قناة الجزيرة بعد التطبيع السياسي جاء دور التطبيع الرياضي

 
 
 

شبكة المنصور

نضال حمد

تبدأ الليلة قناة الجزيرة عملية تطبيع من نوع جديد ، فبعد أن طبعت اعلامياً وسياسياً منذ سنوات طويلة ، ها هي تطبع رياضياً. إذ اختارت عنوة وعن سابق اصرار بث مباراة فريق مكابي حيفا الصهيوني التي ستجمعه مع فريق بايرن مينويخ الألماني ، حيث سيلعبان الليلة في مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة.


نقول أن الجزيرة اختارت هذه المباراة عنوة لأنه كان بامكانها اختيار أي مبارة أخرى خاصة أن هناك فرق قوية تلعب الليلة في بطولة ابطال الدوري الأوروبي، هناك فرق عريقة جداً مثل ريال مدريد ، اتلاتيكو مدريد الاسبانيان ، جوفنتوس و ميلانو الايطاليان ، بوردو ومرسيليا الفرنسيان و تشيلسي و مانشستر يونايتد الانجيلزيان. فمن بحق الله أقوى وأكثر متعة مباراة تجمع مكابي حيفا مع بايرن ميونيخ ، نتيجتها قد تكون شبه معروفة سلفاً ، أم مباراة تجمع تشيلسي وبورتو ؟ ..


واضح أن قرار بث المباراة قرار سياسي قطري ، خضع لحسابات سياسية أعلى من القسم الرياضي في الجزيرة القطرية. فقطر تمارس دوراً أكبر من حجمها منذ سنوات طويلة. وتلعب في كافة الملاعب سواء في فلسطين ولبنان وسوريا وليبيا والسودان أو في ملعب أمريكا الكبير وملاعب الكيان الصهيوني الصغيرة.  فمكاتب التنسيق والتبادل بين قطر والصهاينة موجودة ، والعلاقات الدبلوماسية كذلك ، والزيارات واللقاءات شبه دائمة ولم تنقطع حتى في أحلك الظروف. ترى من يحرك قطر وما هو المغزى من علاقاتها الحميمة مع حماس وحزب الله وسوريا ، وبنفس الوقت مع الكيان الصهيوني والادارة الأمريكية ..


هناك على ما يبدو قرار أمريكي بموجبه على العرب بدء التطبيع في كافة مناحي الحياة مع الكيان الصهيوني.. ويجب أن لا ننسى الكرم الليبرماني والنتنياهوني ، إذ تكرم الاثنان على العرب بوعد بتجميد البناء و الاستيطان مقابل قيام كافة الدول العربية بالتطبيع ثم الاعتراف العلني بيهودية كيان الصهاينة فوق أرض الشعب الفلسطيني المحتلة منذ سنة 1948 . مع الاحتفاظ طبعاً بما تنازلت عنه القيادة الأوسلوية من اراضي فلسطينية لصالح الصهاينة. وكذلك بالمستوطنات الاساسية والكبيرة التي قضت على حلم الفلسطينيين باقامة دولة ذات سيادة مع عاصمة في القدس أو حتى شرقها.


هذه الحكاية مثل اي نكتة سخيفة من نكات الصهاينة الذين يحتقرون كل العرب من المحيط الى الخليج ومن الخليج الى المحيط. لكن العرب أنفسهم لم يدعوا مجالاً لأي كان حتى يحترمهم ، فهم لا يحترموا انفسهم ولا شعوبهم ولا يغاروا على اراضيهم وممتلكاتهم ، فنفطهم مستباح واراضيهم واجواءهم وبحارهم كذلك مستباحة. ولا يوجد دولة عربية إلا لها خلافات مع جارتها العربية ومع شقيقاتها الأخريات.


تباً لهذا الوضع العربي المزري ، الذي صارت فيه القنوات العربية تمارس التطبيع العلني مع الصهاينة. وللجزيرة نقول مبروك هذا الدور المتجدد الذي لم تخف وسائل الاعلام الصهيونية اعجابها به. إذ أشادت صحيفة يداعوت احرنوت الصهيونية يوم الاربعاء الماضي بقرار قناة الجزيرة القطرية ببث مباريات إحدى الفرق "الإسرائيلية" المشاركة فى بطولة دوري الأبطال الأوروبي على شاشاتها، معتبرة ذلك خطوة جديدة تتبناها الجزيرة لفتح أبواب التطبيع بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي.


لما لا تكتب الصحف الصهيونية مثل هذا الكلام ، فالجزيرة منذ اكثر من اسبوع وهي تنشر اعلانات يومية لبث مباراة فريق مكابي حيفا المشارك فى بطولة دوري الأبطال الأوروبي ...  الفرحة غمرت الصهاينة ولم يكتموا ذلك إذ اعتبر أحد المعلقين الصهاينة أن قرار  الجزيرة يدل على أن هناك "شرق أوسط جديد" قد بدأ في الظهور من جديد.. معه حق لأنها المرة الأولى - ونتمنى أن تكون الأخيرة - ، لكن الأعمال بالنيات كما يقول المثل ونية الجزيرة التطبيع لا التدليع .. انها المرة الأولى التي تقوم قناة الجزيرة الرياضية ببث تنويهات واعلانات لمشاهديها عن اللقاء المرتقب الذى سيجمع الفريق "الإسرائيلي" مع نظيره الألماني بايرن ميونيخ الليلة .. يعرف الصهاينة جيداً أن هذه المباراةستبث مباشرة إلى كافة البيوت العربية التي تدخلها قناة الجزيرة بسهولة.


طبعاً لم يغب عن بال المعلق الصهيوني أن يذكر بأن قرار الجزيرة الخطير جداً


يتماشى مع دعوة التطبيع بين الدول العربية و"إسرائيل" التي تروج لها الإدارة الأمريكية، وأنه يعد بمثابة تحول جذري فى موقف الجزيرة بشأن التطبيع الرياضي مع "إسرائيل" حيث سبق وأن رفضت بث مباريات فريق مكابي تل أبيب في عام 2006 والذي كان مشاركا في بطولة دوري الأبطال الأوروبي.


مبروك للجزيرة الرياضية والقائمين عليها هذا التحول القبيح .. ونترك للمشاهدين المؤمنين بعروبتهم وبفلسطين المقاومة حرية محاسبتها عبر مقاطعتها اسوة بمقاطعتهم لشقيقاتها من الفضائيات العربيات المطبعات

 
 
 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الخميس / ٢٧ رمضان ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق الموافق ١٧ / أيلول / ٢٠٠٩ م