البعث قدر الأمة وباعث رسالتها

 
 

شبكة المنصور

زامــل عــبـــد

لكل امة ميزتها وخواصها وأمة العرب من الأمم التي امتازت عبر تأريخها بخواص أفردتها عن الأمم الأخرى  وجعلتها بمكان من الاستهداف والتعرض إلى الكثير من  الأفعال العدائية من أمم أخرى ، وبالرسالة الإسلامية  تبلورت المعاني الإنسانية للأمة العربية وأصبحت الأمة التي تدعو إلى الهداية والإصلاح وأصبحت  الأمة المنفتحة على جميع الأمم الأخرى والساندة إلى الأمم التي تعاني الانغلاق والحرمان والتردي  مما ولد ذلك حقدا اكبر عليها من ذات الأمم التي كانت تستهدفها وتعمل على حجب كل معالم التغيير والتحول فيها والتأريخ يدون في سفره الكثير من هكذا ادوار  ، حيث تلازم السيف العربي  والدين الجديد الإسلام بما يعنيه من حيث التجدد والانفتاح والتحول  في كل معالم الحياة واستشراف المستقبل الذي تولد فيه الأمة من خلال انتقالها من  قيم الجاهلية إلى روح العصر المتفتح والعلاقات السامية مع الأمم الأخرى والتأثير والتأثر المتبادل بما يخدم الإنسانية وتكوين القاسم المشترك فيما بين الأمم والشعوب المبني أساسا على روح المشاركة و المصالح المشتركة وخير مثال الذي يمنكن الاستدلال به الدولة العربية الإسلامية في الأندلس التي أصبحت البوابة الواسعة لشعوب أوربا  كي يتحرروا ويرتقوا إلى مصاف الأمم المتمكنة وبالرغم من الحقد والكراهية التي  تسيطر على العقل البيزنطي والروماني باتجاه الإسلام والعرب  ،

 

إلا أن التأريخ  يوثق الهوى الذي كان مسيطرا على ملوكهم من حيث الاستفادة من العقل العربي المسلم في فن  الشعر والرسم والهندسة والبناء  حتى ما بعد سقوط غرناطة وما لتبعها من أفعال اجتثاث وهدم مما يؤكد ذلك على تميز العرب  ودورهم الحضاري الإنساني الرسالي  ،  لجسامة الهجمة الشرسة التي شنت على الأمة العربية وحاضرتها الدولة العربية الإسلامية التي جسدت  القدرة القيادية والعلمية والإبداع العربي والأفق المنفتح في العقل العربي يمكن القول بان الأمة ركنت  إلى نوع من  الخمول بل الكبوة لما لحق بها بفعل الحروب الصليبية والتأمر الذي تبناه وقادة الشعوبيون المتغلغلين في جسم الأمة  ومفاصل دولتها الحساسة وتعاقب الغزوات التي قامت بها  الأقوام  الرافضة لمعاني الرقي والانفتاح وامتلاك الإرادة المعبرة عن الجوهر الحقيقي للأمة وهذا الحدث اخذ ينعكس على  الأفق العام للأمة وصولا إلى  تقطيع أوصالها في معاهدة سايكس بيكو والتغيير في بعض المكونات الأساسية لنسيجها الاجتماعي  من خلال تغلغل أفراد من أقوام غريبة عن الجسم العربي لتقوم بالدور أو الأدوار التي أوكلت لها  لتحقيق الهدف الأكبر في أوقات لاحقة تمنع الأمة من القيام بدورها من جديد والنهوض من الكبوة التي حلت بها ،

 

فما كان من الرجال والفتية الذين امنوا بالله الواحد الأحد وآلامه  إلا أن يشمروا عن سواعدهم  متفاعلين مع المتغيرات التي اخذ يشهدها العالم مابعد الحرب الكونية الأولى وإفرازاتها التي كانت الأمة العربية  كمكون بشري وأرضها  الوطن العربي كموقع إستراتيجي حباه الله بكل مميزات الأهمية والتأثير والاستقطاب من اجل  الوصول إلى ضالتهم التي تحمي الأمة وبعث الأمل في نفوس أبنائها  استلهاما لتأريخهم  المجيد وسفرهم الخالد كي يتلمسوا الأمل  بفعل نابع من حب الأمة والتضحية لها وتم ترجمة هذه الرؤية بحركة الإحياء العربي في منتصف  الثلاثينات من القرن  الماضي واختيار التسمية  للحركة  له مدلولات الانبعاث بما يعني  بعث الروح في الموروث الخالد للأمة واستلهامه بما يتوافق والحاجة التي  فرضتها الظروف التي سادت  وأصبحت امرأ" لابد من الجهاد ضده والعمل على تغيره تغيرا" شاملا  لما يكونه من حالة امتهان وقتل لكل معاني الإنسانية وامتلاك الإرادة ، واستمر المخاض بعرض الأفكار والتحليلات والمواقف  على أبناء الأمة ليستنيروا الطريق ويدركوا الحل ويستعدوا لأداء الدور الواجب القيام به ألا وهو تحمل أعباء  البناء  والولادة الجديدة لان الأمة لا يمكنها من الخلاص من القيود التي فرضت عليها وكبلت بها إلا من خلال التغيير الجذري الشامل للواقع العربي وهذا لايمكن أن يتحقق إلى بالثورة الشعبية التي  ترتبط أســـــــــــــــاسا في مادتها الإنسان العربي الجديد الذي يمكن تكوينه بالانقلاب الجذري الذاتي الحاصل لدى أبناء ألامه (( الانقلاب تعبيره العملي هو النضال ، والنضال له معان كثيرة أو له معنى واسع لا ينحصر في النضال السياسي وحده.

 

وقد يظن بان النضال اسلوب للعمل وهذا هو الشائع  والمطبق عند الكثيرين، في حين  إن النضال بالنسبة إلى العربي ليس   اسلوبا فحسب وإنما هو غاية في حد ذاته. النضال الذي هو التعبير العملي عن فكرة الانقلاب، إنما يقصد به إن تغالب الأمة العربية نفسها بعد تلك الغفوة الطويلة   ))  ،   يقول الرفيق القائد المؤسس المرحوم أحمد ميشـــــــيل عفلق عام 1950 في مكتب الحزب لمنطقة  دير الزور  (( إننا لسنا إلا نتاج امتنا وإننا إذا استطعنا أن نعمل حتى الآن شيئا وأن نقترب من بعض الفضائل وان نطمح إلى المزيد من هذه المثالية فليس ذلك العمل خاصا بنا كأفراد  وليس ذلك العمل لتفوق فردي ، وإنما يرجع الفضل في ذلك كله إلى هذه الإرادة المستيقظة في امتنا التي تفرض نفسها على طليعة أبنائها لنؤمن دوما بأن ما نعمله وما نفكر به وما نستطيع تحقيقه في نفوسنا وفي المجتمع ليس إلا صدى باهتا ،

 

وليس ألا حقيقة ناقصة  بالنسبة إلى حقيقة أمتنا الخالدة ، لنضع أمتنا المثالية فوق كل اعتبار وفوق كل شخص ، ولنضع حزبنا الذي هو صورة الأمة المثالية فوق أشخاصه وقادته ، فإذا أردتم أن تحيوا أحدا فحيوا حزب البعث العربي الذي استطاع في مثل هذه المرحلة الحرجة القاسية في حياة أمتنا أن يسمو بالفكرة فوق الواقع وفوق الأشخاص ، وما قيمة الأشخاص إلا بمقدار ما يتمثلون هذه الفكرة وبمقدار ما يكونون صورة قريبة منها وتعبيرا صادقاً منسجما معها ، أي بمقدار ما يطيعونها ، فالقادة الحقيقيون هم الذين يعرفون أن يطيعوا الفكرة ، كما إن الأعضاء المخلصين هم الذين يطيعون الفكرة من خلال توجيه القادة ))


بتمعن واعي في هذه الوقفات المعبرة عن جوهر الأمة العربية ورسالتها الخالدة واليقين الصادق بأبنائها الخيرين الذين اختاروا طريق التضحية والجهاد  ليكون النهج من اجل الحرية والتحرر وامتلاك الإرادة الصادقة مما يعزز ثقة الأمة العربية بنفسها واعتمادها على قواها ، يظهر لنا إن البعث العربي الذي هو  نتيجة مخاض حركة الإحياء العربي علية دور وجداني إيماني أن يكون طليعة هذه الأمة وعليه أن لا ينشد أية مساعدة وأية قوة خارجية عن نفسه وعن ذاته لان ولادته أساسا ترتكز على  الوسيلة والغاية بذاتها الإنسان العربي  لقد قام حزبنا على هذا الأساس ، على هذا الشعور على هذا الواقع على هذه العقيدة إذا ثقتنا بأنفسنا ، وثق فرد عربي واحد بنفسه فالأمة كلها ستثق بنفسها  ،

 

كما إن الرفيق القائد المؤسس رحمه الله أكد على أن ســـــــــــر القوة التي امتلكتها  الأمة العربية في العصر الحديث  يتمثل بفكرها الذي يعد الوليد الشرعي الذي حمل  عمق المعاناة والاستجابة الواعية لحاجات الجماهير العربية صاحبة المصلحة الحقيقية بالتغيير  وان رحم الأمة  وبعد المخاض الصعب الذي كان لابد منه أتى الوليد وهو يحمل بذاته سر القوة التي تمتلكها امتنا العربية المجيدة  (( ســــــــرنا بهذه العقيدة  ولم تخيب الحوادث أملنا ولم تخيب أمتنا أملنا ، إننا نبني عملنا على عقيدة لا تمت إلى الوهم أو السحر بصلة وإنما ترتكز على أقوى دعائم الواقعية العلمية والعلم وهي إن مصلحة المجموع العربي هي في اتجاه هذه الحركة ،  أن حياة المجموع العربي هي في اتجاه هذه الحركة ، لهذا يكفي أن تنشأ حركة مهما تكن بسيطة حتى يكون مجرد ظهورها ومجرد تقدمها خطوات في الطريق، حافزا وموقظا لهذه المصلحة التي يشعر بها المجموع بهذه الإرادة الكامنة حتى يتم هذا التجاوب وهذا التعاون المستمر بين الحركة الرائدة وبين المجموع الغافي الذي يستيقظ يوما بعد يوم وفي آخر هذا التجاوب الذي لن يكون طويلا ، يتحقق البعث العربي )) 

 

كما يبين الرفيق القائد المؤسس الأفق الأبعد للأمة وكيف ينظر البعث العربي إلى المصلحة أي مصلحة الأمة ضمن هذا المخاض حيث يقول  (( إننا نمثل الحرية والاشتراكية والوحدة ، هذه هي مصلحة الأمة العربية واقصد بالأمة العدد الأكبر ولا أقصد بها تلك الأقلية المشوهة الشاذة المنكرة لذاتها المستعبدة لأنانيتها ومصالحها الخاصة ، لأنها لم تعد من الأمة فما دامت هذه الأهداف هي التعبير عن مصلحة العدد الأكبر فلنثق ولنؤمن بأن العدد الأكبر سيأتي إلينا. وأقول أكثر من ذلك بأنه يمكننا أن نعتمد ليس فقط على العدد الأكبر من الشعب العربي في هذا الوقت ، بل نعتمد على العرب وعلى تاريخ العرب وعلى تلك الإرادة التي تشع من العرب الأحياء والأموات ، على تلك الروح التي تسري عبر الزمن في الأرض العربية ، تلك الروح وان شابتها الشوائب في فترات من الزمن فإنها لا تزال ذات إرادة ولا تزال تريد الحياة والانبعاث فقوتنا إذن ليست قوة العدد الأكبر من مجموع العرب في هذا الوقت فحسب وإنما هي قوة التاريخ العربي أيضا لأننا نسير في اتجاه الروح العربية الأصيلة ، لأننا نسير وفق ما يتمنى أجدادنا الإبطال إن تسير الأمة العربية في كل وقت وزمن ، وإننا نعتمد أيضا على قوة أخرى لا يستهان بها ، ما دمنا نعتقد بأن القومية الصحيحة هي الإنسانية الصحيحة، وأن بعث امتنا هو بعث للإنسانية بكاملها ، هذه القوة هي قوة التاريخ الإنساني فنحن نسير في اتجاه التقدم والتحرر والعدل ولسنا ندير ظهورنا ونعمي إبصارنا عن هذه الحقيقة الإنسانية ، فإذن نحن محاطون بقوى ثلاث أساسية تكفى لكي تملأ قلوبنا بالثقة والعزم قوة مصلحة الشعب العربي في حاضره والتاريخ العربي في ماضيه  ،  والتاريخ الإنســـــــــاني في تقدمه نحـو الحــــــــريـــــة والاشــــــتـراكـيــة والــوحـــــــــــــــــدة  ))

 

وهنا أستذكر مقوله للرفيق القائد المؤسس رحمة الله عليه التي تعطي المعنى الصادق لحقيقة امة العرب والدور الرسالي الجهادي الذي قام ويقوم به العرب المؤمنين الصابرين الصادقين المحتسبين والمرابطين في سوح الجهاد والترابط  هنا جدلي فيما بينهم يتطور بتطور الزمن والحاجة  (( لولا الإسلام لما عرف العرب ولولا السيف العربي لما انتشر الإسلام ))

 

ومن هنا نقول لكل الشعوبيين والمرتدين والذين باعوا ضمائرهم وارتهنوا للأجنبي بذل أن البعث أقوى من مخططاتهم الظلامية ودسائسهم الشيطانية وانه المنتصر إنشاء الله  بالرغم من الكبوة التي أريد لها أن تكون في الأمة العربية استثمارا  للظروف التي  تهيأت بفعل هذا الدور القذر والأنظمة الخائرة المبتعدة عن الجماهير العربية  وان يوم الخلاص لأتي إنشاء الله  والبشرى  تضيء الطريق لجحافل المجاهدين

 

ألله أكبر                      ألله أكبر                       ألله أكبر

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ١٤ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٣ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور