكون مدفع هاون ولا قاذفة ولن يمتلكوا قطعا مادامت اميركا موجودة على الارض كما قلنا هذا الامر مرارا وتكرارا. وان تسميتهم ليوم الثلاثين من حزيران بيوم السيادة هو اكبر دليل على تهافتهم ووهن ارادتهم وسفاهة مواقفهم. ان اميركا مازالت موجودة على الارض ولا احد من العملاء قادر على ايقاف كلب امريكي وليس مجندة او مجند من فعل ما يشاء وما يحلو له.

 

ان من يحق لهم الافتخار والبناء والتاسيس والانطلاق من يوم 30 حزيران هم المقاومون الاشاوس، وأول ما عليهم الانطلاق في ارجاءه دون كلل او ملل او تراجع هو وحدة فصائل المقاومة استعدادا لساعة الحسم القادمة باذن الله لاريب فيها. وان يضعوا في نصب اعينهم ان هذا الانسحاب ان صح في النوايا والميدان فانه محطة سايكولوجية في مسيرة قطار الهروب التام الذي لن يتحقق قطعا الا بمزيد من العمل المسلح وبوسائل مبتكرة واكثر فاعلية وباستخدام اسلحة اكثر تطورا وتاثيرا قدر المستطاع وسحب العدو الى مناطق قتل في عمليات نوعية عبر اجباره للخروج من المعسكرات والقواعد بمجاميع اكبر مما كان يسيّره في الدوريات المختلفة لحد هذه اللحظة.

 

ان عدم القدرة على اختراق السياج الامني للقواعد الاحتلالية من قبل المجاهدين واحساس العدو بقدر اكبر من الامان سيعيد الانفاس للمشروع الاحتلالي وفق الصيغ التكتيكية والاستراتيجية التي تبنتها الادارة الجديدة برئاسة اوباما وسيتم الانتقال الحاد الى صفحة الاستثمار الاقتصادي للاحتلال في ظرف شهور قليلة قادمة في تعزيز لخطوات البدء التي تمت فعلا. وهذا بالضبط ما نبه عنه الرفيق المجاهد المعتز بالله في خطابه التاريخي من بين جملة مسائل جوهرية حاسمة تناولها. ان فهم استرايجية اوباما فهما دقيقا يجعلنا في وضع المناور الشاطر فاوباما يلعب على وتر رفع الوارد الاحتلالي مع خفض الخسائر الامريكية والحفاظ على جوهر المشروع الامريكي الصهيوني الصفوي المجرم وهم دون ادنى شك ينتظرون لحظة تعود فيها سكرتارية الخارجية الامريكية الى بغداد لتعيد الاعلان عن جيرة مستقرة بين اميركا وايران وسوريا لا سمح الله تماما كما فعل باول عام 2003.

 

اننا في الوقت الذي نسخر فيه ونسفه موقف حكومة المالكي العميل من يوم ( السيادة) فاننا نؤكد على تفاهة وتهافت موقف المالكي والعملاء بـ:

 

اولا : النجاح في فصل ورقة الارهاب المجرم ضد العراقيين الابرياء عموما عن جهاد المقاومة البطلة ضد الاحتلال واعوانه وتطبيق مبدأ حرمة الدم العراقي الذي تبناه خطاب قائد الجمع المؤمن عمر المختار الثاني عزة العرب والنفس رعاه الله وحماه.

 

ومن ذلك تصعيد الجهد الاعلامي المقاوم لفضح الجهات التي تقف وراء سفك دم شعبنا مجانا لتحقيق اغراض سياسية مجرمة ودنيئة.

 

ثانيا : تصعيد هجمات المقاومة ضد فلول الاحتلال المتبقية في المدن والتي تمثل نموذجا للعبة تعدد الاوجه في قرار الانسحاب وضد عملاء المنطقة الخضراء ومقرات الاحزاب والمليشيات العميلة ومصالح الدول المحتلة والداعمة للاحتلال.

 

هكذا نكون قد ادركنا جانبا من مضامين خطاب قائد جحافل العز والنصر الناجز بعون الله تعالى المعتز بالله الرفيق المجاهد عزة الدوري. في الجزء الثاني سنقف مع جانب آخر في الخطاب باذن الله.

 

عاشت اطياف الشهيد الخالد صدام حسين عنوان تحد وضفاف حلمنا بالتحرير الناجز

عاشت الروح الجهادية الوثابة لمختار العرب الجديد عزة الدوري

عاشت المقاومة العراقية البطلة بكل فصائلها الوطنية والقومية والاسلامية

النصر او النصر ولا شئ غير النصر

 

وادناه اضاءات من الخطاب التاريخي ذات الصلة بوجهة هذا المقال:

 

 

باسم شهداء القيادة العليا للجهاد والتحرير..
باسم شهداء المقاومة الباسلة الماجدة...


باسم شهداء الشعب والأمة وعلى رأسهم شهيد الحج الأكبر القائد صدام حسين (رحمه الله) وباسمكم جميعا يا فرسان المقاومة وصناديدها فرسان المنازلة التاريخية الكبرى، أزف إليكم أولا أحرّ التهاني وأجمل التبريكات وأغلاها بانتصاركم التأريخي المجيد على قوى الغزو والعدوان.. واعلموا أيها الأحرار الأبرار الأماجد بان يوم الثلاثين من حزيران لسنة 2009 يومكم المجيد العزيز فيه تجسد وتكلل انتصاركم التأريخي العظيم، فقرر فيه عدوكم وعدو الله الهروب من ميادين المنازلة يجر أذيال الخيبة والخسران ليحتمي ويحمي جنوده الفارين في قواعد معدودة ومحدودة ومحصنة يتصور ويظن انه سيكون في مأمن من صولاتكم البطولية وضرباتكم الربانية لكي يبقى أطول مدة ممكنة في بلدنا العراق لتوفير الغطاء النفسي والمعنوي لعملائه وأذنابه للمضيّ في تنفيذ مشروعه الإجرامي في بلدنا وأمّتنا..

 

إننا نعلن في هذا اليوم التأريخي المجيد للإدارة الامبريالية الجديدة التي كذبت هي الأخرى على شعبها ودجّلت وقرّرت الاشتراك في الجريمة مع سابقتها، نُعلنُ باسمكم وبكم أيّها الثوار الأحرار وباسم شعب البطولة والفداء شعب العراق الأبي، إننا بعد التوكل على الله القوي العزيز سنجعل مقابرهم في هذه القواعد ونفجرها براكين تحت أقدامهم ولهذا فنحن في القيادة العليا للجهاد والتحرير وفي القيادة العامة للقوات المسلحة الباسلة قررنا في هذا اليوم المبارك توجيه الجهد القتالي برمته نحو الغزاة (القوات الامبريالية الأمريكية الباغية حيثما ستكون في ارض العراق) ونحرم تحريما مطلقا قتل العراقي أو قتاله في كل تشكيلات وأجهزة السلطة العميلة فيما يسمى بالجيش والشرطة والصحوات وأجهزة الإدارة إلا ما يستوجب الدفاع عن النفس إذا ما حاول بعض العملاء والجواسيس في هذه الأجهزة التصدي للمقاومة أو أذيتها آنذاك نلجأ إلى قوله تعالى ﴾ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ

 

كما ادعو

في هذا اليوم المجيد رفاقنا وإخواننا الأعزاء في الفصائل الجهادية الأخرى أن يحذروا اشد الحذر من مخططات العدو ومشاريعه القذرة أن تنال من المقاومة ومن وحدتها وعقيدتها وأهدافها فلنتمسك جميعا بهدف وحدة المقاومة في الميدان ثم بثوابتها المقدسة

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت  / ١١ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / تمــوز / ٢٠٠٩ م