في سبيل البعث : مقتطفات من '' حصيلة مرحلة من النضال ''

 
 

شبكة المنصور

زيد احمد الربيعي
حلف بغداد، وملامح اليقظة العربية: يمكن أن نسمي حلف بغداد هجوما استعماريا دفاعيا لجأت إليه بريطانيا لوقف نمو اليقظة العربية وتدارك نتائجها قبل وقوعها، فصاغت هذا الحلف في تصميمه وبمراميه على نحو يكون فيه لكل وجهة من وجهات الحركة العربية الجديدة وجهة تقابلها فتشوهها او تحرفها او تعطلها.


فإذا كان من ملامح اليقظة العربية إنها تسعى للخروج من حالة التخلف الاقتصادي، بتخطيط سياسة اقتصادية تقوم على أسس شعبية تقدمية ثورية، فتوجه معظم الجهود لرفع مستوى العدد الأكبر من أبناء الأمة العربية وتنصب على الأمور الجوهرية كتقوية الدفاع وإنشاء الصناعات الأساسية لتحرير البلاد من التبعية الأجنبية، كل ذلك ضمن منطق الوحدة العربية الذي يرتب عليه أن يكون الاقتصاد العربي متكاملا ومتمما بعضه لبعض ومفتوحا للخطوات التوحيدية ومساعدا عليها، فان حلف بغداد أيضا يحاول أن يقدم انتعاشا مصطنعا متلائما مع المصالح الاستعمارية تشرف عليه الطبقة الرجعية، ومشاريع أعمار يكون نصيب الشعب منها النصيب الذي قد يخدره دون أن يطلق طاقته ويرفع مستواه.


وإذا كان من ملامح اليقظة العربية تسليح نضال الشعب بالسلاح المادي وإنماء القوة العسكرية كي يتمكن الشعب من نفسه ويزداد ثقة بنجوع نضاله، فحلف بغداد أيضا يمني نفسه الأماني الكاذبة بالقوة العسكرية ويعمد لفصل القوة المسلحة عن نضال الشعب، وبث التناقض والتشكك كي يقيم بينهما توازنا. وإذا كانت الحركة العربية الجديدة تهدف إلى توحيد الأقطار العربية، ولكن مفهومها للوحدة إن نسيجها هو وحدة نضالية شعبية يكون من ثمراتها الوحدة السياسية، فحلف بغداد يقدم أيضا وحدة هي وحدة الطبقة الرجعية والخونة والعملاء من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، أي وحدة الطبقة المتمسكة بالتجزئة والمستغلة لها والمتآمرة على شخصية الآمة العربية ووجودها. فساسة الحلف لا يكتفون بالضغط على سورية والأردن ولبنان لربط هذه الأقطار بحلف بغداد، بل يتصلون ببعض ساسة المغرب العربي ويشجعونهم على ربط المغرب بحلف الأطلسي والتنكر التام للعروبة.


وإذا كانت الحركة العربية الجديدة تتجه في المجال الدولي إلى إقامة السياسة العربية على أساس استقلال الأمة العربية عن سياسة التكتلات الدولية وحياده ودورها الايجابي الخاص بالنسبة إلى الإنسانية، فحلف بغداد اتخذ هدفا آخر هو الانحياز التام إلى المعسكر الغربي بحجة مكافحة الشيوعية، ومقاومة خطر الاتحاد السوفياتي، ولعب على فكرة خطر إسرائيل وضرورة مقاومتها في حين أنه بتبعيته للاستعمار يمكن لإسرائيل ويؤمن وجودها وبقاءها على حساب الوجود العربي.


وأخيرا إذا كانت الحركة العربية تهدف إلى وقاية السلام وتدعميه فحلف بغداد تقدم بهدف آخر حين كون اتجاها نحو سياسة المعسكرات والأحلاف العسكرية والحرب. فشل الاستعمار وظفر العرب: ولكن الاستعمار رغم خطته هذه التي ظنها متكافئة لليقظة العربية ورغم ما حرك من فئات من العرب سلحها بمنطق كامل من المغالطات لتزييف أهداف هذه اليقظة وطريقها، فقد فشل في قطرين، سورية والأردن، وصعق أمام ثورتين في الجزائر ومصر، فانكمش على نفسه وتحدد عمله بشراء بعض الضمائر واستئجار بعض العملاء والخونة للتخريب والتفرقة وإثارة الفتن، ولم يجد مناصا من تمزيق أقنعته واللجوء إلى العدوان السافر فسجل على نفسه فضيحة تاريخية وسجل العرب بمقاومتهم تحولا تاريخيا.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

 
 

شبكة المنصور

الاحد / ٠١ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٠ / أيلول / ٢٠٠٩ م