الحركات والتيارات السياسية الاسلامية بعد الفتنة

 
 

شبكة المنصور

أبو خليل التميمي / بغداد المسورة بكتل الاسمنت

لقد كان لمعركة صفين وللتحكيم دور مهم في وضوح الرؤية الحزبية في المجتمع الاسلامي .. وقد اصبح المسلمون احزاب وشيعا فكل حزب يرى ان الحق لجانبه وان المصلحة في خلافة من يؤيده ..

 

والحقيقة هي مسالة سياسية خالصة فاصراع كان سياسيا حول منصب الخليفة وحول احقية كل طرف بهذا المنصب ونتيجة لتاثير الدين في النفوس نلاحظ ان هذا الصراع السياسي اصطبغ بصبغة دينية خالصة وصار كل حزب فرقة دينية خاصة فاصبحوا يقتتلون سياسيا ودينيا واصبح لكل فرقة اسم مذهبي تعرف فيه مثل الشيعة والمرجئة والخوارج وبدل ان يتحاجوا في إعمالهم وما ينتج عنها من مكاسب ومفاسد بداؤا يكفر بعضهم بعض وأصبحت الجنة والنار هي المعايير المستخدمة وسنقوم بمناقشة كل هذه الفئات او المذاهب او الحركات السياسية

 

الشيعة

هذا هو الاسم الذي يشمل كل الفرق الاسلامية التي تقول بان علي هو الخليفة الشرعي لمحمد وهم يقدمون علي على سائر الصحابة وهم الذين يقولون بولايه علي نصا ووصية جليا كان او مخفيا

 

اما لفضة شيعة فهي تدل على من شايع الشخص وهم الأصحاب او الإتباع وهي ليست مقتصرة سابقا على أشياع علي بل تعدته الى شيعة معاوية وشيعه قيس بن سعد مثلا .....وهو لفظ استخدم للدلالة بعد ذلك على أتباع علي

اما اعضاء هذا الحزب فهم المقداد بن اسود الكندي وابو جندب بن جنادة الغفاري وسليمان الفارسي وعمار ابن ياسر ويرجع إنشاء هذا الحزب الى وفاة الرسول وكان المسلمون لم يعرفوا معرفة صحيحة رائيه في ولاية الحكم من بعده وأصبحت المسالة الشاغل للناس هي الفصل بين الامامة والرئاسة او الخلافة وهي نشاة بين كبار الصحابة منذ بدات مشكلة الخلافة وقد نقم أصحاب هذا الحزب على الطريقة التي انتخب بها الخلفاء ابو بكر وعمر وعثمان والتي لم يراعا فيها القرابة من الرسول

 

وقد فضل هذا الحزب عليا على الرغم انه لم يدخل في نزاع مكشوف على ولاية الحكم ..

ولكن عندما استقر الامر لعثمان ورأى بني أميه ان هذا أعاد المجد لهم لبني امية عند ذاك اشتدت الدعوة لعلي عند الشيعة حتى اذا قتل عثمان برز الحزب الشيعي مقابل شيعة او حزب معاوية وكان حزب الشيعة ككل حزب ينضم له المخلص لمبادئه والمنتفع منه فتشيع قوم إيمانا بحق علي وأولاده بالخلافة وتشيع آخرون كرهوا ان يروا الحكم الأموي لانهم كرهوا ان يروا سوادهم في يد الامويين الذين يطلقون عليه بستان قريش .

 

اما الكثير من الموالي فقد رءوا في سلطة الامويين الارستقراطية وان الأمويين لن يعاملوهم معاملة العرب وهذا كان يخيفهم ...

 

ومن خلال دراسة موضوعية لثورة المختار نلاحظ ان اغلب الذين انضموا مع المختار كانوا من الفئات المحرومة سواء كانوا عرب او موالي وقد وجدت هذه الطبقات المحرومة في التشيع مخرجا للخلاص من محنتها الاقتصادية والاجتماعية .. فالمختار جعل للموالي في الفيء نصيب وهذه تعتبر مكسبة للموالي لانضمامهم للشيعة ....وكذلك فان العداء القبلي فرض على الكثير من القبائل الانضمام الى ثورة المختار عداوة وكرها بقريش وبني امية ونتيجة لانضمام قبائل كان لهم معها ثارات الى الأمويين ..

 

وهناك نقطة مهمة وهي انضمام كثير من الفرس للتشيع لاجل ان يحاربوا الدولة الاموية كرها بالعرب وعسا وراء الاستقلال ببلادهم .. والحقيقة انضم للتشيع كل من يريد استقلال بلاده او مملكته عن العرب وقد ساعدت هذه الامور على انتشار التشيع في جزؤ كبير من الدولة الاسلامية بقدر ازدياد تذمر المسلمين من الدولة الاموية وانحلالها ...وقد جسدت الشيعة الرفض السياسي لبقاء السلطة خارج اهل البيت

 

حارب الشيعة الامويين للدفاع عن حق علي بالخلافة فكانت معركة صفين ثم اذعوا لحكم معاوية بعد ان تنازل الحسن بن علي عن الخلافة ومغادرته الكوفة الى المدينة وقد كان من نقل مركز الخلافة من العراق الى الشام أثره في بقاء العراق معارضا لحكم الامويين وقد نظر الشيعة الى ذلك بان علي كان رمز سيادتهم المفقودة .

وتحرك الشيعة بقوة في عصر يزيد ابن معاوية وحضوا الحسين على الالتحاق بهم ونصرته لاستعادة خلافة ابوه واخوه ولكن حدثت معركه كربلا ء 61 هـ وفيها خذل اهل الكوفة الحسين عن النصرة وبعد هذه المعركة تحول الشيعة من تفضيلهم علي الى ولاء له ولاال بيته وعداء لاعداء ال بيته (( وقد كان التشيع قبل حادثة الحسين رأيا سياسيا نظريا لم يصل الى قلوب الشيعة ,, وبعد مقتل الحسين امتزج التشيع بمائهم واصبح عقيدة راسخة ))

وكاول رد فعل مباشر كانت حركة التوابين التي اعتمدت العاطفة الدينية وكان شعارهم يالا ثارات الحسين وهم خرجوا توبه لخذلانهم الحسين وهزموا هزيمة منكرة في عين الورد وقتل قائدهم سليمان بن صرد الخزاعي ثم كانت حركة المختار الثقفي الذي استولى على الكوفة وسواد العراق والموصل وجزؤ من الجزيرة وواذربيجان وارمينيا وقد طلب من الناس في الكوفة البيعه على اساس الطلب بدماء اهل البيت وجهاد المحليين وأضاف اليها الاهتمام بالضعفاء من الشيعة من الناحية الاقتصادية وكان اول من اثار مصطلح المستضعفين وهذه استهوت الموالي فناصروه بشكل كبير وكان منه معظم جيشه

 

وقد ادى هذا التصرف الى اثارة اشراف الكوفة الذين لم يؤيدوا حركته وفضلوا البقاء على وضعهم السابق وقد اجتمع اشراف الكوفة على قتال المختار وفي مقولة عبد الرحمن بن محنف لاشراف الكوفة (( مع الرجل ( اي المختار)  شجعانكم وفرسانكم ومن انفسكم ومعه عبيدكم ومواليكم وكلمه هؤلاء واحدة وعبيدكم ومواليكم اشد خنقا عليكم من عدوكم فهو مقاتلكم بشجاعة العرب وعداوة العجم ))

 

وقد وجد المختار في شخص محمد ابن الحنفية خير معين فهوا له منزلة كبيرة في نفوس الشيعة فهو ولي الامر ومعدن الفضل ووصي الوصي والامام المهدي ... لذلك كان اول القائلين بولايه محمد بن الحنفية وانه مفوض من الامام بالقيام بحركته وكان اهل الكوفة قد بلغ بهم التشيع انه يؤمنون باي حديث جاء على السنة الائمة من ال علي .

 

وقد قمعت ثورة المختار على يد مصعب بن الزبير سنة 67 هت وتتبع مصعب بن الزبير الشيعة بالكوفة بالقتل والتنكيل ولكن ثورة المختار انتجت الفرقة الكيسانية وهم اتباع المختار واصحابة وسمو بالكيسانية المختارية ..

وتعتبر الكيسانية انها اول فرقة طورت بالتفصيل فكرة الامام المهدي المنتظر وكانت احد المراكز الاساسية لظهور الغلو ..

 

لكن فرق الشيعة لم تبقى على مباديء ونهج واحد بل انقسمت  وخاصة بعد وفاة ابن الحنفية وابنه عبد الله بن محمد الملقب ابي هاشم دون عقب الى فرق كثيرة

 

وقد وجدت الكيسانية نفسها اما تعدد للفرق الشيعية وتعدد بالولاءات الشيعية وكان محورها عدد غير قليل من بني هاشم القادرين على استقطاب الناس وقيادتهم

 

وكان اولهم بعد ابو هاشم محمد بن علي بن الحسن بن العباس الذي اوصى له ابو هاشم بالولاية ثم محمد بن علي ابن الحسين بن علي ابن ابي طالب المعروف بالباقر واخوه زيد وابراهيم بن محمد ابن علي الملقب بالامام وعبد الله بن بن معاوية ابن جعفر بن ابي طالب ثم تلاه بعد فترة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ابن ابي طالب الملقب بالنفس الزكية واخوه ابراهيم ابن عبد الله ووكذلك جعفر ابن محمد بن علي ابن الحسين المعروف بالصادق ...

 

وهكذا فقد قسم الشيعة الى جماعات كل جماعة اتخذت الرجل الذي تؤثره اماما وكان من نتائج ذلك ان اختلفت في تعيين الائمة وفي المبادي والتعاليم

 

وقد اختلف المؤرخون في تقسيم الشيعة فمنهم من قسمهم إلي كيسانية وزيدية وامامية وقسموا ايضا الى غالية وزيدية ورافضة

 

اما الغالية فقد قسموا الى خمس عشر فرقة وهم من قالوا في علي ابن ابي طالب قولا عظيما وغالوا فيه ومنهم  حمزة بن عمارة البربري اذ ادعى النبوة وان محمد بن الحنفية هو الله وكذلك بيان ألنهدي ... ادعى بيان بالنبوة بعد وفاة ابو هاشم  وقال هذا بيان للناس واما اصحاب عبد الله بن معاوية فقد غلوا وقالوا ان الله عز وجل نور وهو في عبد الله بن معاوية ... وكان بدء الغلو في الفرقة الخرمدية فقد قالوا  (( ان الائمة الهه وانهم انبياء ورسل وملائكة وتكلموا بالاظلة والتناسخ في الارواح ))  وقد كانوا الغلاة يستخدمون الظروف الخاصة التي جعلت من حب ال البيت ستارا يخفون من ورائه ماشاء من اهوائهم

 

اما الفرقة الثانية وهم الزيدية فقد اتخذوا من زيد بن علي ابن الحسن وثورة على هشام بن عبد الملك بن مروان وكان شعاره (( التمسك بكتاب الله وسنه نبيه وجهاد الظالمين والدفاع عن المستضعفين واعطاء المحرومين وقسم الفيء بين اهله السواء ورد الظالمين ونصرنا اهل البيت على من نصب لنا وجهل بحقنا ))   والملاحظ هو التشابه بين شعارات ثورة زيد وثورة المختار وتركيزها على الجوانب الاجتماعية والمادية إضافة الى العوامل الدينية

 

وقد كان لثورة زيد هدف سياسي الى جانب المطالبة بالحق والعدل وهذا ما ذكره هشام بن عبد الملك لزيد (( بأنه كان يرغب في الخلافة ويتمناها )) وقد كانت الشيعة تطلب من زيد الخروج لكنه لم يستطع ان يجمع حوله الشيعة كلها بسبب اعتداله بالتشيع وهذا لايرضي الغلاة فقد كان زيد يفضل علي سائر الصحابة  ويتولى ابو بكر وعمر ويرى الخروج على ائمه الجور ..... ويرى باجواز امامة المفضول مع قيام الافضل وهذا لايرضي الغلاة من الشيعة لذلك فشلت ثورته وصلبه يوسف بن عمر الثقفي واحرق جثته سنة 122هـ

 

وقد قام بعده ابنه يحي بثورة انتهت بمقتله ايضا وبعده ثار عبد الله بن معاوية بين جعفر بن ابي طالب بالكوفة وحاربه عبد الله بن عمر بن عبد العزبز ابن مروان وهزمه فلجا الى الجبال .

 

اما الفرقة الثالثة فهي الرافضة او الامامية ويجمعها رفض ابو بكر وعمر والقول بنص ولايه الرسول لعلي بن ابي طالب واستخلافه امر المسلمين وقد افترقوا الى اربعة وعشرون فرقة او خمسة عشر عند البغدادي وأهمهم الاثنى عشرية وهم الذين يقولون بالائمة الاثنى عشر واخرهم الامام المهدي الغائب او المنتظر وهم مجمعون على ان (( الامامة ليست محضية مصلحية تناط باختيار العامة وبتنصيب الامام بنصبهم , بل هي قضيه اصولية وهي ركن من اركان الدين لايجوز للرسول عليه الصلاة والسلام اغفالها واهمالها ولاتفويضه الى العامة وارساله )) وعلى هذا ظل الشيعة في نضال مستمر ضد الدولة الأموية ثم العباسية وقد قتل الكثير من أئمتهم على يد الدول الحاكمة الى عصرنا هذا .

 

لقد دخل الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري (الذي جعلوه الإمام الحادي عشر لهم) في فترة حَيْرة كبيرة عُرفت في التاريخ بفترة "حيرة الشيعة"، وفيها انقسموا على أنفسهم إلى فرقٍ كثيرة، وأخذت كل فرقة تصوغ دينها بما تريد، ولتحقيق مكاسب سياسية أفضل.. وكانت أشهر هذه الفرق فرقة الاثني عشرية.

 

الخوارج

اختلف العلماء والمؤرخين في تسمية الخوارج فمن من ذهب الى ان كل من خرج على الامام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه سمي خارجيا سواء في ايام الصحابة او الخلفاء الراشدين او التابعين او ائمة الزمان ....وقدسموا بهذا الاسم لخروجهم على الامام علي ابن ابي طالب وهناك من قال ان تسميتهم ماخوذة من الاية القرانية (( وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [النساء : 100] ))وبهذا تكون التسمية لقب مدح وليس ذم

 

وقد عرفوا بالحرورية والشراة والمارقة والمحكمة اما الحرورية فيقال انهم بعد ان رجع الامام علي من صفين انحازوا الى منطقة حروراء .. اما الشراة فهم من قالوا بالاية القرانية ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله اما المارقة فسموا بذلك لمروقهم من الدين مروق السهم وهم لايرضوها اما المحكمة فقد لقبو بذلك لقولهم لاحكم الا لله .

 

والخوارج وجدوا نتيجة انشقاق حصل بعد حرب صفين وقبول الامام علي بالتحكيم وهم من شيعة علي قبل ذلك وبايعوه بيعة صحيحة وهم يقولون بان ليس من حقه القبول بحكم لجنة التحكيم بالخلاف بينه وبين معاومة مادام بيعتهم له على الخلافة وهم يرون انه كان عليه ان يمضي في حربهم حتى يدخل الناس في بيعته وقد قالوا لعبد الله بن عباس (( قد حكمتم في امر الله الرجال وقد امضى الله حكمه في معاوية ان يقتتلوا او يرجعوا وقبل ذلك دعوناهم الى كتاب الله عز وجل فابوه ثم كتبتم بينكم وبينه كتابا وجعلتم بينكم وبينه موادعه والاستفاضة وقد قطع الله الموادعة والاستفاضة بين المسلمين واهل الحرب منذ ان نزلت براءة الا من اقر بالجزية )) وقالوا لقد كان للمؤمنيين امير فلما حكم في دين الله خرج عن الايمان .. فليتب بعد اقراره بالكفر ))

 

ويعجب المرء من موقف الخوارج من الامام علي وهم من دفعه لهذا الموقف وهم يخاطبوه بهذا : (( تب عن خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا الى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا وقال لهم علي : قد اردتكم على ذلك فعصيتموني وقد كتبنا كتابا بيننا وبين القوم وشرطنا شروطا واعطينا عليها عهودنا ومواثيقنا ))

 

وكان موقفهم هذا قبل التحكيم اما بعد التحكيم فقد تجمعوا اثنا عشر الفا يقودهم عبد الله بن الكواء اليشكري وشبب بن ربعي التميمي فلم يدخلوا الكوفة بل اتوا حروراء ثم ذهبوا الى النهر بعد ان بايعوا عبد الله بن وهب الراسبي بالامامة لكن كثير منهم فارقوه بعد قرب الامر بالقتال مع علي وبعد ان حصلت المعركة بينهم وبين علي قتل منهم الكثير ولم يبقى الا تسعه فذهب اثنان الى عمان واثنان الى اليمن ومنهم الاباضية واثنان الى سجستان واثنان الى الجزيرة وواحد الى تل موزن

 

ويرى كثير من الكتاب ان الخوارج هم ردود فعل لموافقة على على التحكيم وهم يرون ان امر الخلافة لايوكل الى البشر وان الاحتكام فيه الى الحرب والكفاح وهي نزعه كامنة في نفوس كثير من المسلمين كنتيجة طبيعية لفتنه مقتل عثمان وما ال اليه امر الامة من تفرق وهي اسباب دنوية وليست دينية اي الحكم والمغانمه والتطلع الى مراكز الرياسة والسيطرة ,, وقد صبغت هذه الخلافات بصبغة دينية حينما كفروا علي واخرجوه من الملة لمعارضته لاايات من القران فسروها كما تتطلب مصالحهم وهم أجازوا الخلافة في غير قريش مادام تحقق العدل وتجنب الناس الجور

 

والملاحظ ان الخوارج ارادت من تفسيرها للدين ان تحافظ على مكانتها اذ انهم لم يكونوا من قريش ولا الانصار بل ان جلهم من قبائل اخرى كتميم وبكر وهي كانت موجهه بالدرجة الأساس ضد الارستقراطية القرشية لذلك فان تاريخهم حافل بالصراع مع الأمويين اما من الناحية الاقتصادية فان الخوارج أكثرهم من المقاتلين الذين ارادوا الاستحواذ على الأراضي التي فتحوها والاستفادة منها وهم رفضوا مركزية الحكم وقد انقسمت الخوارج الى عدة فرق ومنها المحكمة الاولى والازارقة والصفرية والعجاردة والثعالبة والاباضية..

 

المرجئة

ان الصراع السياسي في بداية الدولة الإسلامية وبداية الحكم الاموي كان لها اثر كبير في نشاءه الشيعة والخوارج التي بداءة كحركة سياسية تطورت بعد ذلك الى صراع عقائدي وأدى ذلك الي نشؤ حزب ثالث وهو حزب المرجئة او حزب محايد

 

ويؤرخ لهذه الفرقة (( لما قتل علي علية السلام التقت الفرقة التي كانت معه والفرقة التي كانت مع طلحة والزبير فصاروا فرقة واحدة مع معاوية بن ابي سفيان( الا قليل فهم الشيعة الذين قالوا بامامة علي ).واهل الحشو واتباع الملوك واعوان كل من غلب التقوا مع معاوية فسموا مرجئة ))

 

وهذه الفرقة نشاءة بعد استفحال الانشقاق بين المسلمين فالخوارج كفروا عليا ومعاوية والقائلين بالتحكيم والشيعة كفروا ابو بكر وعمر وعثمان ومن ناصرهم وكفروا الامويين ثم جاء الزبيريون واصبح كل منهم يكفر الاخر وتدعي انها على حق فاصيب المسلمين بخيبة امل أليمة .. ففضل الكثير منهم الحياد واثروا ان يكونوا امه وسطا وان يرجئا الحكم لله

 

وقد تكون هذه الفكرة قد تناسقت مع الحديث المشهور عن الرسول بخصوص الفتن (( ستكون فتن القاعد فيها خير من من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه فمن وجد ملجا او معاذا فليعذ به )) فالنزعة في عدم دخول الحروب التي بين المسلمين هي اساس فكرة الارجاء .

 

ويرى كثير من الباحثين بان الارجاء هو ان فريقا كبيرا من المؤمنين الورعين قد اكتفى بالاستسلام السلبي وحل القضايا الراهنه حل عقلاني لضرورات الواقع ويهو يستند على نظرية ان كل شيء متوقف على الايمان فمن لاايمان له لا عمل له .

 

وهم ردوا على غلاة الشيعة بان الامامة ركن من اركان الايمان بان (( بان الامامة يستحقها كل من قام بها اذا كان عالما بالكتاب والسنة وانه لايثبت الامامة الا باجماع الامة كلها ))

 

وهم لايقولون بتكفير المؤولين الا من اجتمعت الامة على تكفيره فجملة هذه الآراء تتفق مع رائي المرجئة السياسي فهم لايحكمون على الامويين ولا الخوارج ولاعلى الشيعة  بالكفر بل انهم يتركونهم امرهم لله جميعا .

وتقسمت المرجئة الى عدة اقسام سب ما صنف لهم وهم مرجئة الخوارج ومرجئة القدرية ومرجئة الجبرية ومرجئة الخالصة وهناك من قسمهم الى الجهمية والغيلانية والماصرية والحشوية ... وقد كان للمرجئة دور سياسي كبير في التوفيق بين المصالح المتعارضة بين العرب وغيرهم من المسلمين حين تطور النزاع بين الاحزاب الطوائف وحلت مشاكل جديدة كموقف العرب من المسلمين الجدد فهم قالوا بان لايحل للحكومة ان تعامل هؤلاء كما لو كانوا لايزالون على كفرهم بعد ان اصبحوا مسلمين لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم .

 

ولم يضطهد المرجئة كما اضطهد الاخريين بل استعملوا على الامصار والثغور وقد ساعد المرجئة الامويين على نشر سلطانهم لان فكرتهم في ارجاء الثواب والعقاب الى الله ساعد على القبول بالدولة الاموية

 

 

المعتزلة

تشير اغلب الكتب القديمة الى ان المعتزلة هم اصحاب واصل بن عطاء الغزال . لما اعتزل مجلس الحسن البصري يقرر ان مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر , ويثبت المنزلة بين المنزلتين فطرده فاعتزل وتبعه جماعة سموا بالمعتزلة .

 

ويشار ان المعنى السياسي لها وهو الامتناع عن نصرة او مناصرة احد الفريقين المتنازعين والوقوف على الحياد كما في معركة الجمل وصفين

 

((ان جماعة من المسلمين اعتزلوا مع سعد بن مالك وسعد بن ابي وقاص وعبد الله بن الزبير ومحمد بن سلمة الانصاري واسامة بن زيد بن حارثة الكلبي مولى الرسول وانهم اعتزلوا عن علي وامتنعوا عن محاربته والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته والرضا به,فسموا معتزلة وصار اسلافهم معتزلة الى اخر الابد وقالوا : لايحل قتال علي ولا القتال معه ))

 

ويذكر الطبري في تاريخه لسنة السادسة والثلاثين ان قيس بن سعد كتب الى علي يقول ان فرقة وقفت واعتزلت الى خربتها وقالوا : ان قتل قتلة عثمان فنحن معكم والا فنحن على رائينا حتى نحرك اونصيب حاجتنا

وحين اجتمع الحكمان قال المغيرة بن شعبه لعمرو ابن العاص (( يا ابا عبد الله اخبرني عما اسالك كيف ترانا معشر المعتزلة ؟ فاننا شككنا في الامر الذي تبين لكم من هذا القتال وراينا ان نستأنى ونتثبت حتى تجتمع الامة ... قال اراكم معشر المعتزلة خلف الابرار وامام الفجار ))

 

ويذكر ان الاحنف بن قيس اعتزل الفتنه بين معاوية وعلي في خاصة من قومه لا عن تدين بالاعتزال ولكن طلبا للسلامة من القتل وهدر المال وقال لقومه اعتزلوا اصلح لكم .

 

لذلك نرى لفضة المعتزلة اسبغت على جماعه من الناس التي اعتزلت فتنه علي ومعاوية ومعركة الجمل وهي مسائل سياسية تدور حول قتل عثمان والاقتصاص من القتلة وعلى الاستحقاق للخلافة بين علي ومعاوية وانقسام الناس الى أحزاب

 

اذن هي تسميه سياسية اكثر منها دينية والمقصود هنا ان الناس لم يعتزلوا لخلافات دينية بقدر اعتزالهم لصراعات سياسية بين طرفين يبغيان الحكم والرئاسة ولو ان كل المسائل الخلافية في ذلك العصر قد صبغت بصبغة دينية

 

ويقال ان هؤلاء المعتزلة جماعه واصل ابن عطاء هم امتداد للزهاد الذين انشقوا واعتزلوا الصراع بين علي ومعاوية وقد اتخذوا موقفا وسطا بين فلم يكفروهم كما قال الخوارج ولم يصوبوهم كما قال اهل السنة انما قالا بفسق احد الطرفيتن دون تحديد للفاسق .

 

وبما ان الناس قد اكثروا من ارتكاب الكبائر بسبب الخلاف بين قادة الامة في الفتنه بين علي ومعاوية وبين اصحاب الجمل فقد اختلف موقف الناس من مرتكبي الكبائر فقال اهل السنة ان مرتكب الكبيرة مادون الشرك فهو مؤمن يوجب القصاص على الكبيرة اما الخوارج فقد كفروا مرتكبي الكبائر بل كفروا كل من هو ليس على ملتهم وكفروا معاوية وعمر بن العاص وابا موسى الاشعري وقد قال الحسن البصري ان مرتكب الكبيرة منافق وهنا اخذ المعتزلة بمبداء بين بينيين فقالوا ان مرتكب الكبيرة لامؤمن ولا كافر بل هو فاسق

 

وهنا دخل المعتزلة المعترك السياسي وحاولوا إسباغ نظريتهم على الخلفاء وهل خلافتهم صحيحة وأيهم افضل وراءى المعتزلة في ان خلافة ابو بكر وعمر بيعة صحيحة لكنهم اختلفوا في عثمان واختلفوا في تفضيل علي على ابو بكر اوالعكس فمنهم من قال افضل ومنهم من لم يقل ذلك وموقفهم من قتل عثمان فقد كان محيرا اذا قال ابو هذيل العلاف وهو من زعمائهم (( لاندري ان كان قتل ظالما او مظلوما ))

 

اما في مسالة الامامة فقد ذهب المعتزلة الى ان هي اختيار الامة وان الله لم ينص على رجل بعينه وانما هو الأمة تختار رجلا منها ينفذ فيها احكامه سواء كان قرشيا او غيره من اهل ملة الاسلام واهل العدالة والايمان ولم يراعوا في ذلك النسب ولاغيره وذهبوا ان الامامة تجوز في قريش وفي غيرها

 

بل ان بعضهم ذهب الى ان الامامة تجوز في المولى وفضلوا النبطي على القريشي في الإمامة

وقد امتاز المعتزلة بأنهم تكلموا بحرية الرأي والاعتماد على العقل والإقناع ورفعوا العقل إلى أن يكون مصدرا من مصادر معرفتهم الدينية وهم أول من اعترف بقيمة الشك كباعث على المعرفة ..

 

 

يتبع ...

 

أبو خليل التميمي    بغداد المسورة بكتل الاسمنت

عاشت الأمة العربية موحدة

عاش العراق محرر مستقل

المجد للمقاومة العراقية الباسلة وعمادها الجيش العراقي

الرحمة لشهداء العراق وعلى رأسهم شهداء المقاومة

abokhaleel.1@gmail.com

http://abokhaleel2008.blogspot.com

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ١١ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٣٠ / أيلول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور