المقاومة العراقية :

دور الجهاد بالمال في تعجيل ساعة الصفر نحو النصر المبين على  الاحتلال البغيض

 
 
 

شبكة المنصور

الوليد العراقي
تمر الامم والشعوب في محن واكبرها محنة هي احتلال البلاد من قبل القوى الاجنبية الغاشمة والتي دوما تنتهي بتدمير البلاد المحتلة وقتل اهلها واهانتهم وتبديد ثرواتهم والقضاء على تاريخهم المجيد نتيجة نزعة الهيمنة والسيطرة لتلك القوى المستعمرة الباطشة بارض وحضارة وشعب البلد المحتل وفي كل اقاصي الارض وعلى مد ازمنة التاريخ القديم والحديث.ان ردة الفعل عند الشعوب الحية المستعمرة هي دوما الكفاح والثورة من اجل اخراج تلك القوى المحتلة ومن ثم تحرير البلاد والعباد من براثنها وجرائمها التي لا تعد ولا تحصى .

 
ان الثورة ضد الاحتلال أي احتلال مادتها الرجال اولا ومن ثم النساء أي العنصر البشري قيادة وتنفيذ ومن ثم يأتي العامل المهم جدا الاخر الذي يلعب الدور الفيصل في الوصول الى الهدف وهو انتصار الثوار على قوى الاحتلال البغيض.ان العامل الثاني هذا بعد العنصر البشري هو المدد المادي أي كيفية رفد المعركة بما تحتاجه من اموال وسلاح  وغير ذلك من الحاجات السوقية اللازمة  لشرائط القتال ومن ثم النصر على العدو.فلا يكفي توفر العنصر البشري للمعركة ومهما كان ايمانه وقدرته على المطاولة  والتصدي للاعداء من دون الدعم المادي الذي يحتاجه المقاتلون  لتنفيذ خططهم على ارض المعركة ومن ثم الوصول بهم الى حالة الاكتمال الممكن لعاصر الحرب  والمجابهة ومن ثم مواصلة الجهاد  واختصار الزمن اللازم له وصولا الى ساعة الصفر في حسم المعركة لصالح اهل البلاد المحتلة ومن ثم اعلان النصر المبين على الاعداء.

 
ان المادة والاموال العينية والنقدية الازمة للمعركة لا يمكن الحصول عليها او تأمينها من خارج البلاد  او الاعتماد على جهة خارجية بالمطلق في رفد معارك التحرير بل الواجب المقتضى هو كيفية توفير تلك الاموال من داخل البلاد المحتلة والتي تجد شعبها هو صاحب المصلحة الاولى في تحرير البلاد ومن هنا امسى الاعتماد على المدد الاجنبي في معارك التحرير هو الباب الثاني الذي قد تطرقه قيادة المقاومة والجهاد كونه غير مضمون من ناحية ومن ناحية اخرى ربما يخضع الى شروط ومحاصصات  اشبه بالمتاجرة بدماء الثوار عند الوصول الى الهدف من الثورة وهو النصر على جيوش المحتل ومن ثم خروجها خائبة ذليلة  الى ما وراء الاسوار.

 
ان الجهاد بالمال من خلال التبرع به لمن يستطيع او لا يستطيع الجهاد بالنفس لا تقل اهمية عن مقارعة الاعداء بالدم الزكي  ومن هنا وقع الواجب وموجباته على اهل المال والمقتدرين على التبرع به  لصالح المعركة ومن اجل حسمها .المعركة وما تتمخض عنه من تحرير ومن ثم المكاسب الهائلة للشعب المحرر هي ليست حكرا للمقاتل بالدم أي النفس وعليه  وجب على كل مواطن غيور وشريف وقادر على مد يد العون بالمال ان يقدم ما بوسعه للمجاهدين  ويعتبر ذلك جزءا وفرضا على وطنيته ووجوده  في الارض المحتلة ومن هنا يحصل التكامل الفاعل والخلاق  لمكونات وموجبات ومستلزمات الحرب التحررية في بلد يقع ضحية الاحتلال البغيض.

 
لقد مر شعبنا العربي بتجارب مثيرة وثرة في باب التطوع بالمال قبل وبعد النفس في سبيل الله اولا ومن ثم في سبيل الوطن والشعب .ان تجربة الاسلام الحنيف التي جاء بها رسولنا الكريم وبشر بها للمتطوعين بالمال لصالح المعركة ضد الكفار غاية في الاغراء الدنيوي والاخروي للمسلم المؤمن  بدين الله ليضاعف حسنات الدينار الذي  يتبرع به المسلم الى سبعمائة ضعف تكتب له عند رب العزة  ويجدها في رصيد حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون وهذا ما بشر به اشرف خلق الله وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  والذي لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى.هنا يكمن تكريم الانسان المسلم المجاهد بالمال  وسموه  وعظمته عند رب العالمين الذي هو اعرف وادرى بشرائط الحرب وموجبات النصر على الكفار .لقد انبرى الكثير الكثير من اصحاب رؤوس الامول في صدر الرسالة الاسلامية ليتبرعوا بالمال والذهب والفضة  والاموال العينية الاخرى من اجل ادامة روح الجهاد بين جيوش المسلمين وها هو سيدنا الخليفة الراشد عثمان بن عفان  رضى الله عنه  وارضاه يجهز جيش العسرة من ماله الخاص كي لا يتوقف زخم المعارك على الكفار  وكي يقرب ساعة الفرج بالنصر على الاعداء وغيره الكثير من الصحابة الميسورين واخوتهم في الدين الذي جمعوا الاموال من خلال الصدقات والزكاة  والتطوع  في سبيل دعم دعوة الاسلام الحنيف واستجابة لنداء خالق البرية وعلى لسان نبيه الكريم صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم.

 
ثم مرت بلادنا  بكارثة احتلالية اخرى وهي احتلال هولاكو للعاصمة الاسلامية بغداد ومن ثم استهداف الدين الاسلامي من خلال الحرب القذرة الهمجية التي فرضها المغول على قلب الاسلام وهي لؤلؤة الشرق بغداد حتى خربوها وقتلوا اهلها ودمروا كل عمران .لكن بالمقابل انبرى للمغول المحتلين رجال لا يهابون المنايا عامرة صدورهم بالايمان ليقاتلونهم  ويخزهم الله على ايديهم ويخرجونهم مدحوريين من ارض بلادنا.هنا كانت التجربة الرائعة للعرب والمسلمين بشكل عام فمنهم من قاتل بنفسه ومنهم من قاتل بماله  والصنف الاقوى الذي قاتل بماله ونفسه فكانت ان تشكلت اروع صورة للجهاد الملحمي  والتكافل بين اهل البلاد المحتلة  فانتصروا بهذا الطريق الايماني المتكامل واخزوا هولاكو وجنده ليخرجونهم من ديارنا ديار العرب والاسلام.

 
كان لنا في هؤلاء اسوة حسنة من تكافل وتلاحم في جمع الجنود وتشكيل الجيوش المقاتلة وكذلك في جمع الاموال اللازمة لمعارك التحرير .اليوم ما احوجنا الى دراسة تاريخنا البطولي الملحمي  الذي امتاز بالكرم بالنفس  والمال في كل معارك التحرير التي اوجبتها ضروف الاحتلال لارضنا .العراق اليوم بلد محتل من قبل قوى عالمية منها الكافر بكل فرائض الله ومنها المنافق الدجال لها وبها  .وعليه اليس احرى بنا نحن اهل البلاد الاصليين ان نتكافل ونتقاسم اللقمة والمال والدم في سبيل تحرير بلدنا من هؤلاء الجهلة بديننا وبطبائعنا وباخلاقنا العربية الشهمة الغيورة المعطاء ؟
 
لقد ابانت حربنا اليوم المعادن الحقيقية  لانساننا لتصقل الاصيل فيه  وتثرم البالي  الدعي منه لتشكل اروع  نخبة مجاهدة بمالها وبنفسها أي بدمها في سبيل حضوة  المشاركة بالمعركة التاريخية  وصنع التاريخ المجيد لكل عراقي نفض الغبار من عليه ونزل بكل شرفه  وغيرته ليقول بخن بخن  ان لحظة الشعور بالانتصار لدين الله وللوطن لهي خير لنا من تخمة الحرام .ان اللقمة التي يقتات عليها المواطن وحتى تكون حلالا عليه  ان يزكيها بالتبرع بالمال لصالح الحرب والتحرير والجهاد في سبيل الله من اجل طرد هؤلاء الفجار والكفار وكل قوى النفاق السياسي والسلطوي التي ابتلت بها الشعوب في اردأ زمن تمر به البشرية ليتحايل على انسانيتها من اجل قتلها ومن ثم زوالها وهو نوع من ضروب الخيال كون الصراع من اجل الوجود قانون من قوانين الطبيعة  التي كفلها خالق الكون وواضع موازينه كي يبقى بكل مكوناته ولا ينهار.

 
انها دعوة اخرى الى العراقيين الميسورين والمؤمنين بان يمدوا يدهم الى جنود الرحمن الذين يقاتلون في سبيل الله من خلال الفصائل الجهادية المختلفة والمنتشرة على طول وعرض بلاد الرافدين بكل عناوينها لا نفرق بينها الا بما يرضي الله والوطن والشعب في وحدة الكلمة والهدف في التحرير دون النظر الى  سفاسف الدنيا  واغراءاتها السلطوية والجاهية .انه تاريخنا وقدرنا ان نخلق في هذا الزمان كي نقاتل هؤلاء السفلة من المحتلين البغاة وذيولهم النابحة  القذرة وانه لجهاد بالمال والنفس وكما فرضه علينا رب العزة  وبلغ به  الصادق الامين والله اكبر الله اكبر والنصر لنا ودمت يا عراق موحدا ابيا شامخا رغم الاعادي وعوادي الزمن الردئ.

 
 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الإثنين / ١٧ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٧ / أيلول / ٢٠٠٩ م