مقالات قصيرة عن مواضيع خطيرة ( الامبريالية مؤسس الإرهاب وممولته )

﴿ الحلقة الثانية عشر ﴾

 
 
 

شبكة المنصور

عبد الله سعد

تحاول الدول الكبرى أن تنسب الإرهاب بصورته الحالية للإسلام ولأغراض تكتيكية تقول الإسلام المتطرف، ولا أحد يتصدى لهذا التضليل والتجني والافتراء على العرب والمسلمين والبشرية، إنها هي التي وضعت قواعد وأسس ومنهج الإرهاب ومولته ودربته ورعته وساندته وهيئت له السلاح والمال والإعلام والقدرات اللازمة، واليكم نماذج من جهدها وأفعالها لذلك :

 

1.  في بداية مرحلة الاستعمار والتنافس بين الدول الصناعية على المواد الأولية واستغلال الشعوب الأخرى وللتغلغل وبناء جسور ومواطئ قدم في مناطق الشرق، بدأت الدول الاستعمارية تجنيد اسر طامعة بالسلطة والهيمنة والتوسع، وبنت معها علاقات وكونت منها قوى كالأسرة السعودية والصباحية وبعض المشيخات في الخليج واليمن وإيران ومصر وليبيا والمغرب وأفريقيا واسيا خصوصا الدول الإسلامية منها، أما غير الإسلامية فكان لها أساليب أخرى منها البعثات التبشيرية والتعليمية وأشكال متعددة، فأوفدت الجواسيس والضباط كخبراء واستشاريين وأطباء ومهندسين تحت تسميات متعددة، لكنها لم تنجح في العراق وسوريا والسودان والجزائر لذلك لم يكن من بين من نصبتهم حكومات لاحقا ملوكا من تلك الدول، ولكن ذلك لا يعني إنها لم توجد لها أعوان وعملاء في تلك البلدان ولكن لم يكن بمقدرتها تكوين علاقات مع أشخاص ومشايخ بمستوى القدرة على السيطرة على البلد وكذلك إن الشعب في تلك الأقطار كان بمستوى وعي لا يمكنها أن تجعله يوافق على حكم أسرة أو مجموعة متطلعة للسلطة لذلك جاءوا بملوك عرب هم أبناء الشريف حسين إلى الشام والعراق، وما الثورات والانتفاضات التي حدثت في تلك الأقطار إلا دليل على  ذلك، أليس هذا المنهج في تنصيب حكومات عميلة منفذة لأجندة الدول الاستعمارية وعبر اسر معروفة الارتباط وتامين حماية ودعم تلك الأسر وترسيخ تحكمها بالشعب العربي والشعوب الأخرى واحد من حوافز بدأ العنف والعداء بين تلك الحكومات ومن يقف ورائها من جهة والشعب عموما من جهة أخرى تطور هذا العداء إلى أشكال متعددة من المناهضة والرفض منها تبلور الوعي الفكري وتطوره ونشوء أحزاب سياسية ومناهج فكرية منها الأحزاب الشيوعية ومنها الأحزاب أو التيارات الدينية ومنها الأحزاب والأفكار الوطنية القومية كحزب البعث العربي الاشتراكي والأحزاب القومية القطرية ولاحقا حركة الاشتراكيين العرب التي ولدت منها الحركة الناصرية، وبدأ حركات كفاح مسلح ومقاومة للوجود الاستعماري الغربي ولتلقي المجاهدين لضربات عسكرية ومطاردة وقتل وسجون وأساليب كثيرة للقضاء عليهم تطور الكفاح الشعبي إلى أشكال مقاومة وثورات كبرى، وكون الدين واحد من أهم الثقافات والمؤثر الرئيسي للمجتمع العربي وكون المجتمع العربي هو حاضن كل الديانات السماوية فسيدنا موسى عليه السلام بعث بأرض العرب وسيدنا عيسى المسيح عليه السلام، وسيدنا محمد خاتم الأنبياء عربي وبعث في ارض العرب فالأمة العربية هي امة مؤمنة مختارة بتكليف رباني لحمل رسالات السماء للبشرية، هذا يجعل الجهاد الفكر الديني شيئا ليس فعالا في حركة المجتمع بل الأول والمؤثر والفاعل حتى في التكوين الفكري الحديث فيها، فالأحزاب التي أنكرت الجانب الروحي والإيماني فشلت في عملها في المجتمع العربي، واكبر دليل على ذلك فشل الأحزاب الشيوعية العربية لسببين رئيسيين الأول مناهضتها للدين والثاني تجاوزها للعامل الأساسي الأخر في حياة العرب وهو الوحدة العربية، بالرغم من الزخم الكبير للفكر الماركسي-الليليني بداية القرن الماضي وظهور الدولة الشيوعية العظمى روسيا ثم ولادة الاتحاد السوفيتي ومن ثم الصين والدعم الذي كانت تلك الأحزاب تتلقاها من المعسكر الشيوعي، طبيعة التكوين الإيماني في الوطن العربي والتأثير العميق للدين والتشريع الرباني فيه ولد تيارات فكرية إسلامية اعتمدت الجهاد ضد الاحتلال والتجزئة والاستغلال للشعب والأرض والثروات، كل ذلك كان حريا أن يكون الدين واحدا من المنابع الفكرية لتفعيل الوعي والحراك السياسي والجهادي المقاوم، فنشأت حركات سياسية وأحزاب معتمدة الفكر الديني البحت، وكان لها فعلا ممتازا وفاعلا في تحريك الجماهير والحركة التحررية في الوطن العربي وخير دليل الثورة الليبية بقيادة المجاهد الكبير عمر المختار رضي الله عنه والثورة العراقية عام 1920 والمعروفة بثورة العشرين وثورات أهلنا في فلسطين بقيادة القسام وثورة السودان وغيرها الكثير وولادة فكر قومي جديد يستمد كل مقوماته من الفكر الديني والإسلامي وأهمها البعث العربي الاشتراكي، هذا الأسلوب الاستعماري الذي بدئه منذ القرن التاسع عشر كان بداية العداء بين العرب كشعب وبين الامبريالية كمنهج ودول ومخطط كان بداية الضغينة والأحقاد.

 

2.  وعد بلفور وما ترتب عليه من تداعيات وتغيرات سياسية وديمغرافية، وتصرف بريطانيا وإداراتها وكأنهم يملكوا العرب وأرضهم ومقدساتهم مما زاد الكراهية للاستعمار ودوله، وجعل كثير من الشباب العربي نتيجة ما حل بالعرب من جرائم خصوصا في فلسطين أن لا لقاء ولا إمكانية لتغيير الواقع إلى بالعودة إلى فجر الإسلام وهو توجه صحيح وصائب، لكن هل الذين كانوا ينادوا بهذه الأفكار كانوا من الوعي بالدين وتشريعه والقرآن وتفسيره بدرجة دراية كبيرة؟ لا بل كان معظم الشباب هم غاضبون مما أدى إلى ولادة التطرف في التفسير والأحكام ونشأ فكر متطرف يعادي كل من له علاقة بالغرب حتى وان كانت دينية وهذا خطأ ارتكبته الأحزاب الدينية كمعاداة اليهود والمسيحيين العرب في بداية الاحتلال الأوربي للوطن العربي مما سهل كثيرا للبريطانيين والفرنسيين والصهيونية العالمية إمكانية استقطاب وتجنيد كثير من أبناء شعبنا من معتنقي الديانتين المسيحية واليهودية أو تشكيل بؤر ترتبط بهم، هذا الفعل الامبريالي كان واحدا من أسباب ولادة التطرف والعنف الاجتماعي الذي تطور وصار عداءا عميقا أدى إلى ولادة التطرف والإرهاب المتبادل.

 

3.  معاهدة سايكس بيكو وتجزئة الوطن والشعب والتي كانت وما زالت عداءا من الغرب للعرب ، وظل العرب يعتبروها عدوان على وجودهم وحريتهم وتكوينهم وكل شيء في حياتهم كأمة وشعب ووطن،وما رافق تنفيذ مخططات الحدود من زرع بؤر توتر ومناطق غير محسومة الارتباط سموها المناطق المختلف عليها أو مناطق الحياد، والمراد بها أن تظل مناطق فتنة ممكن إثارتها حين الحاجة.

 

4.  مناطق الحدود بين الدول العربية ودول الجوار علما بأنهم يعلموا إنها أراضي عربية وسكانها جزء من الشعب العربي ولكن ألحقت بدول الجوار العربي حفاظا على أوراق فتنة ومحل نزاع لاحق بين العرب ودول جوارهم.

 

5.      الجرائم ضد أبناء الشعب العربي وأي منها يرتقي إلى جرائم إبادة جماعية وقتل جماعي وكذلك إنها جرائم بحق الإنسانية، والعودة إلى التاريخ المليء بتلك الحوادث التي تسجل تلك الجرائم تجعل المرء يقتنع إنهم هم الذين جعلوا العرب يكرهوهم، والأسباب هي جرائمهم بحقنا.

 

6.  موقف الغرب وبريطانيا بالذات من الهجرات الصهيونية لفلسطين ودعم ورعاية له بل تقديم كل أنواع الدعم المادي والسياسي واللوجستي والعسكري لهم في اغتصاب فلسطين، ثم موقف الغرب كله من تلك الهجرات وما رافقها من جرائم ضد الإنسانية وصلت حد الإبادة والتهجير الجماعي والاغتصاب للأرض والممتلكات من قبل الصهاينة، بدعم وإسناد وتمويل ومشاركة للدول الامبريالية وبالأخص بريطانيا خلال فترة انتدابها لفلسطين، ثم توحد الموقف الامبريالي بدعم الكيان الصهيوني وتأسيس الكيان الصهيوني.

 

7.  دورهم في إنشاء الكيان الصهيوني وقراراتهم في مجلس الأمن لصالح تكوينه وزرعه في قلب الوطن العربي ودعمهم للاعتراف عالميا بشرعيته وهم يعرفوا إنهم ارتكبوا جريمة بحق الإنسانية لا مثيل لها في التاريخ، وكان دورهم لا يحتاج إلى دليل في فريتهم وطن بلا شعب لشعب بلا وطن،واعترافهم بالدولة الصهيونية المغتصبة بعد عشر دقائق من إعلانها وبالأخص أمريكا.

 

8.  تجاهل وإهمال قيام دولة فلسطينية في الوقت الذي جاء قرار مجلس الأمن من البدء بإنشاء دولتين واحدة لليهود والأخرى للفلسطينيين ، وكان هذا الإغفال والإهمال مقصود حيث ألحقت الضفة الغربية إلى إمارة شرق الأردن وغزة بمصر لان المخطط الصهيوني يرفض قيام الدولة الفلسطينية بل كما هو معروف أن دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل، ومن ثم احتلالها عام 1967 وما ارتكب هذا الكيان العنصري من جرائم خلال هذه الاعوام من الاحتلال.

 

9.  مشاركة ودعم وتمويل الكيان العدواني القائم أساسا على الإرهاب والتطرف الديني المنحرف والعنصرية والقائمة على أساس تلمودي هو إنهم شعب الله المختار، ودعمهم الاستعمار الاستيطاني لأرضنا واستباحة مقدساتنا وقتلنا في الحروب التي شنها الصهاينة علينا بدءا من ثلاثينات القرن الماضي ومرورا بحروب 1948و1956و1967و1973 والعدوان المستمر على شعبنا داخل فلسطين وفي لبنان وتونس وليبيا.

 

10.  موقفهم من كل القرارات الدولية التي تدين الكيان العنصري الصهيوني وجرائمه في مجلس الأمن واستخدام الفيتو ضد تلك القرارات. وهذا سجل كبير لا يمكن أن ندرج شيئا منه لأنه كله يشكل عدوانا علينا وحيفا لنا، وهو دليل على سياستهم المعادية للعرب والمسلمين وانحيازهم لصهاينة حتى بات المرء لا يدري هل هم انشئوا الكيان الصهيوني لخدمة أهدافهم أم هم جنود عند الصهيونية تأمرهم فينفذوا؟ وباتت إداراتهم وسياسييهم لا يختلفوا مع الصهاينة وعدائهم للعرب والمسلمين بشيء.

 

11.  أن تاريخ العلاقات التي بدأت بيننا وبينهم منذ القرن الثامن عشر قائمة على الاستغلال والاضطهاد والعدوان والإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية ونهب الثروات وزرع الفتن والتمزيق للشعب والأرض وكأن وطننا ضيعة لهم يهدوها من يشاءوا فكم أجزاء من وطننا ألحقت بدول جوارنا من قبلهم لكسب تلك الدول وإبقاء تلك المناطق مناطق توتر وقنابل موقوتة لهدم أي تقارب أو علاقات طبيعية مبنية على التعاون والتكامل والشراكة والمنافع المتبادلة وحسن الجوار واحترام كل من الطرفين لاستقلال الأخر كما هو الأمر بإقليم الاحواز والاسكندرون ومناطق من الصومال وغيرها.

 

12.  اعتماد جيوش المرتزقة في الحروب والعدوان والفتن، وهم أدرى من غيرهم من هم المرتزقة؟ وما يعنون للقانون الدولي وللمجتمعات الإنسانية، إنهم محترفو الجريمة والقتل والرذيلة ويمثلون أعلى درجات الانحراف والإجرام لأنهم يعتمدون على استعدادهم لارتكاب أي جريمة مخالفة للقوانين والتشريع والأعراف والقيم الإنسانية مقابل المال والحصول على الثروة، حيث أن المبدأ الوحيد الذي يربطهم بكل شيء هو الكسب المالي، ووصل التمادي والاستهتار بالإنسانية وقيمها وشرائعها من قبل الدول الامبريالية إلى درجة تكوين دولة وهمية هي دولة فرسان مالطا وهي عضو مراقب في هيئة الأمم المتحدة ولكن لا وجود جغرافي ولا شعب لها، وهي التي تهيئ وثائق المرتزقة (محترفي الجريمة في العالم) ولها تمثيل دبلوماسي وسفارات في عدد كبير من دول العالم منها عشر دول عربية، وتضم في إدارتها كثير من سياسي الامبريالية والصهيونية والماسونية ومن ضمنهم جورج بوش الأب والابن وبلير.

 

13.  توظيف العرب كمرتزقة في صراعاتها ومعاركها السياسية على النفوذ والثروات، وكان تأسيس تنظيم القاعدة وما روج في الإعلام الغربي عن الجهاد في أفغانستان إبان الاحتلال السوفيتي لها وتأويل الدين من خلال أنظمة عميلة ومفتين ودعاة وفتح معسكرات للملتحقين بتلك الحرب نيابة عن أمريكا والامبريالية بدعم وتمويل وتسليح وتدريب أمريكي مغطى بلباس إسلامي من خلال نظامي آل سعود وبرويز مشرف، وما تأسس على اثر تداعياته من عداء من قبل مقاتلي القاعدة معهم أدى إلى إحداث 9/أيلول /2001 والتي لم تكن أياديهم بعيدة عن أحداثها لاستغلالها في القيام بحرب عدوانية كونية ضد العرب والإسلام وكل البشرية.

 

14.  حرب الإبادة والقتل الجماعي لشعب العراق لمدة 13عام وحرب الإبادة الحالية في غزة من خلال ما يسموه حصار.

 

15.  جريمتي القرن الحادي والعشرين باحتلال العراق وأفغانستان والجرائم التي رافقت ذلك الاحتلال، خصوصا في العراق والتي تمثل عدوانا واستباحة للإنسانية والحضارة البشرية باجلى صورها.

 

ابعد كل هذا لو فصلناه نحتاج إلى دليل من الذي انشأ الإرهاب وأسس له وموله ودعمه ودربه، في مجتمعنا وعند الأمم الأخرى فهو نتاج سياستها ومنهجها كقنبلتي هوراشيما وناكازاكي وما فعلوه في شبه القارة الهندية والذي تمخض عن تقسيم تلك البلاد وحروب فيتنام وكمبوديا ولاوس،وكذلك ما جرى في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، أليست هذه هي الاسباب والدوافع الحقيقية التي ولدت الارهاب والضغينة بين الشعوب؟ ألا لعنة الله على كل باغ أثيم،

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء / ٢٢ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٠ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور