كلمة الرفيق علي الريح السنهوري عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي و أمين سر قيادة قطر السودان الأصل التي ألقاها في جلسة ٢٧ / ٠٩ / ٢٠٠٩ م بمؤتمر جوبا ٢٦٢٩ / ٠٩ / ٢٠٠٩م

 
 
 

شبكة المنصور

 

بسم الله الرحمن الرحيم


السيدات والسادة رؤساء الوفود...
السلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته
الشكر أجزله للفريق سلفاكير ميارديت
ولقيادة حركة تحرير شعب السودان
على دعوتهم الكريمة وإستضافتهم لهذا لمؤتمر في هذا الجزء الحبيب من الوطن.


أيها الحضور الكريم


من المؤكد أن القضايا المطروحة أمامنا مترابطة ومتداخلة مما يتطلب النظر إليها في تكاملها .. كما أن جذورها تمتد إلى فترة ما قبل الإستقلال ولذا لا يمكن تبسيطها.


وبالرغم من الأمال العريضة فلا أعتقد أن هذا اللقاء مع أهميته يمكن أن يختزلها مع أنه أضاف قوى نوعية إلى القوى التي درجت على التداول في الهم الوطني أملاً في إيجاد مخرج من الأزمة الوطنية الشاملة التي تفاقمت وإزدادت تعقيداً في العقدين الأخيرين.


ولهذا فنحن ننظر إلى هذا المؤتمر بأمل أن يكون فاتحة الخروج من المأزق الراهن ونتطلع إلى دورات لاحقة تمهد لوضع بلادنا على طريق الخروج من الأزمة .. وبالطبع فإن الإجتهادات تتفاوت بإختلاف الرؤى والأفكار، فالبعض يرون في الخروج من المأزق الذي يفضي إلى قدر معقول من التحول الديمقراطي وتوزيع السلطة والثروة خاتمة المطاف، وإختزال للمعالجة، وفي ذلك إجتزاء للقضية وإختزال للمعالجة .. إذ علينا أن نستفيد من دروس تجاربنا الماضية وإسقاطاتها على واقعنا الراهن ...... وعلى سبيل المثال فإن شعار تحرير لا تعمير الذي إعتمدته القوى الوطنية في مواجهة الإستعمار البريطاني قد جعلها تقف عاجزة بعد عام 1956م عن إنجاز مهام ما بعد الإستقلال التي ظلت معلقة إلى يومنا هذا ..


إن جدول أعمال هذا المؤتمر معنى بمعالجة القضايا العاجلة، وإصدار مشروع سياسي تتوافق عليه القوى الوطنية كافة، مما يتطلب الحوار بعقل مفتوح وبجدية وصدق مع من تخلف عن حضور المؤتمر لتحقيق الحد الأدنى من الإجماع الوطني حوله.


ثم أن هناك توصية تضمنتها ورقة التحالف بأن يشرع هذا اللقاء في الإعداد لمؤتمر قومي جامع يشارك فيه الجميع دون إستثناء ونرى أن يُكرس المؤتمر المقترح كمؤسسة للحوار الوطني لمعالجة الأزمة العامة، بأبعادها السياسية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية والقانونية ضمن الحد الأدنى الذي يتوافق عليه الجميع وحسم ما يطرأ من قضايا ومن تحديات داخلية وخارجية بإرادة سودانية مستقلة ومتعالية على ضغوط وإملاءات الذي أطمعهم فينا ضعفنا.


أيها الجمع الكريم


لقد شارك حزبنا – حزب البعث العربي الإشتراكي في صياغة ورقة التحالف المطروحة أمامكم ولا داعي لتكرار ما ورد في محاورها المختلفة ولكن نقترح على اللجان أن تتوخى الدقة في التعبير والصياغة بحيث تؤسس بشكل إيجابي لأن إدانة أي حزب لن يفتح الباب أمام إستقطاب أطراف المعادلة السياسية كافة ..


بيد أنني أود أن أؤكد أن إستجابتنا لدعوة الحضور إلى جوبا لم يكن فقط بدافع الحضور للمؤتمر مع أهميته ولكن قد دفعنا أيضاً إصرارنا على إعلاء مبدأ وحدة السودان شعباً وأرضاً ..


لقد جئنا لنعزز الأتجاه الوحدوي ولنعبر عن إستعدادنا للنضال من أجل الوحدة والعمل على تجاوز مرارات الحرب والعنف التي يمكن أن تولد عند الكثير من الناس ردود فعل سلبية محصلتها ضارة بالسودان في جنوبه وشماله بل ضارة بوشائج الإخاء والتضامن والوحدة بين شمال القاره وجنوبها..


لقد أعلن حزب البعث العربي الإشتراكي منذ عام 1962م رفضه للحل العسكري لقضية الجنوب في موقف متكامل يُقر بالتمايز الثقافي والجغرافي بين شمال القطر وجنوبه وما يترتب على ذلك من حقوق وإلتزامات ليس هذا مجال تفصيلها وإصدر البيانات والدراسات حول هذا الموضوع وظل ثابتاً على موقفه إلى الساعة وما يهمنا رفضه للحل العسكري للقضايا الوطنية سواء في الجنوب أو غيره لما ينتج عنها من آثار وخيمة على علائق الإخاء الوطني وعلى وحدة البلاد. وقد كان موقف الحكومات التي إعتمدت سياسة الحسم العسكري مرفوضاً تماماً ومعزولاً من أوسع جماهير شعب السودان بل كان أهم أسباب عزلتها وسقوطها، لهذا لم يكن صراعاً بين جنوب السودان وشماله بل بين شعب السودان وأنظمتة التي أثبتت عجزها وإفلاسها عن معالجة الأزمة الوطنية العامة بكل مفرداتها.


أيها الحضور الكريم


إننا في عصر تتداعى فيه الأمم نحو التكتلات الكبيرة .. وإذا كانت الأمم المتقدمه تتدافع نحو الوحدة والإتحاد لتحقيق المزيد من التقدم والأمن فإننا في الوطن العربي وإفريقيا أكثر منهم حاجة إلى الوحدة والإتحاد لتجاوز حالة الإنحطاط والتخلف الموروث واللحاق بركب الأمم المتقدمة والإسهام في المدنية والحضارة الإنسانية .. إن التجزئة قد ألحقت بنا خسائر كبيرة وأن تجزئة المجزأ سوف تكون كارثة وتلحق أفدح الأضرار بالأجيال السودانية القادمة مع إنعكاساتها السلبية على محيطنا العربي الإفريقي..


إن الوحدة ليست مجرد خيار .. إنها قدر الحياة والنماء والأمن والتقدم .. إنها قضية المصير والمستقبل .. إنها مسئولية يضطلع بالنهوض دفاعاً عنها قادة شجعان أولى عزم وتصميم ولا يتركونها عرضة للأهواء وإلى ردود الفعل إزاء حقبة طالت أم قصرت فإنها لا تشكل إلا لحظة في تاريخ الشعوب .. وإننا من هذا المنبر نهيب بقيادة الحركة الشعبية لتحرير شعب السودان وبكل القوى الفاعلة في جنوب البلاد وشمالها أن تؤدي واجبها الوطني في التوعية والتعبئه من أجل الوحدة .. ومن أجل أشاعة وتعميق ثقافة السلام والوحدة في نضال لا ينتهي بإنجاز الوحدة الدستورية بل يتصاعد بعدها من أجل تمتين الوحدة الوطنية وتعزيز دور السودان الفاعل في محيطه العربي الإفريقي ..


نؤكد أنه إذا لا قدر الله ان إختار إخواننا في الجنوب الإنفصال فسوف نستمر في النضال مع الوحدويين في الجنوب لإعادة توحيد الشطرين والمسؤلية في كل ذلك تقع على كاهل الجميع في شمال القطر وجنوبه .. وثقتنا عالية في شعبنا وطلائعه الوطنية ونسأل الله التوفيق.



ودمتم في حفظه ورعايته

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٢٢ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١١ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور