كي يكون متكئي صادقا بتصريحاته

 
 
 

شبكة المنصور

عبد الله سعد

جاء بتصريحات متكئي يوم أمس إن ( طهران تنظر للدول الإسلامية والعربية بحسن نية وتهتم بأمن تلك الدول ومصالحها )، أريد أن أعقب على ما جاء في خطابه الذي تضمن كثير من اللغة الدبلوماسية المفترضة في العلاقات الدولية،فكيف عندما تكون تلك الدول يربطها إضافة إلى المواثيق والمعاهدات الدولية روابط أخرى هي الدين المشترك والجوار والمصالح والتاريخ الممتد بين المسلمين منذ الفتح الإسلامي ولحد أن بدأت إيران مطامعها في العهد البهلوي ولم يحدث أي تغير في سياسة إيران بعد الثورة والقضاء على حكم شاه المتحالف مع أعداء العرب والإسلام الامبريالية والصهيونية، حتى بتنا في حيرة من الأمر حيث إن الشعارات المرفوعة بعد الثورة إن الثورة إسلامية! أين سياسة وبرنامج إدارة إيران بعد الثورة من قيم وتشريع وأوامر الإسلام في علاقاتها مع العرب خاصة والمسلمين عامة؟

 

فأول ما استولى الجناح المتشدد من القوى التي أحدثت التغيير في إيران وتولى المرشد الراحل خميني رفع شعار تصدير الثورة، وأول من بدا معهم العراق فان كان قصده بالثورة التخلص من أنظمة الحكم المرتبطة بالامبريالية والصهيونية فالعراق كان واحد من اكبر المناهضين للبرنامج الامبريالي الصهيوني في المنطقة إذا لم يكن وقت نجاح الثورة الإيرانية النظام الوحيد، وان كان يعني الأنظمة التي لا تلتزم منهج الرسالة الإسلامية السمحاء فالعراق كان والى فترة الاحتلال من ابرز الدول الإسلامية عملا بما لا يناقض التشريع الرباني وسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، فلا ندري ماذا كان يقصد وفي كلا الحالتين فهو قد ارتكب مخالفة لمنهج الإسلام وأساء له واضعف الموقف العربي والإسلامي وتسبب بالهدار دماء المسلمين عراقيين وإيرانيين وثرواتهم التي لو كانت قد وظفت لأجل انجاز قضايا المسلمين عموما لكانت كافية إن تحرر أراضيهم وتجبر أعدائهم خصوصا الامبريالية والصهيونية على الاعتراف بحقوقهم وهيبتهم من خلال وحدتهم وقوتهم وجمعهم الموحد لمواجهة الأطماع والعدوان والغزو الخارجي، ولو كان التغيير الإيراني انتهج منهج الدعم للدول المسلمة الفقيرة وطرح مقترحا لوضع صيغة لدعم مثل تلك الحالات أو دعم إسلامي لأي بلد إسلامي يتعرض لكارثة طبيعية كالجفاف أو الزلزال أو ما يشابه ذلك لكان العراق سباقا لمؤازرة إيران أو غيرها من العرب والمسلمين الذي يعمل من اجل التعاون والتكامل وترابط الأمن الإقليمي للبلدان الإسلامية لكن الإدارة الإيرانية ممثلة بالمرشد كانت عكس ذلك، ومن ثم خلفه،

 

أما إن كان المرشد وإدارته يقصد تصدير الثورة ويعني بذلك ما سماه الثورة الإسلامية، فهل المرشد جاهلا بالتاريخ الإسلامي ولا يدري من الذي نقل الإسلام كدين ورسالة إلى البشر ومنهم الفرس وكل شعوب إيران، أي يجهل إن القرآن عربي والرسول الخاتم عربي وحملة الدين وجنده هم العرب قبل إن يصل إلى إيران بأكثر من أربعة عقود وان فتح بلاد الفرس ودخولهم الإسلام امتد عقدين من الزمن، فالعرب وشوكتهم العراقيون هم الذين نقلوا الرسالة الإسلامية إلى شعوب الشرق ودعوهم إلى الإسلام بالحسنى فان رفضوا فالجزية فان رفضوا فالسيف أيجهل هذا وهو الذي سمى نفسه إماما؟؟؟

 

هذا كان أول الشر الذي يوحي بالحريق وجاء الحريق واشتعلت الجبهة بين المسلمين في العراق وإيران وانقسم المسلمين بين مؤيد لهذا الطرف أو ذاك، وصار المفهوم عند كثير من الشعوب إن الإسلام ليس دين توحيد بل هو فرق متناحرة متناقضة متعادية؟ وكل ذلك مخالف لمنهج الإسلام والتشريع الرباني الذي تلقيناه من القرآن وسنة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولو حاولت إن استشهد بنصوص من القرآن والسنة لاججت إن ألف مجلدا لا تقل أجزاءه عن العشر مجلدات لو اختصرت وذكرت النصوص بلا شروح أو تعليق، فأين حسن النية والحرص على العرب والإسلام يا وزير خارجية إيران الإسلامية، بهذا الخطأ التاريخي والاستراتيجي المخالف للشريعة والدين تعرفنا على برنامج خميني قائد الثورة ورسم خميني صورة للثورة عند العالم وليس العرب فقط، فكيف نصدق ما تقول أيها الدبلوماسي؟ ولو أردنا إن نذكر كل ما فعلته حكومات إيران خلال فترة استلام الحكم في عهد المرشد الأول خميني أو خليفته علي خامنئي لخرج مقالي إلى مؤلف ولكن هذا في تصوري يمثل شيئا يكفي لتصور منهج إيران بعد الشاه وسياستها، ولو أمعنا النظر في كل الذي فعله نظام خميني وخليفته بعمق نجده قد قدم خدمات لأعداء الإسلام والعرب ما تعجز هي عن تحقيقه بقرون، حتى بتنا نحن المسلمين وكل الشرفاء في العالم نشك في إن التغيير في إيران غير مرتبط بشكل أو آخر مع الامبريالية والصهيونية وبرنامجهما ضد الإسلام والعرب.


ولو أضفنا له الدور الإيراني والذي صرحت به حكومة إيران على لسان مسؤوليها في دعم الغزو الامبريالي الصهيوني للعراق وأفغانستان يتأكد لنا الشك ويصبح حقيقة، خصوصا دورهم في إسناد ودعم الاحتلال في العراق وصل إلى حد الشراكة في كل الجرائم حتى بات الكثيرين يقارنوا بين احتلال مزدوج للعراق الأول من القوى الامبريالية والثاني من إيران بشراكة وتنسيق وتعاون لم يبلغه حتى الحلفاء الأساسين لأمريكا في الغزو الجريمة، فكيف نصدقك يا سيادة الوزير متكئي.


إذا أردتم إن نصدقكم أنت وكل إدارة إيران الحالية وعلى رأسها المرشد الأعلى باشروا بفعل الأتي :


1. سحب جميع القوات الإيرانية والمواطنين الايرانين الموجودين في العراق لإدارة الفتن الطائفية، وسحب أسلحة المليشيات الطائفية التي دخلت لإسناد ودعم الجيوش الغازية بتسليح كامل من إيران والجميع كان لهم الدور الكبير بارتكاب جرائم قتل العراقيين سواء البعثيين أو قيادات الجيش العراقي وطياريه وعلمائه ووجوه القوم وشيوخ العشائر وكل العراقيين الشرفاء الذين قاوموا الغزو وتصدوا له والتي بلغ تعدادها أضعاف من قتلوا بأيدي جيوش الغزو والاحتلال البالغة أكثر من 60جيش من دول مختلفة برئاسة زعيمة الإرهاب العالمي وعدوة الإنسانية أمريكا والصهيونية، وإيقاف تجهيز الأسلحة لتلك المليشيات والمجاميع التي أسستها أمريكا بمشاركتكم وتسهيلاتكم وسموها القاعدة التي ترتكب المجازر بحق الشعب العراقي، والاعتراف بخطأ السياسة الإيرانية في العراق والاعتذار للمجتمع الإنساني والعربي والشعب العراقي عن ذلك والالتزام القانوني التام بكل ما ترتب عليه من أضرار بحق العراق وتعويضه.


2. الإعلان عن الاستعداد الكامل وبقناعة تامة للتفاوض مع دولة الإمارات العربية حول الجزر العربية الثلاث المحتلة من قبل إيران، والاستعداد الكامل لتنفيذ نتائج المفاوضات أو التحكيم الدولي بشأنها.


3. الاعتراف بالحقوق القومية والثقافية للشعب العربي في إقليم الاحواز (المحتل) والإيقاف الفوري لأحكام الإعدام والسجن والمطاردة والتهجير لمناضليه وأحزابه المجاهدة ضد الاحتلال والاغتصاب والموافقة على استفتاء له لتقرير حق المصير.


4. الاعتذار رسميا للبحرين والكويت عن التصريحات التي تمس سيادتهما والادعاءات الإيرانية بتبعيتهما لإيران.


5. الكف عن المنهج التخريبي والدور المعادي للعرب والمسلمين عموما والعمل حقا على وحدة الأمن الإسلامي وتعزيزه والتعاون مع الدول العربية والإسلامية في هذا المجال وان يكون هذا المنهج حقيقيا وليس تكتيكيا وبموجب معاهدات وخطوات بينية وجماعية من خلال المنظمات الإقليمية والإسلامية كالمؤتمر الإسلامي والجامعة العربية.


6. إن تقدم إيران أفعالا وتظهر من خلال التطبيق والتنفيذ إن تكون عاملا ايجابيا في الأمن الإسلامي والعربي، والتخلي عن منهج المناكفة والشقاق والفرقة بين المسلمين واعتماد المحبة والحوار والتعاون والتكامل بالأفعال لا بالأقوال.


هكذا يا معالي الوزير ومرجعيته إيران تكونوا صادقين ونثق بما تقولون، وليس تصريحات وخطابات سياسية لا التزام بها بل هي عمل منظور وتطبيق مشهود وسلوك متوازن، وكما أمرنا الله ورسوله ونصت المواثيق والاتفاقات الدولية، إذا كنتم جادون بقولكم فنحن منتظرون، وندعو الله الذي يهدي من يشاء إن تكون كذلك.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٢٥ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٣ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور