متى التخلص من تركة ( السادات ) الثقيلة ..؟

 
 

شبكة المنصور

د. جمال علي حسن – مصر العربية
بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين لمقتل "السادات" في السادس من أكتوبر.. خاصة أنه التاريخ الذي أعاد فيه جيش مصر الثقة والقدرة لشعبنا المصري بأدائه العظيم المبهر.. الذي أوضح فيه أن الهزيمة التي لاقاها لا تعبر عن قدرته أو حقيقة إمكاناته وكانت كما وصفت وقتها نكسة عابرة....

 
فبمناسبة مقتله.. ألم يحن الوقت للتخلص من تركته الثقيلة التي كبلت مصر الدولة وغيبت شعبها وأصابته بالفقر والإذلال.. بعدما كان فاعلا قادرا استطاع أن بقف في وجه هزيمة صادمة بحجم هزيمة 67 ويحولها في ست سنوات من العمل والتضحية والإعداد لانتصار مدوى مازال صداه العسكري يدوي حتى اليوم خاصة في أسبوع الحرب الأول.. وقبل أن يتدخل غير العسكريين...

 
قد يبدو هذا الكلام غريبا وسط هذا السيل الإعلامي المقصود لتمجيد الرجل وإلباسه بطولة أو إضافة إلى سجله إنجازات لم تؤيدها النتائج التي صارت إليها مصر بعد 36 عاما من انتصار جيش وشعب مصر في السادس من أكتوبر عام 1973 وبعد أن استطاع السادات أن يتخذ من هذا النصر متكأ لتحقيق انقلاباته التي أورثتنا هذه التركة الثقيلة وأورثتنا ما تعانيه جماهير شعبنا وفي كل المجالات السياسية والاقتصادية والخدمية والاجتماعيه ...

 
فمتى نتخلص من لجنة الأحزاب التي دجنت أحزاب المعارضة وكبلتها.. والتي منعت قيام أي حزب حقيقي إلا بعد أن تستهلك قواه في سلسلة من التعديلات وجلسات المحاكم يمل فيها أعضاؤه ويفقدون حماسهم بل قد ينصرفوا عنه كما هو حال حزبي الكرامة والوسط...
 

ومتى نتخلص من هذا الذي أنشأه بليل وفجأه ضم كل الوصوليون والمنافقون المسمى "الحزب الوطني" والذي هو وبال على مصر وعلى العمل السياسي ولا حل لإصلاح المناخ السايسي بمصر إلا بإلغاء هذا التجمع لأصحاب المصالح من الأفاقيين المسمى "الحزب الوطني"...

 
ومتى نتخلص من هذه المعاهدة مع العدو الصهيوني.. وتستعيد مصر قدرتها على مواجهة أعدائها.. ويستعيد شعب مصر ثقته بنفسه ويتنفس هواء العزة والمقدرة... سلم بسلم وحرب بحرب.. وأن نتخلص من أفكار العجز والخوف والإذلال.. التي يروجونها ويدفعون شعب مصر العظيم المنتصر على قبول هذه المعاهدة المذلة بالتخويف من مواجهة العدو الصهيوني.. وهو الشعب الصامد القادر المنتصر.. والغريب أنهم يعتبرون هذه المعاهدة المذلة من ثمار النصر..!!

 
ومتى نتحلص من السياسات الإقتصادية التى تكبل صغار المستثمرين وصغار رجال الأعمال من أبناء الوطن وهم الغالبية الكاسحة والتي تمثل القوة الحقيقية لبناء اقتصاد حقيقي.. بينما في نفس الوقت تضع التساهيل أمام كبار رؤوس الأموال.. وياليتها استثمارات إقتصادية حقيقية.. ولكنها نوع من الانتهازية والشفط المنظم للاقتصاد المصري على طريقة "خد الفلوس واجري"..

 
ومتى التخلص من السياسات الإجتماعية.. التي اعادت الفوارق الطبقية لأوضاع أسوء مما كانت عليه أيام الملكية وأعادت معها المحسوبية والرشوة.. ونشرت الرذيلة والأخلاق الفاسدة بين طبقات شعبنا الطيب...

 
ومتى التخلص من القوانين واللوائح التي أصدرها تباعا وبالتزوير بعد توقيعه لاتفاقية السلام مع العدو الصهيوني والتي تكبل العمل السياسي والنقابي.. والعمل الجامعي وتحد من النشاط الطلابي داخل الجامعة.. والتي انتجت غياب كل القوى الفاعلة عن ساحة العمل السياسي من طلبة وعمال...

 
متى التخلص من هذا الدستور "الدائم الذي أصدره وفصله على مقاسه.. وأعاد تعديله بما يلائم تطلعه في الاستمرار ابدا بالحكم ولكن الله كان بنا رحيما فانتهى أجله قبل أن يتم مدته الثانية.. هذا الدستور الذي مازال خليفته يمارس نفس أسلوب معلمه ويعدل فيه وفق هواه ومصلحته هذه المرة ليورث ابنه بعد أن استنفذ مرات مكوثة على كرسي الحكم المفتوحة وبعد أن طعن في السن....

 
متى التخلص من هؤلاء الرجال الذين تركهم السادات ومازالوا حتى الآن ممسكين بمواقعهم رغم أن بعضهم مصاب بأمراض الشيخوخة وتخلفها العقلي...

 
إنني حقيقة كنت أراهن على أن السبعينات من القرن الماضي لن تنتهي قبل أن نودع هذا النظام الذي أسسه "السادات".. ولكن للأسف انتهى السادات ببداية الثماينات ولكن نظامه وما أورثنا من تركه ثقيلة استمرت واستشرت ونمت.. وأنتجت كل ما نحن فيه في مصر من مشكلات ومن أمراض وفي كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والتعليمية والصحية... فلا انتاج ولا تعليم ولا صحة ولا أخلاق والكل يدور حول نفسه وكل شيء ظاهري فقط.. أما الحقيقة فلا شيء.. أو كل شيء متدهورا...

 
يجب سرعة التخلص من تركة السادات قبل أن تستكمل الانتهازية بناء نظامها ووضع قواعدها.. خاصة وأنها قد سارت في سبيل تحقيق ذلك خطوات وخطوات.. مستغلة غياب شعبنا ومستغلة المناخ الذي وفرته تركة السادات الثقيلة الظالمة...

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ١٨ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٧ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور