إيران وآفاق مصالحها الفضفاضة

 
 

شبكة المنصور

المحرر السياسي - رابطة عراق الأحرار

يخطأ من يظن بأن في قاموس أيران السياسي والديني والأقتصادي مايمكن أعتباره قيما ً ومبادئ عليا لايمكن المساس بها، وتلك السياسة العامة الفضفاضة جعلتها من عديد الأنظمة المناوئة للدور الأمريكي والأسرائيلي الأقليمي في المنطقة تارة وتارة أخرى منفذا لكثير من المصالح الغربية التي يصعب تحقيقها دون مساعدة دولة أقليمية تستطيع اللعب بالبيضة والحجر كأيران في المنطقة، و هي تعتمد بالدرجة الأساس أسلوب الحرباء في لمداهنة والتلون، كعهدها في الكثير من قضاياها مع الشرق والغرب، ولن نجد بين ثنايا مواقفها مايدل على أسلوب خطي واضح يمكن البناء عليه وترتيب الأوراق من خلاله، وتلك هي المشكلة رقم واحد في صعوبة مجاراة قواعد اللعبة مع يران.

 

تلك السياسة المتباينة جعلت الكثير من الأطراف المتداخلة مع الشأن الأيراني تستشعر بمدى صعوبة التواصل مع من لايمكن التكهن بقراراته ومديات تفكيره وسقف طلباته، فأيران اليوم وعلى لسان أحمد نجاد في الأمم المتحدة طالب علانية بصداقة أمريكا، وبغض النظر عن مشروعية ذلك الطلب الذي يدحض نظرية أفناء أسرائيل والوقوف بوجه الشيطان الأكبر إلا أن من الواضح بأن هنالك تقاربا بطريقة ما بين عملاقي المداهنة والمكر في العالم، فوجه أيران القبيح في العراق المحتل واضح المعالم ولايقبل التأويل في بلد يسيطر عليه 150 الف جندي أمريكي، والحكومة الأيرانية تحرك خيوط اللعبة السياسية في العراق وكأنها ممنوحة التوكيل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا أيضا نستطيع القول بأن أيران تلعب بمكر مع أمريكا لتحقيق مصالح لها لطالما كانت من أولويات أهدافها في المنطقة عبر تأريخ طويل من المحاولات الفاشلة لأختراق ذلك الجدار الشرقي الصلب للوطن العربي.

 

وهنا يتبين للكثير من العرب مدى صعوبة أتخاذ القرار تجاه أيران خاصة وأنها تفتح جبهة أخرى ضد عقولهم في لبنان وفلسطين والتي أتخذتها أيران كواجهة للتحرك من خلالها لكسب الأصوات العربية والأسلامية بأعتبار قضية فلسطين هي الواجهة الحاسمة لكسب عطف وأحترام الشارع العربي، وبذلك قد سجلت أيران نقطة لصالحها لاتنكر، فالقضية الفلسطينية خطيرة ومهمة ، ولكن أيران وضعت المواطن العربي أمام خيارين لاثالث لهما في أختيار قضيته، الأولى هي قضية فلسطين ودعم إيران  المباشر وغير المباشر لها، والثانية التدخل السافر في العراق بكل أشكاله السياسية والأقتصادية والدينية وتنفيذ أجندتها التي طال أنتظار تنفيذها وهي بذلك تمسك كرتين بيد واحدة، وهنا تكمن هشاشة موقفها الواضح وأسلوب الكيل بمكيالين في قضيتين من أهم قضايا الوطن العربي والأسلامي على الأطلاق، بيد إن هذا الأمر أنطلى على الكثيرين فأصبحوا طابورا خامسا وسادسا لتنفيذ مخططات أيران في المنطقة، وعزائهم في ذلك أنها تدعم قضية فلسطين التي تستخدمها أيران كجسر متين لأيصالها الى بر كربلاء وصولا الى لبنان.

 

لقد سقط الكثيرون في براثن مكر ودهاء نظام الملالي في طهران الذي تمكن من أستقطاب  أندفاعهم ودفاعهم عن قضيتهم فلسطين الى قضية توأم هي القضية الأيرانية، وقد أستخدمت لذلك كل الأمكانات المتاحة من أعلام وسياسة وأقتصاد لتصل حد الرشوة والبذخ بالعطايا والهباة للكثير من الكتاب العرب الذين سخروا أقلامهم وصحفهم ومواقعهم الألكترونية الى بوق أعلامي قوي للدفاع عن السياسة الأيرانية ودون أعارة أي أهمية لما يجري على أرض الواقع العراقي.

 

لاننكر من إن العديد من هؤلاء الكتاب والأعلاميين والمثقفين وحتى العلماء والمهندسين والأطباء لم تصلهم أذرع الأخطبوط الأيراني بالدعم والمساعدة لكنهم فضلوا أن يكونوا بوقا أعلاميا مجانيا لها دون أستقراء ما بين السطور أو فهم أيران الحقيقية التي تقبع خلف قناع التقية المعهود، والحقيقة إن ذلك لايتطلب ذهنا متقدا أو فهما متقدما للسياسة ولكنه بالتأكيد سيتطلب متابعة لكل مجريات السياسة الأيرانية بعيدا عن العواطف التي لايمتلكها أعدائنا لنتمكن من مجابهتهم دون ضعف أو خوف.

 

يبقى هنالك البعض من الذين ينجرون خلف أيران طائفيا ظنا منهم بأنها الحامي الوحيد لحقوقهم دون مراعاة للوطنية والتمسك  بمعاييرها التي تحتم الأنتماء والولاء للوطن مستترين بذلك تحت العباءة الأسلامية المهلهلة لأيران ولربما لتحقيق غايات شخصية نفعية لاعلاقة لها بالأسلام، وهم بذلك يقعون في فخ مصالحها التي ما أن تنتهي  حتى تنتهي صلاحيتهم ويصبحون ورقة خاسرة مصيرها الحرق.

 

أرجو أن لايخطيء البعض ويظن بأننا هنا نعظم من الخطر الأيراني على حساب الخطر الأسرائيلي أو الأمريكي بل العكس، فكل تلك القوى تلعب حسب أوراقها الرابحة والتي تعتبر العرب الخاسر الوحيد على طول الخط، ومن المفارقات أن يكون عدائنا لأيران اليوم هو في صالح الغرب وأسرائيل، ولكن الأكيد بأننا لسنا ضد الشعب الأيراني المسلم، وكوننا ضد التدخل الأيراني في العراق لايجعلنا نقع في فخ التقارب مع أمريكا بأعتبارها عدوة أيران التقليدية كما ذكرنا آنفا خلاف تلك النظرية، فهنا في العراق يكمن خطران لايمكن الفصل بينهما وهما الخطر الأمريكي والأيراني، وهما عدوان رئيسيان لن نقتنع بالوقف مع أحدهما ضد الأخر مراعاة لكون أحدهما مسلم والآخر غير مسلم، فالأثنان يمعنون بقتل العراقي المجرد من كل مسمى، ويسرقون قوته ويهدمون بُناه.

 

مما تقدم يتبين الوضع الخطير الذي يمر به عراق اليوم في ظل تدخل دولتين مع أختلاف وجهاتهما، إلا أننا واثقون من النصر في النهاية على المحتل الأمريكي وكل توابعه، وعندها سيرجع قافلا الى أراضيه دون رجعة لتنسحب بعدها كل فلول الغدر والقتل الأيرانية ومعهم كل عراقيي الجنسية من الخونة والعملاء والجواسيس، عندها فقط سيظهر وجه أيران الحقيقي، عندما تشعر بخسارة هدف آخر لها في العراق، ولربما تكون تلك هي القاصمة على سياسة أيران لتختلف مصالحها مع الغرب وتبدأ مشوارا من نوع آخر تدفع فيه كل حساباتها القديمة.

 

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

العزة والنصر والأباء لمقاومتنا الباسلة 

عاش العراق حرا أبيا 

عاشت فلسطين حرة عربية 

والله أكبر

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٠٨ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٧ / أيلول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور