إذلاء فجبناء فأدعياء فعملاء فزعماء وسفراء !

 
 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

الأمريكان أمرهم عجيب ويحير القاصي والداني , فهم يدعون محاربة الإرهاب ويمارسون في نفس الوقت أقسى أنواع الإرهاب بل نصبوا إرهابيين يحكمون العراق! ويتبجحون بمحاربة الجريمة لكنهم يمارسون أشد أنواع الجرائم خسة وحقارة وآتوا بعتاة المجرمين معهم للعراق! يدعون إنهاء التطرف الديني الذي يحملونه وزر الأرهاب في حين إنهم جاءوا بأشد الأحزاب تطرفا في تأريخ العراق الحديث ليكونوا دليله نحو الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان! جاءوا لأنهاء الديكتاتورية كما يدعون ونصبوا مجموعة من الطغاة لإدارة دفة الحكم إبتدأت بأياد علاوي وإنتهت بالمالكي! جاءوا لجعل العراق مصدر إشعاع لدول الجوار في حريته وديمقراطيته الحمراء, وإذا بدول الجوار تخشى هذا الوحش المفترس وتتقي شر إشعاعه القاتل! ادعوا أنهم حماة حقوق الأنسان فإذا بهم يفنوا الإنسان بكل حقوقه بما فيها حقه في الحياة! معادلات شاذة وطلاسم غير مفهومة وألغاز محيرة, وأفكار خبيثة ولا يمكن أن يعقلها أو يقبلها أي إنسان له مستوى متواضع من المعرفة والذكاء.

 

 نتألم جميعا عندما نجد المسئولين الذين نصبهم الامريكان على العراق ليسوا سوى مجموعة من المجرمين و اللصوص مطعمين ببراعم إرهابية وملقحين بأجود أنواع العمالة والنذالة وزعهم الغزاة بالتساوي على رافدي البرلمان والحكومة, عملاء من الوزن الثقيل، غرباء ومغتربين عن العراق منذ عشرات السنين تركوا عوائلهم في الخارج ليمتصوا رحيق هذا الشعب المظلوم ومتى ما شبعوا عادوا الى أغترابهم الأول بعد أن تتخم بطونهم الشرهة من لحوم ودماء العراقيين. قصة جريمة بشعة تبدأ بفصل السفالة وتنتهي بفصل العمالة. ولا نعرف كيف حسب الراوي بإن الديمقراطية يمكن أن تتحقق في العراق من خلال هذه السرد التافه؟ أو أنه حسبها بذكاء لأن تلك الطفيليات يمكنها أن تقضي على ما تبقى سليما ومعافيا في العراق! عندها يصدق حدسه وحسابه فقد أكمل العملاء تدمير ما تبقى في البلد على أكمل وجه.

 

سبق أن ذكر لقمان الحكيم بأن" الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك" ولم يدر في خلده يوما بأن ( العمالة أجلست المجرمين مجالس الملوك). وعندما قال حكيم المسلمين الإمام علي بن أبي طالب(رض) " عندما يبكي الشجاع يضحك الجبان" لم يكن في حسبانه أن تجري الأمور على سياق آخر وهو(عندما يبكي الوطني بمراره يضحك العميل بحراره). وعندما ذكر الإمام الشافعي بأن "آلات الرئاسة خمسة: صدق اللهجة ، وكتمان السر، والوفاء بالعهد، وبذل النصيحة, وأداء الأمانة" ما حسب أن التأريخ سيحول أدوات الرئاسة في العراق إلى( كذب اللهجة وهتك السر و نكران العهد وبذل الشر وخيانة الأمانة). وعندما أنشد شاعرنا العباس بن الأحنف:

 

حتى الكلابُ إذا رأت ذا ثروة ** خضعت إليه وحركت أذنابهـا
وإذا رأت يوما فقيرا عا بــرا **  نبحت عليه وكشـرت أنيابــها

 

ما حسب ان  الكلاب ستتحول إلى ذئاب بشرية تسمى بالعملاء تتمسح ببساطيل قوات الإحتلال بكل عار وذل، وتنكل بالشرفاء والغيارى تنكيلا:

 

حتى الذئاب إذا رأت محتــلا ** خضعت إليه وحركــت أذنابـها
وإذا رأت يوما مجاهدا مقاوما ** عوت عليه وكشـرت أنيابـــها

 

العملاء لا يدركون بأن العمالة هي سر ضعفهم متوهمين من حمقهم بأنها سر قوتهم. مع إننا ندرك جميعا بأنه من السهل جدا أن تكون عميلا، ولكن من الصعب جدا أن تكون مواطنا شريفا غيورا على وطنك وشعبك. البناء دائما صعب ويحتاج إلى وقت وجهد لكن الهدم أسهل ما يكون! معظم المسؤولين في العراق الديمقراطي الجديد من مزدوجي الجنسية( أكثر من 14 وزير و50 برلماني و70% من السفراء) أي أنهم أقسموا بالولاء للدول التي تجنسوا بها وعاهدوها على الوفاء والأخلاص, ومثل هؤلاء لا يمكن أن يؤمن جانبهم عندما يحكمون البلد, سيما إن بعضهم متجنسين بجنسيات دول تعادي العراق كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإيران وكندا. ومنهم متعاونين مع الكيان الصهيوني ووكلاء للمخابرات الأجنبية.

 

شاهدنا جميعا مسرحية مناقشة مجلس النواب لموضوع مزدوجي الجنسيات وكانت بحق مسرحية مقززة, فرئيس المجلس الذي يناقش الموضوع وأكثر من خمسين من نوابه الحثالى هم من مزدوجي الجنسية. فكيف سيمنعون تولي المناصب العليا من قبل الشياطين وهم من نفس الفصيلة؟ هل يمكن أن يعقل بشر بأنه سينهض ضميرهم الميت ليحاربوا أنفسهم أو أعضاء الحكومة من طينتهم؟ ولماذا تقاعسوا عن تطبيق فقرة الدستور التي لا تجيز ذلك منذ وطأت أقدامهم عتبة البرلمان؟ لنستمر مع العرض المسرحي فالنهايه أتفه من البداية، لقد أنتهى الفصل بتوصية مثيرة وهي موافقة المسئول الرفيع( كخرم الإبرة) على التخلي عن جنسيته الأجنبية أذا طلب منه ذلك؟ ليست تلك نكته بل حقيقة مرة كالعلقم! ولكن لنتساءل معا من سيطلب من المسئول هذا الطلب؟ ولماذا وكيف ومتى؟ هل هو رئيس البرلمان سيطلب منه ذلك؟ طبعا لا يمكنه ذلك فهو بريطاني الجنسية وكذلك نوابه الذين يحملون الجنسية الإيرانية! ومن السهل على أي مسؤول ان يسخر منهم قائلا أنتم مثلي" طبيب يداوي الناس وهو عليل" فيلجم ألسنتهم المعقودة على الكذب والنفاق والرياء. رئيس الدولة الطالباني أيضا لا يستطيع لأنه من نفس الفصيلة وله جنسية إيرانية وسورية وولاء لعدة دول بما فيها الكيان الصهيوني. ورئيس الحكومة المالكي له جنسية إيرانية وولاءه لنظام الملالي يمتد من الجو إلى الأرض( طاقم طائرته جميعهم من الإيرانيين) وربما ينبري أحد وزرائه بالإجابة مستشهدا بالأبيات:

 

تصف الدواء لذي السقام وذي     الضنا كيما يصح به وأنت سقيــم

ونراك تصلح بالرشاد عقولـنا      قولاً وأنت من الرشــاد عديـــــــم

 

وكلنا تايع بحزن ما أسفرت عنه قضية(حرامي بغداد) وزير التجارة العراقي فلاح السوداني( البريطاني الجنسية قلبا وقالبا) وكيف هددت بريطانيا المالكي من مغبة التعرض له لأنه من مواطنيها المخلصين فذعن وطأطأ رأسه، وأخيرا هرب الجمل إلى لندن بما حمل! وقبلها جرت قصص مماثلة لأيهم السامرائي وعلي الشمري وحازم الشعلان وغيرهم من أفذاذ العملاء.

 

بعض هؤلاء الحكام والسفراء أمضوا أكثر من عشرين عاما في دول أوربا يتسكعون على أرصفتها متوسدين عتبة مخابراتها، ويفترض أن بقائهم تلك الفترة الطويلة مكنتهم من الإطلاع على مظاهر الحضارة الغربية، وإستكشاف حب الأوربيين لأوطانهم وتمسكهم بها, وحرصهم وتفانيهم على خدمة شعوبهم. ورفضهم إضاعة الوقت والرشاوي والمحسوبية والمنسوبية, وهم لا يمدون أيديهم للأموال العامة, ويحترمون القوانين والأنظمة ولا ينتهكوها، ويعمدوا إلى الإتصال بالجهات الأمنية في حال إرتكاب أي شخص جريمة أو خرق للقوانين والأنظمة سواء كانوا من مواطنيهم أو الأجانب. فما بال شراذم حكامنا جاءوا الى العراق وهم يحملون كل بذور الشر يغرسونها أينما حطوا في ترحالهم! جاءوا يحملون معهم كل الصفات اللعينة من كذب ورياء وزيف وعمالة وتعطش للدماء وشراهة للنهب والسلب ورغبة جياشة في التعذيب وإيذاء الغير؟ فقد نفض الدين يده من تهذيبهم وفشلت الحضارة في تشذيبهم.

 

عدد غير قليل من البرلمانيين والوزراء والسفراء ما زالت عوائلهم في الخارج تستلم المخصصات والمساعدات الممنوحة للاجئين من قبل الدول المانحة, وعدد منهم نظرا لوصوله الى أرذل العمر يستلمون رواتب تقاعدية! وبعد الغزو عندما عادوا الى العراق ليمارسوا فنون النهب والسلب وبقية الجرائم، فإنهم لم يقدموا طلبات الى الحكومات المانحة لقطع تلك المساعدات عنهم فأستمروا على تقاضيها رغم ان رواتبهم الحالية هي عدة أضعاف ما يستلمه نظرائهم البرلمانيين والوزراء الأجانب في دولهم, يصدق عليهم المثل" إينما مالوا .. غرفوا"! ومن العجائب ان الحكومات الغربية لم تفطن الى هذا الموضوع رغم مرور ست سنوات على الغزو, ونوه عدد غير قليل من الكتاب بهذه الملاحظات لكنها لم تجد آذان صاغية! ويفترض أن لا تقوم الحكومات الأجنبية وخاصة هولندا والمانيا والسويد والنرويج والدنمارك وبريطانيا وكندا واستراليا وفرنسا بقطع المساعدات والرواتب التقاعدية عن هذه الشراذم البشرية فحسب وإنما بسحب جنسياتهم ومقاضاتهم وإحالتهم إلى القضاء.

 

من الأمعات التي كشفتها الدنمارك- التي ترفض منح اللاجئين الجدد اللجوء لكنها تسمح للقدامى منهم بالتحايل عليها- هي عضوة البرلمان العراقي( سامية عزيز محمد) والتي سبق أن منحت جائزة(الحرية) لحزب اليسار الحاكم عام 2005 ويبلغ راتبها حاليا في العراق الجديد(9) آلاف دولار! وكذلك عضو برلمان كردستان(بالن عبد الله)  وهذا النائب كان يعاني من الجنون وأدخل مصحة ومنح راتبا تقاعديا لعدم تمكنه من العمل فأي كوميديا تلك؟ طبعا هناك العديد من المسئولين الحاليين تنطبق عليهم هذه الحالة. والأدهى من هؤلاء أحد سادة آل البيت الكرام المدعو السيد علي حسين العلاق، ممثل مرجعية السيد حسين فضل الله في الدنمارك. فآية الدجل هذا من أعضاء البرلمان العراقي ومستشار كذلك في مجلس الوزراء, وصفته مجلة( أكستر بلاتا) بأنه" محتال ولص" لأنه يتقاضى بالإضافة إلى وظفتييه كنائب برلماني ومستشار في مجلس الوزراء، مساعدات مالية من المكتب الإجتماعي في الدنمارك وتدفع الحكومة الدنماركية إيجار شقته لأنه فقير ومعوز, في الوقت الذي يدفع هو نفسه رواتب لحراسه الثلاثين بما يزيد عن(828000) كرونه! تصوروا هذا السيد الأمعي المحتال يوعظ الناس ويرشدهم للصراط المستقيم ويفتي لهم في شئون دينهم ودنياهم! أي ينطبق عليه القول ينصحون الناس وينسون أنفسهم! وربما يستثني نفسه عن الأخرين لأنه من سادة آل البيت... فنعم الخلف!!!

 

وقد سئل أحد النواب من قبل زميل لنا مفكر معروف: هل يجوز ذلك؟ فرد عليه" "الرجال هو الذي يعبي بالسكلة رقي"؟ اما أحد السفراء فكان رده أوضح وأفصح" يالله شعرة من جلد خنزير" ولكن لم يحدد أي من الجهتين التي يقبض منها الراتب هي الخنزير بنظره؟

 

ومنهم هؤلاء المحتالين السفراء عبد الأمير أبو طبيخ وعلاء عبد المجيد وهوار زياد وسيامند عبد الصمد ومحمد الحميميدي وغيرهم.

 

هذا هو العراق الجديد وهذه هي الفئة الضالة المخادعة التي تحكمه وهذه هي دول أوربا التي تعتز بأولئك المجرمين واللصوص فتمنحهم جنسياتها فهل هناك أزدواجية أكثر من هذا؟

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الاثنين  / ١٠ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ٣١ / أب / ٢٠٠٩ م