لماذا اتهمت حكومة المالكي البعث والحكومة السورية بتفجيرات الأربعاء الدامي الإجرامية

 
 

شبكة المنصور

أبو محمد ألعبيدي

من المسلم به إن تفجيرات الأربعاء 19 آب كانت جريمة كبرى استهجنها الجميع وعليه بادرت حكومة المالكي وعلى لسان متحدثيها الرسميين وبعد دقائق وليس ساعات, باتهام البعث والتكفيريين بهذه الجريمة ,ومن اجل اكتمال المسرحية أظهرت شريط تسجيل لشخص يعترف بارتكابه الجريمة حسب أوامر البعث ,جماعة محمد يونس الأحمد ولتكون مبرر لمطالبة سوريا بتسليم بعض البعثيين المدعومين من سوريا ,وبالتالي اتهام سوريا ,والمطالبة بمحكمة دوليه على غرار محكمة الحريري .


وهنا تظهر العديد من الأسئلة التي لا إجابة عليها ولكننا سنحاول الإجابة عليها :_


1_لماذا البعث ؟
2_لماذا سوريا ؟
3_بل لماذا جماعة يونس الأحمد ؟
4_لماذا الآن ؟


قبل التفجيرات كانت العلاقات ممتازة بين العراق وسوريا وكذلك دخلت العلاقات الأمريكية السورية في مرحلة التطبيع ,وفي نفس اليوم كان المالكي في زيارة لسوريا وتمخضت زيارته عن توقيع عدة اتفاقيات ,ولكن ما ترشح عن الزيارة هو عدم موافقة سوريا على تسليم أشخاص طلبهم المالكي لمعارضتهم نظامه ,مما جعل زيارته بمثابة تقديم هدايا لسوريا دون تلقي الهدايا منها مما أثار غضبه ,وبما انه أحرج واجبر على توقيع هذه الاتفاقيات ,فقد كان عليه أن يتخذ إجراءات لإلغائها فجاءت التفجيرات ظاهريا بمثابة هدية لتكون مبرر لتحقيق أكثر من هدف في آن واحد ,وهذه الأهداف هي :_


1_إلغاء كافة التعهدات والاتفاقيات التي وقعها المالكي مع سوريا .
2_تشويه سمعة البعث (والمقصود هنا البعث كحزب وليس جماعة يونس الأحمد حيث إن اغلب الناس لا تفرق ).
3_محاولة تشويه سمعة العرب عموما من خلال إقحام سوريا علانية بهذه الجريمة البشعة .
4_ إبعاد الاتهام عن المنفذ الحقيقي .
5_إظهار قوى الأمن العراقية بمظهر الأجهزة المتمكنة من واجباتها ,حيث إن أي تقصير يعني اتهام المالكي شخصيا لأنه القائد العام للقوات المسلحة وتعني مدى ضعف الأجهزة الأمنية العراقية وخاصة قيادة بغداد التي لا ترتبط بوزارتي الدفاع والداخلية والتي ترتبط بالمالكي شخصيا .
6_استغلال هذا الأحداث طائفيا من جانب ووطنيا من جانب آخر لأغراض انتخابية .
7_ والاهم فتح بوابة جديدة لمحاصرة سوريا على غرار مرحلة ما بعد الحريري,يمكن معها استغلالها في إجبار سورية على إعطاء تنازلات إقليمية وقومية.


من ذلك يتضح إن موضوع الاتهام لم يكن اعتباطيا ,ولم يكن كرد فعل غير منطقي لحدث أو لجريمة كبيرة ,بل كان عملية مخطط لها ومعدة سلفا وقبل زيارة المالكي لسوريا ,فان رضخت سوريا ونفذت ما أراده المالكي فبها,وان لم توافق ,فيتم تنفيذ السيناريو الذي حدث ,ومن الملاحظ إن اغلب المراقبين والسياسيين والشارع العراقي عموما اتهم منظمة بدر والمجلس الأعلى وبدعم من إيران , كذلك يقال إن تنظيم دولة العراق الإسلامية قد اعترف بهذه الجريمة خلافا لعادته ,والبعض الآخر اتهم البعث والآخر اتهم السعودية  ,أي إن الجميع متهم عدا حزب الدعوة والمالكي لأنه ظاهريا متضرر نتيجة اتهام أجهزة الأمن بالتقصير والجهة الثانية التي لم تتهم على شكل واسع هو المحتل , وفي حقيقة الأمر إن المستفيد الوحيد هو حزب الدعوة والمالكي شخصيا والمحتل من كل ما جرى ,من خلال تشويه سمعة كل أعدائهم بما فيهم المجلس الأعلى ولربما كان احد أهداف المخطط التخلص من الزيباري والأغلبية الكردية في وزارته وكذلك من صولاغ وجماعته في وزارة المالية .


وقبل أن نذهب بعيدا لابد من نتحقق من الاتهام والأدلة التي قدمتها حكومة المالكي في اتهام البعث .


أولا_ من المعروف إن جماعة يونس الأحمد لا تملك الإمكانيات التي تؤهلها لتنفيذ مثل هذه العملية المزدوجة مع القيام بضرب المنطقة الخضراء بالهاونات والتي قتل فيها العميد فاضل المسئول في دائرة المفتش العام في وزارة الداخلية إضافة إلى أشخاص آخرين والتي حاولت الحكومة عدم التطرق إليها بعد أن اعترفت في اليوم الأول بأنها أطلقت من منطقة حي أور شرق القناة ومن قبل المجاميع الخاصة,أي إن هنالك ثلاث عمليات نفذت في آن واحد ,أي أن هناك ترابط بينهم وان المخطط هو واحد ولا يمكن الفصل بينهم بينما الملاحظ هو أن اعتراف الشخص الذي قدمته الحكومة والذي اعتقل قبل الحادثة بأربعة أيام انصب على حادثة واحدة هي تفجير المالية فقط .


ثانيا _إن التنظيم المؤثر والمقلق للحكومة المالكي وللمحتل هو تنظيم البعث الحقيقي والذي كما يطلق عليه جماعة عزة الدوري ,وهو التنظيم الذي يسيطر على أكثر من نصف فصائل المقاومة ويتمتع بشعبية ونفوذ وتأييد كبير ومؤثر في الداخل,وهنا السؤال المهم,إذا كان البعث هو المقصود فلماذا لم يتهم البعث الشرعي بقيادة عزة الدوري واتهم به جماعة يونس الأحمد ,للإجابة , إن المقصود هي سوريا بالدرجة الأولى ,وبما إن البعث الشرعي لا يتمتع بعلاقات قوية أو جيدة مع الحكومة السورية عليه لا يمكن اتهامه وبالتالي فان جماعة يونس الأحمد هي المرشحة لعلاقتها الجيدة مع الحكومة السورية,وخاصة أن اتهام البعث يؤثر على اسم البعث بصورة عامة لدى المواطن لأنه لا يفرق ما بين الاثنين.


إذن فالمقصود هي سوريا ,ومن الأحداث المتسارعة والمتمثلة بالتصريحات التي يطلقها حثالة آخر زمان يتضح إن العملية (المسرحية ) قد اعد لها قبل مدة وكانت زيارة المالكي التي كانت قصيرة جدا جزء من هذه المسرحية ,ولكن هل لدى عصابة المالكي مثل هذه القدرة على تخطيط وتنفيذ مثل هذه العمليات وعلى المستوى الدولي ,وخاصة بعد دعوة الحكومة إلى مطالبة مجلس الأمن بمحكمة دولية ,من المؤكد إن ذلك من فعل وكالة المخابرات الأمريكية أو البنتاغون وبالتعاون مع حكومة المالكي,وقد تم ذلك بعلم الحكومة الأمريكية أو بدون علمها, أي إن المالكي هو ممثل في هذه المسرحية,وقد اقنع بعد أن تم الاتفاق معه على دعمه في الانتخابات النيابية وبولاية ثانية ,وان هذه العملية ضرورية وذلك لجملة أسباب هي :_


1_ضرب المجلس الأعلى وكذلك التحالف الطائفي الشيعي وذلك يعني التخلص من تأثير السيستاني وتدخلاته المستمرة في العملية السياسية وكذلك تحجيم دور إيران من خلال ضرب القوى العميلة عمالة مباشرة لها والتي تريد سحب البساط من تحت أقدام المالكي رغم كل ما قدمه لها.


2_تشويه سمعة حزب البعث من خلال زج اسم البعث بعمليات حقيرة .


3_ ضمان المحتل تأييد الحزبان الكرديان العميلان للمالكي عند ترشحه لولاية ثانية وخاصة بعد اعترافه بالمادة 140 من الدستور.


4_إظهار المالكي بصورة القائد الهمام الذي لا يتراجع في سبيل أبناء وطنه.   


5_الضغط على سوريا لتخفيف دعمها أو السماح للمعارضة العراقية إعلاميا وسياسيا بالتحرك لتوضيح الحقائق لأبناء العراق.


6_ وهو الأهم بالنسبة لأمريكا ,اتهام سوريا وجعلها في موضع الدفاع بعد أن خرجت من اتهام الحريري ,لتبدأ مرحلة جديدة من الدفاع في كافة الملفات العالقة ابتداء من ملف الجولان مرورا بملف لبنان ....الخ


وخاصة بعد تحسن علاقاتها مع الاتحاد الأوربي ,والهدوء النسبي لعلاقاتها مع الدول العربية وخاصة السعودية ومصر والأردن.


ومن يتابع الأحداث يجد إن الداخلية العراقية تظهر كل يوم تأكيدا على إن القاعدة هي المسئولة والمالكي ومستشاريه يصرون على ربط العملية بسوريا بصورة غير مسبوقة وغير منطقية حتى ضمن قياسات التافهين أمثالهم.


إن الإصرار على اتهام سوريا والإصرار على قيام محكمة دولية له أبعاد داخلية وخارجية وله أهداف داخلية وخارجية حالية ومستقبلية, ومن الغريب والملفت إن حكومة المحتل بعيدة كل البعد عن هذا الموضوع بل علقت عليه بأنها تحبذ الحوار على التصعيد,وصحيح أن المسالة بالنسبة للمالكي هي صفقة لضمان بقائه ليس أكثر ,إلا إن المحتل يبغي الكثير منها


فدول الجوار والقوى السياسية المعادية للمحتل وخاصة المقاومة ليس بعيدة عن نارها المستقبلية لإغراض المساومة وسوف تكشف لنا الأيام الأبعاد الأخرى.

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الثلاثاء  / ١١ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠١ / أيلول / ٢٠٠٩ م