مقالات قصيرة عن مسائل خطيرة

الجوع والحروب يهددان البشرية فهل ممكن أن نجسد الإنسانية

﴿ الموضوع ١٣ ﴾

 
 
 

شبكة المنصور

عبد الله سعد

منذ العقد الأخير من القرن الماضي تواجه البشرية خطرين هما العدوان الامبريالي الصهيوني على البشرية تمثل بأبشع صوره ووحشيته بالعدوان على العراق الممتد من عام 1991ولحد الآن والعدوان الصهيوني على لبنان والشعب الفلسطيني وما يجري في أقطار المغرب العربي والسودان والصومال، وما يجري في باكستان والفيليبين وعدد من دول أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وما جرى ويجري في دول أوربا وأمريكا بحق العرب والمسلمين من مضايقات واستباحة للحقوق والخصوصيات والتميز والخطف والاعتقال تحت مسمى وهمي محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه.

 

مر عقدان على البشرية والصراع محتدم بين قوى الشيطان الغنية والمالكة للثروة والمال والنفوذ وأسلحة الدمار الشامل والقوة الغاشمة، تلك الدول التي تجعل كل شيء في الكون الحصول على الثروة والمال ولو أدى إلى تدمير البشرية وبيئتها وحضارتها وموت نصفها، والتي لا رادع أخلاقي أو قانوني لها وبين قوى الخير والحضارة والسلام التي تعاني الجوع والتخلف والتمزق والمشكلات الداخلية والبينية نتيجة ما خلفه لها الإرث الاستعماري الذي هيمن عليها واستغلها بشرا وأرضا لسنين طويلة وزرع بينها ولها تلك المشكلات وأولها الحكومات التي نصبها عليهم، وثانيا مشكلات الحدود مع الدول المجاورة لها، وثالثا الفتن الطائفية والاثنية والدينية التي ظل على ارتباط بها كي يستغلها عند الحاجة، ورابعا مشكلات التنمية والتخلف وتدهور للبنى الاقتصادية.

 

في العقد الماضي نشرت إحصائية دولية بان حوالي ثمانمائة إنسان يعانوا من الجوع وقد يواجهوا المجاعة والموت إذا لم يتخذ العالم إجراءات سريعة لمساعدتهم ومواجهة هذه الكارثة الإنسانية، وخلال هذه الأيام ينعقد مؤتمر دولي لوضع معالجات لمواجهة معاناة ما يزيد على مليار إنسان في العالم يواجهوا الموت جوعا، وبالرغم من هول الرقم والإحصاءات الغير حكومية توصله إلى مليار ومائتا مليون لم يحضر رؤساء الدول دائمة العضوية والدول الغنية إلى القمة وهذا مؤشر أولي على عدم اهتمامهم بالأمر وعدم إدراك خطورته، أو موافقتهم على موت خمس البشر بسبب الجوع، فأي الاحتمالات أرجح؟

 

كانت هذه المقدمة ضرورية للدخول في الموضوع، فالبشرية تواجه الموت نتيجة البغي الامبريالي والسعي للهيمنة على العالم بين القوى الكبرى، نعم أقول البشرية واقصدها كل البشرية لأني لا أتوقع أن يظل الجياع يموتوا صامتين مستسلمين للبغاة الإرهابيين الاحتكاريين العنصريين من الدول الكبرى ودائمة العضوية في مجلس الأمن، نعم هم يمتلكوا الأسلحة الفتاكة والمال والثروة والتقنية التي تؤمن لهم التفوق السوقي عسكريا علينا ولكنا نمتلك أجسادنا التي لن نتركها تذوى جوعا ومعاناة وقهرا، بل سنستخدمها لتدميرهم والله هو الذي فرض للفقراء حقا في مال الأغنياء ونحن ندافع عن حقنا الذي فرضه الله لنا إضافة إلى إنهم هم الذين نهبوا ثرواتنا واستغلوا أرضنا وقتلوا أهلنا فنريد تعويضا لكل ذلك، لذا نحن نقاتلهم لأجل بقائنا وحقوق لنا عندهم ولسنا بغاة آثمين.

 

حسب إحصاءات الأمم المتحدة ومنظماتها وأهمها الفاو المنظمة الدولية للزراعة والغذاء إن مليار ومائتا مليون إنسان في العالم يواجهوا الموت جوعا بسبب عدم قدرتهم الحصول على الغذاء نتيجة الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار بسبب احتكار من الشركات الرأسمالية، والأغلبية العظمى تتركز في قارة أفريقيا والهند، ولو تابعنا السياسة الدولية خصوصا للدول الامبريالية التي تمتلك المال والثروة وأسلحة الدمار والقتل الجماعي، أي إنها تمتلك القوة الغاشمة والاقتصاد القوي، من خلال تلك المتابعة نجد إن ذات الجهة تشن حروبا تهدد السلم والأمن الدولي والوجود البشري بأكمله، وبحساب بسيط نجد إن مثلي العدد الذي يواجه الموت جوعا يواجهوا الموت قتلا بأسلحة الامبريالية والاحتكار العالمي، أي إن عدد الذين يتهددهم الموت فعلا يصل إلى أربعة مليار وثمانمائة مليون إنسان، أربعة أخماس البشرية يواجهوا الموت لا نقصا بالغذاء والمال لكن الغذاء مرتفع الثمن ولا يمكن للفقراء أن يحصلوا عليه، والمال متوفر ولكنه موجه لقال البشر لا لتامين الحياة لهم لان الأغنياء هم الذين يملكوه وهم يستخدموه للبغي والعدوان واضطهاد الشعوب وقتلهم لاتهم يريدوا الهيمنة على مقدرات العالم عبر شنهم الحرب مباشرة على البشر كما هو جاري في العراق وفلسطين ولبنان والصومال والسودان واليمن وأفغانستان وباكستان والفلبين والشيشان وعدد كبي من دول أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بحرب ضد البشرية وقيمها وحضارتها وقوانينها تحت مسمى الحرب على الإرهاب، ويستثمروه بنشر الفتن والصراعات بين البشر وتوظيف الحكومات ضد شعوبها وخير مثال باكستان وما يسموه حكومة العراق.

 

ماذا لو فكر العالم المتمكن (المتمدن) أن يستبدل إستراتجية البغي والإرهاب والقتل والعدوان على الإنسانية والهروب عن حضور المؤتمر الدولي لمواجهة الكارثة الإنسانية في مواجهة سدس سكان العالم الموت جوعا، بآخر اقل كلفة وأكثر إنسانية وخيرا للبشرية ويرضي الله وعباده ويؤسس لبناء مجتمع إنساني مبني على قيم المحبة والتعاون والتعايش السلمي والتضامن وهو تخصيص ميزانيات الحرب والعدوان أو جزء منها لمعالجة ومواجهة الكوارث الغذائية والبيئية والطبيعية والصحية التي تهدد البشرية ؟

 

لو حققنا ذلك نستحق أن نكون بشرا فعلا ونحقق ما أراد الله به من خلقنا، ويستحق فعلا وباستحقاق رؤساء الدول الكبرى ليس جائزة نوبل للسلام بل جائزة الإنسانية وجزاء الله القدير الكبير، فهل من مستجيب.

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٠٣ ذو الحجة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور