الأعظــــــميــــــــــــــــــون

 
 
 

شبكة المنصور

ماجدة علوية
رغم كل الحب الذي أكنه لكل جزء من الحبيبة بغداد، ولكن الأعظمية لها مكانة خاصة في نفسي ونفس كل من يعرفها عن قرب أو عاش بين حاراتها وأهلها الطيبين.


وليس غريباً، لا على الأعظمية ولا على الأعظميين، أن يسمعوا " دولة رئيس العملاء"،  وبصوت واحد واضح وقوي هتافاً من المؤكد أن الموت كان أهون عليه من سماعه، "بالروح بالدم نفديك يا صدام" و " هلهولة للبعث الصامد"..

 
نعم ألف " هلهولة" للبعث المناضل الذي لم يخرّج رفاقاً مناضلين فقط وإنما مدناً مناضلة باقية على العهد لم تخنه تأبى الضيم والاحتلال وتلفظ العملاء حتى لو كانوا على هيأة "دولة" رئيس وزراء منتخب كما يقولون.. لقد حوله الأعظميون في تلك اللحظات إلى رئيس وزراء منتحب على حظه العاثر الذي زيّن له الذهاب إلى الأعظمية !!

 
وأعود إلى الأعظمية التي أحن إلى كل شيء فيها.. الهواء والشجر والناس والأسواق والحارات والمكتبة وراس الحواش وحديقة النعمان وجامع الإمام أبي حنيفة النعمان(رض) والنهر والسفينة والنصة والحارة ومحلة الشيوخ وشارع عمر بن عبد العزيز وشارع سهام المتولي وإعدادية الحريري وإعدادية الأعظمية ومقهى 7 نيسان ومدرسة العودة ومدرسة النعمان وابن الهيثم واحمد حسن البكر و17 تموز، وحلويات نعوش، والنزيزة والسدة، وأسواق الباخرة والصليخ، ومركز الشباب، وقرّاء المدائح النبوية، والمقام العراقي، وسوق الطيور، و أوروزدي القديم والسوق العباسي وكل شيء في الأعظمية ابتداءً من الوزيرية وانتهاءً بحي القاهرة.

 
تلك هي حدود المدينة الجغرافية تقريباً بينما لا حدود للأعظمية في قلبي ذلك لأن فيها ترعرعت وعشت طفولتي وصباي، وفي مدارسها كانت إطلالتي الأولى على المعرفة، وفيها نما معي انتمائي للبعث الخالد، فكنت في سباق مع زميلات لي في تلك المدرسة التي تتوسط الشارع القريب من بيتنا في انتظار " الرفيقة" التي ستأتي لتسجل أسماءنا في قوائمها الخاصة بالانتماء للحزب..
 

أذكر أنني ما زلت تلميذة في الدراسة المتوسطة، وكنت أطلب إليها أن لا تضعني في قوائم الكسب الجديد بل في قوائم طالبي الانتماء للحزب.. وأذكر أنها ابتسمت وقالت لي ما الفرق، قلت لها: ( لا هناك فرق، خالي قال لي قولي لها هذا قراري أنا ويحسب لي).. ابتسمت السيدة وكتبت لي في استمارة الطلب: هذا قرارها..

 
وبعد ذلك جاء البناء، كان الحزب الذي يبني،  لأن الإنسان قيمة عليا هكذا تعلمنا، كنّا في مدرسة نتعلم فيها ما لم نكن نتعلمه في معاهد العلم والدرس، تشربنا القومية وخرجنا مرات ومرات من أجل فلسطين في تظاهرات كانت تغص بها شوارع بغداد، تبرعنا بالدم، وأخرجنا الحزب في مسيرات في الأحداث القومية، و ضد الظلم في غير مكان من العالم، أنشدنا للعروبة وللإنسانية.. كنا ما زلنا صغاراً يافعين وخرجنا في تشييع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في شوارع الأعظمية، نعم كنا صغاراً ولكن أفعالنا كانت كبيرة.

 

وكبرنا في الأعظمية وكبر البعث في داخلنا، تعلمناه مذ كان ألف باء البعث ثم تطور فكرنا البعثي بالسلسلة الزرقاء ثم الحمراء وكتابات القائد المؤسس رحمه الله ، كل ذلك كان في الأعظمية.. ثم توالت الأشياء بعد ذلك.

 
لم تكن الحياة العامة منفصلة عن الحزب في الأعظمية فالرفاق الذين أراهم في الفرقة أراهم أيضاً في السوق أو في البيت المجاور لبيتنا أو في نادي الشباب، والغيرة العراقية البعثية التي ألقاها من الرفاق في مقر الحزب هي نفسها أمامي أجدها حين ما يصادفني موقف لا أحسد عليه.. في الأعظمية كان الذهاب "للاجتماع الحزبي" متعة وتقليد ثقافي أكثر منه واجب علينا تأديته والسلام، هكذا تعلمنا..

 
أما بيوتات الأعظمية فقلوب أبوابها مفتوحة على مصاريعها لأحبتها لا فرق بين شخص وآخر إلا بالانتماء والوطنية الحقة، هؤلاء هم أهلي، هؤلاء هم الأعظميون..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢٢ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / تمــوز / ٢٠٠٩ م