اجتماع النواب بالنواب بالنيابة

 
 
 

شبكة المنصور

أ.د. عبد الكاظم العبودي
من يتابع الوضع السياسي في العراق من غير العراقيين يصاب بالصدمة والثول والذهول والعجب. جاءني احد الاصدقاء الجزائريين مباركا لي قرب انسحاب القوات الامريكية من المدن. وعندما سألته بدوري:  انسحاب من أين؟؟ و الى أين؟؟. فرد علي لا أدري. أنتم العراقيون أدرى بشعاب بلدكم . وباسلوب مازح ، قلت له : وأنا أيضا مثلك لا ادري من أين ينسحبون. لكني ادري كذلك أنهم الى جهنم سينسحبون، ومقابرهم الجماعية ستكون في قواعدهم العسكرية. أما ان نعيد إصطلاح إعادة الانتشار للقوات فتلك هي الغاز الاتفاقية الامنية العرجاء التي وقعها المالكي ونوابه في ليلة من ليالي داحس والغبراء.


من الذي أنابهم للتوقيع عن مصير العراق، ومن سينوبهم في الحراسات عند إعادة توزيع قوات الاحتلال مابين المناطق الخضراء والسوداء والحمراء.  ذلك هو السؤال الجاري استكشافه عبر محرك جوجول للأنباء والملفات السوداء ستنشر تباعا كأخبار عاجلة تأتي من سايغون بغداد الجديدة.


في تاريخ العراقي السياسي المعاصر دخلت كلمة النائب كلمة فريدة ومميزة عندما كان الراحل صدام حسين نائبا للرئيس احمد حسن البكر من رئاسة الدولة العراقية الى قيادة حزب القطر. واستعمل العراقيون لفظة السيد النائب بشئ من الرهبة. فصدام كان الكل في الكل نيابة تجاوزت كل صلاحيات الرئيس نفسه وكل سائر افراد القيادة العسكرية والمدنية والحزبية. وعندما يأتي رؤساء الدول الى العراق كان برنامجهم الاول هو مقابلة السيد النائب قبل غيره. وعندما وقع السيد النائب صدام حسين وقتها اتفاقية 11 آذار1970 مع مصطفى البرزاني كثرت نكات العراقيين حول طموحات كاكا مصطفى بعد اقرار قانون الحكم الذاتي حين سأله صدام: إن كان يطمح بمنصب سام في سلم وظائف الدولة العراقية أم يكتفي أن يكون رئيسا لاقليم كردستان. فرد مصطفى البرزاني بأسلوبه المازح: انه عندما يستلم رئاسة اقليم كردستان فأول قرار سيقوم به هو القيام بإنقلاب عسكري في كردستان ضد رئيس  الاقليم مصطفى البرزاني نفسه. وعندما سئل عن سر اللجوء الى هذا الانقلاب وهو رئيسا : قال مصطفى البرزاني : كي أُعين نفسي بعد الانقلاب بوظيفة " السيد النائب" . وكان البرزاني يفهم ويقصد ما يريد قوله لصدام النائب.


واليوم كثر النواب، وتدافعت أخبار وتصريحات "السادة" النواب . ولحس الناس التراب من جعجعة جلسات النواب من غير طحين موعود في مطاحن ومجرشة العملية السياسية البريميرية. وما تصريحات ومقابلات نائب ونائب الا وتدخل العملية السياسية الجارية في العراق الى جحر مسدود.  هو ذات جحر النيابة الذي إحتشد به العملاء من حدب وصوب، وحشر الكل انفسهم به وسموا انفسهم نوابا في مجلس الذباب. هناك نواب النواب  وعسس الابواب خلف صفقات مجالس الكباب.


وكي لا اطيل سجعا بعيون باكيات دامعات وقوافي بائيات، سالتزم بعنوان المقالة أين قرأت وشاهدت وسمعت الخبر التالي أنقله من دون تعليق: [ نُقل صباح اليوم السيد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الى نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي نتائج مداولاته مع السيد نائب السفير الامريكي ببغداد حول نية القوات الامريكية الانسحاب من المدن الى خارجها]. سبحان قدر النواب ، يعني ان نائبين جمهوريين بطولهما وعرضهما واناقة لحاهما وشواربهما يأخذا تعليماتهما المباشرة من نائب سفير من دون لحية أو شارب، وهذان النائبان لرئيس يدعى جلال الطلباني ذهب لمباركة التصويت على دستوره الكردي وعزز صلاحيات رئاسة الاقليم وهو الذي طالما شكا لهما انه سيعود الى وصية البرزاني للقيام بانقلاب عسكري او دستوري في العراق او الاقليم كي يصبح حقيقة وفعلا سيدا نائبا لرئيس جمهورية العراق او كردستان.


وعندما سمع صديقي الجزائري حكاية النواب ونوابهم قال لي بلهجته الجزائرية الدارجة:  (ياحسرة... هو وين الفحل حتى صار الدجاج يحكم).

 

ورددت معه الحكمة الصينية القديمة: (عندما تمارس الدجاجة دور الديك أضحى البيت خرابا)

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ٠٦ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٩ / حزيران / ٢٠٠٩ م