الإعلام المتباكي على اليونسكو و فاروق حسني

 
 

شبكة المنصور

شاهين محمد
إن منظمة الأمم المتحدة وجميع روافدها شُرعت على الورق وبقيت على حالها باستثناء مجلس العدوان على شعوب العالم (مجلس الأمن) ، حيث مارس دوره ألغولي في تدمير أماني وطموحات الشعوب المحبة للحرية والتقدم ، الشعوب التي سعت لنيل حريتها ووجود ذاتها وتحفيز قواها الفاعلة وتحقيق تفاعل صادق للتطور العلمي خدمة للإنسانية وللنهوض بقيمة بني البشر . من الروافد التي تفرعت من الأمم المتحدة ، منظمة اليونسكو وهي منظمة تعنى بالشأن الثقافي والحضاري لشعوب العالم ، ذلك ما هو مدون في دستور نشأتها . واختيرت باريس مكان رومانسيا لها مناسبا لم مذكور في ديباجة صفات المنظمة ، ثقافة ، حضارة ، رقي ، تعليم ،والتعاون العالمي ثقافيا ليكن مدخلا للسلم والتعاون الدولي . واختير المكان بعيدا عن أروقة مجلس الأمن عنوانا لعدم فاعلية هذه المنظمة وكما يراد لها منظمة للتطبيل والتزمير والنواح على حضارات الشعوب التي تدهسها القوى العظمى بجبروتها وطغيانها . ومن اجل تجميد نشاطها الضعيف أصلا ، اتهم الغرب هذه المنظمة بوقوعها تحت هيمنة قوى اليسار العالمي ، حينذاك كان المقصود هي الكتلة الاشتراكية ودول عدم الانحياز، من اجل ذر الرماد في عيون شعوب العالم واستغفالهم والادعاء بان جزء هام من المنظمة الدولية خاضع لسيطرة القوى المناهضة للامبريالية والغرب !. والحقيقة كل الحقيقة أنها منظمة هلامية لونها وردي ممتلئة بهواء فاسد . وقراءة لدور اليونسكو الحديث في أحداث دولية نراه دورا مسخا غير منصف ومتناقض بأسلوب مسرحي هابط ، كشرت عن أنيابها بوجه أفغانستان حين أقدمت قيادة طالبان على تدمير تماثيل بوذا ، ولم تتحرك عندما أقدم الصينيين على تدمير معظم تماثيل بوذا في منطقة التبت عام 1967 ولم يقلق العالم المتحضر من هذا التصرف . ناهيكم عن موقف المنظمة الخجول من حضارة دمرت بأكملها ( حضارة وادي الرافدين) على يد المغول الجدد بوش وحلفائه من الفرس والصهاينة . وما يجري اليوم من عمل في نهار التاريخ الحديث لتهديم المسجد الأقصى لصالح خرافات نسجتها عقول عنصرية عفنة . ماذا فعلت منظمة اليونسكو؟ .


رشحت مصر وزير الثقافة فاروق حسني لرئاسة هذه المنظمة ليحل محل الياباني توشرا ماتيسورا ، وقام الإعلام المصري بحملة إعلانية غير مسبوقة عن عبقرية فاروق حسني وروحه الشاعرية وحسه الفني العالي حتى وصلوا به انه يملك كل الحواس الفنية في العالم وحتى تلك التي ليس من صفات البشر . وتقدم فاروق حسني بعرض فني للعالم واصف نفسه الحارس الأمين على ثقافة البشر من السابقين واللاحقين . وما إن تقولت بعض الأقلام إن الصهاينة ممكن أن يعارضوا ترشيحه لهذا المنصب العالمي ، والذي أصبح أمل وإستراتيجية الحكومة المصرية في العالم هو الحصول على مناصب عالمية مهما كان الثمن وأينما كان،( حتى يتبوءا مناصب أممية)، قام فاروق حسني بإعلان موقفة اللا معادي للصهيونية عدوة العرب مبين قدرته على التعاطي بمطاطية كبيرة مع أعداء الأمة والإنسانية والحضارة البشرية من بني صهيون واستقبل وفدا صهيونيا من بينهم حاخام كبير من أصل أمريكي يدعى اندرو بيكر ،وإعلانه الاستعداد لزيارة الكيان الصهيوني إذا كانت تلك عقبة في طريق فوزه بالمنصب الدولي . هذا هو فاروق حسني قبل أن يصل المكان حنا هامته لأعدائنا ، فهل لنا رجا منه أن يساند قضايا امتنا ؟ أم ليقولوا فقط إن مصريا يقود منظمة دولية !!!. فلا خير في مكان أو منصب ليس للأمة فيه خير.


هل تبـوء المناصب الأممية هو الهدف لسياسة مصر الحالية وليس للعرب مصلحة في هذا كله لان مصر اليوم مرتبطة بكامب ديفيد ، فما هو ذنب العرب في أن يتحملوا أوزار خسارة هذا المنصب أو ذاك ، ليتحفنا البعض بسطور النشيد القومي الذي لم يحفظوا غيره ولم يراعوا مستجدات الوعي المبني على تفسير الأحداث ومؤثراتها على تاريخ الأمة ومستقبلها


هناك بعض قدامى القوميين العرب لا يفرقوا بين حشوا السطور وحقائق الأمور اخذوا يتباكوا على فاروق حسني لأنه عربي ولم يذكروا مواقفه من العدو الصهيوني وتنازله وقبوله زيارة الكيان الصهيوني ويحاكون قضايا من أقران حاكيات جدتي بشكل ملتو متعمدين استغفال المواطن العربي وتصوير رموز الهزيمة والخيانة مثل بطرس غالي ممثلا للعرب لأنه أصبح أمينا عاما لمنظمة الأمم المتحدة ولم تسعفهم الذاكرة إن هذا المنصب كان مكافأة له من قبل القوى الامبريالية والصهيونية العالمية لدورة الكبير في ترسيخ روح الهزيمة والاستسلام في الأمة وتشجيع اكبر بلد عربي للانخراط في مخطط إضعاف الأمة والاستسلام للكيان الصهيوني وهي مكافأة عمرها أربع سنوات فقط ، وصفة الحكيم الماسوني لم تمدد لأي سبب ، وليس لأنه طلب التحقيق في مجزرة قانا ، فكم مجزرة بحجم قـانا حدثت في بلاد الرافدين وبطرس غالي متولي رئاسة الجمعية التي قادت العدوان على العراق وشرعت في قتل أكثر من مليون ونصف مليون إنسان عراقي من جراء الحصار الذي كانت جلسات مجلس الأمن بحضور بطرس غالي نفسه ومباركته .ألم يكن آنذاك بطرس غالي عربيا ؟ ولم تعرفه الصهيونية ولم تعاديه ولم تزيحه من منصبه أو تشن عليه حمله إقصاء ؟؟ . لمصلحة من محاولة استغفال المواطن العربي وقلب معاني التاريخ ، والمشكلة الكبرى أن تأتي محاولة التدليس الفكرية هذه من أناس يدعون أنهم حملة الفكر القومي العربي .

 

وبذات الحملة يتم الدفاع عن البرادعي واعتباره ضحية الهجوم الصهيوني المعادي للأمة !! وإن إقصائه من منظمة الطاقة الدولية إضرارا بمصالح العرب!!. وكان رئاسة الوكالة ككرسي رئاسة بلد عربي !! فما هو نفعه للعرب طيلة فترة ترأسه وكالة الطاقة الذرية وأكمل ختامها مسك فان البرادعي اتهم سوريا بعدم التعاون مع المنظمة التي يرأسها بخصوص موقع دير الزور !!! . وتباكي البرادعي على العراق بعد انتهاء ولايته على الوكالة ذلك يدفعني للتذكير بمواقف بعض القوميين العرب ، فهـم موظفين لدى الدولة بأعلى الدرجات من وزير أو رئيس وزراء وينسون أنهم عرب أو قوميين عرب أو حتى مواطن بسيط مخلص لقضايا أمته ، فهو العبد المطيع لسياسة الحاكم وينفذها وكأنه آلة نشطة تقدم لصاحبها باكورة إنتاجها . هذا الموظف الكبير حالما يصدر أمر إعفائه من منصبه يصبح بقدرة قادر قومي عروبي نهضوي من الطراز الأول يصول ويجول في أروقة المؤتمرات والفضائيات والأرضيات مدافعا عن القومية العربية ومآسيها !!!!.


إن قضايا امتنا العربية لن يصونها موقع دولي أو رئاسة اليونسكو ما دام القرار بيد الأعداء ، فلماذا القبول بتمرير هذه القرارات بأصوات وشخوص عربية . إن الذي يصون حقوق الأمة ويحقق حلمها هو المقاومة العربية في العراق وفلسطين ودعمهما بكل الوسائل هو السبيل والالتزام على كل عربي غيور . ومن الأفضل لمشايخ القراءة العربية الخلدونية عدم إثارة الغبرة الإعلامية على المواطن العربي وتعريف الأمور بتجرد من أي مصلحة ، لان المواطن العربي اليوم كما يقول المثل ( مفتح باللبن ) أي انه يرى ويعي كل شي واستغفاله لا يعود إلا بالضرر على من ينهج ذلك . فلا فاروق حسني ولا بطرس غالي ولا البرادعي لهم علاقة بمصلحة الأمة العربية وهمومها ، وان كانوا على رأس الهرم لأي منظمة دولية ، فهم بالنسبة لمصائب الأمة ومعضلاتها متناسين والمواطن العربي يكون متشائما ومرعوبا أكثر على مصلحة الأمة عندما يكون مثل هؤلاء بهذه المواقع لان المواطن العربي متأكد ومقتنع دون تردد إن التنازلات منهم أكثر بكثير مما متوقع من غيرهم ! .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ٠٦ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٥ / أيلول / ٢٠٠٩ م