حديث وقلق

 
 

شبكة المنصور

ابو سيف العراقي

حديثنا اليوم يأتي بطريق الصدفة البحتة وصحيح المثل القائل ( رب صدفة خير من الف ميعاد ) ويتناول وضع احد الأشخاص المجبور على العيش خارج وطنه وعائلته بسبب التهديد وتردي الوضع الأمني في العراق الذي قاده على مغادرة العراق عام2007 الى أحدى دول الجوار لمدة عامين وبعدها هاجر الى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق معاملة ( لم الشمل مع اهل زوجته) هو وعائلته وبصورة مختصرة اسرد لكم حديثه مع صديقه .


كنت جالس في احدى مقاهي بغداد بعد الأفطار وكان بالقرب مني طاولة يجلس عليها شخص واذا بشخص ثاني يأتي اليه ويسلم ويتحاظنون ويذرفون الدموع ويقبل احدهما الآخر بشوق وشعرت انهما لم يلتقيا منذ فترة طويلة سيكون المهاجر اسمه (س) والباقي بالعراق اسمه ( ص). وهذا الحديث .

 
ص: وينك يا أخي كل هاي الفترة بالموصل ومن تجي وتاخذ راتبك أسالك وين تكولي بالموصل معقولة سنة كاملة ما تجي تاخذ الراتب .

 
س: لا أخوية لا اني ما كنت بالموصل كنت بعمان ومن جنت انت تاخذ الراتب مالتي واجي كل شهرين او 3 من عمان اكولك بالموصل ومن اسافر لعمان ما اكول لأحد وجنت اني وعائلتي وبعدين وراها السنة الماضية اتغيرت حياتي وهاجرت الى امريكا معاملة لم الشمل .

 
ص: معقولة احجيلي شلون وشوكت .

 
سرد ( س) قصته في عمان كيف كان يعيش عن طريق راتبه ومساعدة اهل زوجته وبعد وبعد ان وصلت اوراق المعاملة للسفر الى امريكا في اواسط عام 2008 وبعد مضي اكثر من سنة ونص على اقامته واستلامه الكرين كارت قرر الرجوع الى العراق والعودة الى مهنته التدريسية واكمل خدمته المقرر ولديه 31 سنة في مهنة التدريس الأعدادي مادة الكيمياء وبعدها يقدم على التقاعد ليرجع الى امريكا ويحتفظ براتبه التقاعدي ليساعده بالعيش وعلى قوله ( باقيلي هالسنة اكمل خدمتي واخذ تقاعد وارجع لأمريكا حرامات تروح خدمتي بلاش كل هاي السنين ) .

 
ص: ليش ما اجت زوجتك لو واحد من ولدك وياك .

كان جواب ( س) بحسرة وبألم وأدمعت عيناه وجوابه هو ( ما قبل يجي ولا واحد منهم , باقي هسة بيت اهلي وهي 8 شهور وارجعلهم ) .

 
انتبه احدهم الي وانا اتطلع اليهم وقال لي . ( ها اخوية اشو اندمجت ويانه اذا تحب ليش بوحدك تعال اتفضل ) خجلت منهم لكن الفضول جعلني ان اتحرك اليهم وقلت له استاذ رجاء كمل كلامك اريد اسمع .

 
وتكلم المهاجر عن سفره وكيف الحياة بامريكا لا مثيل لها من كل النواحي التي تعرف والتي لا تعرف ومميزات الحياة الفارغة والاخلاق والعادات والتقاليد الغريبة ومع الاسف الكثير من العراقيين اندمجوا بصخب الحياة هناك وخصوصا الشباب ومن كلا الجنسين وكيف يعلمون الاطفال الاستقلال بالذات وعدم السماح للأب بالتأنيب او الام وكذلك الحرية المفرطة للشباب الا من يلتزم بالتقاليد وهذا شيء قليل جدا بل نادر .

 
ويقول أن مراهقينا وشبابنا شاهدوا حياة صاخبة فوضوية وفيها ملذات وحين تسالهم عن الرجوع الى العراق بيوم ما يقولون ( ولماذا وماموجود بالعراق هل يستحق الانسان ان يعيشه وحتى ان اخذت الشهادة شنشتغل اتريدني ان ارجع واعمل بالعراق مقابل حفنة من المال ولا امان ولا احد يحميك خلي العراق للي بي من الحرامية الي بالحكومة ) هذا هو التخريب العقلي والثقافي

 
من كل هذا المختصر أيها القاريء الكريم استنتجت ان امريكا حين قبلت بالمهاجرين او بعض المهجرين ليس لسواد عيونهم او لوضعهم المأساوي بل لشيء اخر هو مكمل للأحتلال ومدمر لمستقبل العراق , وهو ( سرقة قلوب وعقول هذا الجيل وحرمان العراق من عملهم وحتى شهادتهم بالمستقبل كي يخدموا العراق ويبقى العراق بتخلف طالما الوضع الأمني والحياة الموجودة تفتقر الى ابسط مقوماتها بالعيش ويكون بالداخل مشغول بالعمل ولقمة العيش هو واطفاله والذي بالخارج يعيش حياة جديدة فيها كل الحرية الشخصية والرفاهية بعض الشيء وعدم التفكير بالبلد الام .


يقدر عدد العراقيين المقبولين في امريكا عن طريق الامم المتحدة او لم الشمل ما يقارب اكثر من 15000 الف شخص منهم الكبير ومنهم المراهق منهم صاحب شهادة ومنهم مثقف , وهناك امكانيات بقبول اكثر من هذا العدد في امريكا ودول اوربا وناهيك عن التهريب الى دول اخرى , ولو قلنا من هؤلاء يكون هناك 3000الآلاف طالب منهم متوسطة واعدادية وجامعية بعد تخرجهم بشاهدات مختلفة وهم خارج العراق هل يفكر منهم من هو طبيب او مهندس اومعلم او مختلف الشهادات بالعودة الى العراق والعمل فيه . وبالنسبة الى الكثر الموجودين داخل العراق من الخرجين ومنذ سنوات ولا يمارسون اختصاصهم العلمي بالعمل او غيره ويعملون بالجنابر وبيع وشراء السيارات واي عمل يديم لقمة العيش بعيد عن دوائر الدولة وخصوصا الانتاجية والعمرانية والصناعية والزراعية والعلمية لأن لا توجد درجات شاغرة ولا يوجد ملاك وضيفي الا للمحسوبية والكثير من هذه الكفاآت الجديده تفكر بالهجرة والكفاآت القديمة ذي الخبرات اما قتلت او هجرت او عوقت بالجلوس في البيت بدون عمل . وكل يوم يمضي والعراق يزداد جهل وتخلف وفقر وامراض ولا حسيب ولا رقيب ويقترب من الجفاف سبحان الله البلد الوحيد في الكرة الارضية منذ ان خلق الله الكون فيه نهرين ويعاني من الجفاف والتصحر وملوحة الارض وغيرها والى اين سيصل العراق لا اعلم وحده الله العالم .

 
الكل منتبه الى هذه الامور بعد ان احتل العراق فكريا وعلميا واقتصاديا وماخفية كان اعظم , لكن كيف لديمومة هذا البلد وخصوصا بعد التحرير وهنا السؤال الى فصائلنا المقاومة الشريفة البطلة , لأن واجبها ليس فقط القتال وطرد المحتل بالمرحلة الراهنة لكن يجب ان يكون هناك قتال بهذه المرحلة وهي خطط لأعادة البنية التحتية المنهارة للعراق وهذا واجب كل عراقي شريف اصيل عليه ان يفكر بمصلحة بلده .

 
سؤالي هو ( هل اعدت فصائل المقاومة العراقية خطة ما بعد طرد المحتل وأعوانه من العراق لبنائه فكريا وثقافيا وعلميا وعمليا , هل هناك لجان خاصة لأعداد التقارير بمختلف قطاعات العراق ووضع خطط وأسماء لكوادر علمية وعملية ذات خبرات بعد ان انجر العراق تحت الأحتلال وحصار لمدة 13 عام ولم تصله اي تكنلوجيا عالمية وترك قطار العلم والتقدم , هل هناك تحرك على كوادر او وضع لجان وتسمى ( لجنة البحوث والدراسات العلمية و الأستراتيجية ) واجبها التحرك ولم شمل العلماء وعدم تركهم يترنحون كأنهم سكارى وحثهم للعمل ضمن صفوف المقاومة ليس بقتال السلاح بل بقتال العلم لأجل بناء العراق الجديد وعدم الخوض بتفاصيل كثيرة يمكن ان تأخذ السنوات من اجل خلق وايجاد الكوادر والعقول لاعادة البنية التحتية بعد التحرير .

 
لاادري ان كانت موجودة هذه اللجنة اولا وفي حال عدم وجودها يرجى التحرك سريعا على الكوادر العلمية العراقية الخلاقة في كل انحاء العالم قدر المستطاع عن طريق العراقيين في الداخل والخارج كي يشاركوا في نهضة العراق ونفوت الفرصة للمحتل بعد ان ينهزم ويقول( تركنه العراق خسرانين الحرب لكن منتصرين بتدميره).

 
هذا ايها الأخوة هو تدمير العراق فكريا وعمليا من قبل المحتل ويجب ردنا يكون اليه من كل عراقي شريف مقاوم بالسلاح او المال او العمل بأضعف الأيمان ان نلم شملنا ونتوحد من اجل بناء عراقنا ونستدعي ونطلب ونفاتح كل انسان نعرفه دكتور او مهندس او معلم وندعوه بالمشاركة بمقترح او عمل او دراسة بشتى الاختصاصات والتحضير بأسماء شركات ومؤسسات ممكن ان تعمل بالعراق بعد الأحتلال لغرض وضع خطة لبناء العراق من جديد ودحر المحتل وعملائه مرة ثانية والى الأبد .


والله من وراء القصد

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٢٣ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٣ / أيلول / ٢٠٠٩ م