صاحب الخيمة اليعربية ينتخي للإنسانية المضطهدة

 
 

شبكة المنصور

هــــداج جـبــــر

جاءت صرخة الزعيم الليبي، معمر ألقذافي،في خطابه في الأمم المتحدة،بضرورة إجراء تغييرات، على آلية مجاس الأمن الراهنة،ومطالبته بإلغاء الآلية الحالية، لمجلس الأمن، بإلغاء امتياز حق الفيتو، للدول دائمة العضوية، خلافا لنصوص ديباجة الميثاق، التي تنص، على تساوي الدول، في الحقوق والواجبات، واستبدال العضوية، في المجلس، بعضوية الاتحادات، بدلا من العضوية الدائمة، للدول الكبرى، وان تكون هيئة الأمم المتحدة ،هي برلمان العالم ،المشرع للقرارات،والمخول الوحيد، بتقرير مصير الأمم، وان يكون المجلس، أداة تنفيذية فقط ،جاءت في إطار، تداعيات تاريخ علاقة الغرب مع العرب، بشكل خاص، والعالم الثالث، بشكل عام ،في العصر الحديث .إذ يلاحظ أن الغرب، كان على طول الخط مع العرب،والعالم الثالث في هذه العلاقة، متغطرسا، ومتعاليا، ومستعمرا،ومستفردا، وأنانيا.وسارقا لمواردها البشرية والطبيعية،من الكفاءات، والمعادن، والنفط، والغاز الطبيعي.


ولعل الخطيئة الكبرى، التي ارتكبها الغرب في حق العرب، بالذات من جهة أخرى، كانت التجزئة القطرية، وتقسيم الوطن العربي إلى كانتونات، بل أكشاك ضعيفة، ومنهكة ،لم يعد من الصعب، على الغاصب الأجنبي ابتلاعها، ومسخ هويتها، وتعريضها للضياع.


ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل انه الآن، يمارس من خلال الاحتلال المباشر،تقسيم المقسم إلى شظايا، ومحميات مجهريه ،بمسميات مختلفة ،كما يحصل الآن، مع مشروع تقسيم العراق ،تحت يافطة الفدرالية ،وتحريك عناصر الانفصال ،لتشطير اليمن، وتمزيق وحدته ،والضغوط على السودان لسلخ إقليم دارفور، بدعوى الإبادة الجماعية،وإشاعة الفوضى الخلاقة في الصومال لإنهاكه وتقطيع أوصاله. وربما نكون غدا، أو في القادم من الأيام، على موعد ، مع مشروع جديد، لقصقصة أطراف السعودية، إلى أوصال ،بدعاوى التهميش الطائفي، والسلفية الدينية،واختزال الصراع العربي الصهيوني،إلى مستوى التنديد بالاستيطان، وهكذا دواليك.


ولقد ذهب الاستعمار الغربي، الأوروبي والأمريكي منه، إلى أبعد من ذلك في التجزئة العمودية، عندما أوغل في الإيذاء ،من خلال إثارة النعرات الطائفية، بين أبناء الشعب العربي ،في محاولة واضحة، لتقطيع أوصال الكيان العربي ،عرقا ودينا،وإنهاكه، بالأثنية والمذهبية.


وان سعيه الآن،بالتدخل، لفرض آليات الحكم ،بدعوي الديمقراطية ،وإشاعة نمط الحياة الغربية، بالأمركة، من خلال دعوى ضرورة العصرنة ،بذريعة مقتضيات التقدم،لوسط متخلف .. ما هي إلا دعاوى زائفة ،تستهدف فرض النموذج الغربي ،على العرب،والمنطقة، من خلال هيمنة العولمة ،التي تتخطي الخصوصيات الوطنية والقومية، وتستبيح الخطوط الحمراء للثوابت،في موروث ثقافات الشعوب، تحت ستار تخلفها، ومواجهة مخاطر، ما يدعونه تحديات الخطر الأخضر، القادم من الشرق، وهو ما يعنون به  الإسلام، وحاضنته المادية، العروبة.

 

ولا عجب في ذلك، فالعجز العربي الراهن،يبدو واضحا، في إلا خفاق العربي، الرسمي منه، والمؤسساتي، على حد سواء، في علاج اختلالات الحال العربي، وإشكالاته المعاصرة،برؤى  حضارية، علمية و عملية.تمكنه من الوقوف بحزم، بوجه المطامع الغربية، مما ترك الساحة مفتوحة، على مصراعيها، للتدخل الأجنبي،وفرض مشاريعه على العرب، والشعوب الإسلامية، والعالم الثالث،بالأساليب التي يراها مناسبة، لتحقيق مآربه.

 

إن الاستهانة بمشاعر الإنسان في العالم الثالث ،من خلال حشره في زوايا الإلحاق، والتبعية للأجنبي،باستفراده، والمساس برمزية استقلالية الشخصية الوطنية، التي هي أصل من أصول ثقافة تلك الشعوب ،على امتداد حركة مسيرة أممها، في تاريخها، بصفحاته المشرقة والمظلمة، على حد سواء ، يجعله مستلبا بلا هوية ،وخامدا بلا حراك،وسلبيا بلا عطاء،مما يعطل عنده عناصر المشاركة، في عملية إبداع التصورات، وصياغة آليات العلاقة المشتركة على قاعدة التكافؤ، ويعوق معاودته الحركية ، إلى الساحة، لممارسة دوره البناء، في صنع مسار الحضارة الإنسانية المعاصرة،مما يترك المجال واسعا، للحيتان الكبيرة، لابتلاع معالمه، وموارده، والسيطرة على مقدراته، بأجندات مختلفة.


انه لا ضير من سماع دعوات الغرب  للحوار، والتغيير، كتلك التي طرحها الرئيس الأمريكي اوباما، للانفتاح على العرب والمسلمين، و الإصغاء إلى أية دعوات أخرى مماثلة، على أن تقترن مثل تلك الدعوات، بالأفعال الملموسة على الأرض،وان لا تبقى أقوالا مجردة، لاستدرار المشاعر فقط، ولا تتخطاها ، لتقدم انجازات ملموسة، على المستوى العملي، لتبديد المخاوف، وإزالة الشكوك والريبة ،لدى الإنسان العربي والمسلم ،الذي سربله استفراد العولمة بالإحباط، وفقد المصداقية، في الأطروحات الغربية. لاسيما في ظل المعايير المزدوجة، التي يمارسها الغرب بشكل عام، والأمريكي منه، على وجه الخصوص ،إزاء القضايا العربية والإسلامية المصيرية.خلال الفترة الماضية.


لذلك فأن المطلوب الآن،وفي ضوء صرخة الرئيس الليبي، لتغيير واقع حال نظام الامم المتحدة، أن يبادر العرب، والعالم الثالث، للضغط على الغرب، بشتى الوسائل المتاحة،للمباشرة،باعتماد  حوار بناء مع الغرب،يستهدف التغيير الشامل، لهيكل النظام الدولي الراهن، يقوم على طرح الإشكالات، والمعضلات القائمة، في العلاقة الراهنة، مع الغرب،بشفافية تامة، وفق آلية محددة، تقوم على الاحترام المتبادل، وتتقبل مناقشة وجهات النظر المطروحة للحوار، بإصغاء بناء،وتفاعلية تامة، بعيدا عن الاستفراد، والاستغفال، والتعالي، مع مراعاة الخصوصيات العربية،والإنسانية، واحترام الثوابت الحضارية للشعوب، بما يضمن البدء بصفحة جديدة من العلاقات الدولية، في إطار هيئة أمم متحدة من نمط جديد،بالآلية التي صدح بها الرئيس الليبي ،تبدد كل إرهاصات الشك والريبة لدى البلدان الفقيرة،وبشكل يرسي أسس التعامل بين أمم الأرض، على قاعدة المساواة المطلقة، في الحقوق والواجبات،على نحو منصف، يخدم بالمحصلة، مصالح الجميع، كأنداد متكافئة تماما،بعيدا عن مظاهر التدخل، والإملاء، والاحتواء، التي طبعت الحياة الدولية، خلال نصف القرن الماضي، الحافل بالماسي، والحروب، والكوارث،التي دفعت ثمنها البلدان النامية.


إن مطالبة الزعيم ألقذافي، بتعويض الأمم الفقيرة، عن فترة الاستعمار، بالرقم (777) تريليون دولار، هو التعويض المادي ،عن الضرر، الذي لحق بها، من تلك الحقبة المؤلمة، في حين أن التعويض الاعتباري، عن هتك القيم، وتمريغ سيادة تلك الأمم، يتطلب الاعتذار لها، عن موبقات تلك الحقبة،مع اشتراطات يضمنها الميثاق، بالآلية المقترحة، للهيئة الجديدة، حتى لا تتكرر، موبقة الاستعمار، في الأجيال القادمة، تحت أي ذرية إطلاقا.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٠٦ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٥ / أيلول / ٢٠٠٩ م