مـــواقـــع ومــــواقــف

 
 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

إنتشرت اليوم وعبر تسهيلات تقنيات الإنترنيت الكثير من المواقع الألكترونية التي تهتم بالشان العراقي ..والإهتمام بهذا الشأن يأخذ جوانب وإتجاهات شتى ..

 

من هذا الإهتمام ما يعني بكشف وتعرية فكرة وتخطيط وتنفيذ عملية غزو وتدمير وإحتلال وتمزيق العراق حضارة وتأريخ وشعب و ونهب ثرواته وتقسيم وتفتيت وحدته ومكوناته وما يعاني شعب العراق من ويلات وهو يرزح تحت قوة المحتل والسلطة المنصبة عليه..

 

والبعض الآخر من المواقع يهتم بالترويج لصورة المحتل وسلطته المعينة لحكم العراق ..

بينما تهتم مواقع أخرى بالإيغال بزرع الطائفية والعنصرية وتسويق مجاميع وأشخاص وأحزاب وتيارات بحجة حماية مصالح الطائفة والثأر لها تأريخيا !..

 

وتميزت بشكل عام هذه المواقع البعيدة عن المعاناة الحقيقية للشعب العراقي والتي تتبع منهجا منظما لتكريس حالة طمس الحقيقة بنوعين من التوجهات:

 

نوع يدّعي الحيادية المطلقة ..حيادية ولا إنحيازية حتى عندما يتعلق الأمر بالحق والعدالة والضمير وإنصاف المظلوم ..

 

ونوع آخر وهو الذي يدّعي الوطنية ويروج لتثقيف الشعب بكل مكوناته لتبني سياسة الإستسلام والمهادنة والرضى بالأمر الواقع والتعامل مع المحتل كمحرر!..

 

وإستقطبت هذه المواقع الكثير من الكتّاب ..منهم مَن لديه رؤية سياسية ومبدئية معينة يحاول التعبير عنها ..ومنهم مَن إستمالت نفسه مع تبني هذا الموقع أو ذاك لطروحاته المتشددة أو حتى تلك التي يتساقط منها السمّ..

وإستخدمت المواقع التي تدّعي الحيادية مسميات عديدة لنشر ما يصل إليها من متناقضات تحت إدعاءات (الحيادية وإن المقالات تعبّر عن آراء أصحابها) مستخدمة عناوين (آراء حرة)..أو (وجهة نظر) أو (مساهمات) و(إضافات ) وحتى (مقالات) أيضا..حيث تقرأ في هذا الموقع ويوميا مقال يتحدث عن واجب وحق المقاومة للمحتل ومقال آخر يهاجم المقاومة ويتغنى بالمحتل الأمريكي وكيف أنه حرر العراق وشعبه وجعلهم يتنعمون بالستالايت والهاتف النقّال والوشم على الجسم والتعود على الحياة المتحررة!..

 

ويأتي مقال آخر يهاجم المقاومة والمحتل (وينتصر) للطائفة وآل البيت أو القومية المتعصبة التي تتقدم على الوطن ومصالحه!..

 

وهكذا إلتزمت هذه المواقع شعارا عاما لحركتها وسياستها وهو : ( الترويج للكفر والإيمان في آن واحد)!..

بإعتبار أن هذه هي (الديمقراطية) التي حققها الإحتلال الأمريكي للعراق !..هذه الديمقراطية التي (كانت غائبة) عن العراقيين لقرون!..

 

وإنقسم كتاب هذه الأبواب بين من (لا يقترب من المحتل والحكومة ولا يحرك ساكنا ولا يسكن متحركا ولا يتلمس مقتلا من نقاط حساسة!) وبين من يدعي الحيادية وربما (الإعتدال والواقعية !) أو (الشمولية!) إنطلاقا من مثل عراقي مشهور ومعروف!..

 

وأصبحت بعض هذه المواقع "بيوت عامرة للكتاب" الذين إن لم يجدوا أحد ليهاجموه يتحولون لمهاجمة أنفسهم !..واخذت هذه المواقع تحتضنهم ماداموا ضمن هذا النهج ..ثم لا تلبث أن تحاربهم عندما يحيدون عن هذه االخاصيّة!..

 

وأصبحت المحبة والرعاية والتربية الفكرية والمنهجية على الفضيلة والحق والدفاع عن العراق ومبادئه وقيمه والتضحية من أجله لها نفس قيمة رعاية ودعم مَن يدعو للرذيلة والحقد والثار والتفرقة والخنوع والإستسلام!..

 

وتدريجيا أصبح نهج الكثير من المواقع بعدم إعتماد التطرق للحق العراقي في المقاومة والسعي للتحرير ونقد السلطة المسيرة من المحتل والساكتة والمتسترة والمشاركة في تدمير العراق ونهب ممتلكاته وتقسيم أرضه وشعبه كالعهد المقدس الذي لايجوز مناقشة وتعديل مكوناته!..

 

وفي الوقت الذي تتوجس فيه بعض المواقع من نشر نشاطات ونضال حزب البعث العربي الإشتراكي ورموزه وبطولاته إبتعادا عن مخاطبة (الطيف الواسع من شعب العراق المنتمي والصديق والمتعاطف مع نبض البعث) ..فهنالك مواقع ترفض وتحارب وتنتقد هذا النهج بإسلوب عدائي وحاقد..

 

وبدأ الشعب يلاحظ إزدواجية المعايير المهنية في العمل لدى هذه المواقع عندما يراقب عدم نشر أي شيء يتعلق بفعاليات المقاومة العراقية المسلحة او بعض فصائلها  وهي تخلو ودائما من الإشارة ( ولو بإستحياء!) او (غفلة من الرقيب!) الى مقالات وبيانات وملاحم وبطولات المقاومة الوطنية العراقية وعدم شرعية الإحتلال والحكومة وأجهزتها القمعية وتوجهاتها الطائفية ؟..

 

ولعل السبب يكمن في إستمرار تصوّر القائمين على هذه المواقع بجدوى مجاملة من لا يؤمن بما تذهب إليه المقاومة والتيارات الوطنية الفاعلة في الساحة العراقية ومنها حزب البعث ..

 

وبذلك فهم يتوهمون بأن إبتعادهم عن نشر المقالات والبيانات ومتابعة أخبار المقاومة العراقية بغية عدم إثارة الآخرين هو الإسلوب الوقائي الأمثل الذي يتلائم مع توجهات الجهات التي يغازلونها ..ولعل متابعتهم بالسماح بنشر آراء وبيانات الجهات التي تناصب العراق والمقاومة والبعث العداء  دليل على إمعانهم في منع حق الشعب العراقي للإطلاع على كل الحقيقة وليعرف من صاحب الحق ومن يمثل الباطل ..

 

نقول للقائمين على هذه المواقع البائسة والتي تغالي بإستخدام مفردات الوطنية :

 

ماهو وزن كلمة الوطنية بلا المقاومة والنضال؟ ..

وبدون من يقف بوجه الإحتلال ببندقيته وصدره وأهله ووجوده ويحارب الطائفية ودولة السرقة والنهب والتهميش والظلم والقتل والتهجير ماقيمة المواطنة؟..

 

وأخيرا فإن الحيادية لا تعني أن نغمض العين ونسد الأذن ونطبق على الفم تجاهلا للحقيقة وإمعانا في مجاراة الباطل والزيف على حساب الحق والوطن..

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٠٥ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٤ / أيلول / ٢٠٠٩ م