هل ايران دولة ديمقراطية أم دكتاتوري  ؟

 
 
 

شبكة المنصور

سعد السامرائي
.. لا نختلف و لا نسأل عن  غرابة الحالة التي تعيشها الجارة إيران  منذ الإطاحة بالشاه وجيء بالخميني وما تلاه لكنا نحاول تحديدا  بموضوعنا الصغير رسم  صورة من صور غرابة المشهد الإيراني   ,, والذي جعلني ودفعني لإلقاء الضوء هنا هو مشاهداتي التلفزيونية لما يجري بداخل إيران من معالم  تدلل في ظاهرها على وجود حياة ديمقراطية مثل انتخابات وترشيحات وبرلمان واعتراضات ومشاكل انتخابية  وغيرها  وقد أثار انتباهي غرابة توالي الحكم بين نفس المجموعة التي تارة تكون في البرلمان وتارة في الحكومة وتارة تختفي ثم تظهر مرة أخرى أو فجأة تجد شخص معين أصبح يمتلك شركات لا حصر لها  في بلد يقا ل عليه ديمقراطي .. ومن هنا بنيت تساؤلاتي أكثر في دراسة واقع الشعب الإيراني, وأول سؤال تبادر إلى ذهني وهو هل أن كل الشعب الإيراني فارسي الأصل ؟ فبحثت في كتب التاريخ والمعرفة رغم معلوماتي التي امتلكها فوجدت الفرس يكونون أقلية رغم كثرتهم فيما لو قارناهم ومجمل الشعب الإيراني الذي يتكون من الأتراك والأكراد والعرب و أذريين  وبلوش وغيرهم ولم أجد إلا وجود شكوك معقولة في إصدارات التعداد السكاني في إيران ذلك وكأنه يغفل النمو السكاني في المناطق المختلفة في إيران ويتم التركيز في الزيادة المضطردة فقط على نفوس الشعب الفارسي وكأن بقية شعوب إيران تعزف عن الزواج والإنجاب أو يمارس ذلك فئة صغيرة ومحدودة منهم !! .. فلماذا إذن تكون صبغة الدولة الإيرانية فارسية بحتة ولا يجوز لمن يحكمها إلا أن يكون فارسي وشيعي ! وهنا أيضا لا يمكن أن أكون متحامل على حكام إيران وإنما أنا استقي هذه المعلومة من دستور الدولة الفارسية في إيران.


ولو عدنا لمعنى من معاني الديمقراطية فإننا لن نجد في أي تفسير آخر أي اختلاف جوهري عما سنعرفه هنا وهو :
رغبة و حرية مشاركة الشعب في تقرير نظامه السياسي والاقتصادي و الاجتماعي والثقافي , تتشارك  فيه جميع الأطياف المختلفة في جميع نواحي الحياة و, وهنا نقطة مهمة نركز عليها في أن تعطى الحرية للآخرين بالترشح ودخول معترك التنافس الحر الذي سيحدده الشعب المنتخب ولا أن تكون كل العملية هذه مقصورة على فئة محددة .. وما نقوله لا يتعارض مع عملية الاقتراع والفوز والخسارة فمن يفوز يتسلم مقاليد الحكم ومن يخسر يتمقعد في كرسي المعارضة والفوز والخسارة يمثلان شكل من أشكال الحكم  فان كنت في المعارضة فأنت تمارس حقوقك وواجباتك في كشف أخطاء الحكومة التي قد تقع فيها أو التي تراها غير نافعة للشعب وبذلك تكون قد مارست نوع من أنواع السلطة كذلك فانك تستطيع من خلالها طرح وجهات نظرك وخططك  لحل الأمور الحالية والمستقبلية  ..


 وجدت شخصا يدعى – كريس باتن – يقول(الانتخابات في حد ذاتها لا تعزز الديمقراطية في كل الأحوال ,فهي وسيلة مفيدة لتذكيرنا بان صناديق الاقتراع ليست أكثر من جزء ) في هذا المفهوم للديمقراطية .. وعليه فان ما نراه في إيران لا يمثل الديمقراطية بمفهومها العام وإنما يمثل ديمقراطية عرجاء مختزلة ذلك أنها محددة بطيف معين وفئة محددة تهمل الآخرين بل تمنعهم من أي فرصة للارتقاء والتنافس وتحدد مشاركتهم في أن يختاروا احد المرشحين المفروضين عليهم فأما هذا أو ذاك .!


كذلك فان التعليق الذي يقول أن الحاكم الأول والأخير الذي لا يتبدل هو الفقيه وولايته أزلية صحيح من خلال واقع الأمور ! وما يحدث في واقع الأمر هو التنافس على من سيكون المنفذ لوصايا وأوامر الفقيه وسياسته التي تحدد من خلال مجلس يكون أعلى من الرئيس نفسه!! هم وغيرهم كان ينتقد الحكم في العراق وانه دكتاتوري نحن نعتقد أن الصورة واحدة في أمسنا ويومهم لكن الفرق كان في أن العراق كان  مستهدفا و مجبرا ليكون بتلك الصورة نظرا لما كان يتعرض له من مؤامرات مستمرة كانت تهدد مستقبله وهيئته و الحكم فيه وكثرة الحروب التي فرضت عليه نتيجة المواقف المخططة التي تم تنفيذها ضد العراق وشعبه ولذلك لم يكن في المستطاع إنماء وتطور الديمقراطية تحت تلك المظلة وما احتلال العراق إلا خير دليل على كلامنا , وعليه فان إيران وبعد احتلال الامبريالية الأمريكية والفارسية للعراق فإنها تعيش حالة من الرخاء الذي لا يعطيها الحق لتكون دولة دكتاتورية يمارس الفرس الشيعة لوحدهم جزء من الديمقراطية بينهم ويشارك الآخرين فقط في اختيار مرشح الرئيس التنفيذي الفارسي لولاية الفقيه وفق الشروط المحددة سابقا والممنوعة على غيرهم  . نحن لا نتحامل أو نطلق الأقوال بأباطيلها ولكن ليفسر لنا من لا يعجبه كلامنا  هنا عن ما معنى أن يشترط دستور إيران ولاية الفقيه كأعلى سلطة فيها ويشترط أصل ومذهب الرئيس التنفيذي وحتى الحكومة جميعها إلا ما ندر ..! فإذن لا يمكن أن يتناسب ذلك مع تسمية الديمقراطية وليسموها أي تسمية أخرى غير الديمقراطية ولكننا نسميها ديكتاتورية وهي اقرب ما يكون من تفسير منصف .


أما ما يحدث الآن في إيران من اضطرابات فهي تؤكد كلامنا هنا على أن الحكم الدكتاتوري في إيران بدأ يتهرأ وتقطع جوانبه ,لذلك وجد الشعب على اختلافه هذه المناسبة ( تبادل اتهامات التزوير في الانتخابات ) متنفسا للتعبير عن رفضه لمجمل الحالة التي تسود في إيران وتعبيرا عن غضبة الشعب من  حكامه المتسلطين والدكتاتورية المفروضة عليهم باسم ديمقراطية ولاية الفقيه  ! .


وهذه الحالة نتوقع لها الاستمرارية لأنها تخدم أشياء كثيرة لا تقع ضمن عنوان موضوعنا ومنها اصطناع الفوضى الخلاقة لتنفيذ مآرب عديدة تحمل أجندة داخلية وخارجية بنفس الوقت, نعتقد أن أوربا ستشجع هذه الامتدادات وستحجمها أمريكا وفي النهاية فان من سيفضل ضرب إيران في تطورها النووي سيرجح كفة نجادي بالسلطة لأنه أكثر من غيره قد يعطي المبررات الكبيرة لضرب إيران في مفاعلها  وقدرتها العسكرية ولأنها تفتح الباب لتعاون قوى إيرانية كثيرة مع الغرب لغرض الإطاحة بالنظام أو تحضير البديل .


· أستاذ  الفلسفة الأمريكي فرنسيس فوكوياما الياباني الأصل طرح نظرية بعنوان نهاية التاريخ والإنسان الأخير- يرى فيها النموذج الغربي وبالتحديد الأمريكي قد وصل للقمة التي لا يمكن لأحد آخر بلوغها والإسلام أيضا قاصرا عن بلوغها وان القيم والأفكار الغربية لا بد وان تخترق عالمنا وتسوده –أننا نعتقد أن الفوكوياما هذا ربما اعتبر ما يحدث في إيران هو الإسلام بمجمل ذاته ولم يفهم أن الإسلام صالح بمبادئه وقيمه وتعاليمه الربانية لكل الأجيال حتى وان تم تشويه صورته فانه لا بد وان يعود لبريقه حين يجد من الرجال من يبحث عن الحقيقة والجوهر,, إلا حين يقبض المولى أرواح الخيرين في الأرض ,, وان ما بلغه الغرب لا يمثل القمة التي لا قمة من بعدها وإنما هي مجرد سنة من سنن رب العالمين ( وتلك الأيام نداولها بين الناس .. ) ال عمران 140  ..


· ولذلك أيضا فان البعض سيبقى يعيش في أوهامه ومعتقداته وفي أن إيران دولة عظمى وأمريكا دولة عظمى لا يمكن أن تهزما! , لأنهم ببساطة لا يستطيعون فهم المعنى التاريخي العميق جدا لما يجري في العراق .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ٢٤ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٩ / حزيران / ٢٠٠٩ م