مجاهدون مؤمنون .. أم .. ارهابيون وكفرة ؟!

 
 

شبكة المنصور

الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي

يتم في عراق ما بعد الغزو والاحتلال يوميا وعلى مدار الساعة مداهمة بيوت عراقيين في كل انحاء العراق من قبل قوات الاحتلال الامريكي ومرتزقة الاحتلال من عراقيين واجانب، ويتم قتلهم او اعتقالهم بتهمة الارهاب لكونهم ناشطون او منتمون الى تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي المدنية والعسكرية. الجيش الامريكي ومرتزقة الاحتلال هم مَن يعلنون تصفية او اعتقال بعثيين يمارسون اعمالا ارهابية (اي ضرب القوات الغازية) وليس أنا ان كان هناك من يشكك بقولي. الامريكان وعملاءهم يعلنون يوميا بأنفسهم عن مواجهات في طول العراق وعرضه مع خلايا البعث المجاهدة وفي ذات اللحظة يعلن بعض معتنقي الاسلام السياسي، المجاهدين على الساحة العراقية، ان البعثيين كفرة ولا يجوز اللقاء معهم او توحيد العمل الجهادي معهم، ويقوم بعض هذه الفصائل بقتل البعثيين او تسليمهم الى القوات الامريكية !!!.


لقاء غريب وغير منطقي ولا يمكن لي أن افهمه حتى لو عشت عمرين غير عمري, لقاء غريب هذا الذي يجمع منطق الارهاب الامريكي و منطق التكفير معا على هدف واحد هو العداء المنقّع بالدم تجاه حزب يجاهد الامريكان والصهيونية والصفوية قبل دخولهم العراق غزاة معتدين ومازال وسيبقى حتى يتحرر العراق تحررا ناجزا. ورغم اني كنت اظن ان بعض اهل الاسلام السياسي سيغادرون هذا العداء ليس حبا بالبعث ولا تقديرا لدوره الجهادي، بل على الاقل ليجبوا عن انفسهم مثلبة هذا اللقاء الغلط مع اميركا وعملاءه، الاّ إن كان اللقاء على العداء لبعث الامة متفق عليه.


رجال البعث يقاتلون قوات الاحتلال ويعبئون الشعب ضد الاحتلال والعمالة وتلاحقهم عصابات الحكومة وتغدر بهم وبعوائلهم ليل نهار وباسناد لوجستي من طائرات ومروحيات واسلحة الليزر والقنابل العجيبة وصواعق البيوت التي تحطم الابواب وتكسر الاثاث بحيث تنثر محتويات الدار كاملة وتعرضها امام نواظر زوار الليل ليغنموا منها غنائم الدنيا الفانية المعفرة بدم النسوة والاطفال والشيوخ والمغلفة برعب الناس، وفي نفس الوقت فان بعض منتديات الاسلام السياسي تجدد فتاوى التكفير والتفسيق والزندقة للبعثيين الذين يقاتلون او يهاجرون او يعتقلون وثروتهم الوحيدة التي يحملونها في حلهم وترحالهم هي كتاب الله .. نسخة من المصحف الكريم, ويأذنون خمس مرات ويصلون خمس مرات على الاقل ويصومون ويحجون البيت الحرام لمن استطاع منهم له سبيلا .. ويرددون الشهادة قبل نومهم وبعد استيقاظهم، وحين يصولون على اهدافهم من جنود الغزو وآلياته ومعسكراته. فلمصلحة مَن يجري هذا؟


آمنت بالله ان البعثيين ارهابيين في عرف اميركا ودستور دولة ما بعد تحرير العراق من العراقية والعروبة والاسلام وضمن فقرات ومواد قانون الارهاب الذي يصنف كاتب هذا المقال طبعا تحت ذات الوصف الارهابي بسبب كتابة هذه السطور ليس الا ... كل هذا مفهوم وسهل التمثل والهضم .. لكن لماذا يُكفّر البعث مَن يحمل السلاح جنبا الى جنب مع البعث ولا يحتاج لا الى برهان ولا الى دليل على ان البعث يجاهد من اجل طرد الغزاة وتحرير الارض والانسان ؟


الموقف الرسمي لمجاهدي البعث وحلفاءهم وهم الان اربعين جيش مقاتل لا ينظر ابدا الى الطبيعة الطائفية لبعض الفصائل ليس اعترافا منه بالطائفية التي يتعامل معها البعث على انها المرض العضال الذي ينخر جسد العرب والمسلمين على حد سواء، بل املا ورجاءا في ان يعبر هؤلاء منهجهم الطائفي ويغلبوا الموقف الوطني والموقف المسلم على روح التكفير والطائفية وتغلب هذه الفصائل روح التسامح والمصلحة العامة وتتحمل كل الاذى الذي تتعرض له لكي تمنح المقاومة فرصة اللقاء على المشتركات وتغليبها على جزئيات لامعنى لها ولن تثبت على المدى المنظور امام تنامي وتصاعد البعد الوطني والقومي والاسلامي غير الطائفي للمقاومة.


ان مَن يظن ان البعث وفصائله البطلة البعثية والقومية والوطنية والاسلامية تمد رقبتها تسامحا وترفعا وتغلب منطق العقل والحكمة تفعل ذلك لضعف او وهن في قدراتها القتالية او البشرية او مواردها الاخرى النابعة من حاضنتها الجماهيرية الواسعة التي تغطي كل ارض العراق فانه واهم وتعوزه مقومات التقويم والتحليل السليم. ان منطلقات البعث وحلفاءه هي ترجيح وحدة المقاومة غير ان حركته وجهاده المقاوم لم ولن يضع هذه الوحدة وكأنها عامل يوازي مقتضيات الجهاد والتصعيد المطلوب وصولا الى ساعة اعلان معارك التحرير الكبرى لان مطالبة البعث بوحدة الفصائل هي في تقديرنا لمصلحة كل الفصائل التي لو انضوت تحت راية جهاد جمعية فانها تعظم بذلك كياناتها وفعلها. ان العراق ما بعد التحرير لايمكن ان يكون طائفيا ولا تكفيريا لان الطائفية والتكفير نواتج وافرازات احتلالية ومن المعيب ان تبقى تطبع بعض ملامح حركة المجاهدين.


ان تضحيات وعطاء البعث التي تقض مضاجع الغزاة واذنابهم قد وصلت الى الحد الذي لايمكن لكائن مَن كان ان يغطيها بسفسطة جوفاء مبعثرة هنا وهناك فالمحتل واعوانه هم مَن يصرحون بها والاعتقالات والمداهمات والاستهداف الجسدي لتنظيمات البعث شاهد لا يعلى عليه .. فعسى ان يتعض المترددون والمتسترون خلف واجهات بالية لم يعد لها طعم او لون. ليس من اجل البعث فهو في غنى عن مَن يدير ظهره للحقائق، بل من اجل العراق ان كان البعض الذين نقرأ ونسمع منهم جادون في انتماءهم للمقاومة لتحرير العراق , وتحرير العراق فقط لوجه الله والعراق والامة.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٠ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٠ / أيلول / ٢٠٠٩ م