مصطلحات قاموس المحتل وذيوله

 
 
 

شبكة المنصور

ماجدة علوية

كثيرة هي الأمثال التي يتداولها بنو العرب لترجمة حال يمرون به أو يعيشون ضمن إطاره، وعلمتنا كتب التأريخ العربي كذلك كتب الأدب أن لكل مثل قصة أو حكمة ما.. و هكذا ظلت الأمثال العربية وكأنها كائنات حية تنمو معنا وكما أسلفت تترجم أو تختصر معان كثيرة لأشياء نريد التعبير عنها لذا فهي منّا، أي أنها ليست غريبة بل نوظفها مع الحدث الذي لمقاربة الصورة إذن هي ليست جوفاء بل مثل سنابل ملأى بالحَب والخير الوفير.


ولكن المصطلحات التي جاءت مع المحتل وذيوله موضوع آخر، فبعد الغزو الأميركي الصهيوني الفارسي على العراق في العام 2003 تسلقت إلى "الثقافة" الجمعية اليومية، إن صح التعبير تلك المصطلحات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وراح العراقيون حتى البسطاء منهم يرددونها بالرغم من أن غالبيتهم إما لا يؤمن بها، أو لا يهتم لها لأنها ببساطة شديدة لا توفر له الأمن أو الطعام، و لا تمنحه أملاً بأن يحيا حياة كريمة مثل باقي البشر.


وأول غيث تلك المصطلحات هي الشفافية، فما أن يظهر أي عميل، من الذين أبتلينا بهم، على شاشة إحدى الفضائيات حتى زج الشفافية في كلامه ولو عنوة، وكأن أسياده لن يرضوا عنه إلا إذا ذكرها.. وهنا لابد من الإشارة أن لكل عميل قاموس خاص لترجمة المصطلحات ليس بالضرورة أن يتطابق في تفسيره مع قاموس زميله العميل الآخر.. فشفافية الحزب الإسلامي تختلف كلياً عن شفافية المجلس الأدنى، وشفافية المالكي لا تشبه شفافية، البارازاني أو الطالباني، وهكذا.. لكن كل " الشفافيات" تلتقي عند شرح وتفسير قواميس الفارسية أو الصهيونية أو الأميركية لأنها تعود للأسياد.


ومنذ العام 2003 لا نسمع غير، آليات، شفافية، نزاهة وغيرها الالآف من الكلمات الجوفاء الخالية من معانيها التي يسكبونها صباح مساء على أسماع الناس في غير فضائية عربية وعراقية..


آخر ما تفتقت به قريحة المصطلحات هو إطلاقهم تسمية "يوم المبعث" على مناسبة مقدسة هي "ليلة الإسراء والمعراج" التي لم نعرف لها اسماً غير(الإسراء والمعراج) منذ أن ولدتنا أمهاتنا، ومنذ أن التقت أعيننا بأول حرف في القراءة الخلدونية، ومنذ أن كانت جداتنا يتعلمن القرآن الكريم في الكتّاب أو لدى الملا وبعد ذلك ينقلن معرفتهن إلينا ونقرأ معهن الكتاب الكريم في الليلة المقدسة المباركة حين كنّا صغاراً..


وعودة إلى الشفافية، أكثر ما يضحكني في الأمر تندر الصغار على بعضهم وهم يلعبون أمام البيت الذي أسكن فيه، فيقول أحدهم لصاحبه بلهجة عراقية محببة:( ليش ما تريد تلعب ويانا، إنت إما ما عندك شفافية، أو ما تملك آليات لعب نظيفة، أو ما عندك نزاهة ).


وكان الله في عون العراق!!

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢٩ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٢ / تمــوز / ٢٠٠٩ م