في سبيل البعث : مقتطفات من '' التفكير المجرد ''

 
 
 

شبكة المنصور

زيد احمد الربيعي
في بلادنا عدد غير قليل من المثقفين المشوهين الذين غدت الثقافة في أيديهم أداة إيذاء. وأريد أن اخص بحديثي أولئك الذين عاشوا في وسط عائلي واجتماعي فقدت منه الروح العربية ، ثم تعلموا في المعاهد الأجنبية أو في ديار الغرب وحرموا من الثقافة العربية حتىّ إذا وضعتهم ثقافاتهم في مراكز توجيهية، أجازوا لأنفسهم إبداء الرأي في صميم حياتنا القومية التي عاشوا غرباء عنها جاهلين لها، حاقدين عليها

 
ففقدان الروح العربية والثقافة العربية يقود إلى الثقافة المجردة، فالشخص يكون ضعيفاً مجرداً فتدخل الثقافة الأجنبية عليه دون أن تجد مانعاً أو رادعاً اومعدلاً، فيصبح معدوم الشخصية أمامها وتتحكم به في حين ان تثقف الفرد العربي بالثقافة الغربية مفيد له كل الفائدة شرطة أن تكون شخصيته قد تكونت، فالفرد العربي الذي له من ثقافته وروحه ما يكون رادعاً عن الوقوع في خطأ الثقافة الغربية ومصححاً لها وما يكون فيه من القدرة على تمثل تلك الثقافة تمثلاً فكريا يجعله حاكما فيها لا محكوماً لها فتكون أداة في خدمته ونفعه. الثقافة ليست شيئاً جامداً يدخل على الرأس ويستقر وإنما هي حركة وحياة تتفاعل مع الشخص وتؤثر فيه، لها حاجات ومطالب ومستلزمات ولها وسط تنبت فيه وتتخذ معناها، فإذا دخلت الثقافة الغربية على عقل عربي غير مسلح بالثقافة العربية فإنها تنقله إلى الحياة الغربية.

 
● ان في بلادنا عدداً غير قليل يعيشون بأجسامهم بيننا وبأفكارهم وأرواحهم مع البلاد الأوروبية وهم مع ذلك يدعون لأنفسهم حق إعطاء الرأي في مشاكلنا وماضينا وحق التأثير في العمل والتوجيه فيه، إن هؤلاء المثقفين منقادون بطبيعة الأمر للعيش في وسط ثقافتهم وهذا الوسط هو الغرب. وليس من شك في ان هذا هو الشيء الطبيعي وهو المحبب إلى نفوسهم، لان العالم الغربي الذي هو منبت ثقافتهم عالم قوي راق صاعد فحوادثه تشغل الأرض وتهزها، في حين إن العالم العربي ليس له تلك الدرجة من الأهمية، فكيف يترك هؤلاء المثقفون ذلك الوسط الذي تغذوا من ثقافته وهو قسم فعّال تمثل عليه الإعمال الجسام، ويرضون بالعيش لهذه البلاد التي ليس لها بعد من شيء يذكر في كل نواحي الحياة..

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢٩ رجــــب ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٢ / تمــوز / ٢٠٠٩ م