حوار الأستاذ المناضل الرفيق : علي الريح الشيخ السنهوري عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي و أمين سر قيادة قطر السودان لصحيفة أخبار اليوم

﴿ الحلقة الرابعة عشر ﴾

 

 

 

شبكة المنصور

 

مؤتمر جوبا والاجندة المسبقة .. وورقة مبارك الفاضل وسوء التفاهم بين الشريكين ؟؟

حزب البعث ضد الجمهورية الرئاسية وضد الحكم الفدرالي .. والولائي ؟؟

الحرب لم تكن في يوم من الايام حربا بين الجنوب وبين الشمال في السودان

مجرد انعقاد المؤتمر في جوبا يعزز الاتجاه الوحدوي في الجنوب ويضعف الاتجاه الانفصالي ؟

 

كنت اتمنى أن لا يقدم اشرف قاضي للحديث امام المؤتمر حتى يكون مؤتمرا سودانياً خالصاً بعد رحلتنا في الحلقات الماضية في ربوع العراق نستجلي احداث الاحتلال واسرار الاحتلال الامريكي لبغداد نعود اليوم الى رحلة اخرى تقودنا الى عاصمة الجنوب جوبا حيث الحدث الذي شغل الساحة طيلة الفترة الماضية .. الا وهو مؤتمر جوبا المثير للجدل وضيفنا هو احد الذين شاركوا في هذا المنتدى فماهي افاداته وتقييمه لما دار في المؤتمر واثار كل تلك الضجة والقضايا...؟!

 

مؤتمر جوبا هل هو صورة للمؤتمرات السابقة التي حدثت في تاريخ المؤتمرات من المائدة المستديرة لمؤتمر القضايا المصيرية في اسمرا الى مؤتمر كنانة وغيره من اللقاءات الشمالية والجنوبية ..؟

مؤتمر جوبا يختلف عن المؤتمرات التي عقدت في السابق حول قضية الجنوب لانه لم ينحصر في معالجة او مناقشة قضية الجنوب وانما كان مؤتمرا لمناقشة الوضع العام في البلد والمأزق الذي تمر به بلادنا الان ,في هذه الفترة المحدودة والى حين اجراء الانتخابات والاستفتاء ..وكيف نواجه هذه الفترة بحد ادنى من الاجماع الوطني.. فكرة هذا المؤتمر نبعت من الحركة الشعبية وهي التي وجهت الدعوة للقوى السياسية لعقده في جوبا منذ وقت طويل  , ولكنني اعتقد بأن القوى السياسية عموما بما فيها الحركة لم تبذل الجهد الكافي بالاعداد المسبق وكان مقرراً ان يكون هذا المؤتمر جامعا لكل الوان الطيف السياسي في السلطة والمعارضة . .اي انه محاولة للتمهيد لعقد مؤتمر دستوري جامع ولمعالجة قضايا راهنة هي قضايا الخلاف القائم بين القوى السياسية او في وسط القوى السياسية عموما سواء كانت في السلطة او خارجها ولايخفى ان الحركة الشعبية هي جزء من السلطة هي الشريك الثاني للمؤتمر الوطني في السلطة .. وبالتالي هي ليست حزبا معارضا فهي جزء من النظام القائم وان كان لديها اراء وتحقظات كثيرة على مسار النظام .. والمؤتمر الوطني طالب بتأجيل مؤتمر جوبا لفترة معقولة حتى يتمكن من المشاركة وتم تأجيله ومع ذلك خرج بتحفظات عديدة على المؤتمر.. رافضا المشاركة فيه باعتبار ان للمؤتمر اجندة مسبقة وانه لم يشارك في لجان التحضيرالتي اعدت الاوراق والاجندة وجدول الاعمال الخ.. وهذا يرجع الى سوء التفاهم بين الشريكين لان المؤتمر لم تكن له اجندة مسبقة علما بان الاجتماع الذي عقد لرؤساء الاحزاب قبيل انعقاد المؤتمر في الخرطوم حاول ان يحدد المحاور الاساسية التي ينبغي ان تدرس في هذا المؤتمر باعتبارها قضايا عاجلة وعندما وصل ممثلو الاحزاب انعقد اول اجتماع في جوبا لمناقشة جدول الاعمال ..وتحديد كيفية ادارة هذا المؤتمر .

 

اذن لم تكن هناك اجندة مسبقة او تكن هناك اوراق مسبقة  ؟

كان للسيد مبارك الفاضل المهدي اوراق ولكنها لم تكن اوراق المؤتمر...

لجنة التنسيق بين القوى السياسية في الخرطوم اعدت ورقة مختصرة حول المحاور الاساسية مصحوبة براي حول كل محور لتقديمها للمؤتمر ولم تكن هذه الورقة تشكل جدول اعمال المؤتمر او اوراقه    لذلك وفي اعتقادي ان تذرّع حزب المؤتمر الوطني بوجود اجندة مسبقة يرجع لعدم استعداده المشاركة في مؤتمر جامع والالتزام بما يخرج به هذا المؤتمر من قرارات وتوصيات وهذه تؤخذ على المؤتمر الوطني لان هناك استحقاقات في هذا الفترة القصيرة (من اكتوبر وحتى اجراء الانتخابات) لابد من الوفاء بها في سبيل اجراء انتخابات يصرالمؤتمر الوطني على اجرائها في المواعيد التي حددت اخيرا من قبل المفوضية في ابريل وبدونها لن تكون هناك انتخابات حرة.

 

وما هي رؤيتكم لهذه الانتخابات المفصلية.. ومدى ماتقود اليه في اعادت البلاد الى وضع جديد ديمقراطي؟!
بالطبع  ليست هناك انتخابات متكافئة لان التكافؤ مفتقر منذ عام 89.. فمنذ تلك السنة انفرد حزب المؤتمر الوطني وقبله الجبهة الاسلامية القومية بالسلطة والى يومنا هذا وطوال هذه الفترة تمكن من السيطرة على كل اجهزة الدولة المدنية والعسكرية واحتكر الاعلام والثروة والاجهزة الفنية بما فيها مفوضية الانتخابات . اذن لا يوجد تكافؤ في هذا الصراع بين المؤتمر الوطني والاحزاب الاخرى التي صودرت ممتلكاتها وحرمت من حقها في حرية التعبير .. وفي غياب اجهزة اعلام قومية ومحايدة وفي غياب  صحافة حرة ..الى الان الاحزاب السياسية لم تمنح الفرصة لطرح رؤاها وبرامجها على اوسع الجماهير .. اللهم الا من خلال ندوات محدودة تعقد في دورها وقليل من الندوات التي تعقد في الساحات العامة والتي يجرى الترخيص لها بعد شق الانفس وبعضها لا يرخص لها ..فالسلطة تحظر على القوى السياسية التعبئة الجماهيرية او تسيير المظاهرات السلمية للتعبير عن رايها ..اذن ليس هناك تكافؤ بين حال القوى السياسية وحال اهل المؤتمر الوطني المهيمنين على السلطة والثروة وعلى البلد بكل امكانياتها .. فهي لن تكون انتخابات متكافئة في هذه الفترة القصيرة المتبقية لاجراء الانتخابات , ولو منحت الاحزاب الان كل الفرص المتاحة امام المؤتمر الوطني فسوف تكون امامها فترة زمنية ضيقة للتعبئة والتنوير والتخطيط وقيادة الصراع في الانتخابات . نحن نسلم انه لن تكون انتخابات متكافئة ولكننا مع ذلك نريدها ان تكون انتخابات حرة ونزيهة وهذا ايضا لن يتحقق الا بالغاء القوانين المقيدة للحريات واطلاق  الحق العام للقوى السياسية والاجتماعية بما فيها النقابات لاختيار نقاباتهم بشكل ديمقراطي ودون وصاية من اية جهة من الجهات .

 

نحن ضد الجمهورية الرئاسية

هل هذا راي القوى السياسية ام راي البعث في الانتخابات ؟!

هذا ماتجمع عليه القوى السياسية ونحن في حزب البعث لدينا ملاحظات اكثر من ذلك نحن نرى ان النظام قد وضع مسبقا الاساس لادارة البلاد فيما يتعلق بالجمهورية الرئاسية والفدرالية والحكم الولائي والمجالس الولائية الخ .. واخرج قانون انتخابات يتوافق مع رؤيته هو للبرنامج الذي طبقه منذ عقدين من الزمان بينما  نحن ضد الجمهورية الرئاسية وضد الحكم الفدرالي والولائي الخ .. ونعتقد بان هذه البلاد يجب ان  تكون جمهورية ديمقراطية .. جمهورية برلمانية وليس جمهورية رئاسية وان  يكون القرار لممثلي الشعب في جمعيتهم المنتخبة.وهي التي تشكل الحكومه وهي التي تصيغ سياسات البلاد العليا لا ان تكون السلطة بيد شخص واحد ..بيد رئيس ينتخب بصيغة من الصيغ من قبل الشعب . فضلا عن ذلك رغم انني لا اريد ان استطرد كثيرا في هذا الموضوع ولكن في رؤية حزب البعث ان الديمقراطية سواءاً بصيغتها الانقاذية او الليبرالية .. هي مدخل لحل الازمة العامة ولذا فاننا نريد من هذا التحول الديمقراطي ان يلغي الديكاتورية بكل مفرداتها وان يؤسس لتداول سلمي للسلطة وان يؤسس لتأمين الحقوق والحريات العامة لجميع ابناء شعب السودان  وفي ذلك حل لكثير من الاحتقانات القائمة الان، لان ذلك يفتح الطريق للاحتجاجات السلمية عوضا عن الاحتجاجات التي تركن الى حمل السلاح كرد فعل للتعسف في مقابلة مطالب الجماهير او لقفل الباب امام الاحتجاج السلمي الذي يتمثل في الاضراب والتظاهرة والبيان والندوة السياسية الخ فاطلاق الحريات العامة هذا من شانه امتصاص كثير  من الاحتقانات 

.

رسائل لجماهير شعبنا في الجنوب !!

-  هذا مايتعلق بشأن الاعداد للمؤتمر اما المؤتمر قانه في حد ذاته يشكل حالة جديدة  لان انتقال القوى السياسية لجوبا عاصمة الجنوب يحمل رسالة هامة لجماهير شعبنا في الجنوب بان ممثلي الشعب في الشمال مهتمون بالجنوب وبقضية الجنوب ومستعدون للتعامل مع اخوتهم في الجنوب على قدم المساواة ومن موقع الخندق الواحد للتوجه لحل مشاكل البلد واخراجها من المأزق الذي تمر به وتوطئة لوضع البلاد على طريق الخروج من الازمة الوطنية الشاملة وهو, في هذا الظرف الذي يجري فيه الصراع بين الوحدة والانفصال ,يوجه رسالة هامة باننا مع الوحدة ان شعب السودان مع الوحدة وليس مع الانفصال وبالتالي فان مجرد انعقاد المؤتمر في جوبا من شأنه ان يعزز الاتجاه الوحدوي في الجنوب ويضعف الاتجاه الانفصالي .    

 

لاشك ان مرارات الحرب قد ولدت ردود فعل سلبية في الجنوب تجاه الشمال اعتقادا في ان هذه الحرب هي حرب بين الجنوب وبين الشمال ..والحرب لم تكن في يوما من الايام حربا بين الجنوب والشمال وانما كانت حربا بين القيادات المتحكمة في السلطة في السودان وبين ابناء شعبنا في كل السودان عبرعنها ابناء شعبنا بصيغ مختلفة ..في الجنوب بالسلاح .. وفي دارفور بالسلاح وفي اماكن اخرى بطرق مختلفة وحتى في بعض مناطق الشمال كما حدث من بعض اطراف  المعارضة التي ذهبت الى اسمرا  وحملت السلاح ولم يكن الصراع في يوم من الايام  صراع بين الشعب في شمال السودان وبين الشعب في جنوب السودان .

 

الحسم العسكري 

 وحتى في فترات الحكم التعددي او الديمقراطي فقد اجمعت جماهير شعبنا في السودان على رفض الحسم العسكري وكنا نصارع في الفترة من 85 الي 89 ضد قوى التصعيد والتصعيد المضاد وكنا ندعو للحل الديمقراطي السلمي لمشكلة الجنوب ولمشاكل السودان كافة بل ان الحكومات التي اعتمدت الحسم العسكري قد انعزلت عن الجماهير وكان هذا احد الاسباب الرئيسية في سقوطها سواء عن طريق انقلاب عسكري او عن طريق انتفاضة تطيح بانقلاب عسكري التزم بخيار الحسم العسكري في الجنوب . اذن المعركة لم تكن بين اطراف الشعب في الشمال والجنوب انما كانت معركة عامة يخوضها شعب السودان ضد انظمة فشلت منذ عام 56 في انجاز مهام مابعد الاستقلال في بلادنا.

 

هواجس حول المؤتمر 

مؤتمر جوبا اثار كثير من التوجسات وجاء الحديث عن التدخلات الاجنبية من ضمن هذه الهواجس وما اثير من احاديث حوله فهل لمست في هذا المؤتمر مايشير ويرمز الى هذه الاشياء التي اثيرت حوله ولو من وراء الكواليس.(%

 

في المؤتمر لم المس اي شئ يشير الى اي مصادر او اي مداخلات خارجية .. المشاركات الخارجية كانت كلمة من ممثل الرئيس الاريتري وكلمة من اشرف قاضي ممثل الامين العام للامم المتحدة ..وكنت اتمنى ان لايقدما للحديث في هذا المؤتمر حتى يكون مؤتمرا سودانيا خالصا للحوار بين السودانيين . طوال جلسات المؤتمر ومناقشاته لم يكن هناك تاثير لاي نفوذ خارجي بل اذا راجعت  اعلان جوبا سوف تلاحظ انه يختلف كثيرا عن البيانات السابقة التي كانت تطالب المجتمع الدولي بان يلعب دورا في القضية . مع ذلك نحن لاننكر ان للقوى الخارجية وبالذات امريكا نفوذ وسط  القوى السياسية ,الحاكمة والمعارضة ,ولاننفي ان هناك اختراقات ولاننفي ايضا ان بعض القوى السياسية سواءا في السلطة بما فيها المؤتمر الوطني او المعارضة تراهن على دور القوى الخارجية وبشكل خاص على الدور الامريكي . ولكن القوى الوطنية ضمن هذا المؤتمر وخارج هذا المؤتمر سعت وتسعى لاسترداد كل الملفات التي تم تدويلها الى الداخل ولاعمال الارادة الوطنية في تصريف وتقرير شؤون السودان بعيدا عن اية مداخلة خارجية . لان لكل المداخلات الخارجية.. مهما كان نفوذ وقوة من يقفون خلف هذه المداخلات ..لها اجندة خاصة بتلك الدول حول المنطقة .. .. نحن لا ينبغي ان نسلم امرنا لقوى خارجية ..نحن في السودان اهل الوجعة .. فالقضية قضيتنا والمشكلة مشكلتنا (وماحك جلدك مثل  ضفرك) ..نحن اقدر على ان نواجه مشاكلنا اذا توفرت الارداة لدى مختلف الاطراف بان نحتكم الى القوى الوطنية السودانية والى الشعب السوداني .

 

مزايا مؤتمر جوبا 

الاحتكام للاجنبي هو دليل على الاستخفاف بالشعب والاستهانة بارادته والاعتقاد ان الاستمرار في السلطة او الوصول للسلطة يمر عبر رضى القوى الخارجية وبشكل خاص امريكا المتحكمة الان في النظام  الدولي  من شأنه ان يعمق ازمة السودان  , لذلك من مزايا هذا المؤتمر انه حاول  استرداد الملفات ومعالجة قضايا السودان بواسطة السودانيين بعيدا عن اية مداخلات خارجية او اجنبية .

 

ورقة على عجالة 

 

ماهي المحاور التي طرحتوها في المؤتمر ؟

نحن طبعا شاركنا في صياغة ورقة لجنة التنسيق بين القوى السياسية بمحاورها المتعددة ..وهذا المؤتمر يعتبر من المؤتمرات المتميزة في انه اضاف البعد الاقتصادي والاجتماعي ووضعت ورقة لابأس بها وان كانت وضعت على عجالة في جوبا ولكن هذا البعد تتفرع عنه كل الصراعات الاخرى.

 

 كل التمردات والاحتجاجات القائمة الآن في السودان تنطلق من واقع (التهميش) وبلغة اكثر دقة من ذلك تنطلق من واقع اهمال هذه المناطق على صعيدي التنمية والخدمات .. التنمية المتوازنة والعدالة هي المطلب الاساس في كل انحاء القطر وهذه  وتلبيته تتطلب معالجة للوضع الاقتصادي والاجتماعي , ان اكثرية القوى السياسية الحاكمة والمعارضة ومنذ وقت طويل كانت تتجنب هذا الموضوع ..وكنا نعتبر هذه مثلبة كبيرة عليها لانها بذلك لاتختلف نوعيا عن النظام الذي تعارضه وانها( اي هذه القوى التي تتجاهل البعدين الاقتصادي والاجتماعي  او اوليتهما في الازمة العامة وتفاقمها انما تعبر عن مصالح ) فئات ضيقة في المجتمع السوداني ولذا فانها منذ عام 56 والى اليوم  لم تتمكن من ان تعبر عن مصالح اوسع جماهير الشعب السوداني الكادحة والمغلوبة على امرها .. فهذا اذن تطور نوعي ان يناقش الناس الازمة الاقتصادية والاجتماعية ولكن فتح المناقشة في هذا الموضوع لا يعني الوصول الى توافق  كامل فهناك من يؤيد الخصخصة مثلا : وهي سبب البلاء ..

 

نواصل

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٢٨ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٧ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور