اميركا الاستشارية !!

 
 

شبكة المنصور

الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

لا يهمني أن يصدق نصف حكومات العالم الاخرس ان اميركا تقوم بدور استشاري للقوات الحكومية العميلة لها في العراق خاصة اثناء مداهمة البيوت العراقية في كل انحاء العراق بحثا عن العراقيين الاحرار الرافضين لغزوها واحتلالها لبلدنا وفي مواجهة فصائل الجهاد البطولية, غير ان ما يهمني هو ان ارى واسمع عراقيين يغضون الطرف وهم يرون بالعين المجردة، ان الجيش الامريكي هو الذي يداهم بيوتهم وان المتواجدين مع القوات المداهمة من (العراقيين) هم (الاستشاريين)، وقابضي عمولة الوشاية بالشرفاء اي على عكس ما يدعي الامريكان واذنابهم تماما.

 

على اية حال, اننا هنا نريد ان نُبصر من لايرى, ونُسمع مَن في أذنه وقر، ان الامريكان ولحين هذه اللحظة هم مَن يداهم بيوت العراقيين وما يدّعونه من انهم يقدمون الاستشارة للقوات الحكومية العميلة هو محض ادعاءات كاذبة. بمعنى آخر انه لا توجد حكومة عراقية ولاهم يحزنون الا بقدر تنفيذ اجندات الاغتيالات المقيدة ضد مجهول والسرقات المتفق عليها سلفا بين المجموعات المنفذة، وبين الجهات الحكومية والتي إن اقتضت قتل شهود العيان من الحراس فلا باس بذلك فالموت والقتل هي الماركة المسجلة للحكومة العميلة واجهزتها. انها حكومة تصريف اجندات ايران واميركا والكيان الصهيوني كل حسب ما مكلف به من الجهة التي اسندت وجوده على كراسي العمالة والخيانة. ونحن ندرك ونعلم اسباب الرياء والكذب الذي تنتهجه حكومات الاحتلال لكن لماذا يكذب الامريكان في هذا الامر؟

 

الاجابة على هذا التساؤل تدخل في صلب الكذبة الامريكية كلها في ما يتعلق بصلتها باوضاع العراق:

 

1- الامريكان يريدون الايحاء وجعل العالم كله يتوهم بان هناك حكومة منتخبة في بغداد، وانها تقوم بادارة الملف الامني في حين ان واقع الحال غير ذلك تماما اذ ان الامريكان هم الحكام الحقيقيين وهم الذين يديرون الملف الامني وان الاحتلال ما زال يبحث عن وسائل لانجاح برنامجه واهدافه، وجزء من ذلك محاولته تغيير التكتيك ليقنع العراقيين المغرر بهم او الذين ركنوا الى الاستسلام للامر الواقع واثروا السلامة في جحور الذل والمهانة بان الامور تدار عراقيا.

 

2-  ان الاتفاقية الامنية بين الطرفين التي اسميناها اتفاقية توطين الاحتلال هي عقدة النفاق التي يمارسها الزاني الامريكي والعاهر الحكومي الساقطة بين ساقيه. وان الاتفاقية الامنية هي الغطاء الذي يحمي الاحتلال الامريكي ظاهريا امام الرأي العام ويعطيه فرصة التقاط الانفاس لانجاح خطته المخابراتية التي لجأ اليها لتقليص خسائره الفادحة ولاعطاء زخم لزيادة فرص نجاح عمليته السياسية التي تنفذ مخططه سلميا, اي بدون خسائر بشرية وتقلص من خسائره المادية الخيالية.

 

3- ان التخفي الامريكي خلف القوات الامنية الاحتلالية هو في جوهره محاولة لتجنب الحرج المتصاعد لادارة اوباما التي حاولت ايهام العالم بانها ستترك العراق للعراقيين. ان الشعار في حقيقته هو الاستمرار في قتل واعتقال العراقيين من خلف خيالات مآتة عراقية.

 

4-  تنفيذ هذه اللعبة يمنح الحوزة والمرجعيات قدرا من المصداقية المزيفة في ان الاحتلال يمكن ان ينسحب بطريقة سلمية ويزيد بالتالي من فرص نجاحها في تطويع العراقيين للقبول بالعملية السياسية الامريكية الصهيونية الايرانية وكسب اميركا مزيدا من الوقت لتعيد ترتيب اوراقها بعد ان ادت المواجهة مع المقاومة المسلحة الباسلة الى اسقاطها في الوحل. لا حظوا ان الاعلام عموما قد غادر مصطلح الوحل العراقي بعد اعلان خطط اوباما وكأن الوحل الذي اسقط فيه الامريكان لست سنوات قد جف فجأة، وبين ليلة وضحاها وتحول الى روضة! لمجرد اعلان الادارة الامريكية خطط الانسحاب في الوقت الذي تنغمس فيه اميركا يوميا اكثر واكثر في هذا الوحل ما دامت تحتل ارضنا وتدبر الموت والتدمير والبؤس لشعبنا.

 

لايمكن ان تكون الاستشارة المزعومة للقوات العراقية في صيغة تدخل يومي في الوضع العام عبر دوريات راجلة ومحمولة. ولايمكن ان تكون الاستشارة دبابات تصدم جدران البيوت وتفجر الابواب ومارينز يقتحمون شرف العوائل العراقية. لايمكن للاستشارة ان تكون بمظلات جوية لعمليات الدهم وقتالات الاحراش والشوارع في المدن. لايمكن للعمل الاستشاري ان يتم بان تكون القوات الامريكية هي التي تصدر بيانات الاعتقال لابناء العراق من الفلاحين والعمال والموظفين والطلاب والعاطلين عن العمل الذين تغيّبهم خلف القضبان بحجة الارهاب حتى لَيخيل لاي متتبع ان ثلاثة ارباع العراقيين صاروا ارهابيين.

 

فمتى ستخجل اميركا من الكذب على شعبها وعلى العالم وعلى العراقيين؟ ومتى سيخجل الناطقين باسم دوائر العهر السياسي والسقوط الاخلاقي من الادلاء بتصريحات عن سيادة عراقية في ظل هذا الحال؟ والأهم من هذا كله .. متى ينتفض كل العراقيين في تظاهرات عارمة واعتصامات يصرخ فيها الصمت بوجه عار الاحتلال وعار السكوت عليه .. بل متى ينضم كل شباب العراق من الفاو الى دهوك الى صفوف المقاومة الباسلة لانهاء مأساة شعب ووطن؟

 

على مَن لم يفهم الى الان اوجه اللعبة الاحتلالية ان يفهم ان الاحتلال الى زوال وعملاءه كلهم على الاطلاق يعرفون طريق العودة الى البلدان التي يحملون جنسياتها ولا يبقى في ارض العراق غير اهله .. ندعو الله ان يقلل الباقين على ارض العراق من حكايات عتب مؤلم حين تتلاقى الوجوه بعد رحيل الاحتلال واعوانه فالعتب سيكون مريرا بيني وبين ابناء عمومتي في الفرات الاوسط والجنوب لانهم لم يؤدوا واجب الوطن وخضعوا للزبد الزائل، وكذا عتب مَن يدوس عرضهم الامريكان شمال بغداد على الساكتين ببلادة في جنوب بغداد وان يفكروا، الان مليا بأن شراكة الوطن تقتضي شراكة الوطنية وليس شراكة الطوائف ولا الاقوام ولا الاديان .. العراق وطن الجميع واستعادة حريته واستقلاله وكرامته مسؤولية الجميع، والاّ فان العتب سيكون قاسيا على رأي مطربنا ياس خضر.

 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٢ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٢ / أيلول / ٢٠٠٩ م