قائمة سوداء لصحفيّي الاحتلال الصهيونيّ

 
 

شبكة المنصور

عبد الكريم بن حميدة

الدكتورة هالة مصطفى رئيس تحرير مجلة "الديمقراطية" الصادرة عن مؤسّسة الأهرام الصحفية في مصر استقبلت السفير "الإسرائيلي" شالوم كوهين في مكتبها أي داخل المؤسّسة الصحفيّة العريقة.


هذا الخبر كان يمكن أن يكون مألوفا أو منتظرا  لو كان الضيف غير كوهين، ولو كان المكان غير المكان. إذ أنّه ليس من حقّنا -احتراما لمبدأ الحريّة الشخصيّة- أن نعترض على استقبال أيّ كان لأيّ كان في بيته أو في فندق أو في مطعم.. ذلك أنّ هذه الأماكن على العموم ليست لها دلالات رمزيّة، فهي إذن لا تتيح للزيارة هامشا يسمح لها بتجاوز البعد الشخصيّ في أيّة علاقة تجمع بين طرفين.


غير أنّ زيارة كوهين لمؤسّسة الأهرام أثارت ضجّة لم تهدأ حتى اليوم، بل لن تهدأ سريعا لأنّ إجراءات التحقيق مع هالة مصطفى يُفترض أنّها ستبدأ هذه الأيّام مثلما أعلنت عن ذلك نقابة الصحفيّين المصريّين.


والحقيقة أنّها ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها التحقيق مع أحد الصحفيّين في مصر بتهمة مخالفة مقرّرات النقابة الخاصّة بالتطبيع مع العدوّ الصهيونيّ. وقد تراوحت العقوبات بين الإنذار والشطب من سجلات القيد. قبلها حقّقت النقابة مع الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام حاليا الذي كان استقبل السفير "الإسرائيلي" السابق عندما كان مديرا لمركز الأهرام للدراسات السياسيّة والإستراتيجيّة، مثلما حققت مع غيره.. وها هي تستعدّ أيضا لاستجواب حسين سراج نائب رئيس تحرير مجلة "أكتوبر" بخصوص سفره 25 مرّة إلى فلسطين المحتلة!!


معنى هذا أنّ المعركة بين أنصار التطبيع ومناهضيه لم تنته بعد.. بل من السذاجة تصوّر أنّ معسكر التطبيع سيعلن هزيمته ويجمع حقائبه ويرحل. ذلك أنّنا لا يجب أن ننخدع بخفوت صوته أو تغيير ردائه لأنّ جوهره ثابت ورؤيته للأشياء والحقائق لا يتلوّن غير طلائها الخارجيّ.


هالة مصطفى برّرت استقبالها لضيفها بأنّ هذا الأمر سبق تكراره كثيرا من مسؤولين بالأهرام على جميع المستويات، دون أن تُثار مشاكل أو اعتراضات من داخل المؤسسة أو من خارجها، إضافة إلى مشاركة أكاديميين وباحثين "إسرائيليّين" في ندوات ومؤتمرات عُقدت في الأهرام، إلى جانب مشاركة باحثين في المركز في اجتماع دوريّ في أثينا مع نظرائهم "الإسرائيليين".


هالة مصطفى ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما قالت إنّ "كثيرا من الصحفيين يقيمون علاقات مع إسرائيليّين دون أن يحاسبهم أحد"، واتهمت منتقديها باتّباع "معايير مزدوجة".


اللافت في كلّ تصريحات رئيس تحرير مجلة "الديمقراطية" أنّها لا تنظر إلى ما أقدمت عليه إلا باعتباره عملا أكاديميّا يشجّع على السلام ويسهم في تجاوز الأحقاد والضغوط والحواجز النفسيّة. إنّها لم تقيّم استقبالها لضيفها باعتباره خرقا لكل قرارات الجمعية العمومية للنقابة الرافضة لكافة أشكال التطبيع المهنيّ والشخصيّ والنقابيّ مع "إسرائيل"، بل والداعية إلى محاكمة الأعضاء الذين يسافرون إلى فلسطين المحتلّة مهما كانت حججهم وذرائعهم الواهية.


وهي لم تنظر إلى خطوتها باعتبارها مخالفة مهنيّة تستوجب المساءلة طالما أنّ اللقاء مع سفير العدوّ تمّ بمكتبها دون علم إدارة المؤسّسة أو موافقتها.


إن كلّ المبرّرات التي قدّمتها الدكتورة هالة مصطفى لا قيمة لها لأنّها لا تقنع أحدا. وبقطع النظر عن هؤلاء الذين تقول إنّهم يناصبونها العداء فإنّنا نتعامل مع تصرّفها في ضوء ثوابت الأمّة ومواقف القوى القوميّة والوطنيّة وقرارات المنظمات والنقابات المهنيّة الرافضة للتطبيع بكل أشكاله والحريصة على إبقاء جدار المقاطعة شامخا فتيّا بعد أن سقطت الجدران التي تناولتها معاول الأنظمة بالهدم والتخريب. 


لقد بات مطلوبا اليوم ملاحقة جميع المطبّعين مع "إسرائيل" ومحاسبتهم والعمل على منع المتردّدين من الوقوع في سقطة التطبيع، مثلما بات مطلوبا نشر قائمة سوداء بأسماء المهنيّين ممّن سبق لهم استقبال ممثّلي "إسرائيل" في مكاتبهم، أو التقاؤهم بـ"إسرائيليّين" في مناسبات عامّة وخاصّة، أو أولئك الذين يتعاملون مع السفارة "الإسرائيليّة" بالقاهرة أو الذين يسافرون إلى تل أبيب.


إنّنا أحوج ما نكون اليوم إلى هذه القائمة السوداء حتّى تكون بمثابة إدانة فعليّة وقانونيّة لهؤلاء، وتقف حائلاً أمام وقوع بقية الصحافيين في تطبيع لا نجني منه غير الخسران والندامة.

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٠٦ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٥ / أيلول / ٢٠٠٩ م