يهود الخليج ( اللغم المستمر ) ... ونهب العراق بذريعة الفصل السابع

﴿ الجزء الثاني

 
 

شبكة المنصور

نبيل إبراهيم

رفض العراق بعد  قيام ثورة 17تموز المجيدة عام 1968 و تسلم حزب البعث قيادة العراق رسم الحدود بين العراق والكويت لكنه حاول العمل على إيجاد صيغة ينفتح بموجبها العراق على الخليج بضم جزيرتي وربة و بوبيان إليه, أو الحصول على الأقل على حق استخدام  شريط أوسع على الساحل .

 

والحقيقة أن كل النظم السياسية التي تعاقبت على حكم العراق كانت قد اتخذت نفس النهج من المطالبة بضم الكويت أو على الأقل استرجاع جزيرتي وربة و بوبيان وحرصت هذه الحكومات على عدم إبرام اتفاقيات ترسيم الحدود بين العراق و بين الكويت إيمانا منها بأن الكويت جزء من العراق ولا بد من أن يأتي يوم تعود فيه إلى العراق .

 

في أيار عام 1972 قدم العراق مبادرة قومية إلى الكويت عن طريق مرتضى سعيد عبد الباقي وزير خارجية العراق آنذاك حينما كان في زيارة إلى الكويت نلخصها بما يلي ...

 

ـ التنسيق السياسي بين الكويت والعراق

ـ استخدام المال الكويتي في العراق

ـ تعاون دفاعي مشترك

ـ إيجاد مناطق استراتيجية للعراق في الكويت

 

رفضت الكويت تلك المبادرة , في الوقت نفسه رفضت الكويت تقديم قروض إلى العراق لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي مر بها جراء عملية تأميم النفط .

 

في شباط 1973 زار صباح الاحمد الذي كان وزير لخارجية إمارة الكويت والتقى مع عدة مسؤولين عراقيين ومنهم الشهيد طه جزراوي عضو مجلس قيادة الثورة وزير الصناعة آنذاك وقال للشيخ الكويتي أن جزيرتي وربة و بوبيان هما جزء من العراق وان لهما أهمية خاصة بالنسبة للعراق وكان الرفض هو الرد من جانب الشيخ الكويتي , وقبل مغادرة الوفد الكويتي عرض العراق مشروع اتفاقية للتعاون والصداقة بين البلدين نصت على أن توافق الكويت على منح العراق حق مد أنابيب لتصدير النفط العراقي من حقول البصرة إلى الكويت و إقامة محطات لضخ النفط و تكريرها وبناء مستودعات لتخزين المياه والنفط فضلا عن إنشاء جسور و موانئ و مطارات و خطوط للسكة الحديدية معفاة من الضرائب , ورفضت الكويت هذا العرض أيضا على الرغم من تقديم العراق مرة أخرى بعض التنازلات حين عرض على الكويت اقتراحا بتقسيم جزيرة بوبيان إلى قسمين القسم الشرقي للعراق والقسم الغربي للكويت على أن تمنح الكويت شريطا من الأراضي يبدأ من جنوب العبدلي بكيلومترين ويمتد حتى يصل إلى الساحل .

 

أن العراق بمطالبه هذه كان يهدف إلى الوصول إلى المياه العميقة في الخليج العربي ومضاعفة سواحل العراق المطلة على الخليج العربي يستطيع بواسطتها مواجهة التهديدات الإيرانية كما تمكنه من تصدير نفطه بسهولة وتنشيط تجارته البحرية وظل العراق يردد حاجته إلى منفذ بحري  وعلى الرغم من هذا كله فان الكويت رفضت كل هذه المشاريع والاتفاقيات , واشترطت أن يتم  النظر و التباحث في شان هذه الاتفاقيات بعد ترسيم الحدود بين البلدين بشكل رسمي وهذا بحد ذاته كان موقفا عدائيا من جانب الكويت رغم المرونة التي كان يبديها العراق .

 

في عام 1978 عرض عزت إبراهيم الدوري عضو مجلس قيادة الثورة وزير الداخلية آنذاك خلال زيارة رسمية إلى الكويت تأجير جزيرة بوبيان مقابل ترسيم الحدود وفشل كذلك لتعنت شيوخ الكويت.

 

مع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات حدثت بعض التطورات الإقليمية التي أدت إلى تجميد مشكلة الحدود بين العراق والكويت منها زيارة الذل والعار التي قام بها الخائن محمد أنور السادات إلى فلسطين المحتلة في 19 تشرين الثاني 1977 وما ترتب عليها من تطورات و ردود فعل وكذلك سيطرة الملالي على نظام الحكم في إيران وطرد الشاه بداية نيسان 1979 وثم نشوب الحرب العراقية الإيرانية والتي امتدت ثمان سنوات .

 

في حديث صحفي بتاريخ 22 حزيران 1980 أعلن سعدون حمادي وزير خارجية العراق آنذاك أن موضوع الحدود مع الكويت غير مبتوت فيه وهو مؤجل ولا عجلة للبت فيه من قبل العراق ولا يشكل هذا الموضوع في الوقت الحاضر نقطة ساخنة بالنسبة للعراق ونحن غير متفقين إلى أين تمتد الحدود لانه لم يكن هناك حدود بين البلدين أصلا وفي أي وقت مضى .

 

مع نشوب الحرب العراقية الإيرانية وفي عام 1981 طلب العراق مرة أخرى إيجار الجزيرتين ليس لمعايير قومية فقط إنما لعوامل ستراتيجية كذلك ولكن الكويت وكعادتها دأبت على موقفها الرافض . بعد ذلك عمدت الكويت إلى ربط هاتين الجزيرتين بالأراضي الكويتية بجسر ووضعت خططا استيطانية لمدينتين في الجزيرتين وعززت تواجدها هناك بوحدات عسكرية .

 

بين عامي 1984 و1986 وفي خضم احتدام المعارك بين العراق وإيران ظهرت حاجة العراق الملحة إلى جزيرتي وربة و بوبيان وبما أن الكويت سبق وان رفضت تأجيرها للعراق فان العراق هذه اكتفى بان تسمح الكويت بتسهيلات عسكرية في هاتين الجزيرتين ليتمكن من تدعيم مركزه العسكري ضد إيران وأيضا رفض شيوخ الكويت الطلب العراقي .

 

في 17 كانون الثاني 1981 قال الشهيد صدام حسين ’’ أن العراق يرغب في حل مشكلة الحدود مع الكويت بالروحية نفسها التي حل بها مشاكله مع السعودية والأردن ’’.

 

كما قال الشهيد في حديث أخر إلى جريدة القبس الكويتية في 23 شباط 1988 ’’أن الكويتيين أشقاء العراقيين وهم المتميزون ضمن المتميزون وان الواجب يقتضي أن نحل هذا الموضوع . والأردنيون ليسوا هم الذين طلبوا منا حل مسالة الحدود وانما نحن الذين طلبنا ذلك. و الآن لا نجد غضاضة في أن نذهب إلى الكويتيين ونقول لهم تعالوا لنحل هذا الموضوع من كلل جوانبه ولا نريد أن نتحدث به إلى إخواننا في الكويت لكي لا نحرجهم ونحرج أنفسنا ونخشى أن نبحث الموضوع فيدخل عامل ثالث مجاور شرير ويتخذ من الموضوع غطاء لعدوانية مبيتة ولتفسيرات معينة تؤذينا  ولذلك كونوا (يقصد الكويتيين ) مطمئنين أن الروحية في هذا لا يمكن أن تفرق بين العراق والكويت ’’.

 

خلال زيارة سعد العبد الله ولي عهد الكويت إلى بغداد في شباط 1989 وافق العراق على إمداد الكويت بــ 350 مليون جالون من المياه العذبة إضافة إلى 150 مليون جالون من المياه المائلة للملوحة .

 

خلال زيارة جابر الاحمد أمير الكويت إلى بغداد في أيلول 1989 تم تقليده وسام الرافدين من قبل الشهيد صدام حسين تقديرا لجهود الكويت في مساندة العراق خلال حربه ضد إيران و أيضا كرر العراق رغبته في الوصول إلى حل لازمة ترسيم الحدود قيما آثر شيخ الكويت عدم إثارة الموضوع , وبدلا من ذلك عمدت الكويت إلى إثارة مشكلة الديون واعتبار مساعداتها للعراق ديونا كما قامت بضخ النفط من الجزء الجنوبي من حقل الرميلة واتجهت إلى بناء مدينة سكنية في منطقة الصبية  .

 

وكان الشهيد صدتم حسين قد عبر بقوله’’ أن المسألة ليست أراضى فلدي مشكلة أهم من ذلك وهي أن الأسطول البحري العراقي مبعثر في كل مكان من أيام الحرب مع إيران فهناك قطع منه في ميناء العقبة في الأردن وقطع منه في موانئ مصر وقطع منه في موانئ إيطاليا حيث اشتريناها ولم نأمرها بالتوجه إلى العراق لان العراق لا يملك ميناءا عميقا على الخليج العربي يسمح لغاطسها بالملاحة وان الحاجة ماسة إلى وجوده في مياه الخليج وان هذا الأمر ليس مهما للعراق فحسب ولكنه مهم لكل العرب فهناك أساطيل غربية من كل نوع في الخليج ليس من بينها أسطول عربي واحد.

 

في تشرين أول 1988 كان سعر النفط قد وصل إلى 14 دولار للبرميل الواحد وكان قد بدا بالارتفاع خلال عامي 1988 و 1989 حين بلغ اكثر من 18 دولار للبرميل الواحد وازداد بالارتفاع  حتى كانون الثاني من عام 1990 حيث وصل إلى حوالي عشرين دولار للبرميل الواحد وتوقف تصاعد سعر النفط بل بدا بالهبوط كثيرا بعدما بدأت الكويت والإمارات بزيادة إنتاجهما النفطي فوصل إلى حوالي 14 دولار للبرميل الواحد اي بانخفاض 35% مما سبب نقصا لدخل النفط خصوصا لدى العراق وخسارته لاكثر من سبعة مليارات دولار سنويا أي ما يوازي فوائد الديون السنوية التي ينبغي له دفعها وبهذا اصبح العراق مهددا بالاختناق الفعلي .

 

في 17 آذار 1990 زار الشهيد صدام حسين لساعات قليلة منطقة حفر الباطن في السعودية وقابل فيها فهد ملك السعودية أثناء رحلة صيد في المنطقة واستعرضا موضوع زيادة الكويت حصتها المقررة من النفط طبقا لقرارات الاوبك مما يؤدي إلى خفض أسعار النفط واستطردا يؤثر في اقتصاد العراق في وقت يتعرض فيه لضغوط من كل جانب , و وعد الملك فهد بتدخله لدى أمير الكويت لاقناعه بالالتزام بحصة الاوبك المقررة . ثم تطرق الشهيد صدام حسين إلى الموقف الأمريكي من العراق و أبدى أن الموقف أمريكا تضمر شرا للعراق وعلق الملك فهد على ذلك بقوله انه يعرف الرئيس الأمريكي بوش الأب شخصيا وهو الآن مزهو بانتصار أمريكا في معركتها العقائدية والستراتيجية ضد الاتحاد السوفيتي المنهار وهو في هذا الوضع سيكون آخر من يرغب في تحويل الأنظار عن انتصاره في أوروبا إلى جهة أخرى في الشرق الأوسط .

 

أظهرت الحرب العراقية الإيرانية  الضعف الاستراتيجي في موقف العراق بالنسبة لقدرته البحرية في الوصول المأمون والمباشر إلى الخليج العربي. فقد تمكنت إيران من إغلاق ميناء أم قصر, وهو الميناء التجاري والنفطي الوحيد للعراق, كما أنه القاعدة البحرية العراقية الوحيدة أيضاً. وقد أسهمت هذه الحقيقة الجغرافية 1961. وكحل لتلك المشكلة, كان العراق يأمل في الحصول على جزيرتي وربه وبوبيان, اللتين تسدان الطريق على العراق للوصول المأمون والمباشر إلى الخليج العربي. وبدون ذلك, فإن الوسيلة الوحيدة المتبقية تمثلت في استخدام خور عبد الله وخور الصبية, وهما مجريان مائيان ضيقان يفصلان ما بين الجزيرتين والضفة الغربية من شط العرب من الشرق والبر الكويتي من الغرب وهكذا, عرض العراق على الكويت شراء الجزيرتين, أو استئجارهما, أو مبادلتهما بالماء العذب, ولكن الكويت لم تستجب لتلك العروض

 

بل على العكس من ذلك فالكويت قد رفضت كل  المقترحات العراقية بشأن على الجزيرتين عن طريق خلق حقائق جديدة على الأرض. فقامت ببناء جسر يربط ما بين جزيرة بوبيان والبر الكويتي, ثم قامت ببناء منشآت عسكرية عديدة هناك, كما قامت برصف طريق بمحاذاة الحدود بين البلدين يربط نقاط الحدود جميعا. وبمجرد وقف إطلاق النار بين العراق وإيران, قام الشيخ سعد العبد الله, ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء, بزيارة إلى بغداد للتفاوض على الاعتراف العراقي بالحدود بين البلدين, في مقابل مسامحة الكويت للعراق بديون الحرب. ونتج عن تلك الزيارة اعتراف العراق بكيان الكويت, ولكن دون الاعتراف بحدوده .

 

في 18 تموز 1990 نشرت الحكومة العراقية مذكرة كانت قد أرسلتها إلى الجامعة العربية تتهم فيها الكويت بنهب النفط العراقي منذ عام 1980 وذلك بضخه من حقول الزميلة جنوب العراق واتهمتها كذلك بقضم أراضى في تلك المنطقة وطالب العراق بان تدفع الكويت مليارين ونصف المليار دولار قيمة النفط  المهرب و وصف تصرف الكويت بأنه عدوان عسكري على العراق كذلك اتهم العراق الكويت بأنها استغلت حرب العراق ضد إيران في تنفيذ خطة تقدم تدريجي و مبرمج في اتجاه الأراضي العراقية , واتهمت المذكرة أيضا حكومتي الكويت والإمارات بالاشتراك في عملية مدبرة لإغراق السوق النفطية بمزيد من الإنتاج خارج حصتيهما المقررتين في منظمة الاوبك الأمر الذي أدى إلى انخفاض سعر برميل النفط  إلى حوالي 11 دولار في غضون ستة اشهر كما أصاب العراق بخسارة بلغت 89 مليار دولار للفترة من 1981 ولغاية 1990جراء سرقة الكويت لنفط العراق .

 

وقد أثرت الأزمة على اجتماعات أوبك التي بدأت في جنيف, في 27 تموز 1990 فقوبل موقف العراق القوي ضد عدم التقيد بالحصص المقررة بالتأييد من معظم أعضاء المنظمة, خاصة ليبيا وإيران. وقرر وزراء النفط الثلاثة عشر في المنظمة رفع سعر النفط, ليصل إلى 21 دولارا للبرميل مع نهاية العام. وحتى يمكنهم تحقيق ذلك, قرروا ألاّ يزيد سقف الإنتاج عن 22.491 مليون برميل في اليوم. والحقيقة أن السقف الجديد لم يكن أعلى كثيراً من سابقه, الذي كان 22.086 مليون برميل في اليوم. وكانت تلك الزيادة الطفيفة استجابة لمطلب الإمارات بالمساواة في الإنتاج مع الكويت. لكن الأهم قد تمثل في التأكيد على التقيد الصارم بحصص الإنتاج, الأمر الذي كان يتوقع له أن يوقف المخالفات في الإنتاج, والتي كانت تصل إلى حوالي 800,000  برميل يوميا. وبرغم ذلك لم تلتزم الكويت بالمقررات واستمرت تمارس سياسة إغراق السوق بالنفط  بل إن الكويتيين أصروا على أن يقوم العراق بدفع ديونه لهم. وقد أشار الشهيد صدام حسين, خلال مؤتمر القمة العربي في أيار 1990, إلى أنه مع كل هبوط بمقدار دولار واحد في أسعار النفط, فإن العراق يخسر حوالي بليون دولار في السنة.

 

بعد انتهاء أعمال مؤتمر القمة  و أثناء مرافقة الشهيد صدام حسين أمير الكويت لتوديعه جرى حديث بينهما بدأه أمير الكويت حيث قال بما فحواه أن كل المشاكل لها حل ونحن اخوة ونتفهم ظروف العراق و رد الشهيد صدام حسين بما معناه أن العراق حائر معكم , نطالبكم بمساعدات تذكروننا بالديون وحين نذكركم بحصص النفط المتفق عليها حتى لا تنخفض الأسعار تطلبون توقيعنا للتنازل عن ارض عراقية نحن في حاجة إليها لكي نجد منفذا إلى البحر .

 

 بمناسبة حلول ذكرى ثورة السابع عشر من تموز ألقى الشهيد صدام حسين خطابا ذكر فيه أن العراق خسر 14 مليار دولار من جراء تدهور أسعار النفط وان السياسة النفطية الخطيرة التي تخزن أموال العرب في أمريكا وان أمريكا تنفذ سياسة نفطية مخربة في محاولة منها للامساك بموقع الدولة العظمى الوحيدة من غير منازع لضمان تدفق النفط إليها بأبخس الأسعار والتحكم فيه وان القوى الإمبريالية والصهيونية لم تستخدم في حملتها الأخيرة السلاح لكي تقتل به أبناء الأمة العربية حتى الآن بل لجأت إلى أدوات أخرى لممارسة القتل و أضعاف القدرة التي تحمي الكرامة والسيادة وهو أسلوب اكثر خطورة من حيث نتائجه من الأسلوب المباشر, واستطرد قائلا .... انهم يخوضون حرب استنزاف اقتصادي بمساعدة بعض عملاء الإمبريالية من حكام الخليج وان سياسة تخفيض أسعار النفط التي يطبقونها هي الخنجر المسموم في ظهر العراق .

 

فمما لا شك فيه أن دخول القوات العراقية الكويت له أسبابه التي لم تعد خافية على أحد، ولا ينبغي أن يجتزأ الناس النظر إلى ردة الفعل العراقية ، وينسون أساس المؤامرة ... وقضية المؤامرة ليست هنا وهمًا، ولا استنتاجا، بل هي ظاهرة قاطعة قد عجز الكويتيون عن الإجابة عليها، حين عجزوا عن الإجابة على أسئلة الشهيد صدام حسين الأربع في رسالته التي وجهها اليهم في تسعينيات القرن الماضي .

 

 ــ قال للكويت في تلك الأسئلة: لقد أعطيتمونا معونات بصورة هبات، وما أن انتهت الحرب حتى حولتموها إلى ديون ثم ديون حالة الأجل، ثم بعتم هذه الديون لأمريكا ... فهل هذا جزاؤنا لما حميناكم ودفعنا بشبابنا ونسائنا تجاه تصدير الثورة الخمينية التي كانت ستنالكم وغيركم ؟!!!


وحاول الكويتيون الإجابة من خلال لقاءات تلفزيونية مع عضو مجلس الأمة محمد جاسم الصقر، ومشاري العنجري .. وغيرهما ... لكنهم في النهاية لم يستطيعوا إنكار هذه الحقيقة و رفضوا عن الإجابة عليها ؟

 

ــ قال لهم: تعلمون حاجتنا بعد خروجنا من الحرب لتقوية الاقتصاد، فأغرقتم السوق بالبترول، ونحن لا نستطيع أن نواكب المعروض لحاجتنا إلى الصيانة والميناء، ولم يستطع الكويتيون إنكار ذلك ...!

 

ــ قال لهم: أوصلتم سعر البرميل إلى ستة دولارات والتي لن يكون منها إلا زيادة انهيارنا فهل هذا حقنا عليكم ؟!!! ولم ينكر الكويتيون ذلك ...!

 

ــ قال لهم: كنتم تشفطون النفط من حقولنا ونحن منشغلون بدفع إيران عنكم .. ولم ينكر الكويتيون ذلك ...! إلا أنهم قالوا أخذنا 25 ألف برميل !!! وهل يعقل خلال هذه السنوات لم يأخذوا سوى خمسة وعشرين ألف فقط ؟!!! ثم أي شيمة عربية أو إسلامية تجعل هؤلاء القوم يستغلون حالة جارهم في الحرب من خلال نهب بتروله وثروته ؟!!!

 

ــ قال لهم: جاء لكم قائد القوات الأمريكية ' شوارزكوف' لغزو العراق بعد ذلك، وعمل معكم خططًا ومؤامرات، وعندنا وثائق تثبت ذلك، ولم ينكر الكويتيون مجيئه في تلك الظروف ...!


إلاأنهم قالوا إنه جاء عابر سبيل ولم يبق في الكويت إلا يومًا أو يومين !!!
لقد قدم الكويتيون للعراق بطريقة مفاجئة كل هذه الإثارات المريبة ... هذا وهو خارج للتو منتشيًا منتصرًا على إيران ...! ... ثم تأتي الكويت وتفعل كل هذا ... ومن الكويت ؟! نعم، ومن الكويت ... !! وكأنهم قاسوا ردة كل فعل فعلها العراق، و لهذا كانت ردة فعل العراق مثلما لم  يتوقعوا وربما أكثر ... وكانت الكويت هي المهلكة  للأمة العربية وللعراق .

 

إن شهادة التاريخ تحكي لنا الآن وبعد مرور ستة أعوام على الاحتلال الأمريكي الصهيوصفوي للعراق حكاية السودان ونصرت الشهيد صدام حسين له حينما تقوى( جون قرنق الانفصالي ) بالخطط الأمريكية والأسلحة والخبراء الإسرائيليين، وزحف من جنوب السودان حتى أصبح على مقربة من الخرطوم، فلم ينقذه لا جيرانه ولا عرب آخرون ولا مسلمون، إنما كان الغوث من العراق من الشهيد صدام حسين حيث قدم للسودان ما استطاع , وبفضل المساعدات العراقية تمكن السودان من دحر قرنق الانفصالي إلى أن تخلى عن جميع مواقعه الرئيسية الأولى، واستتب التمكين للسودانيين إلى أن فرض الحصار على العراق، وعلى العكس من ذلك فقد وجد الجيش السوداني صناديق أسلحة كتب عليها مصنع دولة عربية مع قوات قرنق الانفصالية .

 

ويشهد التاريخ والمؤرخون المصريون المنصفون بأن الطائرات الأولى التي عبرت خط بارليف ودكت الخطوط الإسرائيلية كانت طائرات عراقية .

 

ويشهد التاريخ بأن الدولة العربية الوحيدة الحاضرة في حرب اليمن والتي كان لها نصيب الأسد من تحرير اليمن من الشيوعيين وطردهم إلى الأبد حتى عاد اليمنان يمنًا واحدًا هي العراق (والرئيس اليمني مازال حيا ويشهد على ذلك والشعب اليمني يشهد على ذلك ولله الحمد فان اليمن حكومة وشعبا اتخذوا موقفا مشرفا من الاحتلال الأمريكي الصهيوصفوي للعراق ومازال موقفهم المشرف والرافض للتعامل  مع حكومة العملاء التي شكلها الاحتلال في بغداد ) , والعجيب أن أكثر من ثلاث دول عربية أرسلت أسلحتها ودبابتها تناصر الجيش الشيوعي الجنوبي في حربه مع اليمن الشمالي وأرسلوا معهم بعض الخبراء .

 

وهذه الأردن أعطاها العراق أرضًا طويلة في العراق ... بينما الآخرون يتقاتلون على الحدود ... كما أن العراق أعطاها البترول وجعل نصفه هبة والنصف الآخر بسعر رمزي وفي شكل بضائع ... وهكذا أعطى سوريا البترول وفي مقابل كل هذا لم يشترك أي جيش عربي أو إسلامي مع العراق في حربه ضد أمريكا ... بل كان الأمر على العكس من ذلك تمامًا .

 

ـ يتبع ـ

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢٢ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٧ / حزيران / ٢٠٠٩ م