الإمام يحجب بركته عن أهل الأنبار والأعظمية

 
 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

رغم محاولات الحكومة العراقية لطمس طائفيتها في الأعماق لكنها كالقشة لا تلبث أن تطفو بسرعة على السطح ظاهرة للجميع، وكل محاولات نزع  مخالب  الطائفية عن حكومة المالكي التي تروجها بعض الأطراف الناصبة نفسها محامية عن المالكي هي أشبه بمحاولة ترويض الذئاب، وكلنا يعلم بأن الذئاب هي الحيوانات الوحيدة التي لا تروض مهما بذلت الجهود في ذلك, وأسفاه كل الأسف أنطلاء خدعة محاربة المالكي للتيار الصدري في جنوب العراق على البعض مفسرين تلك المعارك بأن القوات التي شنتها شيعية(ميليشيا بدر وبقية ميليشيات الأحزاب السياسية) ضد فريق آخرمن الشيعة(التيار الصدري) وخلصوا إلى نتيجة بأن المالكي غير طائفي! وهذه السفسطة الساذجة بحد ذاتها تمثل إعتراف ضمني بأن الشرطة العراقية تغلب عليها صفة الطائفة وهذا خلل كبير في بنيانها التنظيمي لأن ولائها كما تيين للطائفة والأحزاب التي ألبستها الزي الرسمي، كما ان تلك المعارك كانت بسبب المصالح المتضاربة بين الفئات المتصارعة لا أكثر! ونفس الشيء يقال بالنسبة للملاحقات التي طالت عناصر حزب الفضيلة وجماعة اليماني.

 

لدينا نموذج فريد في طائفية حكومة المالكي وهو وزير التربية الملة خضير الخزاعي، فهذا الوزير إيراني الجنسية وهو من قادة الحرس الثوري الإيراني ويستلم راتبا من حكومة الملالي، وقد تسلم الوزارة ليزرع بذور الطائفية في عقول الأطفال فأن نمت وبلغت النضج اثمرت ثمارا ستكون في سلة حكومة الملالي في طهران, وأختيار هذا الأمعي الروزخون ليستوزر التربية لم يكن محض صدفة بل تخطيطا إستخباريا نموذجيا ذو بعد مستقبلي, فالوزرات العراقية التي يشغلها إيرانيون موزعة بطريقة ذكية ومدروسة على نحو عميق كوزارات النفط والمالية والتربية والداخلية(باقري صولاغي سابقا) إضافة إلى معظم المؤسسات الحيوية في الدولة, والوزير الروزخون ما أن تسلم وزارته حتى بدأ ينثر بذور الطائفية فغير معظم أسماء المدارس إلى اسماء آل البيت وكناهم ولا ضير في ذلك فهي أسماء معطرة طيبة عزيزة على كل مسلم ويتشرف بها كل عراقي، لكن أن توضع أسماء محددة لغرض الإستفزاز فهنا يكمن الشك كأختيار أسماء لبعض المدارس مثل إبن العلقمي والطوسي مرشد المغول والسقيفة وغدير خم وغيرها من الاسماء.

 

ولم يكتف الوزير الروزخون بهذه الفاجعة بل قام بتغيير المناهج الدراسية حسب توجيهات سيده الخامنئي وإذا بالخليج العربي يتحول بمشيئة الملة إلى الخليج الفارسي، وتحذف كل المواد ذات المدلولات الوطنية والعروبية والقومية من المناهج التعليمية لتحل محلها المدلولات الطائفية, وكان للوزير صفحات تربوية وتعليمية في غاية البطولة عندما هجم مع كلاب حراسته على أحد القاعات الإمتحانية, وقامت عناصر الحمايه بدورها الوطني عالي المسئولية بضرب الطلاب بأخامص بندقياتهم ولما وجدوا الأخمص لا يف بالإيذاء المطلوب فتحوا النار على الطلاب وأصيب خمسة منهم بجروح خطيرة في قاعة الأمتحان, كانت تلك أول وآخر زيارة للمدارس يقوم بها الروزخون والحقيقة كانت معركة وليست زيارة! معركة حاسمة قادها رسول العلم والتربية ضد أبنائه البررة تجلت فيها كل معالم الشهامة والنخوة والبطولة ينطبق عليها قول شاعرنا الرصافي:

 

كـــــلاب للأجانب هـم ولكن      على أبناء جلدتهم أسود

وكم عند الحكومة من رجال      تراهم ســادة وهم عبيد

 

ومن الطبيعي أن لا يفتح هذا الفايل من قبل حكومة المالكي أو البرلمان( وفق قاعدة شيلني وأشيلك). بالطبع الملة الروزخون لا ينطق عن هوى وإنما عن لسان دهاقنة قم وطهران وهو ينفذ التوجيهات الصادرة له من نظام الملالي بكل دقة ومهنية. ولذلك لم يفاجيء الشعب العراقي عندما ظهرت نتائج الإمتحانات الأخيرة بتفوق محافظتي النجف وكربلاء عن بقية المحافظات بأعلى المعدلات بما فيها بغداد ولأول مرة في تأريخ العراق القديم والحديث, وأختلف جهابذة العلم وعلماء الفلك والسحرة في تفسير تلك الظاهرة الفلكية الغريبة في سماء العراق، وإتخذت التحليلات إتجاهين أولهما أن الملة خضير البرمكي سرب اسئلة الإمتحانات إلى المحافظتين فجاءت النتائج مطابقة لمدار الفلك الخزاعي, والإتجاه الثاني ان الملة لا عفا الله عن ذنوبه، أضاف(15) درجة على المعدل العام فأزداد من كان له معدل(70) بفضل برمكة البرمكي ليصبح(90) ويؤهله لدخول أفضل الكليات. ولكن الملة الروزخون لم يكتف بتلك المأثرة الخالدة في تأريخ التربية والتعليم الديمقراطي! بل عاجلها بمأثرة معاكسة ولكنها مكشوفة بل مفضوحة وتدعو للتهكم رغم مرارتها. فقد أظهرت النتائج الإمتحانية بأن أقل المحافظات بالمعدلات هي محافظة الأنبار؟؟؟؟ والذي زاد الطين بله هو أن أقل المدن في بغداد معدلات في نتائج الإمتحانات هي الأعظمية؟؟؟؟ وهذه أول مرة في تأريخ العراق تتخلف محافظة الأنبار والأعظمية عن الركب الدراسي في العراق لزعل آل البيت وأتخاذهم قرارا بحجب بركتهم على طلابهما كما سيوضحه الوزير البرمكي! بالرغم من أن الأعظمية تجاور الكاظمية وفيها قبر أحد أبرز تلامذة آل البيت( أبو حنيفة). و تضم الأعظمية أقدم وأفضل مدارس العراق وأكفأ المدرسين, لكن ما العمل إنها لعنة آل البيت التي طالت أبنائهم التلاميذ كما شرح الروزخون! أما السبب الحقيقي فيتلخص بأن أهل المدينتين( الفلوجة والأعظمية) من المناوئين للتدخل الإيراني في شئون العراق ويرفدان المقاومة العراقية بعناصر المجاهدين وهذه الحالة لا تتفق ورؤية الملة البرمكي سيما أن منظرته(ساخت إيران) تضبب الرؤية لوجود قصر نظر مهول في الشبكية الوطنية.

 

في سؤال مباشر للوزير البرمكي حول هذه النتائج المثيرة للدهشة والإستغراب بتفوق طلاب محافظتي النجف وكربلاء عن بقية المحافظات لأول مرة في تأريخ المدارس العراقية! فسرها الملة بوضوح تام للمذيعة السائلة " لا تنسي يا إبنتي إنها بركة الإمام"! إذن الإمام هو السبب فقد حجب بركته عن أهل الأنبار والأعظمية وأسبغها بكثافة على طلاب النجف وكربلاء! وما نستنتجه من تصريح الملة بأن الإمام يتدخل بشكل مباشر في الإمتحانات وأكيد بقية القطاعات الحكومية! لذلك إن نجاح أي مشروع في عراق الملة لا يأت نتيجة لكفاءة الخطة ومرونتها وتنفيذها بحرفية ودقة، علاوة على مهارة المشرفين وجهود العاملين. وإنما بركة الإمام هي المحك الرئيس الذي تبنى عليه النجاحات أو الفشل في العراق الجديد! ولكن تصريح الملة يقودنا إلى إشكالات فلسفية! لأن إحتلال العراق ووجود مليون قتيل واربعة ملايين مشرد داخله وخارجه، وملايين من الأرامل والإيتام وجيش من العاطلين وتدمير كل مرتكزات الدولة ونهب ثروات البلاد وتهريب الكنوز الحضارية إنما تعني أن الإمام حجب بركته على العراقيين ككل! فلماذا يحجبها الإمام طالما أن أحبابه من أتباع آل البيت هم من يحكم العراق حاليا؟ والأغرب أن يحجبها الإمام على بقية المحافظات وخاصة الجنوبية ويسبغها على كربلاء والنجف! هل في ذلك عدالة؟ سيما أن أهل الجنوب معظمهم من أتباع آل البيت أيضا! ولماذ يحرم الإمام بقية العراقيين من بركته كالعمال والفلاحين والموظفين ويسبغها على الطلاب دون غيرهم؟ ومن محافظتين فقط؟

 

أنظروا!!! أي إستهانة من قبل هذا الوزير البرمكي بآ ل البيت الكرام وكيف يسيئون إلى بيت رسول الله(ص) الأطهار بتلك الصورة البشعة فيحملونهم ما لا طاقة لهم بها ولا قدرة لهم عليها, إنهم يعلقون فشلهم وأخطائهم على شماعة آل البيت! يستغلون هذه النخبة الطاهرة في دعاياتهم السياسية الدنيئة ويحملونهم وزر أخفاقاتهم فيزيدون البلاء بلاءا! فبهذه الطريقة السمجة يستخفون بعقول العراقيين، وبهذه العقلية المريضة يريدون بناء دولة ديمقراطية!

 

 أذا كان هذا الأمعي اللئيم وزير التربية والتعليم، وزير على هذا المستوى الرفيع من الحمق والدجل والطائفية فما بالك ببطانته وأية مسيرة تربوية يقودها هذا الروزخون؟ وكيف ستكون نتائجها على صعيد المستقبل؟ وبيده القذرة يتحكم بمصير أطفالنا؟ إلا ينطبق على هذا الوزير الملة قول الرصافي رحمه الله:

 

سحقا لكم يا من عمائمكم كما         بزاتكم  شكــــــل بليد باطـــل

مـــــا أنتم إلا بناء ساقــــــــط         نتن ملـيء إرضـة متآكــــــل

هجرت عباقرة مساقط رأسها         وخلافها لـم يبق إلا جاهــــل

فهنــــا عميل ضالع متآمـــــر         وهناك وغد حاقد متحامــــل

تجارنا أوطانهـــــم صفقاتهم         هم في الخيانة والرياء أوائل

 

قديما قيل لأحد الملوك بأن الفساد بدأ ينخر سقف مملكتك! فسألهم:- هل وصل الفساد إلى القضاء والتعليم؟ أجابوا كلا لم يصل بعد!  فقال لهم:- إذن ما تزال المملكة بخير. فما بالك بعراقنا الجديد بعدما تحول القضاء إلى مطية يركبها السياسيون ويسيرونها كما شاءوا. وتحول رسل التعليم إلى شياطين للجهل والفتنه.

 

ألا نقرأ الفاتحة على المسيرة التعليمية في العراق الديمقراطي الجديد في ظل قيادة الملة الرزخون خضير البرمكي؟

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٢ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٢ / أيلول / ٢٠٠٩ م