انتخابات لبنان ... وصراع العملاء !

 
 
 

شبكة المنصور

الهادي حامد / تونس
المحطة الانتخابية في الواقع السياسي اللبناني كان منتظرا منها تأثيرات مباشرة على المستوى المحلي والإقليمي، بحيث تصعد استراتيجيات وتخبو أخرى، تنتعش قوى وأحلاف وتنكمش أخرى، وللأمر علاقة بقوى عالمية مؤثرة محليا، وبصراعات لبنان ميدانها المصغر، والأمة ميدانها الأوسع.بعد أن انتصرت قوى 14 آذار وصعق حزب الله
والطحالب العالقة في هيكله، بإمكاننا تسجيل الملاحظات التالية:

 
1-  شاء حزب الله أن يوالي إيران الفارسية موالاة سياسية وتنظيمية وعقائدية وإعلامية بشكل تجاوز حاجته إلى الدعم العسكري والسياسي الذين لم تسعفه بهما القوى الإقليمية العربية في صراعه مع إسرائيل نحو التبعية المطلقة والقصوى ونحو حالة ولائية غير طبيعية عصفت بتقاليد التحالفات السياسية ، بضوابطها وحدودها...انه لا اعتراض لدينا على تشيع الحزب ،فالمذهب الشيعي في الوطن العربي أنجب الوطنيين الشرفاء في كل الساحات ولا يقلل ذلك من علاقة الانتماء القومي التي تجمعنا كعرب، سنة وشيعة. إنما نعترض على موالاة الحزب وتبنيه لحكومة الاحتلال في " العراق الجديد " ولقوافل " الوطنيين الجدد" الذين تورطوا في الاستقطاب الطائفي وفي القتل على الهوية المذهبية. وليس أدل على ذلك من استضافة حزب الله للبغل مقتدى أو الصبي الجاهل والوسخ، المجرم الافيوني والمجوسي مقتدى. والحزب فعل ذلك من منطلق طائفي واستنادا إلى موالاة الفرس المطلقة بالأساس وفي المقام الأول. وثمة تقارير إعلامية تتحدث عن تدريبه لعصابات مقتدى، وتمكينهم من فنون الشنق والجز والبقر والسلخ والحرق ثم الرقص. الفنون التي أتقنوها في علاقتهم بكل مقاوم شريف بسيطا وعلى السليقة كان ، أو مسيسا. وكل متابع لقناة المنار ، باعتبارها صورة وجه حزب الله الطائفية بامتياز، لاشك لاحظ ترديدها عبارات " الديكتاتورية " في إشارة إلى النظام الوطني في العراق، و " الحكومة العراقية " في إشارة  إلى الجواسيس المنصبون والقابعون في مداخل القصور التي ينام فيها أسيادهم...إن أقلاما كثيرة كتبت ،ورسائل عديدة كتبتن من موقع محايد ومسئول وغير متورط في الحملات الإعلامية المغرضة التي تديرها أجهزة مخابرات عربية لا تقل أنظمتها إجراما وفسادا وعمالة وانحرافا سياسيا واستراتيجيا دعت الحزب إلى الرشاد والولاء لامته العربية أولا وأخيرا ، والى اتقاء الله في علاقاته وسياساته المشبوهة مع الفرس وتاطيرها طالما انه لابديل عنهم بالفعل فيما يتعلق بتسليح قواته.ليبقى هدفهم النفوذ في المنطقة وعلى العرب بينما هدفه التحرير والقدس. دون أن يتحول إلى مؤسسة فارسية ضمن المشروع الإمبراطوري الفارسي...رغم الدعوات والتنبيهات والرجاءات...لاشيء تغير!!


وقد يزعم الحزب، كما زعم فعلا انه مناصر للمقاومة العراقية. إلا أن المقاومة التي يعنيها هي المقاومة التي " حررت بغداد " من " الديكتاتورية "، التي تقتل الأئمة في دور العبادة ، فتشق بطونهم وتسحلهم في الشوارع لشبهة مناصرة المقاومة أو لكلمة حق قالوها!!، وهي المقاومة التي نزل بغلها ضيفا على حزب الله في بيروت قادما من دمشق وليست المقاومة التي دخلت منذ 2003 في حالة اشتباك ميداني مع المحتلين وجواسيسهم ولا تزال دون دعم من أية جهة، اقربون أو ابعدون،ومن الأصدقاء ومناضلي الأمس القريب...إن ذلك أدى إلى تأثير العامل الطائفي في انتخابات لبنان، إلى خسارة حزب الله الكثير من التأييد العربي الشعبي على امتداد وطننا الكبير.والى شعور الكثيرين بالسعادة لخسارة الحزب الأغلبية البرلمانية، لان ذلك صفعة لإيران الفارسية ولاذرعتها في العراق والمنطقة.فهل يستفيد حزب الله من هذا الدرس؟!! وهل يحسن فك شيفرة رسالة الهزيمة الانتخابية؟!!.

 
2-لايعني هذا المزاج الشعبي الذي أضحى معاديا لحزب الله في الوطن العربي رضاءا شعبيا عن قوى 14اذار، فهم أيضا طائفيون وغارقون في وحل الطائفية، وفي موالاة حكومات فاشلة وساقطة شعبيا وعميلة، غارقون في السمسرة وفي التجارة السياسية الرخيصة التي تجرد السياسة من الأخلاق ومن المبادئ. غارقون في موالاة أمريكا وفي الاحتماء بجناحها وهم متسولون أمام عتبات سفارتها استجداءا لدعمها وحيث يلقى القسم بالولاء.ونعلم كمايعلم الكثيرون، أن كثيرا منهم متورطون في التخابر مع العدو الصهيوني ويعملون كجواسيس وكقادة مجموعات جوسسة تحدد المواقع وتتصيد المناضلين.ماالفرق بين أن توالي قوة سياسية الفرس وتوالي أخرى إسرائيل أو آل سعود أو آل مبارك؟!! ماالفرق بين أن تخدم قوة سياسية التطلعات الفارسية الإمبراطورية وتخدم أخرى الاستراتيجيا الأمريكية في المنطقة؟!! إني لا استثني أي من الفريقينن كلاهما غارقون في خيانة أمتهم وتفويت فرصة النهوض عليها والعصف بحلمها في الحرية والكرامة وفي الشرف!.مثلما توظف إيران الفارسية طائفيا حزب الله سعت السعودية وتسعى كما مصر وأمريكا وفرنسا إلى دفع مجموعة 14 آذار نحو المطب الطائفي ونحو العمالة.فهل قدر لبنان أن يعيش في قلب استقطاب ثنائي يجري بين قوى شريرة ومحتالة ومخادعة لا تظمر له وللأمة إلا مزيدا من الانحدار نحو مهاوي التشتت والامحاء؟!!.

 
3-من الغبن أن يكون المشروع المعلن والاستقطابي ل 14 آذار هو الإجابة عن سؤال: من قتل الحريري؟؟!!! هذه مهزلة ومسخرة.فإذا كان الرجل عزيزا على أهله وذويه فانه ليس أهم ممن فقدتهم هذه الأمة وليس أكثرهم إخلاصا لها وإيمانا بتطلعاتها...وعلى العموم فهو لم يقتل على الجبهة وفي اشتباك مع العدو برصاصة من الخلف!!..إن هذا الملف تشويه إبله وغبي للفقيد ويطرح شكوكا حول علاقته بالقوى التي تعطي اليوم ل 14 آذار بغير حساب...هناك قضايا أهم أيها المناضلون الاذاريون...فلسطين تحولت إلى لعبة رخيصة بين الأشباه، وثوار الأمس تحولوا إلى فرق تابعة للأمن الإسرائيلي تنتظر أوامره للتنفيذ...العراق جريح وينزف ولكنه يقاوم...وكيدا في الميدان...بالنيابة عن الأمة كلها...أيها الاذاريون، إذا أردتم احترام جماهير الأمة لكم، تجاوزا ملف رفيق الحريري واحتسبوه شهيدا كميئات الآلاف من شهدائنا، وصوغوا مواقف وتحالفات جديرة بالاحترام، وذات حس وطني ونضالي واضح.ابتعدوا عن الساقطين.ارتقوا إلى قيم الرجولة حيث تخونكم المبادئ أو تعوزكم...فقلوبنا على استعداد للانفتاح لكم ولكل القوى التي تتصرف على هدي طموح الأمة في التحرر من الغطرسة الأمريكية والصهيونية ومن المد الفارسي الحاقد والثأري.

 
في الأخير أقول : إننا مع حزب الله في صراعه مع إسرائيل وضده في طائفيته (وليس في تشيعه) وفي ولائه للفرس المجوس.لسنا مع 14اذار في شيء إلى أن يرتقوا بقضاياهم وتحالفاتهم وخطابهم. ونريد من الناصريين ومن كافة القوى القومية في الساحة اللبنانية أن يساهموا في دفع هذا الطرف أو ذاك نحو الموقف الوطني المطلوب على قاعدة حرية لبنان والأمة ضد أعداء الشرق والغرب...فالمطلوب من كافة القوى السياسية العربية أن تطرح على نفسها ، في هذه المرحلة من تاريخ الأمة، برنامجا نضاليا يحتفي بالمقاومات في كل الساحات ويعلي الهمة ويعطي للمجاهدين المداد المعنوي والروحي الذي يحتاجونه من شعبهم العربي. يمكن أن تفتح ندوات وملتقيات وتنظم مهرجانات يستضيفون فيها أصحاب الأقلام أو القرائح الشريفة ، أو تتنادى لها زعامات ذات سيرة نضالية مشهود لها بالعطاء أو قادة رأي مخلصون لامتهم....هذا يجعل أعضاء الجسد الواحد تتلاحم مع بعضها وترفع عن بعضها الغربة والتوهان في هامشيات دون ماتقتضيه اللحظة من جد وعطاء.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس  / ١٦ جمادي الثاني١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١١ / حزيران / ٢٠٠٩ م