المالكي .. ونظرية (( حوار الطرشان ))

 
 

شبكة المنصور

د. يوسف اليوسفي

لقد تفتقت عبقرية مستشاري المالكي المدنيين والعسكريين،ورجال الدين والمخططين الاستراتيجيين،وعلى رأسهم الناطق الرسمي باسم الحكومة (علي الدباغ)،وكبار قيادي حزب الدعوة ( الأشاوس ) ومن ( فطاحل ) ومنظري الاجهزه الامنيه ..تفتقت عن جمله استشارات ونصائح وقرارات تنير ( الدرب المظلم ) أمام رئيس الوزراء الذي بدا عليه الإعياء والتخبط وعدم الاتزان وفقدان الصواب خصوصا أن الانتخابات البرلمانية أصبحت على الأبواب ومن الضروري أن يتحرك على كافة الاصعده الداخلية والخارجية والاقليميه ويترك السواد الأعظم من أبناء العراق إلى ( الجحيم )،لأنه وحسب رأي هؤلاء ( الجهابذة )أذا ما فعل ذلك لوضع الفوز في الانتخابات القادمة ( في الجيب ) !! وبما أن المالكي قد سلم ( لحيته )بيد هؤلاء فقد عمل بوصيتهم وحزم أمره على تنفيذه،فجاءت المفاجئات كسابقتها يغلفها الفشل الذريع في كل اتجاه .


لقد سارت الأمور باتجاه معاكس لما يخطط له هؤلاء وما أعطوا للمالكي من نصائح وإرشادات أوقعته في مأزق كبير والسبب واضح لان أوامر أسياده الأمريكان والإيرانيين كانت تصب في ( خانه واحده ) هي المزيد من ( الفوضى الخلاقة )والمزيد من الدماء والقتل والنهب والفساد والسرقة وحرق الوثائق وحجب الحقائق عن العراقيين بالاضافه إلى نصائح ( العباقرة) هؤلاء التي سوف توصله إلى بر ألامان !


وأمام هذه الاستشارات ما كان على المالكي ألا أن يطبق ( النصائح ) المقدمة له من هؤلاء وغيرهم وهم يصفقون له ويشجعونه ويقولوا له ( وحدك أبو أسراء بالساحة ) العب يبهم ( جولة ).


كانت ثمار هذه النصائح..الأوامر والتوجيهات والتوصيات على جدول أعماله من ألان وحتى الفوز بالانتخابات القادمة..وهو يؤمر وينفذ دون ( نقاش ) يذكر..هكذا صدرت الأوامر أليه ولإتباعه من ( الأقزام ) من خلال التزامه بضوابط نظريه (( حوار الطرشان ))حيث كانت من ثمار هذه النظرية المشؤومه مايلي :-


1- زيارته لمقبرة قتلى الجيش الأمريكي المحتل وقراءة سورة الفاتحة على أرواحهم الشريرة،رافقه في الزيارة كبار قاده في حزب الدعوة وبعض المسؤليين. وبهذه الزيارة سقطت أوراق المالكي أمام من كان يعتبره ( أحسن من غيره ) ويبقى السؤال الحائر هو لماذا لا يفكر هذا ( القائد الخردة ) بزيارة مقابر شهداء العراق وقراءة سورة الفاتحة على أرواحهم ؟ فهل يجوز لحاكم بلد أن يكرم قتلة أبناء شعبه ؟ماهكذا تورد الإبل يامالكي...!


ورغم الانتقادات التي وجهت إليه لزيارة أمريكا والمقبرة في هذا الوقت بالذات فهو لم يبالي بذلك وهو يلبس ( الحنديري )* ويسير للإمام فقط !!


*الحنديري: غطاء من الجلد يضعه سايس الخيل كقناع على وجه الحصان فلا تظهر ألا عيونه حتى ينظر الحصان إلى الأمام فقط دون الالتفاف يمينا أو يسارا .


2- بعد رجوعه من أمريكا متمسكا ( بخارطة الطريق ) التي وضعتها له المخابرات الامريكيه الصهيونية والتي زودت المخابرات الايرانيه للعلم والاطلاع وتنفيذ أوامر أمريكا والتي تضمنت نصائح وخطط عامه من قبل اوباما وجو بإيدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وان ينفذ ما طلب منه حرفيا ودون ضوضاء ودون كلام وابلغوه أن ( سيناريو )جديد اعد لهذه الفترة بالذات ينتظره عندما يصل إلى بغداد من القتل والنهب والذبح والصراع الطائفي وتأجيج الصراع السياسي وخلق ( الفوضى الخلاقة ) من جديد !!!


3- بعد وصول المالكي إلى العراق بعد زيارته المشؤومه إلى أمريكا،جرت سرقة مصرف الرافدين فرع الزويه في الكر اده،وبمبلغ أكثر من ثمانية مليارات دينار عراقي،وقد ابلغه عادل عبد المهدي عندما كان نائما بعد الساعة الثالثة فجرا . وكان ( إبطال ) هذه السرقة من حماية عادل عبد المهدي وجلال وطارق الهاشمي ( حاميها حراميها ). لقد كانت صدمة بالنسبة له رغم انه يعلم بها مسبقا ولكنه لم يتمكن من كشفها بسهوله وقد جاءت المفاجأة الأخرى عندما علم انه في الموصل أيضا وقعت سرقة مصرف أخر بمبلغ ( 160 ) مليون دينار عراقي وان ( الاسايش ) و ( البيشمركة ) هم من اضطلع بهذه الجريمة النكراء .


4- المفاجأة التي أذهلت الجميع،أحزاب وقوى سياسيه عدا حزب الدعوة هي زيارة المالكي وقيادة حزبه إلى الشمال ولقائه بجلال والبر زاني والموافقة على دمج فرقتين عسكريتين من البيشمركة مع الجيش العراقي!ويضاف الموافقة على الفقرة ( 140 ) من الدستوروالارض المتنازع عليها ومسألة كركوك..وهذا كله بمثابة تخطيط ذكي قبل الانتخابات يضمن للمالكي دعم الأكراد له في الانتخابات القادمة.


5- تم توبيخ المالكي من قبل الأمريكان مرات عديدة،ولكن هذه الزيارة كانت ( الأعنف ) توبيخا من قبل أسياده والسبب واضح لأنه فشل في جميع المحاور،وقد ابلغوه في واشنطن أن رحيله عن موقعه ومغادرة المنطقة الخضراء أمر وارد في حسابات الإدارة الامريكيه.


6- تفاجأ الجميع من المقربين للمالكي حين عاد إلى العراق وقد علق صوره أهداها له سيده اوباما بحضور جو بايدن وهيلاري كلينتون تمثل ثلاثة قرود،الأول يسد إذنيه بيديه (فلا يسمع شيئا) والثاني أغمض عينيه بيديه (فلا يرى شيئا) والثالث يسد فمه بيده (فلا ينطق شيئا) وطلب المالكي من مستشاريه ومدير مكتبه باعتماد هذه الصورة كونها تعبر عن مرحلة استراتيجيه جديدة سيعمل على وفقها المالكي وعلى الجميع الالتزام بها !!


هذه الصورة توضح للمالكي كيف يجب أن يكون الالتزام بنصائح (الأسياد) الأمريكان له،ونص نظريه (حوار الطرشان)المطلوبة من المالكي أمريكيا هي (إنا أتحرك...أذن إنا موجود) ورغم هذا فأن هذه النظرية توصي الملتزمين بها وأولهم المالكي مايلي: (إنا لااسمع..لاارى ولااتكلم )أذن إنا غير موجود وكأن الحوار مع الطرشان هو مطلب أمريكي في هذه المرحلة !!!


7- مجزرة معسكر اشرف واقتحام القوات العراقية له كان بعلم وتخطيط إيراني وتنفيذ (مالكي)ودعم من منظمة (بدر)والمجلس الأعلى وكل المشاركين في العملية السياسية وأرادوها ورقه ضاغطة للانتخابات وإيران أرادتها وسيله امتصاص الفوض العارمه على الساحة الايرانيه وأيضا إحراج الأمريكان من قبل إيران بان الحكومة العراقية لاتعترف بالاتفاقية الامنيه التي وقعتها مع الأمريكان وهذا يضعف من قيمة المالكي...!


وهنا أيضا يطبق المالكي (نظرية حوار الطرشان) منطلقا من فحوى هذه النظرية التي تقول (بيتنا ونلعب بيه..وشلهه غرض بينه الناس).


8- الحزبان الكرديان ومن خلال (الاسايش والبيشمركه)ودعم جوبا يدن لهم وموافقة المالكي على دمج فرقتين من البيشمركة في الجيش العراقي،اخذوا يصعدون الموقف في الموصل وكركوك والمناطق المتنازع عليها وخصوصا بعد فوز البر زاني في الانتخابات (المهزلة)وإعطاء المالكي الضوء الأخضر لهم من خلال دعم وإعادة التعاون بين الحزبين الكرديين وبين حزب الدعوة المالكي ومن خلال قائمة (دولة القانون).


أن اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية يقرب (الفجوة)بين المالكي وبين جلال ومسعود ويزيد الخلاف بين المالكي وبين المجلس الأعلى ..والفضيلة والصدريين والحزب الإسلامي..لكن كل شئ وارد في مفاهيم هذه الأحزاب (الخردة)..!


9- لقد سوف المالكي قرارات كثيرة طالما رفعها بمناسبات عديدة وكانت قائمه الفاسدين والمفسدين من الوزراء الشغل الشاغل له ولبقية جوقته من البرلمانيين وأصبحت مادة انتخابيه لهم ولكن بعد فضيحة وزير التجارة وهروبه من من العراق ونية بعض الكتل في البرلمان لمحاسبة وزير النفط والمالية والكهرباء وغيرهم من المفسدين.اصدر المالكي(فرمان)بإيقاف هذه الاستدعاءات حتى لاينفضح (المستور) وما وراء الكواليس وجيرت هذه القضية تحت بند (نظريه حوار الطرشان) رغم مطالبة لجنة النزاهة بإثارة هذه الأمور!!


10- المالكي يقيل كريم شهبوري مستشار الأمن القومي ولم يعرف السبب لحد ألان وقد شكل الأخير حزب (الوسط)حتى يدخل الانتخابات القادمة وكرر رئيس الوزراء المحاولة عندما أراد أن يعفي رئيس المخابرات (الشهواني)من منصبه،ولكن أسياده رفضوا ذلك وهنا تبرز أهمية (نظرية حوار الطرشان)المالكية عندما يقول:(لوعرف السبب بطل العجب).


11- حكام الكويت استهوتهم نظرية المالكي (حوار الطرشان)أمريكية الصنع فأخذوا يمارسونها معه ومع العراقيين حول المماطلة بالمطالبة بإخراج العراق من البند السابع ورفع الديون وقد نجح حكام الكويت بتطبيق هذه النظرية على حساب مصلحة العراقيين ولم يكتفي هؤلاء بتدمير العراق هم والمحتلون والنظام الإيراني،ألا أنهم اخذوا يماطلون في أبقاء العراق تحت طائلة البند السابع .. وتركوا المالكي وجماعته يندبون حظهم العاثر وهم يرددون (يا أم حسين جنتي بواحد...صرتي باثنين)ويكرروا شعار (نظرية حوار الطرشان)...لااسمع...لا أرى ولا أتكلم .


12- (حوار الطرشان) بين المالكي والحزبيين الكرديين اخذ إبعادا جديدة بعد رجوعه من (أعمامه الأمريكان)وبعد توصيه من اوباما وبايدن بضرورة التفاهم فيما بينهم أي المالكي وجلال ومسعود يكون على طاولة (حوار الطرشان) ولكن على المالكي ان يعيد النظر بتعامله (الجاف) مع الحزبيين ويبدأ بإعادة (المياه إلى مجاريها)وإعطائه الضوء الأخضر للبيشمركه والاسايش لان يصعدوا الموقف ويوججو.وبعد عودته الميمونة من أمريكا..تم للأكراد ذلك وخصوصا تصعيد الموقف في الموصل وبقية المناطق المتنازع عليها .وفعلا بدأت هذه الاجهزه (تسرح وتمرح)من خلال قتل العرب والمسيحيين ومن بقية الأقليات الأخرى حيث توجت جرائمها بجريمة العصر بتفجير هائل في قرية (خزنة)التابعة لناحية (برطله) حيث وصل عدد القتلى والجرحى أكثر من (300) وتدمير (35) دارا بالكامل ، وفضل هذه الجريمة يعود إلى أمريكا ونظرية (حوار الطرشان) وقبلها جرائم أخرى في تازة والزنجبيلي وتلعفر .. وكان للبيشمركه بصمات واضحة تركتها خارج حدود ما يسمى (إقليم كردستان).


وأخر ما في جعبته المالكي بعد عودته من الزيارة الأخيرة له ربما إلى أمريكا وهو يحمل الكثير مما وعدت به أمريكا الشعب العراقي من قتل وتدمير على لسان اوباما ورهطه عندما قالوا-أن العراق مقبل على أيام عصيبة وصعبه واحتدام الصراع بين طوائفه وأحزابه من اجل مصالح شخصية).وفعلا يشهد العراق ألان تصعيدا لهذه (الفوضى الخلاقة)التي وعدت ولا تزال تعد بها أمريكا عملاءها لتضمن نجاح وانتصار نظريتها الجديدة في العراق التي تطلق عليها تسمية (نظرية حوار الطرشان).


13- ودعما لهذه النظرية ترجمت المخابرات الايرانيه .. وردا على الموقف الرافض للعراقيين لما يحصل من قبل هذا النظام في تدمير العراق..وبعد أن استفاقت إيران من صدمة العنف بعد الانتخابات الأخيرة فيها..وجهت أجهزتها وعملائها في داخل وخارج العراق،وبإيحاء أمريكي صهيوني مخطط له نفذت جريمة العصر ليوم الأربعاء الدامي الذي ضرب العاصمة بغداد بأكثر من (7 تفجيرات) دمويه في مناطق مؤمنه ومحصنه امنيا كوزارة الخارجية.وزارة المالية.وزارة التربية.وزارة الأشغال والإسكان.وزارة الصحة .ومقر الأمم المتحدة .ورئاسة الوزراء والبرلمان !!


وهذا التخطيط المحكم لا يحتاج إلى دليل ما تقوم به المجاميع الخاصة التي يشرف عليها الحرس الثوري،بدعم من المجلس الأعلى وبقية الأحزاب العميلة،لان أصحاب المشاريع(المشوهة) والغريبة هم من يقف وراء هذه الإحداث،التي راح ضحيته هذه المجزرة (150) قتيل وأكثر من ألف جريح وتهديم عشرات من الدور وحرق المئات من السيارات وكالعادة..فان التهمه توجه إلى المدافعين عن العراق المحتل دون الإشارة إلى التدخل الإيراني السافر ودون الإشارة الإمكانيات الهائلة المستخدمة في هذه التفجيرات والتي هي صناعة وتنفيذ وتخطيط أيراني بحت.


وكالعادة تدخل حكومة المالكي بعد هذه المجزرة في حالة سبات من خلال نظريتها (حوار الطرشان)

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة  / ١٤ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٠٤ / أيلول / ٢٠٠٩ م