عندما نستحضر ناصر وصدام في مباراة مصر والجزائر

 
 
 

شبكة المنصور

أحمد صبري
من تابع حملة التجييش الاعلامي التحريضي الذي صاحب مباريات مصر والجزائر يصاب بالدوران والقلق معا من فرط التطرف في التعاطي مع المباراة وكأن حربا ستقع بين خصمين وليس مباراة بين شقيقين في مضمار الرياضة التي ينبغي ان تكون رمزا للاخوة والوحدة والتلاقي.


وانا ارصد واتابع حملة التجييش والتعبئة غير المنطقية والمعقولة أستحضرت الموقف القومي للشهيد الخالد صدام حسين في واقعة هي أشبه الى حد ما بما رافق مباريات مصر والجزائر.


ففي ثمانينات القرن الماضي وفي ذروة العدوان الايراني على العراق أستعد الفريقان العراقي والكويتي لخوض مباراة البطولة على كأس الخليج وفي غمرة التحشيد الاعلامي حينذاك كان قرار صدام ان الكأس اذا كان للعراق او الكويت فهو للعرب جميعا فوجه بأنسحاب وتنازل الفريق العراقي عن خوض المباراة النهائية مع شقيقه الكويتي ليمنحه كأس البطولة في مبادرة تعكس اصالة الموقف العروبي لصدام حسين.


ورغم ان البعض في تلك الفترة عدا هذه المبادرة محاولة لاسترضاء الكويت في اطار السعي العراقي لحشد الموقف العربي في تصديه للعدوان الايراني الا ان صدام حسين الذي تعامل مع موضوع كأس الخليج برؤية قومية غير ضيقة وبعيدة عن معايير الربح والخسارة والتعصب والحشد الشعبي كما هو الحال بالنسبة الى مباريات مصر والجزائر، فكان قراراه الذي أفرغ شحنة التجييش والتعصب الاعمى لصالح تجسيد اواصر الاخوة والمصير المشترك بين ابناء الامة.


وبعد مرور اكثر من ثلاثة عقود على هذه المبادرة القومية نستحضر واقعة أخطر واشد وطأة من سابقتها وقد تنذر بانفصام عرى الاخوة ومعايير الروح الرياضية بين ابناء الامة على قضية هي في كل المقاييس ينبغي ان تكرس لتجسيد عرى الاخوة بين القطرين الشقيقين وليس الى تأزيم وتجييش وتعبئة المشاعر بغير مقاصدها المرجوة.


واذا عدنا الى مسيرة العلاقات بين مصر والجزائر فنستحضر دور الشهيد الخالد جمال عبد الناصر الذي كان اول المناصرين والداعمين لثورة الجزائر واحتضان قادتها الابطال الذي كان يعبر قبل اكثر من نصف قرن عن موقفه القومي المجسد لنصرة قضايا العروبة كما فعل الشهيد الخالد صدام حسين قبل ثلاثة عقود في تجسيد هذا الموقف لافراغ شحنة التعصب الاعمى من مقاصدها لصالح تعزيز اواصر الاخوة والروح الرياضية.


ومصر عبد الناصر التي كانت وما تزال بوابة العرب ينبغي ان تنأى بنفسها كما الجزائر بلد المليون شهيد عن هذا الفخ الذي يراد به ان يوقع بين ابناء الامة وينتصر للرياضة الحقيقية من دون تعصب ومغالاة ليؤكدا للجميع ان فريقي مصر والجزائر هما فريق واحد بغض النظر عن من هو الذي سيتأهل الى المونديال.


فهذا المنطق القومي الذي جسد وارساء دعائمة القائدان الخالدان عبد الناصر وصدام حسين ينبغي ان يسود ويتجذر في الحياة العربية رغم جراحات العراق بفعل احتلاله فمهما أشتدت الهجمة الشعوبية التي تسعى الى تقطيع اوصال الامة فأن اشراقات ومواقف ناصر وصدام ستبقى ساطعة وحاضرة في ذاكرة الاجيال رغم المحن والصعاب.


وأختم ان السودان التي ستضيف فريقي مصر والجزائر ينبغي ان لا تنجر الى حملة التجييش والتعصب الاعمى وانما الى تجسيد موقفها القومي الذي تتذكره الاجيال عندما خرجت عن بكرة ابيها في استقبال الشهيد الخالد جمال عبد الناصر الذي حضر قمة الخرطوم بعد نكسة حزيران 1967 لتقول له اننا معك في اللاءات الثلاث وهي لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف باسرائيل لتعطي درسا لمن يريد ان يصادر ويسطح قضايا الامة القومية الى غير مقاصدها الحقيقية.

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين / ٢٨ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٦ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور