ما يهمنا .. وما لايهمنا

 
 
 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي
لايهمني ما يحصل في ايران فهو شأن ايراني، سواءا كان ما يحصل ثورة مخملية او انقلاب العمامة على العمامة او تجسيد لديمقراطية غنىّ لها بعض العرب المستعربة، أم كان قيئا" لسنوات قهر غطّته سحب الرياء والنفاق والباطنية وتقية الاحتماء خلف اللاهوت الديني وقدسيته المزروعة في نفوس حائرة لاتمتلك حتى ربع الحقيقة وتائهة بين التطلع الى رحمة موعودة ما نزلت ولن تنزل، وبين واقع يغلي بالفقر والجهل والعراك الخفي بين الفساد الاجتماعي وبين التطلع لحرية حقيقية.


لايهمني مَن هو مير حسين موسوي ومَن يقف في صفه ومَن هو نجاد ومَن يسند بناءه الكياني الغامض، قدر ما يهمني ان أعي تماما ويعي معي العراقيون والعرب ان الاول قاتل بلدي وشعبي مع خميني والثاني قاتل شعبي مع خامنئي وامريكا. كلاهما بالنسبة لي قاتل ... ذاك الذي يريد الآن تحجيما للتمدد الفارسي على حساب العرب وعلى حساب المال الايراني لتحقيق غايات سياسية وقومية تحت رداء لاهوتي مهلهل، او هذا الذي يرفع فوق شعفته السوداء علامات ظهور لمهدي إحترنا في نسبه الى نجاد او الى مقتدى رغم ان كلا الرجلين لايهمهم من المهدي سوى قتل خلق الله بحجة سفيهة هي اقامة العدل في ارض هم ملئوها بالفسق والفجور وانهار الدم في عراق كان الاولى بهم ان يقدّسوا دماء ابناءه بكل ديانتهم وقومياتهم لأنهم البطن التي ولد منها المهدي قبل ان يغادر الى حيث اراد له الله سبحانه.


لايهمني ما يجري في ايران بين القلب الايراني ورئتيه فهو شأن ايراني لا شأن لي به .. غير اني معني في مقدار تاثير ما يجري على امكانية اعادة الحساب الايراني وموازين ذلك الحساب فوق ارض بغداد وكربلاء والنجف والبصرة حيث امتدت الاذرع التي اراها الآن تنكوي بنار عقاب رباني في الدنيا قبل الآخرة في عقر ساحات النزوة الاسلامية التي قذفها خميني في رحم ارض وشعب صلته بالاسلام محفوفة بمخاطر فهم لغة الاسلام وسنته وشرائعه, غير ان هذا الجهل بعينه كان هو بيت القصيد وركن اللعبة برمتها.


ما يهمني ان تُقلم اظافر الغول ليلزم حدوده ويرعوي. مايهمني ان تكون الاحداث بقوتها وقسوتها فضح للعنجهية والمكابرة وزيف الواقع الملمع برياء الاعلام. ما يهمني ان يفكر الفرس بأمور بلدهم بجد ويعيدوا النظر بسياساتهم التي وضعت العراق والخليج ولبنان محطات تعملق اقليمي غير مدروس بعناية ويقفز على حقائق الارض والتاريخ والانسان. ان يلتفتوا الى الداخل الايراني ويفحصوا عيوبه ومثالبه وجيوب الغث التي تعبث بمكوناته قوميا وعرقيا ودينيا وسياسيا. ما يهمني هو ان ارى الصفعة وقد اتت أكُلها وصحى سكارى نشوة الاستقواء بالشيطان الاكبر على جيرانهم وعلى من يدّعون الاخوة لهم بالدين الحنيف.


ما يهمني ان تُلغى قنصليات الحكم الفارسية في مدن العراق وتُغلق مقرات فيلق القدس واطلاعات والحرس الثوري وشركات السياحة الافيونية والكحولية في مدن العراق المقدسة. وتعلن طهران عن فسخ عقود الشراكة مع المنطقة الخضراء وحكامها الامريكان واذنابهم وان تُعاد صياغة العلاقة مع العراق على اساس الثابت والمستقر جدليا وهو الحق العراقي الذي تجري صياغته في مواكب الجهاد الاسطوري للمقاومة العراقية البطلة.


ما يهمني ان ارى ايران مسلمة شيعية او سنية او اي تعريف تشاء تنفض يدها عن مشروع تمزيق العراق طائفيا وعرقيا وتغادر الباطنية مرة واحدة في تاريخها لتعانق نور الاسلام الشفاف الواضح وتعلن على الملأ وقف ضخ الفكر الصفوي عبر المجلس وبدر والدعوة ومنظمة العمل وحزب الله وثار الله والمهدي.


ما لايهمني ان يتدخل هذا الطرف او ذاك في الشأن الايراني لاني ارى ذلك حكمة ربانية لتجعل الولي الفقيه يعيد حسابات تدخله في شؤون غيره من الدول المجاورة. وما لايهمني ان تاكل النزوة الاسلامية الفارسية رئتيها واطرافها طالما ان هكذا حدث سيجعل العالم يدرك بعد كل هذه السنين الطويلة ان النظام غير مقدس ولا الهي وانما هو نظام سياسي لاغير وان الايرانيين انفسهم وابناء النزوة ذاتهم هم من حملوا مشاعل التنوير هذا.


ما يهمني ان ارى النظام الفارسي وبغض النظر عن دستوره وتطبيقاته ونوع لباسه يرجع الى منطق العقل والتعقل ويفكر مليا ويستنتج ويُرّكب بعد التحليل ان العراق سيتحرر من اميركا وعبيدها وان المقاومة ستستلم إن عاجلا او آجلا ويقرر بناءا على ذلك وقف دعم المليشيات التي تقتل شعبنا لكي لايستمر بناء طاحونة الثأر القادم لامحال ولكي نؤسس لعلاقات متوازنة تخدم الشعبين .. والاّ .. فان العالم كله يرى الآن كيف ان العدوان يولد نتائج ليست في الحسبان .... والزيف يسقط ويتهاوى طال الزمن ام قصر.


ما يهمني ان يدرك العرب اننا كعراقيين لسنا ضد الشعب الايراني ولم نعاديه يوما بل اننا كنّا دوما في موضع رد العدوان .. وان يدركوا ان لعبة ولي الفقيه وامبراطورية المذهب قد آن اوان افول وجودها الشبحي.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ٢٨ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٣ / حزيران / ٢٠٠٩ م