صدام حسين مناضلا ومفكرا وانسانا  / د. امير اسكندر

﴿ القسم الثالث - ٢  ﴾

 
 

شبكة المنصور

الفنان العراقي سيروان انور

هكذا تكلم صدام حسين

 

4- ماهو مستقبل العمل الوحدوي؟

 

ان الوحدة العربية ضلع اساسي في مثلث الاهداف الكبرى التي يسعى اليها ويناضل من اجلها حزب البعث العربي الاشتراكي منذ اكثر من 30 عاما حتى الان وفي رايكم ان العمل الوحدوي ينبغي ان يضع في اعتباره في الحاضر والمستقبل عاملين هامين هما العامل الاقتصادي والعلاقات الدولية ومع ذلك تبدو الوحدة العربية في الوقت الراهن وكأنها تتباعد ولاتقترب لعدة اسباب منها ضعف التفاعل الاقتصادي العربي كما بدأ في تقرير المجلس الاقتصادي التابع للجامعة العربية اثناء انعقاده في بغداد عام 78 وكما بدا كذلك في خروج مصر كنظام من الصف العربي وكما يبدو الان في النزاعات الحادة بين الاقطار العربية بعضها البعض التي تصل في بعض المواقع الى حد استخدام السلاح ماهو في منظوركم مستقبل العمل الوحدوي على المدى القريب والمتوسط والبعيد ؟ وكيف يمكن التنشيط الحقيقي لهذا العمل بدون الاصطدام عمليا مع بعض الانظمة العربية في المشرق والمغرب على السواء وخصوصا الدول النفطية ذات الدخول الوطنية العالية جدا ؟ والى اي مدى يمكننا ان نتصور ان انظمة عربية يخضع اقتصادها المحلي وودائعها في الخارج لهيمنة الدول الامبريالية يمكنها ان تتبنى بحق شعار الوحدة العربية ؟ وهل يمكننا القول ان الوحدة العربية لن تتم في المستقبل الا على انقاض هذه الانظمة ؟وهل تتصورون امكان قيام وحدة عربية حقيقية بدون مصر العربية الوحدوية والاشترالكية والديمقراطية ؟

 

صدام حسين :

رغم اننا نقول بترابط اهدافنا الثلاثة الوحدة والحرية والاشتراكية بجسر اساس لاغراض التفاعل والعلاقة الجدلية فكذلك علينا ان لاننسى ان حزبنا وضع للوحدة ارجحية ليست مهنوية مجردة فقط وانما ارجحية عملية كذلك من اجل تقوية ارضية وامكانات الحرية والاشتراكية  وعلينا ان لاننسى ان الوحدة لكي تتحقق تحتاج الى عمل رفيع المستوى ليس عملا فنيا رفيع المستوى وحسب وانما عمل ثوري ونضالي وفي التضحية رفيع المستوى كذلك بل هو عملية سمو في الفكر وفي التصرف الى مستوى الارتقاء الى حيث تتطلب الوحدة والارتقاء بالفعل انسانيا وقوميا لذلك فالوحدة بمعنى الصيرورة الجديدة للمجتمع العربي والوطن العربي لايمكن الا ان تكون وفق هذا التصور اما العمل على طريق الوحدة والتهيئة النسبية لها فلة مستويات اخرى ودرجات قد يكون بعضها ادنى مريبة ومتطلبات من تحقيق الوحدة نفسها ولكن ايضا هي حالة ارتقاء عن الحالة القائمة للمجتمع وللعلاقات العربية لذلك فنحن نفرق بين حالتين : حالة الوحدة كما نناضل من اجلها في شوطها النهائي – النهائي النسبي  طبعا – وبين العمل على طريق الوحدة اي العمل وصولا الى الوحدة وقبل تحقيقها ومنها العمل لتوفير المستلزمات لصيرورتها المادية والمعنوية لذلك فنحن ننظر باهمية خاصة الى بعض البدايات التي تقدم خدمة ما لعملية الوحدة والعلاقات القومية الافضل ومنها اشاعة علاقات التعاون بين العرب على مستوى الانظمة واشاعة التفاعل بين الشعب العربي على مستوى الالتقاء والتصرف والمناقشة في الاراء والتباصر بالامور الاخرى كل هذا نعتبره نشاطا يخدم الوحدة العربية ويصب في مصبها النهائي على اننا لانعتبر هذا هو الوحدة نفسها او هو البديل عنها لذلك لايمكن ان نتصور الوحدة فيما نتمناها الا فعلا وعملا ثوريا ارقى والا حالة صمودا وارتقاء الى ابعد حلقة من حلقات التضحية والالتزام المبدئي والرصانة السياسية والفكرية .

 

والوحدة على اساس هذا الفهم لاتتوفر مستلزماتها في الحالة العربية الراهنة وفي الانظمة الحالية اما عندما نتحدث عن تهيئة مستلزماتها وتهيئة اجوائها الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية على مستوى اقل وصولا الى المستوى الارقى فنحن نعتقد ان الوضع العربي الراهن ورغم كل ما نعرفه عنه من سلبيات ومساوئ فيه ماهو متهئ لعمل من هذا النوع على مستوى الانظمة وعلى مستوى الشعب .

 

علينا ان لاننسى ان الدعوة الى الوحدة العربية ليست حالة مبدئية مجردة وحالة احياء للوضع الدستوري تاريخيا الذي كان عليه العرب في القديم وانما هي حالة صيرورة نوعية جديدة وحالة دفاع عن الامة لمواجهة الاخطار التي تواجهها الان فعليا وعلى المدى البعيد ولاننا نرى الامور بهذه الصورة فنحن نعتقد انه كلما كثرت الاخطار التي تواجه الامة وكلما اشتدت ضراوتها يزداد الالحاح على طلب العلاقات الوحدوية بين اطراف الامة الممزقة وفي تصورنا ان الاخطار ستزداد وان الموجود منها سيتطور في امكانات فعله المضاد فنيا وفي الميادين الاخرى ولذلك فان الاخطار المتزايدة سوف لن تمنع الامة من الوحدة وانما ستقويها .

 

وبالنسبة للعلاقات الاقتصادية فان دور الاقتصاد دور اساسي في عملية التوحد وتوجيه المصالح الوطنية والقومية وجهة تخدم التوحد او تعرقلها وهكذا هو الاقتصاد والعلاقات الاقتصادية في كل الوحدات القومية التي صارت عبر الزمن ومنها وحدة الامة العربية في المراحل التاريخية السابقة وانه لامر طبيعي في العصر الراهن ان تكون اهمية ودور الاقتصاد معروفة لكم وانها ازدادت عن المراحل السابقة التي كانت عليها الامة قبل ثلاثين او اربعين او خمسين سنه ولكن في نفس الوقت اذا ما نظر للحالة من نظرة قطرية فان حالة التمكن الاقتصادي القطري قد تلعب دورا سلبيا ونبعد الامة عن الوحدة فعندما تكون الامكانات الاقتصادية للسعودية عالية والامكانات العراقية عالية واذا مانظر للامور من نظرة محلية اقليمية فان الوحدة تبتعد في مثل هذه الحالة ولكن اذا مانظرنا اليها من زاوية مبدئية قومية ونظرنا اليها بأنها عملية ارتقاء عن المتداول من الحياة والاوضاع الى ماهو ابعد منها في الحلقات المتطورة في نظرتنا الى الامة والى دورها الانساني والى دورها القومي فان اتساع الامكانات الاقتصادية والامكانات الاخرى في قطر عربي او اكثر يؤمنان بالوحدة سيجعل تلك الامكانات وسائل فعالة للبناء النموذج وفي تقوية العلاقات الوحدوية وسيكون سلاحا فعالا في خدمتها وفي تقوية الاستقلال والتوحد .

 

ان الامة ليست في حالة واحدة في امكاناتها الاقتصادية ولذلك قمن تتوفر لديه النظرة المبدئية والاستعداد العملي للتصرف بموجب المبادئ الوحدوية وتكون لديه امكانات اقتصادية جيدة تسهل عليه الوحدة مع الفقراء من ابناء الامة على اقل تقدير ..

 

ولكن الشئ الذي ينبغي ان نتجنب مخاطره هو ان لايحدث صراع طبقي بين دولة ودولة بالكامل فلا يحدث صراع طبقي ونظرة طبقية مثلا بين اليمن الجنوبي كلها حكاما وشعبا وبين السعودية كلها حكاما وشعبا والا يحدث بين العراق وبين اليمن الشمالية مثل هذا الصراع وكذلك بين العراق وبين السودان ...وبين مصر وبين بقية العرب وحتى نتجنب هذه المخاطر ينبغي ان يكون للعرب الفقراء حظ وحصة وواجب على المتمكنين في تأدية هذا الحظ وهذه الحصة للاخرين وانطلاقا من هذه النظرة اوجدنا بندا للتعاون الاقتصادي في الاعلان القومي ذي النقاط الثماني بهذا الاتجاه ولذلك ورغم اننا لا نستبعد التعقيدات الجديدة التي اوجدها الوضع الدولي والتي اوجدها البترول والتي اوجدتها العلاقات الاقتصادية والسياسية الدولية الجديدة في عرقلة مهام الوحدة فاننا لاننسى ان لهذا وجها اخر فللبترول وجه ايجابي يمكن ان يكون وسيلة فعالة لخدمة الوحدة وسلاحا قاطعا لمواجهة خصوم الوحدة سواء كانوا دوليين او محليين اما مسألة اي الوجوه يتغلب على الوجوه الاخرى : هل تتغلب الوجوه الايجابية على السلبية ام العكس فتعتمد على من يقود المسيرة في هذا القطر العربي او ذاك في هذه العلاقات القومية او تلك الا ان الحصيلة النهائية التي رنراها في الافق هي ان الامة لابد ان تتوحد لان موضوع التوحد ليس حاجة فنية للامة وليست حاجة ظرفية وانما حاجة تاريخية مستندة الى اسباب مبدئية تاريخية كذلك وهذه الحاجة التاريخية غير مرتبطة بحل مؤقت او بزمن مؤقت او تاريخ مؤقت وانما ترتبط بالدور الذي تريد ان تمارسه الامة انسانيا والدور الذي تريد ان تكون عليه ( قوميا ) ومثل هذا الدور وهذه الحالة لايمكن ان يتحققا الا بالوحدة العربية ..

 

اما كيف يكون شكل الوحدة العربية فهذه مسألة ليست مرتبطة ( استاتيكيا ) بشكل دون اخر وانما هي حالة انسانية لذلك لابد ان تكون حالة متطورة في الفعل وفي النظرة وعلى هذا الاساس نحن لانقول بأن الوحدة العربية هي الحالة التي تنتقي فيها الخصوصيات الوطنية والمحلية كليا وانما هي الحالة التي توجد ( بكسر الجيم ) خصوصيات جديدة مشتركة وروابط جديدة للامة تكون هي الاساس وما عداها تكون في خدمة الاساس .

 

وعلى ذلك فان الحالة المحلية والخصوصية المحلية ليست حالة ضعف للامة اذا ماكانت خيمتها الاساسية الوحدة بل بالعكس قد تكون حالة مطلوبة وحالة قوة حقيقية للامة والاندماج الذي يلغي الخصوصية قد يكون حالة مرضية ومؤذية للوحدة العربية هذا ما اوحت لنا به تجارب الماضي الحديث وهذا مااوحى لنا به ايضا استقرار خصوصيات تاريخنا العربي القديم .

 

ومثلما نقول الان : لمحافظة التاميم خصوصياتها ومثلما لمحافظة البصرة خصوصياتها ومثلما للعاصمة بغداد خصوصياتها حيث لايفترض ان تكون حالتها كما هو حال محافظة صلاح الدين لاعتبارات معروفة علينا ان نقول ايضا ينبغي ان تكون للاقطار العربية ضمن الامة ووحدة العرب ودولة العرب خصوصياتها ولكن هل سننظر الى هذه الخصوصيات من نظرة قطرية منعزلة منغلقة ام اننا ننظر لها من ناحية موضوعية وعملية وفي ظل المبادئ التي تخدم التوحد ؟...انه لامر طبيعي ان ننظر الى الخصوصيات من منتظارين واقعي ومبدئي حيث اننا في الوقت الذي نرى واقعيتها وضرورتها الواقعية فاننا نتصرف تجاهها بما يخدم التوحد ويقويه وليس بما يضعفه او يجعل من الخصوصيات القطرية المحلية بديلا عن التوحد وعند ذلك عندما نحترح الخصوصية ونرعاها فاننا نقوم بمثل هذا الواجب لخدمة الوحدة وليس العكس .

 

5- عن الديمقراطية والماركسية والحزب الشيوعي

 

الديمقراطية هي الشعار المرفوع الان في اكثر من بلد من بلدان العالم الثالث واكثر من قطر من اقطار الوطن العربي وهو ايضا الشعار الذي يرفعه بعض المتناقضين مع التجربة الاشتراكية في العراق ومن بينهم القيادة التقليدية للحزب الشيوعي العراقي التي خرجت من اطار الجبهة الوطنية والقومية التقدمية والحق ان لدي هنا بعض الاسئلة التي ارجو ان يتسع صدركم لها على الرغم من تصوري المسبق لبعض الاجابات بناء على متابعتي للتجربة العراقية منذ سنوات ومع ذلك اود ان استمع الى اجاباتكم تاكيدا – ربما – لتصوراتي المسبقة :

 

الديمقراطية هي الشعار المرفوع الان في اكثر من بلد من بلدان العالم الثالث واكثر من قطر من اقطار الوطن العربي وهو ايضا الشعار الذي يرفعه بعض المتناقضين مع التجربة الاشتراكية في العراق ومن بينهم القيادة التقليدية للحزب الشيوعي العراقي التي خرجت من اطار الجبهة الوطنية والقومية التقدمية والحق ان لدي هنا بعض الاسئلة التي ارجو ان يتسع صدركم لها على الرغم من تصوري المسبق لبعض الاجابات بناء على متابعتي للتجربة العراقية منذ سنوات ومع ذلك اود ان استمع الى اجاباتكم تاكيدا – ربما – لتصوراتي المسبقة :

 

لقد تحدثتم كثيرا عن قناعاتكم بأن الجبهة هي عمل استراتيجي وليست عملا تكتيكيا مؤقتا ولكن يبدو الان ان تحقيق هذه القناعة تحول دونه كثيرا من المصاعب نتيجة المواقف الاخيرة للحزب الشيوعي فما هي صورة المستقبل في منظوركم من زاوية العلاقة بين حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي ؟ وهل هناك شروط معينة لعودة الجبهة الى عهدها السابق من جانب طرف من الطرفين ؟ ماهي ؟ واذا لم تكن هناك شروط وانما هناك اسس للعلاقة كما قلتم قبل الان فهل هناك احتمال لوضع اسس جديدة لهذه العلاقة ؟في اي اطار ؟وكيف ؟

 

* هل يعني خلافكم مع الحزب الشيوعي العراقي خلافا مع كل الاحزاب الشيوعية العربية ؟

 

* هل يمكن ان تصل اختلافاتكم او تعارضاتكم مع هذا الجانب او ذاك من الممارسات السياسية للاحزاب الشيوعية العربية الى حد العداء للشيوعية وتبنيها كسياسة رسمية للدولة ؟

 

* الى اي مدى تفرقون بين الماركسية كفكر والشيوعية كسياسة كما تتبناها الاحزاب الشيوعية الرسمية في الوطن العربي ؟

 

* وما هو موقفكم من التنظيمات الشيوعية العربية التي لا تتمتع بالاعتراف الرسمي بها من جانب الاممية وتقترب الى هذا الحد او ذاك من التصورات القومية في بعض القضايا العربية كقضية الوحدة العربية وقضية فلسطين وقضية الاستقلال الايديولوجي عن ايديولوجيات الدول الكبرى ؟

 

* الى اي مدى تتصورون امكانيات اللقاء بين الفكر القومي كما يتبناه حزب البعث العربي الاشتراكي والماركسية كمنهج في التحليل الاجتماعي او كدليل عمل بالنسبة لتطور المجتمعات ؟

 

*انكم سوف تخوضون بعد قليل تجربة ديمقراطية جديدة كيف تتصورون معالمها والى اي حد سوف تلبي رغباتكم في تعميق الديمقراطية داخل المجتمع العراقي وماهي افاق تطويرها في المستقبل ؟

 

صدام حسين :

ان ان الديمقراطية حالة انسانية مثلما هي الاشتراكية فلا يمكن ان ننظر الى اية تجربة من تجاربها او الى اية صيغة من صيغها بان بالامكان ان نعملها بالمختبر المغلق او بمحراب التأمل المجرد ونعممها دون ان تفقد حرارة وانسانية واهمية تفاعلها مع الحياة في روحها وحركتها المتجددة وفي صلتها بالانسان وهذا اهم شئ فيها وفي نفس الوقت فان الديمقراطية لا بد ان ترتبط بخصوصية النظرية المتكاملة بوجه عام لمطبقيها ومثلما قلنا ان للاشتراكية جسرا انسانيا مشتركا في المفاهيم العامة عبر كل التاريخ الانساني في الوقت الذي لها خصوصياتها ولها جسورها الخاصة قوميا ووطنيا فللديمقراطية ايضا جسر مشترك في مفاهيمها العامة وفي ممارسة الانسان لدوره ضمن المجتمع وفي صلة الانسان ودوره في مؤسسات الدولة في الوقت الذي لها خصوصيتها وعلى هذا الاساس تكون لنا نظريتنا الخاصة في الديمقراطية ايضا مثلما لنا نظريتنا الخاصة في الاشتراكية وامر طبيعي ايضا ان تكون لنا صيغنا العملية المعبرة عنها في الممارسة .

 

لنقف هنا ونعود الى سؤالكم حول الصلة مع الحزب الشيوعي العراقي وقولنا في اكثر من مناسبة ومكان ان نظرتنا الى الجبهة نظرة استراتيجية وعندما قلنا ان نظرتنا الى الجبهة نظرة استراتيجية لا نقصد ان الجبهة باطرافها التي قامت عليها سوف تستمر الى ما لا نهاية بضمان مطلق نعطيه نحن وانما قلنا ونريد القول بانه ينبغي ان ننتظر جميعا الى العلاقات الجبهوية بأفق استراتيجي وبمنحى استراتيجي واساس هذا التصور هو ان يقود المسيرة حزبنا الذي فجر الثورة بمفرده والذي اثبت من خلال الممارسة قدرة فائقة واهلية صحيحة في ممارسة الدور القيادي وهذا الفهم يفرض علينا جميعا التزامات وواجبات تجاه بعضنا وتجاه الحالة المشتركة والجسر المشترك الذي نسير عليه ويربط بيننا والمطلوب هو ان يسود اطراف الجبهة جميعا الحرص على ديمومته وقوته لكي نعبر من خلاله الى الشاطئ الثاني لذلك عندما يتخلى اي طرف من اطراف الجبهة عن التزاماته فليس بمقدورنا ان نعطي ضمانا مطلقا بان الحالة الاستراتيجية في علاقات اطراف الجبهة ستستمر وكنا نقول هذا القول منطلقين من حرص اكيد على ان تستمر الجبهة بدور قيادي واضح لحزب البعث كما ورد في ميثاق الجبهة نفسها وكما هو دوره القيادي في الواقع باعتبار ان حزب البعث هو الذي فجر الثورة وقاد مسيرتها الظافرة وهو الذي هيا مستلزمات الجبهة اذن عندما يخل الاخرون بالتزاماتهم فأمر طبيعي الا توصف العلاقة معهم بانها علاقة استراتيجية . نحن لم نفتعل حالة التباعد افتعالا وتخلصا من طرف فرض علينا فرضا ضمن مرحلة معينة وانما اخترنا حالة العلاقة الايجابية المستمرة مع اطراف الجبهة ومنها الحزب الشيوعي العراقي ويبدو بصورة ضمنية اننا اخترنا حالة الافتراق ايضا لاننا تمسكنا باسس الجبهة وشروطها من حيث الواجبات والالتزامات وهكذا فاننا لم نختر الافتراق بتصرف سئ من جانبنا وانما برفض لبفعل السئ من جانب الحزب الشيوعي العراقي ويبدو ان الحزب الشيوعي كان يعتقد وينطلق من نظرية مخطوءة وهي ان اي حزب اخر غير ماركسي وغير لينيني لايمكن الا ان يكون حزب البرجوازية الصغيرة في احسن احواله ...الحزب الشيوعي العراقي ينطلق من تحليل صحيح عندما يقول ان المجتمع العراقي في غالبيته مجتمع ثوري بالترتيب الاجتماعي بمعنى ان بنية المجتمع العراقي بنية شعبية ثورية اذن فان سلطة البرجوازية الصغيرة سترفض من قبل مجتمع البنية الشعبية وعند ذلك فان العلاقات الجبهوية ستصبح حالة مؤقتة للوصول الى نقطة مؤشرة على الشاطئ يكون فيها الحزب الشيوعي هو قائد المسيرة ويكون الاخرون ومن بينهم حزبنا في احسن احوالهم تابعين له ان لم نقل في غياهب السجون وعلى اعواد المشانق هذه الحالة يبدو ان الحزب الشيوعي قد ادرك اخيرا بانها ليست ممكنة وليس مسموحا بها لان تكون كذلك فارتكب خطأ اخر بدلا من ان يصحح مقولته الفكرية والنظرية الخاطئة عن حزبنا وعن شعبنا ارتكب خطأ اخر عندما اعتقد بان هذا الوقت هو الوقت المناسب من حيث الزمن والامكانات الفنية للدخول بصراع ومجابهة مع حزب البعث العربي الاشتراكي ولذلك انتهى خارج الجبهة وخارج المسيرة وخارج الشعب اين هو الحزب الشيوعي من الشعب العراقي الان ومن الجمهور الذي تراه انت يوميا ؟ فهل هذه الحالة التي انتهى اليها بارادة مخطوءة او مدفوعة افضل ام حالة المشاركة وبشرف في المسيرة ؟والمشاركة بثمارها وتحويل بعض ثمارها لصالح سمعته السياسية والقول بان هذه المسيرة الناجحة ناجمة عن الدور التفاعلي للحزب الشيوعي مع حزب البعث العربي الاشتراكي ...؟ كان بامكانهم ان ينسبوا الكثير من مفردات المسيرة الى دورهم لو استمروا ولكن المسيرة الان مستمرة وبتصاعد بدونهم ولذلك لا يمكن ان ينسب شئ من مفرداتها الى فكرهم او الى سياستهم .

 

قلنا ولنقل الان اننا نفرق بين التبعية والصداقة ونحن نعرف ان الاحزاب الشيوعية في كل العالم لابد ان تكون لها صداقات مع احزاب شيوعية اخرى في العالم بسبب الارضية الفكرية المشتركة ومثل هذه العلاقة لانجد فيها ماهو مضر ولكن نرفض ان يكون لاي حزب محلي عراقي صلة تبعية مع اي دولة او جهة بالعالم مهما تكن علاقتنا مع تلك الدولة والجهة .

 

وعندما ننتقل الى مسؤوليتنا القومية والى نظرتنا القومية فنحن لانجد بأسا في صلة الاحزاب الشيوعية العربية كصلة صداقة مع اي حزب شيوعي بالعالم الا اننا ننظر بريبة الى صلات اليبعية والفرق بين الصداقة والتبعية تحدده ظواهر وسلوك وافكار وسياسات ملموسة ولكن اهم مافيه هو هل ان مواقف تلك الاطراف ترسم بموجب خدمة وتاثير استراتيجية خارجية ام انها ترسم بموجب مصلحة وطنية او قومية واضحة المعالم ؟ ولذلك عندما يتحول اي حزب عربي شيوعي او غير شيوعي لان يكون في خدمة استراتيجية خارجية مهما تكن صلتنا بتلك الجهة الخارجية قوية او ضعيفة فنحن ضد هذا التصرف رغم ان حزبنا ينطلق – وكما قلنا في بداية كلامنا – من افتراض انه ليس هناك تجربة انسانية وليس هنالك تجربة مطلوب ان تكون ذات افق انساني شمولي ونظرة انسانية عميقة تكون معزولة عن تأثيرات تجارب وتصورات الاخرين في العالم ...ان حصيلة التطور الانساني الان هي حصيلة تفاعل كل التجارب الانسانية ونظرياتها وافكارها عبر الزمن ...اذن ليس من المنطقي ان نفترض اساسا فكريا لمنهجنا ونتناقض معه من الناحية العملية وعلى هذا الاساس ليس بامكاننا ان نقول ان حالة الاجتهاد الفكري حالة مرفوضة في مجتمعنا لكننا نقول كما تقول كل الامم ان الاجتهاد الفكري ينبغي ان يؤطر بالمصلحة القومية للامة وان يكون تحت خيمة الثورة وليس هنالك امة اخرى تقول بعكسها فالاتحاد السوفيتي لايسمح باي اجتهاد فكري خارج اطار افكار الماركسية الينينية .

 

وهذه هي تجربة وسياسة الصين وغيرها من الدول الشيوعية في العالم وكذلك شأن الدول الغربية من حيث النتيجة وان اختلفت في الشكل وجانب من المنطلقات في هذا الموضوع عن الدول الشيوعية فلو وصل الشيوعيون الى الحد الذي يهددون فيه الاطار الفكري لمصلحة الولايات المتحدة والنظرية الاجتماعية والسياسية الساندة فيها لتصرفت بصورة اخرى غير الصورة التي تسمح الان بموجبها للشيوعيين بعد ان قطعت شوطا واسعا في التقدم بممارسة نشاطهم وفق الحرية الليبرالية في العمل ضمن المجتمع الامريكي هذه الحرية التي هي من الناحية العملية وبالنتيجة حرية الشركات الاحتكارية الامريكية ومن يرتبط بهم مصلحيا الان ولذلك مسموح لبعض المخالفين استراتيجيا لسياسة الولايات المتحدة الامريكية لان يقولوا رايهم بوسائل غير قادرة على التاثير كالافكار الماركسية وهكذا انكلترا وفرنسا فلماذا لانكون نحن الامة العربية هكذا ...فنحن لسنا حالة شاذه في النظرة الى ما ينبغي ان يكون عليه الانسان الذي هو جزء من الامة في افكاره وفي نظرته وانما نحن حالة طبيبعية من ناحية ولادة الامة تاريخيا .

 

لذلك من الطبيعي ومن البديهي ان نقول باننا نكون مسرورين كلما راينا الاحزاب الشيوعية العربية تزداد صلة بالحياة الاجتماعية المحلية والقومية وكلما رايناها تبتعد في صلتها عن الاطار القومي والجماهير الشعبية العربية وتطلعاتها ومصالحها نكون غير مسرورين ...وامر طبيعي ان نشجع النمط الاول ونعرقل النمط الثاني وهذا ليس سرا في سباستنا وفي منهجنا وانما هو حالة طبيعية وحالة انسانية وحالة اي انسان لديه مسؤولية وطنية وقومية تجاه الشعب وتجاه الامة ...ينبغي ان يدرك العالم اننا على مستوى العراق دولة صغيرة وعلى مستوى الامة فاننا امة مجزأة لذلك فان ارتباط اي حزب او مجموعة مهما كانت صغيرة باستراتيجية او تاثير غير اعتيادي لدولة كبرى لا بد ان يفضي الى تهديد الامن القومي لشعبنا ولامتنا ولا بد ان يؤدي من حيث النتيجة الى ابعاد وحدة الامة العربية بسبب اختلاف مصالح الدول الخارجية وتعارض استراتيجياتها كلا او جزءا مع استراتيجية وحدة الامة العربية وتحررها واستقلاليتها لذلك فان نجاح الجبهات في تأدية واجبات المصالح الوطنية والقومية في بلدان العالم الثالث ومنه الامة العربية لايمكن ان يتحقق الا عندما يكون واحدا من شروطه الاساسية هو عدم ارتباط اطراف الجبهات هذه باي استراتيجية او دولة خارجية وبعكسه ستكون الجبهات من خلال اطرافها مدخلا لهذا الطرف الدولي او ذاك لتقويض البناء الوطني والقومي المستقل .

 

ولكن هل نستعير هذد النظرة نفسها في علاقاتنا باحزاب شيوعية اخرى على الصعيد الدولي وخارج الوطن العربي ؟

الجواب ..لا..وان حديثنا هذا هو عن الامة العربية اما حديثنا عن امة اخرى وشعب اخر يختار الشيوعية ويختار الماركسية ويختار الماركسية اللينينية فهو شئ اخر وان الامر متروك لخياراتهم ونحن لاننظر الى هذا نظرة ارتياب غير اننا ننظر نظرة ارتياب الى ايسة حالة تكون امتداد لاستراتيجية اجنبية شيوعية قد تؤذي الامة مثلما ننظر الى اي حالة ليبرالية برجوازية عندما تكون امتداد لستراتيجية من شانها ان تؤذي الامة عندما تكون امتداد للاستراتيجية الامريكية او غيرها اننا ننظر اليها بارتياب ونتحذر منها اما عندما تكون حالة ليبرالية غير معادية تمارسها امة على حدود الامة العربية ضمن خصوصيتها القومية والوطنية فهذه مسألة اخرى لانها بهذه الكيفية لا تشكل خطرا على الامة ولكن عندما تكون لسانا وسيفا لاستؤاتيجية خارجية فأمر طبيعي ان ننظر اليها بارتياب وما عدا ذلك نحن لا ننظر بارتياب الى اية تجربة شيوعية او ماركسية بخصوصية وطنية او بأية صيغة اخرى للامم الاخرى خارج الامة العربية .

نعود الى الديمقراطية لنقول ان الديمقراطية التي نمارسها الان تعبر في صيغها عن نظريتنا المتكاملة للانسان وللحياة وللنضال القومي والوطني وظروفه وامكاناته ولكن في نفس الوقت فان تجربتنا الديمقراطية متفاعلة في صيغها مع التجارب الانسانية لذلك اخترنا ان تكون الصيغ المعبرة عن ديموقراطيتنا الان بالحالة الدستورية التي سوف نمارسها بعد فترة قصيرة من خلال المجلس الوطني الا ان المجلس الوطني ليس الصيغة الوحيدة للتعبير عن الممارسات الديمقراطية بل هناك مجالس الشعب وعندنا الهيئات والاتحادات والنقابات التي تتدارس اي شأن من شؤون الحياة وترفع به اراءها بصددها كذلك يمارس اكثر من مليون منظم في الحزب الديمقراطية على نطاق واسع وعميق في مناقشة شؤون الشعب وما يتقرر بشأنها او مايتعلق بشؤون الحكم والان اضفنا تقليدا جديدا حيث اتخذنا قرارا قبل اسبوعين الزمنا به كل وزارة عندما ترفع مقترحا لقانون جديد ينبغي ان تناقشه مع الشريحة الاجتماعية التي يعنيها هذا القانون قبل رفعه الى مجلس  الثورة وبدون ان يتحقق ذلك لاينظر مجلس قيادة الثورة باي قانون يرفع اليه من الوزارات فحينما ناتي لنبحث قانونا يتعلق بالعامل والعمل لابد ان نرى ممثلي العمال ونتناقش معهم وليس بالضرورة ان ناخذ بأرائهم كما هي ولكن لابد ان نتناقش معهم ولابد ان نفترض ان الوسط الشعبي مهما يكن بسيطا فهو قادر ان يوحي لنا بافكار عظيمة وانه اذا لم يكن قادرا على ان يقدم افكارا عظيمة فمن المؤكد انه قادر على طول الخط ان يوحي لنا بافكار عظيمة وعلى هذا الاساس يجب ان نلتقي به ونتفاعل معه ونصغي اليه .

 

سوف تعطي الحرية الكاملة لكل من يريد ان يرشح نفسه ويجرب حظه في انتخابات المجلس الوطني وتنطبق عليه شروط الترشيح ومن كل الاطراف والجهات والحركات السياسية التي هي تحت الخيمة العامة للثورة وتعمل بهذا اما الناس الذين اصبحوا خارج الحدود ويعادون الثورة فليس لهم حق على الثورة وليس لهم حق ديمقراطي في الوقت الذي لايتصرفون بديمقراطية مع الثورة ومسيرتها.

 

كان لحزبنا الدور القيادي في جعل الشعب يقبل ويهضم التعامل مع الحزب الشيوعي بعد التجارب المريرة التي حدثت في عام 1959 في القطر العراقي وبعد المذابح والمجازر التي قام بها الحزب الشيوعي العراقي ضد حزبنا وضد الشعب العراقي ورغم انه لم يكن قد استلم السلطة في ذلك التاريخ وانما كان مشاركا فيها ويحتل فيها مواقع مهمة واظن انك مطلع على جانب منها .

 

هل نستبعد اللقاء مع الحزب الشيوعي مستقبلا ؟ نحن لانريد ان نقفل المستقبل لايجوز لنا ان نقفل المستقبل لكن لايجوز لنا ان نتحدث عن صلة بدون اسس والاسس التي لابد منها اذا مااريد للالتقاء ان يتحقق في يوم من الايام هي نفس الاسس التي ابتدأنا بها العلاقة وهي نفس الاسس المطلوبة لاية علاقة جدية وصادقة اي ان يسلم الحزب الشيوعي بان الثورة موجودة وانها موجودة ليس كحالة عملية فقط بل ان الثورة موجودة كفكر وكواقع عملي ثوري كنظرية قائمة ومتكاملة تعالج شؤون الحياة من منطلقات فكرية ثورية واشتراكية معروفة ومفهومة ..اي انها ليست حالة صغيرة مطلوب منها ان تكون تابعة للحزب الشيوعي وانما هي حالة قيادية ودورها القيادي ليس متأتيا من الواقع التنظيمي المتميز لحزب البعث فحسب كون حزب البعث اكبر عددا وحجما من الحزب الشيوعي وكون حزب البعث هو الذي فجر الثورة وقادها وانما ايضا وبالاساس لان فكر حزب البعث اكبر من فكر الحزب الشيوعي الان وارقى مرتبة لانه استطاع ان يقود جماهير الشعب وان تقبل جماهير الشعب بقيادته بصورة حاسمة هذه الجماهير التي واجهت بقطاع واسع منها الثورة في البداية بعدم اكتراث والبعض الاخر بتحفظ والبعض الاخر بتأييد حد الاستشهاد .

 

6- مستقبل نظرية تعدد الاقطاب الدولية

 

تحتل العلاقات الدولية في تفكيركم مكانة متميزة لقد قدمتم في كتابكم ( نضالنا والسياسة الدولية ) نظرة تعدد الاقطاب الدولية في مدى العشرين عاما القادمة وركزتم في اكثر من حديث ونص حول استنهاض مفهوم عدم الانحياز وضرورة تأزر الدول غير المنحازة لمواجهة القوى الكبرى وخلق امكانيات جديدة لعالم جديد .

 

* لماذا تستبعدون امكان عودة العلاقات الطبيعية – كما كانت بين الصين والاتحاد السوفيتي مرة اخرى ؟ ومن جانب اخر لماذا تستبعدون امكان استقلال بعض دول اوربا الشرقية ايديولوجيا وسياسيا وتكوينها لاقطاب اخرى في اوروبا ؟

 

* في حديثكم عن دور فرنسا المتميز في اوربا الغربية يبدو وكأنكم لا تضعون كامكانية قريبة مسألة وصول الحزب الشيوعي الفرنسي منفردا او من خلال تحالف اليسار الى السلطة هل تتصورون ان دور فرنسا المتميز في اوربا الغربية يمكن ان يطرأ عليه تغيير او تعديل لو حدث ذلك ؟ وماهو موقفكم من هذه المسألة بشكل عام ؟

 

* كيف تتصورون امكانية ان تخرج اليابان من اطار الوصاية الامريكية السياسية ومن نفوذ الراسمال الامريكي حتى تتوجه الى تصنيع السلاح وخصوصا ان ذلك سوف يقلب موازين القوى في شرق اسيا وربما في العالم ؟

 

* حتى في حدود امكانية تحقق نظرياتكم بشكل يتعلق بتعدد الاقطاب الدولية هل تعتقدون ان هذه التعددية سوف تلغي ثنائية الهيمنة النهائية للامبريالية من جانب والاشتراكية من جانب اخر على موازين العلاقات الدولية في العالم وخصوصا بالنسبة للدول الصغيرة في العالم الثالث ؟

 

* واخيرا كيف تتصورون مستقبل دول عدم الانحياز في ظل الحقيقة القائلة ان قطاعا منها هو منحاز بالفعل في اطار اختياراته السياسية والايديولوجية وربما تحت ضغط ظروفه الاقتصادية والاجتماعية ؟

 

صدام حسين :

ارجو ان لاتنسى اننا قلنا نحن نرى العالم هكذا في العشرين سنة القادمة لقد قلنا هذا الكلام في عام 1975 وبقيت من العشرين سنة 15 سنة الحديث كله عن العشرين سنة وليس بعدها وفي نفس الحالات التي افترضتها في سؤالك الان كاحتمالات ممكنة الوقوع لحالة هي غير حالة العلاقة الراهنة بين الصين والاتحاد السوفيتي وبين اوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي ولكن خلال العشرين سنة نحن نرى بانه يوف لن يطرأ تغيير جوهري بلحق خللا بهذا التصور الذي نراه عن العالم خلال العشرين سنة مهما تحصل من تطورات في علاقة الصين بالاتحاد السوفيتي او في علاقة الاتحاد السوفيتي بأوربا الشرقية او حتى عند وصول الحزب الشيوعي الفرنسي متحالفا مع اليسار الى الحكم في فرنسا وفي تصورنا انه حتى لو وصل الحزب الشيوعي الفرنسي للسلطة متحالفا مع اليسار فسوف لن يتغير جذؤيا دور فرنسا في اوربا وانما سيكون الحزب الشيوعي مضطرا اصلا عند الوصول الى السلطة ان يلائم سياسته  ويكيف عقيدته بموجب اعتبارات كثيرة داخل المجتمع الفرنسي وداخل اوروبا وبموجب التطور الجديد في السياسة الدولية .

 

كيف نتصور ان اليابان تستقل عن امريكا ؟ والجواب عندما تريد اليابان الاستقلال عن امريكا سوف تستقل ففي اي وقت يجد اليابانيون ان من مصلحتهم ان يستقلوا عن امريكا فبأستطاعتهم ان يكونوا مستقلين عنها لان اليابان ليست دولة صغيرة وامكاناتها التقنية والعلمية والاقتصادية معروفة وفي كل الاحوال ان الاستقلال لايعني الانقطاع والانعزال عن العالم بما فيه امريكا وانما يعني ايقاف الجسور التي تاتي منها الهيمنة وتشغيل جسور التعاون مع الاخرين ولكن المسألة الاساسية في علاقة اليابان بامريكا تتمثل في نقطتين :

 

شبح الحرب العالمية الثانية الذي لازال مخيما على اليابانيين وتصورهم ان عودة اليابان لممارسة سياسة دولية خارج اطار العلاقات التي من هذا النمط او بمستوى قريب منه مع اوربا ومع امريكا سيجعل اليابان في وضع ممكن ان يقودها الى الحرب والى الاصطدام.

 

والنقطة الثانية هي الاتفاقيات التي نجمت عن الحرب نفسها ونظرة الامريكان اليها بانها التزام على اليابان عليها ان تحترمه ونظرة اليابانيين ضمن السياسة الواقعية للوضع الدولي الراهن بأنه التزام مطلوب احترامه للاستفادة من المظلة النووية الامريكية بالاضافة الى اعتبارات اخرى جلها معروف .

 

اما بالنسبة لحركة عدم الانحياز فنحن نعرف ان داخل حركة عدم الانحياز اناسا منحازون لهذا الطرف الدولي او ذاك .

 

*اذا افترضنا وجود اقطاب عديدة : فرنسا اصبحت قطبا والصين اصبحت قطبا واليابان اصبحت قطبا هل هذا يلغي في المستقبل امكانية وجود الهيمنة الثنائية ؟

 

صدام حسين :

سوف لن يلغي نوايا الهيمنة ولكن سوف يقلص فرصها .ان الهيمنة حالة موجودة في التاريخ السياسي القديم وليست حالة مقتصرة على الوضع السياسي الدولي الراهن فحسب انها حالة موجودة بالعالم منذ ان وجدت الدول ولكن في تصورنا ان وجود قطبين ووجود رأسين للقطبين يجعل تقسيم النفوذ وفرص الهيمنة اكبر مما لو زاد عدد مراكز الاستقطاب على هذين القطبين .

 

ان تعدد مراكز الاستقطاب وزيادتها حالة وصيغة لانتمناها لو كانت الامور متوقفة على ارادتنا لان الصيغة التي نتمناها ان يعيش الناس بلا مراكز استقطاب وبلا هيمنه وبلا استغلال وبلا ابتزاز .

 

ولكن في حال الخيار الواقعي بين ماهو موجود وبين ماهو ممكن واقعيا ان يتواجد فالامر يختلف لذلك فان حالة زيادة مراكز التاثير افضل من حالة القطبين المنفردين في تقرير مصائر العالم طالما ان امكانية الغاء الاستقطاب غير ممكنة وفي هذه الحالة فان ضعف الارادة لايخلق الامكانات المطلوبة ولذلك نتصور نحن ان هذا هو الطريق الممكن والبعض الاخر يتصور ان الممكن هو في عدم تأكيد الاستقلالية على النحو الذي نفهمه نحن ومع ذلك علينا ان نسعى لتعميق الخط غير المنحاز داخل حركة عدم الانحياز واقناع الكثير من المنحازين بضرورة العودة الى اصول ومنطلقات الحركة مع ملاحظة التطور الجديد في السياسة الدولية ومستلزماتها ...وبذلك تكون مرونة الدول الصغيرة في الحصول على فرصها اوسع وقبضة الكبار تكون اخف .

 

اما في حركة عدم الانحياز فهناك اناس منحازون للاسباب التي تفضلت بها تماما ولاسباب اخرى كضعف الارادة السياسية لان الاستقلال كما قلنا ليس مسألة امكانات فقط وانما هو مسألة ارادة بالدرجة الاساس .

 

7- من يوميات المواطن صدام حسين

 

* بعد محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم توجهتم الى سورية ثم القاهرة فلماذا لم تمكثوا في سورية ورحلتم الى مصر ؟

 

صدام حسين : لقد رحلنا الى مصر بناء على قرار ورغبة حكومة الجمهورية العربية المتحدة انذاك وكان القرار بضرورة رحيلنا من سورية الى مصر يعتمد على تحليل ..بان الحزب موجود اساسا في سورية كذلك فان هنالك جوا بعثيا واسع النطاق في داخل سورية فينبغي ان نعزل عن هذا الجو ...لذلك كان القرار الزاميا في رحيلنا الى مصر .

 

*ان حياتكم في القاهرة توشك ان تكون غير معروفة مطلقا وفترة ثلالث سنوات ليست قليلة في عمر الانسان هل من الممكن ان تقصوا علينا طرفا من سيرة تلك السنوات ؟ كيف كنتم تعيشون هناك ؟ كيف كنتم تقضون اوقاتكم ظ ماهي الاماكن التي زرتموها في مصر ؟ كيف كانت علاقتكم بالمصريين ؟ ماهي الذكريات التي تحتفظون بها عن هذه المرحلة من حياتكم ؟

 

صدام حسين : في الواقع انها غير معروفة لكونها حياة اعتيادية وليست حياة اضواء وان ماهو خارج عن الاعتيادي فيها هو العمل السري حياة انسان ..طالب بعثي ..يسكن بيتا بسيطا يراجع دروسه ثم يقرا كتبا خارجية وليست له انشغالات اخرى كبعض الناس كأن يختلط بحياة اضواء القاهرة فقد كانت حياتي اعتيادية تماما وقد مارست العمل السري التنظيمي في نطاق سري وكنا في ذلك الوقت مسؤولين عن قيادة تنظيمنا في غزة وتنظيم الحزب في شمال افريقيا العربي وتنظيم الحزب في السودان وتنظيم الحزب في الجزيرة والخليج وفرع الحزب في مصر ومسؤولياتي كانت كبيرة من ناحية العمل السري لان وضع القيادة القومية كان صعبا وكانت لاتستطيع ان تمارس عملها داخل الاراضي السورية وكان اغلب اعضائها موجودين في لبنان وكانت هناك صعوبات بالغة بسبب حساسية النظام في ذلك الوقت من الحزب فاعطيت الينا هذه المسؤولية كلها وكنا اعضاء قيادة بمستوى فرع .

 

* هل امضيت طوال الفترة في القاهرة ام تنقلت في اماكن اخرى وهل في مسكن واحد ام انتقلت الى مساكن اخرى ؟

صدام حسين : لقد امضيت طوال الفترة في القاهرة وقد زرت بعض المدن والاماكن خارج القاهرة وقضيت اغلب فترة المكوث في مصر في بيت مطل على النيل في منطقة قصر العيني من جهة النيل وفي هذا البيت قضيت اكثر وقتي وفي العجوزة قضيت حوالي السنة ...

 

* هل زرت الاقصر واسوان ؟

صدام حسين : سافرت الى الاقصر واسوان وفي اليوم الذي حدثت فيه ثورة رمضان 1963 كنت راجعا من الاقصر واسوان حيث كنا في سفرة طلابية فقد كنا طلابا في الجامعة كما سافرت الى الاسكندرية وامضيت فيها 15 يوما وكنا حوالي سبعة في شقة واحدة في تلك الفترة كما زرت حلوان وامضيت في مرسي مطروح يومين .

 

* هل لك ذكريات خاصة ؟

صدام حسين : كان تجمعنا في المقهى في الدقي وكنا في نهاية الشهر عندما نفلس نجمع من بعضنا بقايا المبالغ الضئيلة ونأخذ في اليومين او الثلاثة الاخيرة نطبخ في مكان واحد للجميع وكانت حياتنا حياة اسرة واحدة وقد حضرت مرة حفلة لام كلثوم .

 

* هل حضرت عروض المسارح هناك ؟

صدام حسين : مرة او مرتين في الاسكندرية ومرة في القاهرة على مااذكر .

 

* من كان اصدقائك من المواطنيين المصريين العاديين ؟

صدام حسين : كان لدي صديق اسمه محمد وقد زارني بعد الثورة في بغداد هو وعائلته كما كان لي وارفاقي الاخرين صديق اسمه وليم وكنا نريد ان نقيم صداقات مع المصريين لكنني كنت اتحرج ان اصادقهم كي لا اسبب لهم الاذى فلقد كنت او ان اعزز صداقتي بهم ولكني كنت اخشى ان اسبب لهم ضررا او مضايقة من المباحث المصرية وحتى هذا الصديق كنت ازوره متخفيا فزرته مرة واحدة في بيته وتعرفت على عائلته وبعد ذلك قلت له يامحمد انا لا اريد ان اسبب لك مشاكل مع جهاز المباحث والسلطة .

 

* لدي انطباع قوي من تاملي لما عرفته من وقائع حياتكم هو انكم تتمسكون بالعقلانية الشديدة على حساب العاطفة ومع ذلك هل يجوز ان اسأل عن طبيعة علاقتكم بالسيدة زوجتكم قبل الزواج وبعده ؟ وطبيعة علاقتكم بابنائكم ؟

 

صدام حسين : لايمكننا القول اننا نتمسك بالعقلانية الشديدة على حساب العاطفة الانسانية فانا اعتقد ان اي انسان يخلو من العاطفة الانسانية لا يستطيع ان يكون مفيدا للانسانية بصورة جدية وعميقة فالفعل العقلاني السياسي والمبدئي لايمكن الا ان يكون فعلا انسانيا وكونه كذلك فان اي انسان تكون عاطفته اقل من الحد الانساني المتناسب مع واجباته ودوره يكون عطاؤه الانساني قليلا ايضا ...هذا هو اعتقادي لذلك فانا اعتقد واؤمن ان الانسان وحسب ارتقاء المواقع كلما كانت مسؤوليته اوسع لابد للجانب العقلاني لديه ان ينمو ويتعمق ولكن ليس بالضرورة ان هذا عندما يحصل يجب ان يكون على حساب الجانب العاطفي الانساني المشروع اي ان حالة النمو القلاني والرجاحة العقلية لاتفترض حالة تقلص الدور الانساني في العاطفة المشروعة وانما يفترض ان ترافقها وان تتوازن معها ... وانا عندما مشأت صغيرا وقبل ان اشاهد زوجتي كانت امي تقص علي قصص وتعرفني باقربائي ومن بينهم بنت خالي وكنا انذاك في محافظة التاميم حيث بقينا حوالي ثلالث سنوات زعلانين من اقاربنا وكانت العادة سابقا ان الذي يزعل من اقاربه عليه ان ينتقل تعبيرا عن الزعل الى مسافة تعتبر بعيدة من منطقة سكناه فانتقلنا من العوجة في صلاح الدين الى الحويجة في التاميم فكانت والدتي تقول لي ان جدك اعطاك ابنة خالك ...وكانت عطية الجد في السابق شيئا لايرد فنشأت هذه الحالة معي الى ان دخلت الصف الاول الابتدائي وعند ذاك رايتها وانا عندما دخلت الابتدائية كان عمري كبيرا حوالي تسع سنوات او عشر سنوات فكانت اول مرة اشاهد فيها بنت خالي ضمن العائلة كان ذلك الموضوع باقيا في ذهني لكني لم اكن اتصرف بموجبه ولا اتحدث به اذ لم يكن يسمح بذلك وبعد ذلك مع ازدياد العمر كانت مشاعر الحب تزداد بشكل طبيعي لكن ماكان مسموحا ان اتحدث اليها بمشاعري نحوها ومع هذا فقد كنا عائلة واحدة وكنت جزءا من هذه العائلة وقد اعلنت عن رغبتي رسميا في الاقتران بابنة خالي لاول مرة وانا في القاهرة عام 1961 ووافق خالي وتزوجنا في بغداد بعد ان عدت اليها بعد ثورة رمضان عام 1963 وذلك في 5-5-1963 .

 

رغم انشغالي في العمل الا اني في الوقت الذي اتواجد في البيت يصبح كل العمل خارج البيت الا نادرا ...ولي في هذا قدرة خاصة فبقدر الوقت الذي اكون فيه في البيت ساعة ساعتين ثلاثا فاننا نتواجد انسانيين بكل مايتواجد فيه الانسان الاعتيادي في العلاقة اما الاطفال فهم خمسة ثلاث بنات وولدان والولدان لم يحظيا بنفس العطف الذي حظيت به البنات ..وللعمر دخل في هذا النضج وكلهم طبعا يحسون بهذه الصلة ويتصرفون بموجبها بشكل رائع وفي بعض الاحيان اجلب الصغيرة معي حتى للدائرة .

 

* هل ترك فقدان الاب وانتم في المهد اثرا في وجدانكم ؟ ماطبيعته ؟ وهل عوضت رعاية العم والخال لكم مشاعره الغائبة ازاءكم ؟

صدام حسين : في الواقع يبدو انها عوضت لانني في بعض المرات كنت استذكر مع نفسي حياتي في الطفولة والصغر واتساءل مااذا كنت احس وقتها بمرارة ؟ والجواب هو لم يكن عندي مثل هذا الاحساس فقد عوضت العائلة ولا اقول تعويضا بالكامل ولكنه تعويض جيد ... لذلك عندما استذكر الماضي واتساءل هل شعرت في يوم ما بالحسلاة من جراء اليتم ؟ يكون الجواب بالنفي وربما كان لبساطة حياة الريف دور اساس في هذا لذلك فالامور كانت طبيعية مثلما ارى ومن المؤكد لو كان الاب حيا لكانت الحياة افضل لذلك لايمكننا ان نقول ان العائلة عوضت عن الاب تعويضا كاملا ومطلقا لكن التعويض كان رائعا من قبل الاخوال والاعمام ...الوالدة بالدرجة الاساس .

 

* هل تذهب عندها وتراها ؟

صدام حسين : نعم بالطبع

 

* ماهي الفترة بين زيارة واخرى ؟

صدام حسين : بين فترة واخرى وحسب الظروف ولكنها تاتي ايضا الي عندما لااذهب اليها وهي لاتزال موجودة في القرية .

 

* مانوع العلاقة التي تربطكم برفاقكم داخل الحزب ؟ هل هي علاقات سياسية خالصة ام علاقات انسانية شاملة فيها الصداقة والمودة والمحبة رغم اختلافات المستوى القيادي داخل الهرم الحزبي ؟

 

صدام حسين : العلاقة التي تربطني برفاقي بالاساس علاقة انسانية رفاقية عميقة لان العلاقة السياسية الصرف لانسميها علاقة ثوار وعلاقة بعثيين فطالما ان مبادءنا وعملنا الثوري يفترض ان يكون كل واحد منا مهيأ لان يسفح دمه ويختلط بدم رفيقه الاخر دفاعل عن المبادئ مثل ماكان في زمن النضال السري فكيف يمكن ان تكون هذه العلاقة علاقة سياسية مجردة ؟انها اذا كانت سياسية مجردة تكون حالة خارج اطار التصور الانساني الصحيح وخارج اطار مبادئ الحزب واخلاقية الحزب فبالنسبة لي لااشعر بالكلفة في الصلة اي انني لااقلل الكلفة مع الكبار ولا ازيدها مع الصغار فانا اتصرف مع رفاقي بشكل طبيعي دون ان اسمح بان ترسم العلاقة بصيغ فنية او بعقلية بيروقراطية لذلك فان علاقاتي مع رفاقي تنساب الى مواقعها بشكل انساني واعتيادي وطبيعي اننا نضحط ونتمازح ونكون جديين ونكون حازمين تجاه من يتطلب سلوكه الحزم ونكون متساهلين ونرعاهم حيثما تطلب هذا اي نتصرف بصورة طبيعية بكل مستلزمات الحالة الانسانية من اجل توفير اقصى وادق رفعل فعل ثوري لخدمة المبادئ الانسانية .

 

*لقد قرأتم الكثير عن اعمال المفكرين والساسة والادباء فمن اثر في تفكيركم منهم ؟ ومن اثر في عواطفكم ؟ وهل كان لكم في صباكم مثال ما من الشخصيات التاريخية والسياسية ؟

 

صدام حسين : الواقع من الناحية الفكرية والسياسية العميقة فان اكثر شخصية حظيت باهتمامي هو لينين كمفكر حي وكانسان ثوري عميق التفكير ...فعندما يقرأ المرء للينين فانه يقرأ الحياة بحركتها الحية وبدمائها الحارة ومن الشخصيات التي تأثرت بها عبد الناصر رحمه الله رغم حساسية حزبنا من تجربته وحساسيته من حزبنا وكان لي اهتمام خاص بشخصيته وكذلك ديغول ولكن لكل من ديغول وعبد الناصر شخصيته وطريقته في معالجة الامور ورغم هذا فقد كان لكل منهما موقفه القومي البارز في بلاده وكان لكل منهما دوره القومي الخاص في امته مع شئ من الفروسية فعندما قال ديغول للانجليز سجلوا ماتعطوه لفرنسا لكي نوفيه بعد الاستقلال فهذا شئ كبير كان ديغول دوره في استنهاض فرنسا بعد ان ركعت على ركبتيها وعبد الناصر في شخصيته ولينين في فكره وفي براعته السياسية .

 

* كيف تحققون مبدأ الديمقراطية داخل البيت وكيف تمارسون سلطتكم كأب وكزوج في الحياة اليومية ؟ والى اي حد تتمتع السيدة زوجتكم بحقوقها كامرأة في بيتها وفي الحياة العامة ؟

صدام حسين : نقود في البيت بالاتجاه العام التربوي اما في الشؤون البيتية التفصيلية فان زوجتي هي التي تقود الشؤون البيتية اليومية كلها تقريبا فليس بامكاننا ان ننشغل بالمطبخ وكيف يكون والاثاث وكيف يكون ترتيبه ...ولكن كل الامور وحتى الصغيرة منها اذا ماوجدنا ضرورة في مناقشتها فاننا نتناقش فيها .

 

* هل تتدخل في الاتجاهات السياسية العامة مثلا ؟

صدام حسين : امر طبيعي وهو جزء من العملية التربوية لان اهم شئ هو ان لايتصور اولادي انهم اولاد ملك فيجب ان احكي لهم في فترات وجودي في البيت باستمرار واحيانا افتعل بعض الامور لكي اثير حولها النقاش واعطي التوجيه واحيانا اجعل من تصرف ما مرتكزا للحديث وفي احيان اخرى اعلق على تصرف من اخرين ضمن البيت كالشغال مثلا فاهم شئ عندي هو ان لا يتصور اولادي انهم بحالة فوق الناس وانما هم حالة مثل الناس .والتميز ليس اميزا اجتماعيا انما هو تميز بجانب من مستلزمات الحياة التي فرضها واقع المسؤولية الرسمية اي ان تفهم عائلي بان ماهو متوفر لها وما تتمتع به ليس حالة امتياز وانما هو حالة ضرورة فعندما يكون لديهم سائق وسيارة حكومية وطباخون وشغالون فهذه الحالة وجدت لخدمة الموقع الذي احتله وليس لخدمتهم متميزين عن الناس وانه لامر طبيعي ان نمارس دورنا التربوي بافكار الحزب في هذه الحالة ولذلك فهم الاثنان ( يقصد ولديه : عدي وقصي ) حزبيان ومنتظمان داخل خلايا حزبية .

 

* كم سنة عمر عدي الان ؟

صدام حسين: عمر عدي الان 16 سنة وسوف ينهي ال16 سنة في ض18- 6- 1980 .

 

* ذكر لي الحاج ابراهيم انكم تزورونه احيانا في قرية العوجة ماهي مشاعركم الشخصية وانتم تجلسون في بيته الطيني الذي مازال يعيش فيه الى جانبه على البساط وانت رئيس احدى اغنى دول المنطقة العربية ؟

 

صدام حسين : الواقع اعتز في هذا واتمنى لو يبقون في البيت الطيني في نفس الوقت الذي اتمنى ان يسكنوا في مكان غير هذا وهاتان الحالتان مترادفتان مع بعضهما فهما حالة تطبيق المبادئ والرغبة في الرد على من وقع في بهارج الحياة من الحكام في الوقت الذي يدفعني الوفاء لاهلي لان اتمنى لهم ان يسكنوا في بيت افضل لذلك فانا اعتز اعتزازا كبيرا عندما ادخل هذا البيت الطيني وفي نفس الوقت لاانكر انني لتمنى للناس الذين قدموا خدمة كبيرة لي وللشعب كذلك ان يعيشوا في مكان لائق مثل الناس الاخرين ولذلك فان الحاج ابراهيم قد حفر الان الاساس لبناء بيت حجري .

 

* والان .... ماهو رايكم في الحب ..الزواج ... الابوة ..القدر ...الموت ...البعث ؟

صدام حسين : لايمكن ان اتصور انسانا يمكن ان يعيش بدون حب فأي انسان من هذا النوع يكون مؤذيا اكثر من الانسان الذي يصمم ان يكون مؤذيا لايمكن ان اتصور ان الحياة يمكن ان تستقيم بدون حب والحب حالة لاترتبط فقط بالانسان وخطيبته وزوجته وانما هو حالة ترتبط بهذا وترتبط بالانسان واطفاله بالانسان والانسانية ولكن اقوى حالات الحب التي تجعل الانسان يحلق ويعيش باجواء تكاد ان تكون للوهلة الاولى وكانها خارج سطح الكرة الارضية ومادياتها هي حالة حب الانسان للشعب اقوى حالات الحب هي حالة التفاعل مع التاريخ بكل معطيات التاريخ الروحية والحياتية لااقول ان صلة الانسان بزوجته قليلة وصلته باطفاله قليلة ولكن هذه الحالة ارقى واعمق .

 

لقد سمعتك تقول في الشريط المسجل بصوتك والذي قصصت فيه طرفا من حياتك ( لم يخطر على بالي انني ممكن ان اموت رغم اني تعرضت للموت )..؟

 

صدام حسين : نعم فقد مرت بي حالات في حياتي كنت ارى فيها الموت قريبا كحالة مادية اما كحالة اخرى فكنت اراه بعيدا .

 

* هل السبب في هذا هو الاحساس بالدور التاريخي او الاحساس بالارتباط بقضية او الارتباط برسالة ؟

صدام حسين :قطعا هو نتيجة ارتباط بقضية وهو مستوحى من المؤثرات الروحية النابعة من الارتباط بالقضية نفسها فقد كان مطلوبا منا ان نقوم بعمل مازال لم ينجز فلا بد ان نكمله ولا ينبغي ان نموت الان اقول هذا مع الايمان الكامنل بالقدر لاني مؤمن ايمانا كاملا ولكن ليس لدي تصور بان هذا يتناقض مع الايمان ونحن نعرف باننا جميعا لابد ان نموت الا انني لدي شعور بان الانسان بامكانه ان يتخطى بعض الحفر عندما يرتبط بقضية مبدئية عالية الاهداف .

 

* انت مشدود الى فكرة البعث اي الاحساس بالديمومة ...؟

صدام حسين : نعم والذي يهمني الان هو ماذا يقال عنا بعد 500 سنة وليس ماذا يقال عنا الان وحسب ومرة في معرض الحديث عن تجربة عبد الناصر ومرارة تصرف السادات قلت للرفاق في القيادة وكررت القول ان علينا ان لا نسقط فنحن لانخاف من الموت وانما نخاف مما هو بعد الموت لاننا قد نرى ونحن في ذمة الحياة الاخرى مايجري على السطح ومازلت اعتقد ان هذا ايضا ليس تناقضا مع الايمان فانا اعتقد ان الانسان يستطيع ان يرى بعد الموت وخاصة الانسان الذي يرتبط ارتباطا بقضية مبدئية يؤديها او مطلوب منه تأديتها سيموت قهرا اذا رأى الامور سيئة على السطح هكذا هو اعتقادي .

 

 

الصور الفوتوغرافية الكتاب حسب التسلسل

 

صورة تجمع منظر عام لمدينة تكريت والبيت الذي ولد فيه صدام حسين وصورة لوالدة صدام حسين وشجرة العائلة والتي يرجع نسبها الى عشيرة آل الامير ناصر من الاسرة العلوية وتاجها الامام علي بن ابي طالب

 

صورة تجمع الحاج ابراهيم الحسن ( عم صدام حسين وزوج والدته )

وصورة للحاج خيرالله الطلفاح وصورة لصدام حسين في اواسط الاربعينات واخرى في بداية الخمسينات

الوالدة والعم سنة 1959

ادهام ابراهيم الحسن 1959

ملجأ عسكري من ملاجئ الجيش العثماني حيث كان يختفي صدام حسين في صحراء العوجة قبل ان يتم ترتيب هروبه الى سورية

صدام حسين متخفيا في زي بدوي اثناء هروبه الى سورية

 

 

الصور في مصر

 

صورة تجمعه بزوجته السيدة الفاضلة ساجدة خيرالله في بداية زواجهما والبيت الذي عاش فيه بعد زواجهما في حي راغبة خاتون ( بغداد ) وصورة لشقيقه من امه ( برزان ابراهيم الحسن )

صورة تجمع عدي صدام حسين حين كان رضيعا ...الطابق الذي سجن فيه صدام حسين سجن رقم 1 معسكر الرشيد

الذي هرب منه صدام حسين وهو في طريقثه للمحكمة – مطعم الجندول – بشارع ابي نؤاس – بغداد

 

 

ثلاث لقطات لصدام حسين بعد هروبه من السجن اثناء نضاله السري

 

 

 عندما اصبح رئيس للجمهورية

صور عائلية

صورة تجمع الرئيس مع ابته حلا

 

 

صدام حسين يجلس على الارض في الريف

عندما كان رئيسا

 

 

صو ر تجمعه برجال الدين المسلمين والمسيحين

 

مناقشة مع الباحثين في معهد الطاقة النووية في العراق

 

يحضر اجتماعا للاتحاد العام لنساء العراق ..وفي معسكر القدس لنا للعمل الشعبي

الرئيس صدام حسين مع اطفال العراق

الصورة تجمعه بالقادة السوفييت ( ليونيد برجينيف ..ورئيس الوزراء السوفيتي ( الكس كوسجين ) ومع بونامارييف ..عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي ..ويضع باقة زهور على ضريح لينين .

مع الرئيس الجمهورية الفرنسي ( جيسكار ديستان ..واخرى مع رئيس الوزراء الفرنس ..جاك شيراك ..ومع ريمون بار رئيس وزراء فرنسا

مع رئيس وزراء ايطاليا ..وجورج براون وزير خارجية ايطاليا الاسبق ..ومع عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الايطالي

مع الامير فهد بن عبد العزيز ولي عهد السعودية ...مع الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي ..ومع علي ناصر الرئيس اليمني الجنوبي الاسبق

مع المسؤولين  العرب ( الملك حسين .. هواري بومدين ..جورج حاوي )

مع الرؤساء والوفود العربية

  مع  ..فيدل كاسترو ....مع جوزيف بروز تيتو

مع انديرا غاندي ...والسيدة باندرانيكا ...مع حكمت جتبن ....مع سامورا ميشيل ....مع الوفد الحزب الاشتراكي البورتوريكي

 

 

نهاية الكتاب ...

واستمر نضال القائد الرمز صدام حسين ..حتى استشهاده بعد احتلال العراق ..من قبل قوى الشر والظلام والرذيل وكان من استشهاد القائد دافعا محفزا للمناضلين ولتستمر الرسالة وليكن التاريخ النضالي للقائد الشهيد نبراسا يضئ درب الشرفاء المناضلين من اجل الحرية والتحرر والاستقلال...ستبقى خالدا ..على مدى التاريخ ..

وسيبقى تاريخ 28-4-1937 ...الى 30 -12-2006 سفرا من اسفار تاريخ العراق ..ومن اسفار عظماء العراق والتاريخ البشري

 

 

واتمنى اكون قد وفقت .. في نقل سفر من اسفار القائد الشهيد ليطلع علية العالم والاجيال القادمة ..

وما التوفيق الا من عند الله ..

الفنان العراقي سيروان انور

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد  / ١٩ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٤ / حزيران / ٢٠٠٩ م