تصريح للرفيق المناضل الدكتور تيسير الحمصي أمين سر القيادة العليا للحزب

 

 

 

شبكة المنصور

 
س: خمسة عشر سنة عمر الاتفاقية الأردنية – الإسرائيلية المتعارف عليها باتفاقية وادي عربة....


- ماذا حققت هذه الاتفاقية طوال السنوات الماضية للاردن على الاصعدة السياسية والاقتصادية والامنية.؟ وهل اثرت على الاداء السياسي الداخلي والخارجي للاردن..؟


- ما هي امكانية مشروعية الغاء الاتفاقية من الجانب الاردني حسب الدستور الاردني والدولي؟

 

ج: من حيث المبدأ لا يصح تسمية (اتفاقية وادي عربه) على انها اتفاقية بين الاردن والكيان الصهيوني، ذلك ان تلك الاتفاقية المشؤومة قد جرت بين انظمة رسمية اذا جاز التعبير بالنسبة للكيان وقد عبر شعبنا العربي في الاردن منذ اليوم الاول للحديث عن مثل تلك الاتفاقية وحتى اليوم عن رفضه لها ابتداءً مدركاً اخطارها الوطنية والقومية والاقليمية وقد اثبت الوقت الذي انقضى على توقيع تلك الاتفاقية والى يومنا هذا جسامة تلك الاخطار ليس فقط على القضايا العربية الاساسية ومنها القضية الفلسطينية التي كانت وستبقى القضية المركزية في الوطن العربي ولا يمكن لاحد ان يتجاهل تلك الاخطار الا بالتجاوز عن حقائق التاريخ والجغرافيا والحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني المشرد في مختلف بقاع الارض بفعل التآمر الدولي والصهيوني.


خمسة عشر عاماً عجاف ومؤلمة انقضت على توقيع تلك الاتفاقية التي ليست فقط لم تحقق للاردن شيئاً وانما باتت عبئاً بل كابوساً ثقيلاً على النظام الرسمي الاردني وعلى الاردن بصورة عامة يمتد ويتعاظم مع الزمن الى مختلف مفاصل الحياة في الاردن وعلاقته ببعده القومي والدولي، مثلما بات واضحاً حقيقة ما قلناه في حزبنا منذ البدايات من ان أي تفاوض او اتفاقية مع الكيان الصهيوني انما هي اختراق وقيد متزايد ومتصاعد على الارداة الوطنية والعلاقات القومية وقد جاءت الهبة الجماهيرية الاخيرة التي نجمت ولا زالت عن الجريمة العدوانية على غزه وعلى الاقصى وردود الفعل الرسمية من الانتفاضات الشعبية الاردنية مؤكدة كم ان (الاتفاقية) تشكل قيداً فعلياً خطيراً لشل الارادة الرسمية والتناقض الواضح بين تلك الارادة المشلولة وبين الحقائق الجماهيرية وهو ما سيبقى منعكساً خطيراً يهدد الاستقرار والامن الوطني مهما بذل من محاولات التبرير والاقناع وحتى القمع لان الشمس لا تغطى بالغربال. يضاف الى ذلك ان انعكاسات وآثار تلك الاتفاقية على الصعيد الخارجي العربي والاقليمي والدولي للاردن لا تقل خطورة حيث تحدد احياناً الى مستوى التهميش بصورة جلية الدور الرسمي الاردني وفي وقت اخذت دول عربية اخرى او اسلامية اقل علاقة والتصاقاً من الاردن بالقضية المركزية ادواراً مهمة وربما مفصلية حازت على ابعاد شعبية وجماهيرية كان الاردن اجدر بها.


اما على الصعيد الاقتصادي فإن ما كان يُمنى به الاردن من ان تلك الاتفاقية والبروتوكولات السرية والعلنية الملحقة بها من السمن والعسل لم ولن يتحقق منها للاردن الفوائد التي جرى التطبيل والتزمير بحيث لم تكد تتقشع عمامة الاعلام والدعاية حتى ذاب الثلج وبان المرج فبقيت الاراضي الاردنية (التي قيل انها تحررت) خارج نطاق السيادة الاردنية الفعلية واقتصرت (المكاسب الاقتصادية المزعومة) على فرض استيراد بعض الخضار والمواد المرفوضة والمقاطعة شعبياً على حساب المنتجات الاردنية او على المشاركة في بعض المشروعات الصغيرة للانتاج الخارجي في المدن الصناعية التي لا ينال الاردن منها الا الفتات الى جانب اخطار تملك وشراء الارض التي تشكل هماً وطنياً لا يستطيع احد تجاهله.


وفي ضوء كل تلك الاعتبارات وغيرها مما يطول بحثه الى جانب التصاعد المستمر من الاجماع والمطالب الشعبية والجماهيرية الضاغطة على النظام الرسمي فإنه يبقى ضرورياً في أي سياسة وطنية اردنية اعادة النظر في تلك الاتفاقية وما ترتب عليها كأساس لتحرير الارادة وتلبية طموحات جماهير الشعب التي لا يمكن لاحد تجاهلها او السير في التيارات المعاكسة لها طال الزمن ام قصر، ذلك ان الاردن واعمالاً للمادة الاولى من دستوره [ دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الاردني جزء من الامة العربية...] وان [ الامة مصدر السلطات ].


كما ان الدستور الاردني ينص على ان:


[ المعاهدات والاتفاقيات التي يترتب عليها تحميل خزينة الدولة شيئاً من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة ولا تكون نافذة... ولا يجوز في أي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة او اتفاق ما مناقضاً للشروط العلنية ]


اما اذا كانت الاتفاقيات بمستوى يبلغ المساس بارض وكيان الوطن ومصالحه العليا فإنها لا تكون نافذة حتى ولو اجازها بالتمرير الباهت المدبر مجلس الامة (المنتحب بالطرق المعلومة للجميع وللغايات المعلومة للجميع) لان الاصل هو حصولها على اجماع الشعب في استفتاء مباشر ينظم لهذه الغاية.


ويجمع فقهاء القانون الدولي على انه اذا كان من حق السلطة ان تعقد المعاهدات فإن أي معاهدة لا تتفق مع الدستور تعتبر باطلة لان القواعد المقررة في الدستور لعقد المعاهدات تبقى هي الاعلى.


واذا كانت الدولة ملزمة قانوناً باحترام التزاماتها وتنفيذها فإن الظروف رغم ذلك تبرر ان تحرر الدولة نفسها من عبء معاهدة ما بنقض الاتفاق الخاص بها وان المسلم به في القواعد والقوانين الدولية ان اخلال دولة ما بعهودها المادية كافٍ لتبرير فسخ الاتفاق من الجانب الآخر، وقد اثبتت الظروف التي مرت على توقيع (اتفاقية وادي عربة وملحقاتها) ان الطرف الاخر قد اخل بها في الكثير من الامور الاساسية ومنها تجاوزه على السيادة الاردنية وارسال الجواسيس والعملاء حتى بلغ الامر الاعتداء على المواطن الاردني في بلده ثم المساس بالحقوق المائية والتأثير فيها بما يهدد السلامة العامة والوقوف في وجه المشاريع المائية الضرورية والحيوية واللازمة للاردن اضافة الى المساس بقواعد الاتفاق بخصوص الحقوق الدينية وخاصة في القدس والمسجد الاقصى وعمليات تقتيل ومحاصرة شعبنا العربي في غزه ولبنان وغيرها الى جانب الاستمرار والتعسف في احتجاز واسر المواطنين الاردنيين رغم كل المحاولات للافراج عنهم، الامر الذي يبرر بل يفرض اعادة النظر في تلك الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني والغائها امتثالاً للارداة الشعبية المتصاعدة.



الدكتور تيسير الحمصي
امين سر القيادة العليا
لحزب البعث العربي الاشتراكي الاردني
٢١ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٠٥ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٢٤ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور