بعد أن كان مثلا أعلى في المهنية والالتزام

عبد الباري عطوان ثلاثة أخطاء تأريخية في مقالة افتتاحية !

 
 
 

شبكة المنصور

عبد الناصرالدليمي

في عددها الأخير الصادر بتأريخ 11/11/2009 نشرت القدس العربي افتتاحيتها بعنوان ( السعودية وحرب صعدة ) بقلم رئيس تحريرها السيد عبد الباري عطوان ومن المؤكد أن الرجل اعلامي بارع وهو بلا أدنى شك كان ونتمنى أن يبقى مثلا أعلى للعديد من الصحفيين أو من يروم خوض غمار مهنة المتاعب والاستشهاد,

 

لكن ذلك لا يعني أنه لم يعد من الخطّائين أو لم يعد ينطق عن الهوى مثله مثلنا مثل غيرنا.

 

من المؤسف حقا أن يقع اعلامي كبير في ثلاثة أخطاء تأريخية في مقالة واحدة , فان كان يدري فتلك مصيبة وان كان لا يدري فالمصيبة أعظم وسوف نوردها حسب تسلسلها في الافتتاحية.

 

الخطأ الأول:

 

كتب السيد عبدالباري ضمن مقالته النص التالي :

حرصت القيادة السعودية طوال العقود الماضية على تطبيق استراتيجية ثابتة، ملخصها اضعاف جميع القوى الاقليمية المحيطة، وخوض حروب ضدها خارج أراضي المملكة بقدر الامكان، وهذا ما حصل عندما حاربت الثورة الناصرية على أرض اليمن، والثورة الخمينية على أرض العراق، من خلال التحالف مع النظام العراقي السابق وتحريضه على خوض حرب استغرقت ثماني سنوات، انتهت بإضعاف البلدين معاً، واخيراً استخدام خطأ اجتياح الكويت لتدمير القوة الاقليمية العراقية المتنامية تحت قيادة الرئيس الراحل صدام حسين.

 

وهنا نريد أن نناقش بكل هدوء وروية النقطة الخطيرة والحساسة التي أثارها وهي تحريض القيادة السعودية للنظام العراقي كما أسماه لمحاربة الثورة الخمينية وكأن الخميني وحركته الشعوبية الصفوية المتحالفة أصلا مع الكيان الصهيوني والطاغوت الأكبر الأمريكي حمل وديع وضحية تآمر آل سعود مع (النظام العراقي ) وهذا الطرح خطير جدا وملغوم ويمنح الحركة الخمينية صك براءة من دماء أكثر من مليون شهيد عراقي وتدمير اقتصاد البلد العربي الوحيد الذي قدّم الغالي والرخيص للذود عن بوابة الأمة العربية الشرقية , فضلا عن اراقة دماء قرابة ضعف الرقم من الجنود الايرانيين من السوقة الذين دفعهم نظام الملالي في قم وطهران تحت خديعة مفاتيح الجنّة وتحرير القدس الذي يمرّ عبر بغداد وكربلاء, وهل حقا لا يتذكّر السيد عبد الباري عطوان فضيحة ايران غيت وهي صفقة الأسلحة الأميركية لتزويد ( رجالات الثورة الخمينية ) لضرب العراق  وعن طريق تل أبيب حصرا؟!

 

أم أنه لا يتذكّر القصف الصهيوني لمفاعل تموز النووي العراقي مع بداية العدوان الخميني على أمن واستقرار العراق و أهله؟!

 

وهل نسي ولا يتذكر حملة التفجيرات واستهداف القيادات العراقية في قلب العاصمة بغداد وخطابات الخميني ؟! الذي نهانا رئيسنا الشهيد عن لعنه  وسبه بعد أن وافته المنيّة و أصبح في ذمة الله ولولا تلك الوصية لكان خطابنا يحمل طابعا غير الذي نكتب ولكن المدرسة الوطنية العراقية التي نتشرّف كوننا ما زلنا من تلاميذها

هي التي علّمتنا أن ننتقد السلوك و أن نتجاوز عن الأشخاص , ولنعد الى خطابات الخميني التي كان يرعد ويزبد لتصدير ثورته الى العراق  و الى المنطقة .

 

ان قلب الحقائق و تزويرها أمر لا يجوز السكوت عليه خصوصا اذا ما تعلّق الأمر بأرواح مئات الآلاف من الشهداء , لذلك نحن هنا ندافع عن تأريخنا و عن الدماء الطاهرة التي أريقت دفاعا عن العراق والعروبة والانسانية وليس منتظرا على الاطلاق من أي شخص مهما كبر اسمه أن يتطاول حتى من باب السهو على تأريخ مجيد كتبناه بدماء فلذات أكبادنا  ومن المؤكد أنني لست بصدد الدفاع عن الحكومة السعودية فهذا أمرّ يخصّها  ولكننا لن نسمح بتزوير التأريخ لمصلحة الملالي وهم في الحقيقة نموذج أسوأ بكثير من نظام الشاه على أقل تقدير لم يكن الأخير ليتمكن من خداع الشعوب في المنطقة لأن أي صراع في وقته لو نشب مع أية دولة عربية سوف يأخذ مداه الحقيقي وهو صراع قومي بامتياز بين الفرس والعرب, لكن اليوم وبفضل ( الثورة الخمينيية ) اختلطت الأوراق لتمزيق الصف العربي بعد أن أخذ الصراع وجهة أخرى وهي الوجهة الطائفية التي تدفع المنطقة بقوة نحو التشتت والتناحر الداخلي ليصبح الملالي وحاخامات اسرائيل هم أسياد المنطقة بلا منازع وهذا هو سر

التحالف التأريخي بين الأثنين ويكفي التعاون والتفاهم المثمر بينهما في العراق.

 

الخطأ الثاني :

 

كرّر السيد عطوان عبارة الثورة الخمينية وهي عبارة تمنح نظام الملالي صفة الثورية والنضال وهذا خطأ كبير آخر فمتى كان الملالي الرجعيون المتخلّفون يمثلون نهجا ثوريا وتقدميا؟! ان العمائم التي تستخدم لتسييس الدين وتمرير مشاريع عنصرية شوفينية توسعية أخطر بكثير من العدو الصهيوني المفضوح والمكشوف أمره لدى القاصي والداني. أما هؤلاء ممن أساؤا للاسلام فهم مرتع التخلف والجريمة ويكفيهم من الخزي والعار ما أراقوه من دماء الايرانيين المعارضين لهم خصوصا بعد مشاكل الانتخابات الأخيرة في ايران ومحاولاتهم المتكررة لتصفية مجاهدي خلق المتواجدين في العراق في مدينة أشرف بالتنسيق الكامل مع مليشيات المالكي ومباركة القوات الأمريكية.

 

هل تصدّق فعلا يا سيد عطوان الخدع السينمائية التي يمارسها حزب الله في لبنان؟!

 

ولو كان هذا الحزب يمتلك ذرة من الثورية والدين والشرف لما تجاسر وروّع أهالي بيروت العروبة والنضال في مايس من العام الماضي , ولما تورّط هو وحركة أمل المدعومة من نفس المصدر من تصفية قيادات المقاومة اللبنانية التي كانت جملة وتفصيلا ذات طابع عروبي وتقدمي وهذه أكبر جريمة ارتكبها هذا الحزب بعد أن صادر دماء  المقاومين الأصليين وجيّرها  لمصلحة ملالي قم وطهران.

 

واعلم وليعلم الآخرون لو أن تحرير القدس تم على على يد حسن نصرالله لم كفاه ذلك كفّارة عن تقبيله ليد خامنئي المتورط الأكبر في سفك دماء العراقيين المقاومين ونهب ثروات العراق وتهديد أمن واستقرار المنطقة .

 

الخطأ الثالث :

 

وكتب أيضا قبل ختام الافتتاحية النص التالي :

. وعلينا ان نتذكر ان القوة العسكرية الامريكية الجبارة اطاحت نظامي صدام وطالبان، ولكنها تترنح في حرب الميليشيات التي انفجرت بعد ذلك.

 

ماهذا ياسيدي الفاضل؟!

القوات الأميركية تترنح بسبب المليشيات ؟! أحقا هذه هي قراءتك للمشهد العراقي؟ّ

المليشيات صناعة مشتركة أميركية – ايرانية وهي الأداة الرئيسية واليد الضاربة التي كانت وماتزال الأشد خطرا على رجال المقاومة في العراق لمصلحة المشروع الامبريالي – الصفوي.

 

كما أنك هنا تمنح نظام ايران شرف فشل المشروع الأميركي في العراق وتصادر دماء شهدائنا مرة أخرى بعد أن تجيّر النصر التأريخي الذي انجزه الشعب العراقي وبتخطيط مسبق واستعداد كامل ومدبّر لحرب الأنصار لمدة لا تقل عن ثماني سنوات قبل الاحتلال الغاشم للعراق  ولا يحق لك و لا غيرك أن يقول أنها حرب مليشيات وأنها انفجرت بعد ذلك فهذا طمس للحقائق وغبن لحقوق المجاهدين.

 

أم أن مغازلة الملالي في هذه المرحلة أغرت البعض أو أوقعتهم في وهم انتصار زائف لحركة الملالي الصفوية الشعوبية بدعم من الطاغوت الأكبر؟

 

لا بأس ربما يخطئ الناس في قراءة الوقائع والأحداث ويقولون هذه الأمة فاشلة ولا تجني غير الخيبات و النكسات.

 

نقول هذا أمر وارد ولكن ليتذكر الجميع أن هذه الأمة ما انتصرت يوما وهي في أحسن حالاتها وانما دائما تنتصر عندما يكون الرهان على النصر أمرا شبه مستحيل .

 

وان غدا لناظره لقريب ولسوف يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء / ٢٣ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١١ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور