أربعاء بغداد الدامي , لن تقييد ضد مجهول !!

 
 

شبكة المنصور

د. مثنى عبد الله / باحث سياسي عراقي

(أن الحرب مستمرة ضد المسلحين)..مايسمى رئيس وزراء العراق.
(أن الانفجارات كانت بائسة ومتوقعة ومحاولة من قيادات الجماعات المسلحة لرفع معنويات الذين ينتمون اليهم)..مايسمى وزير الامن الوطني.


(أن وسائل الاعلام سعت الى تضخيم الامر وان ماحدث لم يكن سوى انفجارين وليس اكثر)..مايسمى الناطق باسم قيادة عمليات بغداد.


(لاأستبعد وجود تواطئ في العملية وان القادم اكبر)...مايسمى وزير الخارجية العراقي.


هذه وغيرها العشرات من التصريحات سمعناها على مدى الايام الماضية , من مسؤولين ونواب وزعماء كتل سياسية , كل كان يسعى جاهدا للاستفادة من الحدث وتجييره لصالحه , على الرغم من مأساويته , فلقد أعتادوا المتاجرة بالدم والرقص على جثث وأشلاء الضحايا الابرياء ولاثارة الغبار في الساحة السياسية لتمرير أتهام بعضهم للبعض الاخر ,وجمع اكبر عدد من أوراق الضغط على شركائهم فيما يسمى (العملية السياسية) , وللتغطية على أهدافهم المشبوهة , واجنداتهم الاقليمية أو الدولية التي يعملون جاهدين على تطبيقها, وللتحضير الى أعمال اجرامية اخرى , تقتل المزيد من الابرياء وتهدر الكثير من الموارد في مشهد بات يومي على مدى سبع سنوات من عمر الاحتلال واعوانه المتسلطين على رقاب شعبنا .


فالطغمة الحاكمة اليوم تفتقر الى أبسط مستلزمات القيادة والشعور بالمسؤولية والادراك , وهم ليسوا أكثر من شلة من اللصوص والجهلة , سبق وأن وصفهم( الجنرال زيني القائد السابق للقوات الوسطى الامريكية) في العام 2000 بانهم جبناء ولصوص وحذر بوش منهم قائلا له (لاتثق بهم لانهم مكروهون من أغلبية العراقيين ولايمثلون سوى أنفسهم ) لكن المجرم الاكبر بوش وجدت فيهم ضالته ,فجمعهم من أصقاع شتى على مائدته , وأمتطاهم في لحظة من اظلم لحظات التاريخ كي يغزوا بلدا عظيما , وصنع من وجوههم وجها تنكريا له كي يقتل ويسلب وينهب ويقسم ويفتت ويغتصب بأسمهم وبأسم المذاهب والطوائف والعشائر والقوميات التي يدعون تمثيلها زورا وبهتانا , فالمستعمر اليوم هو الوحيد المستفيد من أحتفالات النحر الجماعي الجارية على أرض العراق , للتغطية على سرقاته للثروات ولتكريس احتلاله البغيض وللتاسيس لقواعد عسكرية وأستخباراتية بصيغة ناعمة بعيدا عن العسكر والدبابات التي تجوب الشوارع والحارات , فالمأزق المالي أصبح غير قادر على تغطية الافعال العسكرية العنجهية اليوم , ولابد من تغيير الوسائل والمستلزمات في ظل منهج (التغيير) للرئيس الجديد.


أن أي مراقب أو متابع للشان السياسي العراقي يستطيع الجزم بان ماجرى في يوم الاربعاء الدامي في بغداد , كانت جريمة سياسية واضحة الابعاد والمعالم لن تقييد ضد مجهول , فقد نفخ ما يسمى (رئيس وزراء) أوداجه على شركائه الذين أتوا به الى الموقع الاول في السلطة التنفيذية , وأصبح يمشي متبخترا على الرغم من صغر حزبه المتشقق يوميا , وتوهم بانه قادر على مناطحة الشركاء وأزاحتهم عن مواقعهم التي سبق وان أتفق معهم عليها , وتجاسر بان دفع وزرائه للاعلان بان سرقة مصرف الزوية قد تمت من قبل كبيرهم الذي علمهم السحر , في الوقت الذي كان بامكانه التستر على الموضوع وتقييده ضد مجهول كسابقاتها , بل أخذته العزة بالنفس والطمع بالمنصب والجاه أن يفرض شروطا على سيده, وان يخالف أوامر السيد الولي الفقيه بالدخول الى الائتلاف الجديد , ويطلب مسبقا التجديد له برئاسة الوزراء في الحكومة القادمة و النصف زائد واحد من أصوات الائتلاف الجديد لحزبه , وكل ذلك كان بسبب تعكزه على موضوع مايسمى( أستباب الامن) الذي تحقق في عهده كما يدعي , مما دفع الشركاء وحلفائهم في ايران الى أفهامه بانه ماهكذا تورد الابل يا(دولة الرئيس), فاذا كنت تاكل من جرفنا بحجة الامن وتبني مجدك على أنقاذنا , فانظر مانحن فاعلون بالورقة التي أرقتنا فيها وبدولة القانون التي شنفت أسماعنا بها , فكان أن تمت جريمة يوم الاربعاء الدامي بمعالم جرمية سياسية واضحة , وكما يلي:


1. أعتراف مايسمى (رئيس وزراء) بان الحادث كان بسبب الخلافات السياسية بين الشركاء , وتبعه في هذا التصور الكثير من اقطاب ( العملية السياسية) الذين اشار البعض منهم بانها بداية للحملة الانتخابية , ثم عزز هذا الاعتقاد تصريح مايسمى وزير الخارجية بوجود تواطئ في التنفيذ وتركيزه على أن القادم أكبر, مما يؤكد علمه المسبق بوجود هكذا مخطط.


2. سرعة تنفيذ العملية بعد أيام معدودة من قرار رفع الحواجز الكونكريتية , مما يؤكد بان التخطيط لها قد سبق رفع الحواجز, وان المجموعة المسؤولة عن التنفيذ كان لها علم مسبق بقرار الرفع , حيث أن تنفيذ هكذا عملية وبهذا الحجم من التخطيط والتنفيذ يتطلب وقتا ومن غير المنطق أن تستغل جهة أخرى هذه الايام القليلة كي تجمع المعلومات وتخطط وتخترق كل التحصينات والسيطرات وتنفذ بهذه الدقة العالية .


3. كان أختيار الاهداف مشابه تماما لاسلوب اختيار تفجير وزارة التخطيط العراقية ووكالة الانباء العراقية والسفارة العراقية في بيروت في الثمانينات , الذي جرى بتخطيط وأشراف وتنفيذ المخابرات الايرانية , والتي بقيت تعتمد هذا الاسلوب في الكثير من عملياتها .


4. أن الحشد المعلوماتي الاستخباري الذي وضع في خدمة المنفذين , والاستطلاع المتقدم للاهداف ولكافة الطرق الواصلة للهدف , وكمية المتفجرات , والتوقيت الزمني الموحد لانطلاق المنفذين نحو الاهداف , كلها دلائل واضحة على أن التنفيذ جرى بامكانات دولة وجهاز أستخباري متمرس له أذرع في الاجهزة الامنية العراقية .


5. تم تنفيذ العملية بالرغم من وجود غرفة عمليات أستخبارية عراقية – أمريكية , يتم فيها تزويد قوات الامن العراقية بالمعلومات التي تحصل عليها أجهزة الاستخبارات الامريكية التي لاتنطق عن الهوى.


أن أستمرار القاء تبعة هكذا عمليات على متهمين جاهزين في كل مرة ( بعثيون, صداميون , تكفيريون ) , أنما هو مشهد تمثيلي بائس النص والتمثيل والتصوير والاخراج , والاكثر بؤسا رايناه هذه المرة حينما أظهروا لنا شخصا يعترف بانه العقل المدبر للعملية , أدعوا بانهم القوا القبض عليه في فترة وجيزة نافسوا فيها أجهزة الاستخبارات العالمية في سرعة القبض على الجناة , مما يؤكد بان هذا الشخص كان موضوعا تحت الرصد والمتابعة من قبلهم , أذن لماذا لم يتم القاء القبض عليه قبل شروعه بتنفيذ العملية ؟؟؟كي تحسب لهم ضربة أستباقية كما هو الاسلوب الذي تتعامل به الاجهزة الاستخبارية المتطورة . أم أنها عملية أستعراضية تخدم أهدافا انتخابية شبيهة لعملية أعتقال زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين(أبو عمر البغدادي) الذي أعلن في وقتها الناطق بأسم الحكومة , من ان أعترافاته ستطيح بالكثير من الرؤوس المشاركة في( العمليةالسياسية) , ثم تبين فيما بعد بان المعتقل ليس له أية صلة( حتى ولا صداقة) بزعيم القاعدة في العراق , وان العملية كانت مفبركة لاخافة وابتزاز بعض الشركاء للحصول على مكاسب سياسية .


أن الدم المراق على أرض العراق من الابرياء, والذي أرادوه أن يكون رخيصا يجب أن يدفعوا ثمنه غاليا وان الاشهر القليلة القادمة , ستشهد تطورات سياسية وعسكرية سيتفاجئون بها هم قبل غيرهم , ومن يستظلون بظله اليوم أصبح غير مستعدا لتوريط نفسه في المستنقع أكثر مما هو خائض فيه الان .

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاربعاء  / ٠٥ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٢٦ / أب / ٢٠٠٩ م