في الذكرى التاسعة والثلاثين لرحيل القائد جمال عبد الناصر

 
 

شبكة المنصور

نصري حسين كساب

هدف اغتيال جمال عبد الناصر وصدام حسين وهدف منع الوحدة هو حجر الزاوية في كل السياسات والاستراتيجيات الاستعمارية تجاه الامة العربية منذ الحروب الصليبية وحتى الأن . 

 

الكفاح  من اجل فلسطين يمنع في مرحلة ويزيف في مرحلة ثانية ، والهدف بالطبع واحد ، منع الامة من تحرير ارضها ، والانسان من اداء واجبه .

 

طرد الغزاة والمحتلين عن ارض الوطن لا يتم الا بارادة وطنية جامعة صادقة .

 

القائدان جمال عبد الناصر وصدام حسين كا نا  يؤمنان  ان الوحدة المستهدفة لم تعد وحدة الامة العربية وحدها ، كما يظن البعض ، بل وحدة الاقطار والكيانات ، وحدة المجتمعات والعلاقات الأنسانية ، وحدة الاحزاب والمنظمات ، وحدة المؤسسات والهيئات ، لأن اعداء الوحدة يدركون ، ان الوحدة ككل شيء صحيح لايقبل القسمة .. وان التفتيت ككل مرض خبيث لا ينحصر في منطقة واحدة من الجسم بل لابد له وان يتغلغل في كل اجزائه واحشائه ...

 

والحرب على الوحدة لم تنحصر في العمل الوحدوي العربي فقط أو الصيغ الوحدوية فحسب ، بل تشمل ايضا كل اتجاه او خطوة يمكن ان تصب على طريق الوحدة .. سواء كانت على مستوى الكيانات القطرية نفسها ، أو المؤسسات الشعبية  او التجمعات النقابية ...

 

فالحياة الديمقراطية الصحيحة  ممنوعة  لا لذاتها فقط بل لأنها توصل الى الوحدة ..  ولنعود للتاريخ : الم تكن هذه تجربة سوريا في الخمسينات عشية الوحدة  المصرية السورية  ...

 

والنضال الجدي لتحرير فلسطين ممنوع ايضا ، لا خوفا على الكيان الصهيوني ، ربيب الاستعمار وحامي مصالحه فحسب ، بل لأن هذا النضال من شأنه ان يهدد الوجود المصطنع في قلب الامة الذي اريد له في الاساس ان يكون حاجزا بوجه الوحدة ...

 

ألم تكن نكبة فلسطين عام 1948 هي الحافز الاكبر لقيام الوحدة المصرية السورية بعد عشر سنوات ... تلك الوحدة التي لم تجد مبررا تعلنه لقيامها افضل من ان تصف نفسها بأنها اقامت ( دولة الطوق ) حول ( اسرائيل ) ، فمصر ( الاقليم الجنوبي ) تحدها من الجنوب ، وسوريا ( الاقليم الشمالي ) تحدها من   الشمال ...

 

والانجاز نحو الاستقلال الفعلي الناجز ممنوع ايضا ، لا حرصا على بقاء المصالح الاجنبية والنفوذ الاستعماري فقط ، بل لأن للاستقلال طريق وحيد يوصل الى الوحدة ... كما للوحدة قوة تجعل هذا الاستقلال ناجزا شاملا لكل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية ...

 

ألم يكن نزوع صلاح الدين  التحرري والاستقلالي هو الذي جعله يكتشف في وحدة مصر والشام طريقا لتحرير القدس ...

 

والنزوع الجاد نحو التقدم ممنوع كذلك ، لا حبا بالتأخر والتخلف فحسب ، بل لأن  للتقدم شروطا لا تكتمل الا بالوحدة ، ولأن الوحدة توجد ظروفا ومناخات هي بالضرورة لصالح التقدم ... الم تكن تجربة محمد علي وابنه ابراهيم الراغبة في قيام دولة عصرية حديثة في مصر هي السبب الرئيسي لأندفاعه الوحدوي باتجاه بلاد الشام وشبه الجزيرة كشرط موضوعي لحماية النزوع التحديثي داخل مصر .

 

والاستلهام الاصيل للتراث الروحي للامة ممنوع كذلك ، لا كرها بهذا التراث وحقدا عليه فقط ن بل لأن هذا التراث بما يمنحه من توازن داخلي ، وتماسك اجتماعي ، واندفاع روحي ، وثقة بالنفس ، ونزوع توحيدي ، هو قوة كبرى في خدمة الوحدة كما ان الوحدة هي الاطار الرحب الذي تجدد من خلاله الامة رسالتها الانسانية الخالدة ، ومواردها الروحية المتدفقة ... ألم تكن ثورة الاسلام الكبرى هي اكبر ثورة توحيدية عرفها العالم ، وحدة عمادها الايمان ، وتوحيد ركيزة رسالة سماوية خالدة .

 

هذا المنع الشامل الكامل يؤدي وظيفته بشكل مزدوج : القمع والتصفية المادية المباشرة مرة ، والتزييف والتزوير مرة اخرى ... واحيانا يلتقي الامران في وقت واحد ...

 

ألم يكن غزو واحتلال العراق بتحالف امريكي صهيوني  فارسي  واغتيال الرئيس صدام حسين ، بتحالف بين امريكا والصهاينة والفرس المجوس الا من اجل منع الوحدة وتفتيت الامة  ومحاربة الاسلام .

 

ففي العراق اليوم ، يمكننا ان نرصد التحالف الاميركي الصهيوني الايراني المعادي لكل شكل من اشكال الوحدة باشد اشكالها كثافة وتفصيلا ، بحيث بات البعض لا يعتبر العراق مجرد ضحية لتفشي هذه الكمية من جراثيم التفتيت والتشرذم والتمزق ، بل انه اعد ليكون مختبرا لتصديرها الى عموم المنطقة العربية بأسرها... 

 

وبهذا المعنى تاخذ مهمة  تحرير العراق واستعادة وحدته مضامينها الوطنية والقومية على حد سواء ... فتحرير العراق ووحدته ليست شرطا لخلاص العراق وتحريره وانقاذه من شرور التحالف الامريكي الصهيوني الايراني الذي يعيش ، ومن عبث الصفويين والشعوبيين الحاقدين والصهيونية التي تعبث في علاقاته ومجتمعه فحسب ، بل تحرير العراق هو اليوم شرط لأستعادة العمل الوحدوي العربي باسره مصداقيته وفعاليته وطليعته ...

 

فاي قيمة تبقى لفكرة القومية العربية وفلسطين والعراق والاحواز وجزر الامارات العربية  والجولان وجنوب لبنان تحت نير الاحتلال الاستعماري ؟ واي معنى لنضال الوحدة العربية يبقى ، ونحن نرى الفرس المجوس يعملون على تقسيم وتفتيت   العراق  ويسعون الى  اقامة دويلات طائفية وعرقية ومذهبية وفئوية ...

 

والحالة العراقية اليوم هي الوضع النموذجي الذي وصلت اليه حركة العداء للوحدة العربية ، كما ان هذه الحالة هي الذريعة الاقوى التي تشهر في كل ارض عربية بوجه الفكرة الوطنية والنزعات الوحدوية ..

 

ومحاولات ملالي قم وطهران والصهاينة تعميم الحروب الاهلية والطائفية في غير قطر عربي اليوم الا التعبير عن المستوى الناجح الذي وصلت اليه الحرب على فكرة الوحدة في هذه المنطقة ...

 

لكن العراق  نفسه الذي اريد له ان يكون شهادة على استحالة الوحدة وعلى مشروعية الانقسام والتقسيم والتفتيت ، تحول بفضل صموده ومقاومة ابنائه المتعددة الاشكال والاساليب الى شهادة معاكسة تماما ...

 

فالمقاومة العراقية بقيادة البعث العربي والاسلامي للغزو والاحتلال وللتقسيم والتفتيت اليوم هي اقوى بكثير من كل اشكال التقسيم ومؤسساته المزدهرة بدعم اميركي صهيوني فارسي ، والمقاومة العراقية لعزل العراق عن محيطه العربي القومي هي اقوى بكثير من كل محاولات الفرس المجوس لجره  بعيدا عن اخوانه وشركائه في الماضي والحاضر والمستقبل  ، والمقاومة العراقية البطلة للغزو والاحتلال الامريكي الصهيوني الايراني هي اقوى بكثير من النتائج التي حاول هذا الاحتلال ان يزرعها في الارض العراقية والعربية ، بل انها تحولت الى نموذج يحتذى به في عصر المقاومة الذي تعيشه امتنا العربية والعالم بأسره ، وهذه المقاومة مع شقيقا تها  :   الشعب الفلسطيني  والعربي الاحوازي وفي الجولان وجزر الامارات وجنوب لبنان ، يشكلون  اليوم نواة حقيقية لوحدة المقاومة العربية التي بدات تباشيرها تظهر في اكثر من قطر عربي ...

 

فالمقاومة العراقية التي تأخذ اليوم شكل عمليات مسلحة في كل شبر من ارض العراق ، مع الانتفاضات الهادرة في كل مدينة وقرية وزقاق ، وكفاح يومي ضد الغزاة والمحتلين هي الصيغة الجديدة لوحدة النضال والجهاد العربي ، بل هي المدخل الاسلم لتجديد نضالات الامة والقائدان الخالدان في ضمير الامة   جمال عبد الناصر وصدام حسين .

 

من اجل ان تنهض الامة  :  فصائل حركة التحرر العربية مدعوة  لتحديد يوما واحدا للتضامن مع المقاومة العربية في العراق وفلسطين والاحواز والجولان والامارات العربية وجنوب لبنان ، تشمل اقطار الوطن العربي الكبير ، فتعم التظاهرات كل المدن العربية ، وتعقد الندوات في كل المواقع العربية وتسود اشكال التضامن الموحد كل الارجاء العربية ، من شانه ان يعيد الثقة من جديد بوحدة الامة ، ووحدة نضالها ، ووحدة مصيرها .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٠٨ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٧ / أيلول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور