بمناسبة عيد الفطر المبارك

قرار القيادة اليمنية بوقف العمليات القتالية في صعدة قرار وطني انساني يحمل الجميع مسؤوليات وطنية وشرعية فهل يؤدي كل واجبه تجاهها

﴿ الحلقة الثالثة

 
 

شبكة المنصور

عبد الله سعد

بداية اهنأ كل شعبنا في يمن العرب السعيد بحلول عيد الفطر المبارك وصدور قرار القيادة بوقف العمليات القتالية في صعدة ومناطق النزاع، متمنيا للوطن والشعب والقيادة العز والمجد والوحدة والتقدم والتطور والرخاء.وثانيا اقدم التهنئة لعموم العرب والمسلمين بمناسبة انقضاء شهر الرحمة والمغفرة وحلول عيد الفطر داعيا العلي القدير ان يزيدنا من نعمه وفضله بالعز والنصر والسلام.

 

صدر قرار قيادي مسؤول يؤشر انسانية القيادة اليمنية وحرصها على ابنائها بايقاف العمليات العسكرية في صعدة والمناطق الاخرى، فهل يعي الكل أي ابناء اليمن حكومة وعلماء دين وقبائل ومنظمات شعبية ومواطنين مسؤولياتهم تجاه القرار والعمل على القضاء على اسباب الفتنة والاقتتال الداخلي ودرئ الضلال والفتنة والتعاون على البر والتقوى والتصدي للمنكر اينما كان وممن كان ؟ ويقوم كل بدوره كما يحب وكما تامرنا شريعتنا وقيمنا ومسؤوليتنا الوطنية.

 

1.     الدور المطلوب من الحكومة.

2.     دور علماء الدين .

3.     دور القبائل والمواطنين .

4.     دور منظمات المجتمع عموما.

 

ان المسؤولية ليست مسؤولية القيادة فقط،بل هي مسؤولية الجميع وسنحاول ان نبين للكل مسؤوليته، كمواطنين عرب حريصين ننتمي لهذه الارض وهذا الوطن، لاننا متاكدين بلا حد ان العرب ارضا وشعبا هم واحد، وقد مررنا بتجارب جعلتنا نخشى الفتنة ونعرف اخطارها، فلنؤدي واجبنا كاخوة اشقاء، ونوضح اخطار الفتن، وقد اوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بان بنصرة الاخ بقوله (انصر اخاك ظالما او مظلوما) ان المستفيد الوحيد من الحرب والاقتتال الداخلي هم اعداء الشعب والوطن وان الخسائر بالارواح كلها منا وبالاقتصاد فهي من قوتنا وتنمية بلدنا فهل يعي من يقوم بالحرب ذلك ؟ خصوصا وان هناك وسائل اخرى للمطالبة بالحق الشخصي والعام في البلد.

 

الدور المطلوب من الحكومة :

 

1.  العمل على مساعدة كل المتضررين من العمليات القتالية التي جرت نتيجة الفتنة والاعمال غير الطبيعية في المنطقة واعادة النازحين عن بلداتهم ودورهم.

 

2.  الانفتاح على الشعب واجتثاث كل اشكال الاستغلال والفساد الذي يجعل المواطن يشعر بالحيف والظلم والاستغلال الذي يسبب الخروج عن الولاء للوطن والتمسك باساليب خاطئة لمحاولة الحصول على حقوقه بالولاء للقبيلة والمذهب والمناطقية وبالتالي يضعف ولائه الوطني.

 

3.  تشكيل لجان من الحكومة ومجلس النواب والشورى والاستماع الى الاسباب التي اوصلت المواطن في تلك المناطق الى ما وصلت له الامور والعمل بعقلية شفافة وعلمية اجتماعيا وانسانيا واقتصاديا وسياسيا على توضيح كل شيء للمواطن كي تضع المواطن امام مسؤوليته وعبر معرفة لامكانات البلد والقانون والدستور وما يضمن له من حرية التعبير والممارسات الصحيحة للاحتجاج ورفض الاساليب المتخلفة في التعبير عن رفض الخطأ، على ان يكون دور الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني كبيرا في تلك المعالجة عبر الحرص على الوطن ونشر الوعي لا بنفس الحزبية الضيقة.

 

4.  ان واحدة من الافات التي تنتشر في المنطقة الجهل وعدم الوعي بالقانون والدستور وحقوق المواطن وضعف التعليم وصعوبة المواصلات وضعف البنى التحتية وقلة مصادر الرزق واهمال الزراعة وتفشي البطالة والفقر مما يدفع المواطن لليأس والقنوط ويسبب الانحراف كقطع الطرق والتسلبط وانتشار القتل وطلب الحق المشروع عبر الاعتماد على الصيغ البالية كالثأر والتهديد والعنف،فعلى الدولة رغم محدودية الامكانات نتيجة الازمة المالية العالمية ومحدودية الموارد ان تضع الخطط والبرامج القادرة على تغيير الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة وفق المتاح والممكن وبدراية كاملة للمواطن بكل ذلك.

 

5.  التصدي للمفسدين والمستفيدين من الاوضاع الشاذة خصوصا من منتسبي الاجهزة الحكومية مدنية وعسكرية وعزلهم عن العمل، بعد اتخاذ الاجراءات الاصولية بالتنبيه والتوعية والعقوبة لهم لغرض اصلاح ادائهم وقيامهم بمسؤولياتهم بروح المواطنة والوعي بان الوظيفة امانة وخدمة للشعب لا تشريف وتخويل للموظف بالاستفادة الشخصية، وان مصلحة الشعب والوطن فوق مصلحة الكل ولا سلطان لاحد على المواطن الا للقانون وبه.

 

دور علماء الدين :

 

ان الله فرض على العلماء والعارفين ان يعلموا ويرشدوا الناس الى الطريق القويم الذي يحفظ الشعب والوطن من الخطأ والفتن والضلال، وهنا يبرز دور العلماء والوعاض وائمة المساجد والعارفين في التصدي للخطأ وارشاد وتوعية الناس بحقيقة الدين وتوضيح الخطأ من الصواب، وهنا لا أقصد التصدي لمذهب ما بل التصدي للمنكر والخطأ والفتن، اما من يريد ان يكون مسلما على أي من المذاهب التي عرفها المسلمون وعاشوا اخوة متحابين طيلة عمرهم منذ بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آل بيته وصحبه وسلم حتى اليوم فالقانون والدستور يضمن ذلك له، وعلى علماء الدين التصدي للانحراف والغلو والتشدد والتفسيرات الخاطئة ومحاولة محاكمة تاريخ الامة العربية والاسلامية لغرض الفتنة لا لغرض الاصلاح، فهذا واجب العلماء والعارفين ولكن بالحجة والبينة والحسنى، وبالنهي عن المنكر والدعوة الصادقة غير الممذهبة والمغالية في الدين، فالاسلام دين الرحمة والاخاء والمحبة وليس التطرف والغلو والبدع، فلا هدي كهدي محمد وآل بيته وصحبه ومن تبعهم باحسان، اما المذاهب فهي اجتهاد أئمة وعلماء حسب معرفتهم وتفسيرهم للتشريع الديني الوارد في القرآن والسنة النبوية وسنة الصحابة السابقون السابقون، ولا هدي بعد هديهم يخالفه ويناقض ما سن لنا كمسلمين، وكل المسلمين اخوة في الدين واوجب الله ورسوله عليهم ان تحرم دمائهم واعراضهم واموالهم على بعضهم، وان الانحرافات المبتدعة والمغالية في تكفير المسلمين فهذا عمل منكر باطل من نزغ الشيطان ومؤامرات يمولها ويغذيها ويروج لها اعداء الدين، ومن يتبعها اما منافق عارف باهدافها او ضال جاهل باغراضها وهنا يبرز دور العلماء والوعاض والمصلحين من المؤمنين، فكل مسلم يحب آل البيت ويواليهم ويعرف قدرهم وبهذا فهو شيعي اذا كان التشيع يعني حب آل بيت الرسول الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وكل مسلم سني اذا كان اتباع هدي الرسول وسنته تجعل المسلم سني، ومن يرفض سنة الله وحب آل بيته فهو ليس مسلم لانه خالف القرآن والامر الرباني الوارد فيه وكل المسلمين يتبعوا سنة المصطفى ويحبوا ال بيته.

 

ايها المؤمنون الحكماء فالايمان يماني والحكمة يمانية :

 

احذروا الفتنة والغلو فانهما مخطط ورائه من ورائه قوى كبرى وظفت رؤوس اموال ونشرت مراكز بحوث وهيئت باحثيين ومفكرين لبث الفتن والمؤامرات ضد الامة ودينها، وحشدوا جيوش وجندوا كل مجرمي الكون وتعاونوا مع كل شيطان مريد واثم خائن مرتد، يريدون ان يفتنوكم عن دينكم ويحولوكم الى ملل ونحل متباغضة متحاربة كي يقضوا على الاسلام كدين ومنهج حياة للبشرية كما فعلوا مع المسيحية بان فرقوها الى كاثوليك وبروتستانت ومن ثم فرقوا كل فئة الى مئات الفرق، حتى ابتعد الناس عن الدين واعتبروه السبب الاساسي في الفرقة والتناحر والحروب والتخلف والارهاب، فلم تعد المسيحية الا مجرد علاقة بين العبد وربه في نظر من ظل ملتزما بالدين واعتمدوا العلمانية وانتشر الكفر والالحاد.

 

هنا يبرز دور العلماء والمؤمنين والمصلحين في تنقية النفوس وتاكيد قيم الاسلام وشرائعه الداعية الى السلام والمحبة والاخاء والتعاون والحوار بالحسنى واللااكراه في الدين ورفض البغي والضلالة والفتنة والفرقة والتشرذم.

 

دور القبائل

 

كون القبيلة والنظام القبلي امر مؤثر بشكل لا يمكن تجاهله واغفاله في المجتمع اليمني فلا بد من تحميل القبائل عموما وووجها المجتمع من الشيوخ ورؤساء القبائل والعقلاء والمؤثرين دورا كبيرا في التصدي للفتنة والعمل على احتواءها وتشخيص مسبباتها وتقديم المشورة للقيادة والجهات الحكومية والشعبية والدينية لاجل معالجتها وانهائها بشكل يؤمن وحدة المجتمع وتطهيره من كل ما يسبب التناحر والفرقة والخروج عن الطريق الصحيح في المطالبة بالحق الشخصي والعام، وقد قال العرب منذ القدم (الماعنده كبير يضع عمامة ويستشير)، أي من لا يجد كبيرا يوجهه ويرشده فليضع عمامة دلالة على العقل والعلم والمعرفة والخبرة ويستشير، والحمد لله فالحكماء والعقلاء واصحاب التجربة والخبرة في يمننا وقبائلنا كثر ولكنهم غائبون عن دورهم، غائبون بسبب تخليهم عن دورهم الارشادي وانشغالهم بالدنيا ومفاتنها ونسوا او اهملوا واجبهم الشرعي والاجتماعي والوطني.

 

ان وجوه القوم ورؤوساء القبائل يتحملوا مسؤولية تاريخية في مواجهة كل الادران والامراض الاجتماعية والفتن والتعصب الجاهلي والعمل بكل امكاناتهم وقدراتهم الاجتماعية على تنقية اجواء مجتمعاتهم من كل ذلك لا ان يكونوا رؤساء للفتنة والتمترس ضد القانون ووحدة المجتمع وبهذا يكونوا رؤساء عصابات وليسوا رؤساء قبائل حيث ان الله سبحانه جعلنا شعوب وقبائل لنتعارف ونتعاون ان اكرمنا عند الله اتقانا، وعلينا جميعا نتقي الله في بلدنا وانفسنا ونعمل من اجل ان نحقق ذلك.

 

ولاجل ان يؤدي اعمدة القوم ورؤساء القبائل والشيوخ دورهم لابد ان يسعوا لتحقيق الاتي :

 

1.  تدارس ظروف المجتمع واعطاء المشورة للقيادة السياسية والي الامر أي الرئيس او من يخوله لحل المشكلات التي قد تؤدي الى الفتنة والانحراف.

 

2.  العمل على وضع قيم واسس مستمدة من الشرع الحنيف والقيم العظيمة لامة العرب ومبادئ الثورة اليمنية ونشرها في الوسط الاجتماعي كمحاربة الثأر والجريمة والبغي والفساد والتعصب والتجاوز على حقوق الاخرين والسرقة والطمع والتباغض والحسد، والعمل على نشر قيم الحضارة في طلب الحقوق بالاحتكام الى القانون والعرف الاجتماعي والابتعاد عن اسلوب التقطع والقتل والعنف.

 

3.  ان القبيلة ليست بديلة عن الوطن ومن هناك خلل في ولائه واخلاصه للوطن لا يمكن ان يكون ابنا بارا للقبيلة، وان يكون فهم الكل وقناعتهم الاكيدة ان الوطن سفينة تحمل الكل فمن لا يحرص عليها يرتكب جريمة وعدوانا على الكل، وان من لا يحمي بيته الكبير (الوطن) لا يحمي بيته الصغير وعائلته.

 

4.  ان البيت ممكن بنائه والمال ممكن جمعه بوجود الارض (الوطن) ولكن بذهاب الارض ودمارها يضيع كل شيء، فاخرصوا على الوطن قبل كل شيء، فمن له بيت يستره وعائلته يستطيع ان يحمي نفسه وعرضه وماله ولكن من لا بيت له لا يمكنه ان يمنع الناس من التفرج حتى على عوراته وشرفه، والبيت الحقيقي ايها العرب هو الوطن، هو اليمن يا ابناء اليمن.

 

5.  انتم شيوخ لقبائل العرب في اليمن ولكن ان ضاع اليمن فانتم خدم ولاجئين مشردين فاحرصوا على اليمن اكثر من كل شيء.

 

ان المواطن الفرد عليه ان يحكم عقله هذه النعمة العظيمة التي وهبها لنا الرحمن، فلو حكم كل منا أمران لا يضل بعدهما ألا وهما خوف الله والتزام شرعه فقد وجهنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله ( رأس الحكمة مخافة الله) وان يستخدم عقله ولسانه ويده في فعل الخير والاحسان ويتجنب نزغات الشيطان، وان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فيكون بذلك مسلما كما اراد الله منا وان يكون مواطنا صالحا كما عرف القانون والعرف المواطن.

 

على كل مواطن خصوصا الذين يفهموا ويعوا المخاطر التي تسببها الحروب الداخلية والاقتتال الداخلي ان يأخذوا دورهم في التصدي للفتنة والنهي عنها والنصح بتجنبها واقناع المضلل والمخطأ ونصحه فالواجب الشرعي يحتم ذلك فقد لخص سيدنا ورسولنا وحبيبنا وشفيعنا الدين بالنصيحة فقال (الدين النصيحة) وامرنا القرآن قال تعالى(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما فقتلوا التي تبغي حتى تفىء إلى أمر الله ....)الحجرات 9، هذا اضافة للمسؤولية الوطنية والمجتمعية على الفرد فهل بعد هذا لاحد عذر في عدم مواجهة الفتنة واخماد شر الشيطان ؟

 

دور منظمات المجتمع عموما:

 

ان منظمات المجتمع المهنية والشعبية والدينية والخيرية والاجتماعية ايا كان نشاطها ومجال عملها تتحمل مسؤولية تاريخية في توعية المجتمع والمواطن والمنتسبين لها، بمخاطر الفتنة وابعادها والمراد منها والمستفيد منها وممولها، وانها فعل لا واع تغذيه جهات معادية وشريرة تريد شرا بالوطن والشعب والامة والدين، وان أي جهة اجنبية تتدخل بحجة مناصرة المتضررين او المستائيين من ظرف ما أو تصرف ما فانها جهات طامعة لها اهدافها واطماعها ولا تؤدي خدمات لوجه الله وحبا بالمواطن، لان العالم الان منحرف وقائم على الاطماع والغزو بعد ان تكالبت الامم الغربية والصهيونية العالمية وكيانها المسح في فلسطين المحتلة، واستهدفت امتنا وتريد تدميرنا وغزونا وتشتيت مجتمعنا وتمزيق بلادنا ونهب ثرواتنا واستعبادنا باسم الديمقراطية والتحرير، فعلى كل منظماتنا ومثقفينا ان يؤدوا دورهم الوطني القومي والشرعي في التوعية والتصدي للاعلام المعادي والهجمة التي تريد تضليل ابنائنا وجعلهم جندها ومرتزقتها ضد وطنهم وامتهم وانفسهم، كما فعلوا مع الخونة والمضللين في العراق، فليكن دوركم كبيرا في مواجهة ذلك بكل الجهود والامكانات والقدرات والوعي، وكل ما ذكرناه في فقرتي دور علماء الدين والقبائل يمكن للمنظمات الجماهيرية والمهنية ومنظمات المجتمع القيام به واكثر، وان يقوم المفكرين والباحثين بدراسة كل مشكلات المجتمع ورفع التوصيات لحلها ومعالجتها. اللهم اني قد بلغت ونصحت عملا بشرعك وحبا لامة اخترتها لتحمل رسالاتك فاشهد.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاربعاء / ٠٤ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٣ / أيلول / ٢٠٠٩ م