تحالفات وتكتلات مرحلية !..

 
 
 

شبكة المنصور

كامل المحمود

بدأنا نقترب بسرعة من فترة التهيؤ والإعداد والدعاية للإنتخابات النيابية الحاسمة القادمة !..

 

وسيكون من حق كل الأحزاب والتيارات السياسية في العراق سواءا تلك التي ساعمت وتساهم أو تنوي الدخول بالعملية السياسية بإعلان أو عدم التعقيب على أخبار قيامها بمناقشات وحوارات وما قد تفضي اليه هذه التحركات من قرارات للدخول بتحالفات أو إئتلافات يرون أنها من صالح الحزب أو التيار أو الحركة ..

 

وكذلك يحق لهم التصريح بأي شيء ومما يتوقعون أن يضيف الى موقفهم في هذه الحملة ..

وسيكون من الغرابة أن ينتقد أحد مهما كان توجهه السياسي هذا الحراك في هذه المرحلة ..

 

ولكن هذه الإنتخابات تتميز بمواصفات جديدة !..

 

وإذا صح الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء من أن رئيس كتلة مهمة مساهمة بالعملية السياسية  قد طلب من الحكومة العراقية أن تبادر الى قطع علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية لأنها قامت بإتصالات مع جهة من المقاومة العراقية! ..فسيكون هذا الخبر بداية مرحلة جديدة من الدعاية الإنتخابية وعنوان صريح لإحتدامها وشدتها..وبداية عرض الحدود الواسعة لمرونة أساليبها ومفرداتها التي ستأخذ حيزا لم يسبق له مثيل بحيث أنها تبدأ من مهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإتهامها بالسعي للتأثير على السيادة العراقية لتنتهي بشعارات جديدة وغريبة لم نسمع بها سابقا!..

 

وأيضا فمن غرائب وعجائب العمل السياسي في العراق اليوم أن تجري هذه الحوارات والمناقشات والتصريحات بشكل يوحي وكأن كل المناهج الإنتخابية للقوائم والأحزاب والتيارات المتنافسة وحتى المتقاتلة والمتحاربة تنهل من معين واحد!..

 

فالجميع يتحدث عن الديمقراطية ..

والرفاهية ..

والسيادة ..

والإستقلال ..

ووحدة العراق.. وإن كانت فيدراليات وأقاليم ..

وإن ثروة العراق لكل العراقيين..

وهم ضد سياسات المحاصصة الطائفية وضد التفرقة والتمييز والإقصاء والتهميش والإستفراد بالسلطة!..

وإن المواطنة حق يكفله القانون والدستور !..

وإن حرية التعبير والفكر والإنتماء حق يكفله القانون !..

 

والأغرب من كل ذلك أن كل هذه المناهج تدعو لرحيل المُحتل!..

وتجاهر بعدائها للفساد!..

وتدعو لمنع التصريحات والدعوات التي تؤجج الطائفية والمناطقية..

 وتؤكد على محاربة المفسدين والطائفيين ومحاسبتهم!..

 

وظهر جديدا على سطح الأحداث نَمَط جديد من نتائج الحوارات !..

 

فبعد أن تعلمنا سابقا من أن التحاور السياسي مع (الأعداء التأريخيين ) سيفضي في أفضل نتائجه الى إزالة بعض الشكوك وتقريب وجهات النظر مع بقاء هتمش مهم من الخلافات العقائدية والمنهجية !..

 

فاليوم نسمع بأن مثل هذه الحوارات قد تفضي الى تحالف متين وتآلف حميمي ومصيري !..

 

ذلك الذي يسمح بتحويل (نصف مساحة دائرة الإهتمام للحزب أو التيار المنفتحة للأمام )حيث يقف هذا الحزب أو الحركة وهو في مركز الدائرة من موقع مواجهته للنصف الشمالي الى مواجهة النصف الجنوبي لتصبح كل الخيارات (مفتوحة!) له للتعامل مع (الأعداء!) حسب المفهوم الأمريكي في معالجة أي مشكلة مع أي بلد في العالم !..

 

ففي الوقت الذي يكون فيه المفهوم الأمريكي (لكل الخيارات المفتوحة والمتاحة) أمامها ..يعني قدرتها للتعامل مع هذه الدولة أو تلك وبما يحقق مصالح وأمن الولايات المتحدة وبضمنها خيار التدمير والغزو والإحتلال فإن الوضع في العراق يأخذ تفسيرا آخر!..

 

ففي مفهوم الحركات السياسية في العراق فسيعني ذلك إن (كل الخيارات متاحة ) أمامها للتحالف مع أيا كان من الأحزاب والتيارات والحركات وبضمنها تلك الحركات التي (كانت بعيدة عنها) عقائديا ومنهجا وآليات ولا تلتقي معها في أي هدف عدا رغبة جمع أكبر عدد من الأصوات في الإنتخابات بإستخدام كل الوسائل بدون أي تحديد او شروط!..

 

والعارف في فلسفة التحالفات العراقية وتأريخها يرى بوضوح أن الآفة الوحيدة التي تجمع كل هذا الشتات المتناقض من السياسات والمناهج والقادرة على إستعارة مفردات لاتؤمن بها والقادرة على تقريب وجهات نظر كل الأعداء فيما بينهم هي الطائفية!..

 

فبالطائفية المقيتة يجتمع القاتل وأهل القتيل..

وبحجة الطائفية القاتلة تتوحد البيارق والشعارات والمناهج..

ومن خلالها  تتعانق العلمانية مع البدائية والظلامية والجهل ..

وبحجة الطائفية وتحت عبائتها يجوز تبني الطروحات المتناقضة !..

وبها تصبح الليبرالية شعارا للحركات الدينية !..

ويصبح الدين والشعائر قانونا للعلمانيين والتكنوقراط!..

وتحت خيمتها تجري كل الصفقات ..

وبإعتماد مسالكها ..تسير كل الجموع بلا وعي للإدلاء بصوتها لمَن يرعى طريقها ومقترباتها!..

ومن خلالها تتم رعاية المشاريع الغريبة والمنحرفة !..وحماية مصالح المفسدين وشراء سكوت المحرومين !..

وبها وتحت ظلالها يضيع العراق!..

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ٠٨ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣٠ / تمــوز / ٢٠٠٩ م