الشهيد حارث العبيدي ( السيرة الحسنة كشجرة الزيتون ... لاتنمو سريعا .. ولكنها تعيش طويلا )

 
 

شبكة المنصور

سعد الدغمان

كان نلسن منديلا يقارع النظام العنصري في جنوب أفريقيا لدهور طويلة حتى ناله من تلك المقارعة أن صار إلى أن يسجن خمس وعشرين عاما؛ولسان حاله يقول كما قال سيدنا يوسف عليه السلام (السجن أحب إلي مما يدعونني إليه)؛وأثمرت سنوات السجن تلك أن أفضت إلى سيرة خالدة لا ينافسه عليها أحد فخلد الرجل وهو في حياته؛والسيرة معروفة للذي يود قرأتها وهي تصلح كمنهج للمستجدين في عالم السياسة والمقاومة وخاصة منها السلمية التي يتبنها السواد الأعظم مما يسمى بالحكومة الحالية والتي أنتهجتها المرجعية التي تتبعها الأغلبية الصامتة في العراق المحتل.


غاندي وليس لنا أن ننظر في شخص غاندي قاد المعارضة الهندية بأسلوب جديد ؛حتى أوقف وبأفعال بسيطة مصانع إمبراطورية عظيمة وأخرجها عن تأثيرها في السوق العالمية كاسرا احتكاراتها؛بل حملها من الخسائر ما لم تتحمله تلك الإمبراطورية آنذاك في حروبها المعروفة على مد خارطة الكرة الأرضية.


عبد الكريم الخطابي ؛عمر المختار ؛عبد القادر الحسيني؛ الشريف حسين؛ ؛الرصافي؛ المتنبي؛ ؛ جمال عبد الناصر؛جيفارا؛ياسر عرفات؛صدام حسين؛سعد زغلول ؛والقائمة تطول .كل أولئك قارعوا الظلم وأنتصرت سيرتهم؛ورحلوا الى الخلود بذكراهم وهم يكرسون منهجا للحياة قل أن يعرف عدوهم سر الخلود الذي رحلوا على هديه.


مناقب هؤلاء جعلت صورهم في أذهان أجيال من الناس رغم مايقال في شخوصهم من قبل من يريد ان يجد لنفسه فسحة للكلام لا للفعل من ترهات؛صورا براقة خالدة شفيفة لايعلوا عليها غبار وهي أقرب الى القداسة حتى في زمننا هذا الذي تعلوا فيه مع جل أحترامي للقارىء من استخدام تلك المفردة (النجاسة) والتي لم أجد بديلا لها أقرب الى افعالهم وهم يتبجحون أمام الشاشات الملعونة وملعون من يلتقي بهم وهم كثر ستجدهم هناك في العراق وما يجاوره من بلدان لاتعرف لله حرمة ولا للأنسان من شيمة؛وقد أحتوتهم مزابل تسمى الخضراء وما وراء الحدود أكثر إن أردتم.


ذكر الأصحاح من الناس شرف ؛وتناول سيرهم ما بعده من فخار؛لذلك كان الشهيد الدكتور حارث العبيدي من أولئك الاصحاح الاقحاح العرب أصحاب الشيم؛ومثله أخيه الحسان أبن البصرة الحبيبة التي أستباحها الفرس بعد إذ كانت عصية وجرعتهم السم الزعاف؛والذي اغتالته يد الغدر الفارسية على أعتاب مسجد البصرة الكبير وهو يهم بالدخول لألقاء خطبة الجمعة؛وهو الموقف الذي استهد فيه العبيدي رحمهما الله واسكنهم فسيح جناته ؛أولئك أعلام تعطر سيرهم صفحات حياتهم أن ذكروا وهم ليسوا بالمنسيين؛حارث الشهيد لم تفتني خطبة من خطبه الصماء عندما كان رحمه الله يعتلي منبر الرسول العربي الأكرم عليه وآله الصلاة والسلام إلا ويدعوا لجمع الصف ووحدة الكلمة والدفاع عن المظلومين ورفع الظلم والحيف عن المأسورين والمغيبين في سجون الفرس من أعضاء حكومة العار والذل ؛ولم يوثر نفسه على شعبه وأهله ويسكن في غياهب المزبلة الخضراء التي أحتوت الرعاء وفاقدي الشرف وخدام الأجنبي المحتل؛ولم يسكت ولم يستكين في الدفاع عن ما خلفته المليشيات التي أسست لها حكومة العار تلك التي قادها سييء الصيت والذكر (الجعفري الخائن) ولا سلفه الأكثر قذارة (المالكي)خادم الإحتلال وصنيعة الفرس من أيتام وأرامل؛كما لم يتوانى عن فضح ممارسات الفرس الممجوجة العارية عن الصفات الإنسانية في سجونهم التي تملأ بغداد والمحافظات الأخرى للتنكيل بالشرفاء من أهل العراق؛هم وأحزابهم الطائفية التي وفر لها الأحتلال فسحة كبيرة لتدخل العراق في غفلة من هذا الزمن المليء بالفحش والمنكر.


حارث العبيدي رحمه الله نموذج لنظافة القلب واللسان وسط كومة الظلام التي تلف ما يسمى بالبرلمان؛وقد كان يمثل الوجه الناصع للعراق فعلا وسط تلك الظلامية التي يفرضها تواجد المتخلفين والشذاذ والمنتهزين تحت قبة ذلك البرلمان المسخ الذي اسس له اليهود والفرس؛ذلك الشيخ الجليل العالم الذي يحمل الدكتوراة كان على موعد مع الشهادة كونه لم ولن يخضع للإحتلال ولم يطبل له ؛كما أنه لم يسكت عن جرائم الفرس التي طالت كل ما هو شريف في العراق من أرض وبشر وشجر ولم يسلم منها حتى الماء الذي خلق الله منه كل شيء حي؛فأردوه قتيلا؛كما فعلوا مع العبيدي هم اليوم يغتالون (شط العرب)؛ذلك النهر الخالد خلود العراق.


العبيدي سيرة حسنة كشجرة زيتون حسنة؛لاتنمو سريعا ولكنها تعيش طويلا؛بل تخلد؛وهذا هو الفرق بين ما هو ناصع وبين ما يشوبه الغموض ويعمل بالدس والخديعة؛ فهل فهمتم لماذا أغتيل العبيدي ومن قبله (يوسف الحسان)؛وغيرهم من أشراف أهلي؛وهل أدركتم لماذا تغتال الحياة في العراق؛ومنها دجلة الخير والفرات الحبيب ؛وشط العرب؛ وكل رموزنا الغالية.


الرحمة والخلود لشهداء العراق العظيم؛ولكل من دافع عنه في حله وترحاله من بشر وشجر وحجر؛والرحمة لتلك السيرة الوضاءة السمحة لمن أعتلى منبر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وهو صادق النية والسريرة ومخلصها لله ورسوله؛ الرحمة للعراق الذي سيبقى خالدا موحدا على مر العصور وإن طاله ما طال من جراح ؛وسنبقى صادقين نضمد جراحك ياوطن ونسير بشرف ولا نستوحش الطريق وإن لم يسلكه أحد غيرنا.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٠٥ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٤ / أيلول / ٢٠٠٩ م