مابعد الأربعاء الأسود

 
 

شبكة المنصور

سعد الدغمان

تفجيرات بغداد أو ما أصطلح عليه بالأربعاء الأسود شكلت فاصلا سياسيا بين الفترة التي أعقبت الغزو الأمريكي الهمجي وفترة ما بعده؛وأخذت تلك التفجيرات طابعا مغاييرا لما سبقها من مثيلاتها التي هزت العاصمة والمدن العراقية منذ دخول المحتل وما بعده؛كما أخذت صيغة تختلف عن ما قبلها كونها أتسمت بطبابع الخرق الأمني لما يسمى بعملية فرض القانون التي أسست لها حكومة المالكي وأعتبرت عملية فرض القانون هدفا تتجه من خلاله لفرض الأمن ؛حيث عد هذا الأخير من منجزات تلك الحكومة على أعتبار أنها استطاعت فرض الامن في ربوع العراق بعد عملية الانسحاب التي زعم المحتل أنه طبقها للخروج من المدن وتسليم الملفات الأمنية للسلطات الحكومية التي يتولى المالكي قيادتها كما يتولى قيادة القوات المسلحة في البلاد والتي ثبت وبالملموس فشلها في إدارة تلك الملفات التي جرت الويلات على الشعب وجماهيره العريضة.


التفجيرات المشار اليها أتجهت نحو أثارة الأزمة السياسية فيما بين القطرين الشقيقين العراق وسوريا من منطلق أتهام الحكومة العراقية للجانب السوري بإيواء معارضين من النظام السابق كما زعم مسؤولي الحكومة العراقية الحالية متهما أياهم بالضلوع بالتخطيط والتنفيذ لتلك التفجيرات التي راح ضحيتها العديد من المواطنين الأبرياء دون أن يقدم الدليل القاطع على أتهامه لتلك الجماعات التي وصفها بالبعثية؛مما حدا بسوريا العربية أن ترد على تلك الأتهامات بالرفض وعدم قبول مطالبات المالكي وحكومته القاضية بضرورة تسليم أولئك الذين أطلقت عليهم حكومة بغداد بأنهم مطلوبين؛وأستهجنت تلك المطالبات معتبرة أن ما يسمى بالأدلة لايرقى الى الحجج أن صح الكلام وهو ليس بالواقع ولايماثله بشيء ولايصح على ضوءه تسليم لاجئين استجاروا ببلد يمتلك من السيادة مايوفر له عملية القرار السليم خلافا لبغداد التي تحركها أجندات مختلفة دولية وأقليمية على حساب المصلحة العراقية.


تلك الحادثة أرادت بها بغداد أدارة ملف الأزمة العراقية على حساب الشقيقة سوريا وهي عملية لضرب التواصل الذي تدفع من خلاله دمشق الأمور نحو مسارها الصحيح بعيدا عن تبعية القرار التي تصر الحكومة العراقية على الخوض فيه والعيش على فتاته سواء لهذا الجانب أو ذاك وبعيدا عن مصالح العراق؛أن عملية تدويل الأزمة التي يرمي اليها رئيس الوزراء ومن معه والتي يصرون عليها أثر عملية التفجير المستهجنة تلك والتي تكاد أصابع جهة معينة أقليمة تكون واضحة فيها ؛ناهيك عن ما أشار اليه مدير المخابرات العراقية المستقيل وعلى ضوء خلاف حاد مع المالكي بخوصهها والتي قدم حينها الرجل الأدلة الواضحة والبراهين الثابتة على تورط الجانب الإيراني بعملية التفجير دون أن يشار اليها لا من قريب ولا من بعيد وأنما جرت عملية تحويل الأنظار بأتجاه التصعيد مع سوريا الشقيقة ؛ومن ثم بأتجاه تدويل الأزمة والطلب من مجلس الأمن بأنشاء محكمة دولية على غرار محكمة الحريري الشهيد للبت في الجهة التي نفذت تلك الأحداث الدامية؛وهذا لايخدم العراق في وقته الحاضر كون أن التحقيقات التي ستجرى لمعرفة المجرمين ستعمل على خلط الحقائق كما عملت مع في قضية الحريري؛ومن قال أن تلك المحكمة غير مسيسة وعادلة في قراراتها وهي التي تتبع جهة حكمت على العراق من قبل وأتهمته بما ليس فيه ومن ثم سكتت على أحتلاله وتدميره دون أن تطالب المعتدين حتى بالأعتذار من الشعب العراقي المبتلى؛وهذه الجهة هي التي تباكت على الكويت من قبل وفرضت ما فرضت بعد عمليات عام 1991 ومن ثم ألتزمت الصمت تجاه ما دار في العراق من مآسي منذ الإحتلال والى يومنا هذا ؛ثم لماذا الاصرار على أتهام سوريا بلذات دون دليل قاطع وبهذه الحادثة والصمت المطبق تجاه ما أقترفته ايران القذرة من سفك لدماء العراقيين وبالأدلة والبراهين المتوفرة حتى عند ابسط العراقيين في الشارع العراقي؛ثم ما شأن الجرائم التي أرتكبتها المليشيات والقوات الحكومية والقوات التي أسس لها المالكي خارج نطاق الدستور المشؤوم؛وخارج نطاق القانون؛ولماذا سوريا وفي هذا الوقت دون غيره.


العراق بلد منكوب بكل الأعراف والموازين منذ عام 2003 والى يومنا هذا؛ولم تكن تفجيرات الأربعاء الأسود هي وحدها التي تسببت بتلك المآساة فقط بل الأحتلال من قبلها وما جرته الحكومات الفاشلة التي تعاقبت على الحكم في الفترة ما بعد الإحتلال أو لنقل التي أسس لها الإحتلال والى اليوم ؛فحري بالحكومة أن تلتزم جانب المواطن الذي تدعي الدفاع عنه وتظهر نتائج الكثير من التحقيقات التي أدعت أنها أجرتها في العديد من المصائب بل الكوارث التي حدثت بفعل فاعل وهي أكثر من ان تحصى وليس أقلها ما أقترفته المليشيات وقادتها وهم قابعون في البرلمان الذي يدير البلاد كما يدعون.


محاولة جر سوريا الى هذا المنعطف يعني فيما يعنية النيل من دولة عربية عصية على القرار الأمريكي ومخالفة لخط السير الذي تنتهجه الولايات المتحدة في المنطقة؛وحسب تصوراتنا أن سوريا وحكومتها بعيدة كل البعد عن تلك التهم وهي التي أحتضنت ما يقارب 2 مليون مواطن عراقي منذ الأحتلال والى اليوم وتقاسمت معهم قوت يومها وهو واجبها كما قال الأسد وواجب كل بلد عربي شقيق؛أما أن تتهم سوريا وتترك إيران فذاك والله لايمت للحق والعدل ؛هذا ان كان هناك من عدل في القضية برمتها منذ أن بدأ الأحتلال وحتى وصول الحكومة الحالية لسدة الحكم.


أزمة الأربعاء الاسود كشفت مضامين العمل المبطن وما يراد لهذه الأمة من مستقبل اسود مرسوم ؛كما كشفت زيف من يدعون أنهم يدافعون عن العراق و أهله ؛ وبينت فشل أعضاء الحكومة في عملية أدارة البلاد وملفها الأمني؛هذا من جانب ومن جانب أخر أظهرت نوايا رئيس الوزراء بألحاق القرار العراقي بإيران من خلال أصراره على عدم تعريب الحل للأزمة التي خلفتها التفجيرات والتي حاول فيها عمر موسى الأمين العام للجامعة العربية أن يتبنى خيوط الوصول الى تراضي فيما بين الطرفين؛إلا ان الجانب الإيراني ومن خلال الأملاءات التي يفرضها على رئيس الحكومة العراقية ومن يتبعه والتي تحاول إيران من خلالها أن تتحكم وتتمسك بالقرار العراقي لصالحها بقصد تحقيق مكتسبات سياسية وأقتصادية وطبوغرافية ستراتيجية تعود بالنفع على الجانب الإيراني على حساب العراق وأهله وتاريخه وعلاقاته العربية والدولية وما التبعية التي عليها حكومة المالكي إلا يقين ثابت على أمتلاك الإيرانيين لناصية القرار في العراق بعد ان ذهبت الرياح بناصية المحتل وما بقي منه إلا الصورة التي هو عليه جيش مهزوم يحاول الحفاظ على ماء وجهه القذر لكيلا يقال أن أمريكا هزمت أمام المقاومة العراقية الباسلة التي يديرها الجيش العراقي الوطني الباسل والأحزاب المعارضة للوجود الفارسي والأمريكي الجبان ومنها حزب البعث وبقية الأحزاب والجهات التي تناضل من أجل أخراج المحتل واستعادة القرار العراقي موثرا في الساحة العربية والدولية بعد أن رهنه الأقزام للجانب الإيراني الفارسي يديرونه من خلال أدوات معينة في بغداد وصنائع لاعهد لهم سوى طاعة أسيادهم.


أن ابتعاد العرب عن التقرب الى الحالة العراقية ليس قصورا منهم تجاه بلدهم الثاني العراق هذا الذي يحتمي به الجميع منذ الازل لما عرف عن العراقي من النخوة والرجولة المفرطة في كل شيء ناهيك عن الاستعداد غير المتناهي للمساعدة ومد يد العون لأشقاءه في كل مكان؛إلا أن ما لمسه الاشقاء من الحكومات المتعاقبة على المنطقة الخضراء منذ الأحتلال والى يومنا هذا من الأرتماء بالحضن الفارسي والتبعية التي هم عليها جعلت الجميع ينفر من التواصل مع العراق عموما وليس مع أولئك الذين نصبوا بقرار فارسي وأمريكي.


لذلك كله فنحن ندعوا الأمين العام ان يكون منصفا ولو لمرة واحدة في حياته ويأمر بأنشاء المحكمة كما طلب المالكي فعلا ولتأخذ في أعتباراتها كل الامور التي جرت على العراق وأهله منذ 2003 والى يومنا هذا وأن يطالب فيها بالقصاص من كل من تأمر على البلد وأهله واقترف الفظائع بحق العراقيين من دول الجوار دون استثناء ؛ومن كل من قدم حاقدا يحمل في قلبه ضغائن الشر والخديعة الفارسية ليصبها على رقاب أهلنا دون وازع من ضمير ؛وأن كان هناك من( فتونة )؛ ودفاع عن العراقيين كما يتبجح (علي الدباغ) عليه ان يظهرها على (مجرمي بلاك ووتر) وأمثالهم وهم يعيشون وسطكم وبين أحضانكم ولا تتوانون عن تقديم الخدمات لهم بالليل قبل النهار وأنتم تعلمون ما تقدمون بالليل؛هذا ماهو مطلوب الان حتى نبدا الصفحة الجديدة التي نبني على اساسها العراق الجديد ؛العراق الذي نريد لا الذي يريده الفرس وقذاراتهم هناك في العراق المحتل.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٧ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٦ / أيلول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية |دليل كتاب شبكة المنصور