لماذا نجحت نظرية ولاية الفقيه الخمينية في إيران وفشلت نظرية ولاية الفقيه السيستانية في العراق

 
 
 

شبكة المنصور

ابو محمد العبيدي
 بالرغم من تجاوز اغلب الفقهاء الشيعة لنظرية الانتظار والتقية وهي النظرية الأساسية للمذهب الشيعي منذ الغيبة ولغاية ما لا يزيد عن ثلاثمائة سنة من خلال تطويرهم لهذه النظرية وصولا إلى نظرية ولاية الفقيه المطلقة والتي جاء بها خميني من خلال تطويره نظرية ولاية الفقهاء ,إلا إن البعض من هؤلاء الفقهاء تراهم وبالرغم من عدم إيمانهم بنظرية الانتظار والتقية ,إلا إنهم يلجئون إلى القسم الثاني منها ألا وهو التقية ولكن بالمفهوم الذي يناسبهم ويخدم مصالحهم وطموحاتهم ومن هؤلاء السيد علي السيستاني والذي لحد الآن لا يمكن تحديد توجهاته الفكرية وموقفه من هذه النظريات نتيجة تقلباته وحسب الأوضاع السياسية,عودة منه إلى استخدام التقية رغم عدم إيمانه بها كنظرية متكاملة ويبدو انه يؤم بالانتقائية قي اختيار المبادئ وحسب أهوائه وطموحاته وأهدافه السياسية .


وبالرغم من مواقفه من الاحتلال والبعيدة كل البعد عن جوهر الإسلام وعن فكر أهل البيت وسلوكهم مرورا بمواقفه من الدستور والانتخابات وكل ما يخص العملية السياسية المسخ إضافة إلى دوره في تكريس الطائفية,نجد انه يحاول جاهدا وبالاشتراك مع النظام الإيراني أن يوحد الشيعة سياسيا من خلال توحيدهم طائفيا وتحت قيادة الحوزة الدينية أو بالأصح تحت قيادته, تشبها بالخميني  وقد فشل في ذلك للأسباب التالية :-


1_إن الأساس النظري لنظرية ولاية الفقيه المطلقة والتي جاء بها خميني تفترض الإمامة المطلقة للولي الفقيه ,أي خضوع بقية الفقهاء له والاعتراف بمكانته السياسية والدينية أي مبايعته من قبل الفقهاء والمراجع الدينية والتنازل له سياسيا عن مواقعهم التقليدية وهذا يلزم مقلديهم بذلك أيضا وقد نجح خميني في ذلك إلى حد ما في تنفيذه في إيران إضافة إلى بعض النجاحات في العالم الإسلامي وضمن نطاق الطائفة الشيعية.


2_إن شخصية السيستاني تختلف اختلاف كليا عن شخصية الخميني حيث انه ضعيف الشخصية ولا يمتاز بأي صفة قيادية تؤهله لمثل هذا الدور لا من الناحية الفكرية ولا السياسية بعكس الخميني العنيد الذي فرضت عليه طبيعة تربيته وطفولته تكوين شخصية قوية عنيده يعرف ماذا يريد حيث إن تيتمه المبكر قد فرض عليه الاعتماد على نفسه إضافة إلى محاولة الوصول إلى مراكز ترضي طموحه ونفسيته التي تكونت نتيجة معاناة حادة نتيجة افتقاره إلى حنان الأم والأب ,وهذا ما خلق منه شخصية معقدة ويظهر ذلك واضحا من خلال ردود أفعاله عند معرفته بمقتل ابنه البكر مصطفى على يد امن النظام الشاهنشاهي عام 1977 ,بعكس حياة السيستاني .


3_أن الدور الذي قام به الخميني في محاربة نظام الشاه في إيران ومنذ عام 1961 ودوره في انتفاضة عام 1963 قد خلقت منه قائدا جماهيريا وطنيا وبمعزل عن صفته وموقعه الديني الذي كان عامل إضافي أو مكمل,مرورا بمواقفه الوطنية في محاربة التغلغل الأمريكي الداعم للشاه قي وقتها ,بعكس السيستاني الذي بدا مشواره السياسي بأقذر موقف لإنسان عادي وليس لقائد ديني أو سياسي وهو تأييده للاحتلال الأمريكي للعراق في سابقة خطيرة ستضل وصمة عار ليس في تاريخ السيستاني فقط بل في تاريخ المرجعية عموما ,وهذا ما أدى إلى التفريط بسمعة الحوزة بل والشيعة وطنيا في العراق وقد انعكس ذلك على انفراط تأييد شيعة العراق للمرجعية من قبل الكثير من المثقفين ألشيعه وبالطبع الوطنيين وأدى إلى امتناع الكثير منهم من تقليد هذه المراجع أو ضعف الارتباط معهم ,وكل ذلك بسبب عدم انتماء السيستاني إلى العراق حيث انه يفتقر إلى الشعور الوطني ولا يوجد ما يحركه من مشاعر وارتباطات وطنية بالأرض وبالشعب ,إضافة إلى غبائه السياسي الذي لم يمكنه من قراءة المرحلة وقبلها التاريخ أو فهمه على الأقل ليعرف إن الخونة لا تاريخ ولا حاضر لهم مهما كانت مواقعهم أو صفاتهم.


4_ إن دراسة تاريخ السيستاني كمفكر ديني لا يمكن مقارنته بتاريخ الخميني والذي قدم إضافات إلى الفكر السياسي الشيعي بمعزل عن رأينا فيه أو في نظريته ,فلم يكن السيستاني أكثر من مرجع تقليدي شاءت الظروف وساعدته المرحلة على تبوء هذا الموقع بعد خلو ساحة الحوزة العلمية من الفقهاء الفرس تحديدا حيث لا يسمح للفقهاء العرب الشيعة من التقرب من هذا الموقع بغض النظر عن مكانتهم العلمية أو الدينية, فبالرغم من ادعاء السيستاني ظاهريا بعدم إيمانه بنظرية ولاية الفقيه إلا إن الحقيقة هي معارضته لدور الخميني باعتباره الولي الفقيه وليس لأصل النظرية أو الدور النظري للولي الفقيه حيث انه يريد أن يلعب هذا الدور وهذا ما قام به بعد الاحتلال ولكنه وعلى النقيض من الخميني فشل فشلا ذريعا,لأنه ببساطة تنقصه المقومات الأساسية للعب هذا الدور وأهمها الارتباط بالوطن وبالشعب والعمل على وحدة ومستقبل البلاد .


5_إن الدور الكبير الذي لعبه في تأجيج النعرة الطائفية رغم الادعاء بأنه قد سعى جاهدا لقبر هذه الفتنة ,إلا إن الحقائق تشير إلى تكريس الطائفية واستمراره في دعم الائتلاف الشيعي على أساس طائفي والذي كان السبب في التمحور السياسي الطائفي للسنة كرد فعل لهذا الائتلاف الشيعي ,بل وإصراره على الاستمرار في الدعوة لهذا الائتلاف رغم ردود الأفعال الواضحة لعموم الشعب المعادية لهذا التوجه .


إن المجمل النهائي لنتائج التدخل السيستاني في السياسة هو تفتيت الشعب وتهيأت الأرضية للعملاء والمحتل لتخريب البنية الاجتماعية للشعب العراقي إضافة إلى التمهيد للاستيطان الفارسي في العراق ليكون القاعدة للانطلاق إلى الوطن العربي من خلال استغلال تأثير المرجعية الدينية لصالح المخططات القومية الفارسية واستغلال المذهب الشيعي في هذه المؤامرة التاريخية على الإسلام وعلى العرب والتي كان ينتظرها الفرس منذ اندحارهم في القادسية,ولكن النتيجة التي لم تكن متوقعة هي ردود الفعل الشيعية تجاه هذا المخطط والتي أدت إلى إفشاله وإضعاف دور أصحاب العمائم في التأثير على الشارع الشيعي.


وبالرغم من إننا طرحنا الموضوع بصيغة قد يظن البعض بأنها مدح للخميني ,إلا إن الغاية هي توضيح الدور القذر لبعض الفقهاء وتأثيرهم على الوطن,فالخميني كان وطنيا فارسيا وكان يسعى إلى أقامة إمبراطورية فارسية ,ورغم اختلافنا الكلي معه إلا إن ذلك لا يجعلنا أن نقلل من مواقفه بالنسبة إلى إيران وشعب إيران,حتى ولو كان عدونا ,في الوقت الذي ابتلينا بفارسي يقود مرجعيتنا الدينية لصالح الفرس ,إذن فالخلل فينا لأننا قبلنا أن يقودنا من غير شعبنا باسم الدين من هو عدو لنا ولقوميتنا بل ولديننا .

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٢١ شعبــان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٢ / أب / ٢٠٠٩ م