مسرحية الحرب على الفساد ... صحوة مفاجئة ... أم دعاية إنتخابية ؟

 
 
 

شبكة المنصور

الجبهة الوطنية لمثقفي وجماهير العراق
خلال السنوات الست التي مضت على عمر الإحتلال سجلت فيها هدر وضياع ( 100 ) مليار دولار أمريكي من أموال إعادة إعمار العراق بتقارير تؤكد أن الفساد وصل ذروته في العراق وكان ابرزها أربعة تقارير من ( مكتب المراقبة المالية في الإدارة الأمريكية ) وتقارير هيئة النزاهة العراقية وديوان الرقابة المالية ومنظمة الشفافية الدولية .


أما الأشكال التي إتخذها المفسدون واللصوص في نهب قوت الشعب فقد كانت  عن طريق المشاريع  والشركات الوهمية والوظائف المختلقة التي تقدر بآلاف الوظائف التي لا وجود لأشخاص يشغلونها إذ إمتدت يد الميليشيات والأحزاب التي تدعي الإسلام على جميع الوزارات وأملاك الدولة والمال العام  وحتى أموال المواطنين الخاصة دون رادع  قانوني .، كما أن موضوع محاربة الفساد المالي وفضحه في هذه المرحلة يأتي من حيثيات الخلاف الدموي والثأر بين التيار الصدري الذي ينتمي له رئيس هيئة النزاهة في البرلمان وحزب الدعوة جناح المالكي المرتبط بالأحتلال الأمريكي الذي تبنى ضرب التيار الصدري وتصفيته كخصم مهم في الساحة العراقية وجاءت خطوة كشف وفضح ملفات الفساد لإحراج الحكومة والتنكيل بها وإظهار التيار الصدري بمظهر الحرص والمواطنة تمهيداً لمرحلة الإنتخابات البرلمانية المقبلة .


أما رؤساء الكيانات والكتل السياسية الذين نصبهم الإحتلال هم عبارة عن (عناصر فساد مالي وإداري) ينفذون صاغرين أجندت الأحتلال لأنهم كمتعاقدين معه على مناصبهم ولتعهد الإحتلال بتوفير  الحماية لهم ولعوائلهم وسهل لهم الهجرة  للإفلات من العقاب الى البلدان التي تحالفت مع الولايات المتحدة الأمريكية في غزو العراق مثل أحمد الجلبي المحكوم عليه بقضية إختلاس وسرقة بنك البترا في الأردن وأياد علاوي وأيهم السامرائي وإبراهيم الجعفري وعبد الفلاح السوداني وزير التجارة المتهم بقضية تعتبر ضمن الوصف القانوني قضية إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية عندما إستورد مواد غذائية فاسدة ومسرطنة حسب نتائج الفحوصات المختبرية لدوائر الصحة  بمليارات الدنانير بأمكانها تودي بحياة مئآت الآلاف من المواطنين العراقيين وإنها باعت شرف الوطن والمواطنة وأوغلت في هدر ممتلكات وثروات الشعب وحاضر ومستقبل العراق.  


ومما يثبت زيف وكذب إدعاءات وشعارات الأحزابالتي تدعي بأنها إسلامية وإن فضيحة عبد الفلاح السوداني الذي ينتمي الى حزب الدعوة وهو حزب يدعي الإسلام ولكنه لم يتخذ قراراً بفضح أو فصل الوزير المختلس ( السوداني) رغم إحالته الى المحاكم ، 

 

من خلال متابعة موضوع الفساد المالي والإداري في العراق  يمكن الخروج بقناعة بأن الفساد الحاصل هو جزء من مشروع تخريب وتدمير العراق ويستند هذا المشروع على عاملين ، خارجي وداخلي :


-    العامل الخارجي :  هو الحصار الإقتصادي بإشراف الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها في فرض الحصار الإقتصادي الجائر على العراق منذ بداية التسعينات لأن هذا  الحصار أدى الى رفع معدلات التضخم الى نسبة 36000 % في العراق الى ذروته عام 1996 أي أن الراتب الشهري للموظف الذي يبلغ ( 700 ) دينار قبل الحصار أي مايعادل   (2310 $) أصبح  خلال الحصارالأمريكي الأممي  ( 8) $ دولارات عام 1996 مما أثقل كاهل أبناء الشعب العراقي وخاصة محدودي الدخل  . وهو ما خططت له أمريكا وحلفائها وعملائها  كخطوة تمهيدية لتهيئة أرض المعركة و لمرحلة ما بعد غزو العراق . وجلب عناصر متخصصة في  السرقة والإختلاس وتسليطها على موارد وثروات العراق والتحكم فيها .


-    العامل الداخلي : دور الإحتلال الأمريكي وعملائه في العراق وتخريب عمل مؤسسات الدولة العراقية وتجاهل القوانين العراقية في التصرف بالثروة والمشاريع ، حيث لعب المستشارون الأمريكان في الوزارات العراقية بالإستناد الى قرار مجلس الامن الدولي المرقم (1483) لسنة 2003 سيء الصيت دوراً فاعلاً في إشاعة الفساد المالي والإداري لمن شغلوا المناصب بعد الإحتلال  الذي أوكل مهمة إدارة عائدات النفط العراقي ومشتقاته بيد لجنة  أمريكية تشكلت لهذا الغرض حيث قام الموظفون الأمريكان ضمن قوات الإحتلال الأمريكي في العراق بالإنفاق المباشر على مؤسسات الدولة وتم منح المدير العام  أو رئيس الدائرة المبالغ مباشرة وخارج ضوابط عمل الميزانية العامة للدولة ويطلب منهم إنفاقها دون متابعة أو رقابة ، إضافة الى ذلك كله عملت قوات الإحتلال الأمريكي والمنتفعين والمتعاونين معها بطرد الطبقة الوسطى ( التكنوقراط) وإبعادهم من وظائفهم بحجة الإنتماء الى حزب البعث وإحلال كوادر غير مؤهلة أومرتبطة بالإحتلال وتسهيل الهجرة لأبناء العراق من الطبقة الوسطى الى خارج البلد  لتمريرالسرقات والهدر المتعمد من خلال مشاريع وشركات وهمية ، ومعروف عن نزاهةالموظفين المبعدين حرصهم على ممتلكات الدولة والمال العام أي لا يجرؤ أحد منهم على أخذ أبسط الأشياء من دائرته. ولتشويه هذه الصورة المشرقة للمواطن العراقي  ساعدت كثير من الجهات الأقليمية على جعل صورة الشعب العراقي غير مقبولة حيث  هيأة أدواتها الإستخبارية الإيرانية والكويتية بالتعاون مع الإحتلال الأمريكي  وسائل إعلام مفبركة على عمليات النهب وسرقة بعض الآثاث البسيطة من دوائر الدولة وهذه خطوة تمهد نفسيا  للبدء بمشروع الفساد الإداري والمالي ، مع الإشارة الى ان موضوع تعاطي الرشوة من سمات تعامل الإدارة الأمريكية لتحقيق بعض الغايات حيث أشاروزير الخزانة  أمريكية الى دفع    ( 30) مليار دولار رشاوى الى الدول النامية بواسطة شركاتها وسفاراتها في تلك الدول دون إعتبار ذلك مخالفة قانونية. 


 وبهدف ترسيخ الفساد الإداري والمالي أوكلت الإدارة الأمريكية هذه المهمة السيئة الى احزاب عراقية  تدعي أنها دينية لتشويه الدين الإسلامي  مثل ( حزب الدعوة بجناحيه ، والمجلس الإسلامي الأعلى العراقي ، والحزب الإسلامي العراقي ) وسلمتها السلطة ومنحتها الصلاحيات ، وتأكيدا هذا الفساد المالي والإداري  من خلال الفضائح التي ظهرت مؤخراً والإختلاسات والسرقات في وزارة التجارة وبعدها وزارة النفط والتربية والكهرباء والعلوم والتكنلوجيا والدفاع والداخلية ، وإعتقال وزير التجارة عبد الفلاح السوداني وصدور قائمة من هيئة النزاهة بالقبض على أكثر من (1000 ) مختلس وسارق بين وزير ووكيل وزارة ومدير عام وموظف كبير  كوجبة اولى فأين أجهزة مكافحة الفساد من متابعة الفساد منذ خمس سنوات؟  ومن الأسباب الأخرى للفساد إشاعة ثقافة المسؤول الفاسد عن طريق إبرام العقود مع الدول والشركات بواسطة المسؤول نفسه لتحديد ( حصة ) الوزير من كل صفقة أو تعاقد إضافة الى التسريبات التي صدرت من السفارة الأمريكية في بغداد حول شراء ذمم بعض أعضاء مجلس النواب لإغرائهم للتوقيع على  الإتفاقية الأمنية بين ( بوش والمالكي)   .


إن الإستنتاج الذي يمكن أن نخلص إليه هو95% من الفساد الإداري والمالي في العراق  هو بفعل خارجي مدبر ومصنوع في مطابخ المخابرات الأجنبية لذات الجهات والدول التي تحالفت على غزو العراق وتم تنفيذه بأيدي جهات باعت نفسها للأجنبي لغرض إدخال العراق ضمن الدول الفاسدة وبالتالي يصعب على العراقيين الشرفاء تصحيح الفساد ويسهل على الدول المعتدية التدخل بشؤونه بإستمرار . . 

 
· المعالجات الحقيقية للفساد الحالي

 
من خلال ماورد في سياق سرد الحقائق يمكننا التوصل لوضع الأسس والمباديء ووضع المعالجات الأساسية التالية للفساد:

 

- خروج الإحتلال الأمريكي والشركات الأمنية المتعاقدة وجميع خلاياه العاملة في دوائرالدولة ومؤسساتها.
- إعادة دور ديوان الرقابة المالية القادر على مسك جميع حالات الفساد كونه يحتوي على خبرات متخصصة ومهنية ولها تجربة رائدة ومشهود بنزاهة كوادره وبنيته .
- تفعيل دور النظام القضائي ومنح وزارة العدل دورها الفاعل  .
- تغيير الدستور الحالي لأنه يحتوي على إشارات مذهبية وطائفية وعرقية  جعلت موضوع المحسوبية والمنسوبية أمراً مشاع تحجبه وتغطيه تلك الإشارات الواردة في الدستور .   

 

مكتب الثقافة والإعلام
الأحد ١٣ جمادي الآخرة ١٤٣٠ هجرية
الموافق ٠٧ / حزيران / ٢٠٠٩ م

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ١٥ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٠ / حزيران / ٢٠٠٩ م