خيار الانتخابات .. لن يُجدي نفعا .. والمقاومة .. هي الحل الوحيد

 

( ملاحظة : الايجابي في ما اكتب للعراق وللامة والسلبي على شخصي فقط )

 

شبكة المنصور

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي

رُكبت العملية السياسية الامريكية الصهيونية الفارسية في العراق على ثلاث قواعد في مؤتمرات ما قبل الغزو وفي دهاليز الاقطاب الثلاث التي ركبتها. انها نتاج خطوط العرض والطول التي فرضت بعد العدوان الثلاثيني عام 1991 وحاولت صفحة الخيانة والغدر تنفيذها بواسطة غوغاء ايران وقواتها النظامية في الجنوب العراقي والعملاء الاكراد في الشمال ثم لحقهم مَن لحقهم فيما بعد في الانبار واسقطتها ارادة العراق الابي في حينها، ثم نفذت على الارض عام 2003 بصيغة حكومة اسماها بريمر, مجلس الحكم، بعد الغزو والاحتلال المجرم. انها الطائفية بعينها مستخدَمة كخنجر غدر يخدع خلق الله ويطعن العراق والامة والاسلام, وليجرب الانتخابات مَن يريد ان يجرب فلن يحصد سوى اطالة امد الاحتلال، وسيرجع نادما لان تغيير النحاس الى ذهب مازال حلما بعيد المنال في الزمن المنظور على الاقل.

 

التركيبة الطائفعرقية, الكردية الشيعية السنية, لحقبة ما بعد الدولة الوطنية لم تأت اعتباطا، ولا هي بنت لحظة اجتهاد جادت بها عقلية متقدة لبول بريمر، بل هي نتاج وولادة لتخطيط ماكنة العدوان على العراق والامة العربية لثلاثين عام او اكثر. وهي ضرورة الضرورات التي اقتضت اسقاط الدولة العراقية الوطنية. لاسباب سياسية وتاريخية منها:

 

اولا": ان الكيان الصهيوني هو كيان عرقي وطائفي وشوفيني ولكي يسود ويتداخل حياتيا في محيط فرض عليه فرضا بقوة السلاح فلابد ان تتحول كل البيئة المحيطة بهذا الكيان الى هيكل وبناء اجتماعي وسياسي مماثل او مقارب. التجانس هنا لابد منه لانجاز ما تبقى من عمليات تثبيت (اسرائيل) كدولة مغتصبة في قلب الامة العربية.

 

ثانيا": ايران هي الاخرى دولة طائفية (شيعية) وفقا للدستور الايراني. وهذا التعريف لايران يمنحها, وفقا لتقديراتها هي من جهة ووفقا لتقديرات الاحزاب والمليشيات الطائفية في العراق والخليج ولبنان والسودان واليمن وغيرها من جهة ثانية، قبولا سياسيا ودينيا لاحتلال اجزاء وامتلاك نفوذ متعاظم في اجزاء اخرى من الامة العربية في طريق تاسيس الامبراطورية الفارسية، التي تتعاطى معها اميركا في توجيه الصراع السياسي  بعد غزو العراق وتمكنت من خلالها الربط العضوي بينها وبين ايران والكيان الصهيوني لتركن اليه في عمليتها السياسية المخابراتية الساندة للاحتلال العسكري.

 

هكذا نكون امام حقيقة الحقائق, وهي ان اميركا تدير عملية سياسية امريكية صهيونية فارسية في العراق وتشرك معها عدد من بلدان المنطقة في عملية ترسيخ وانجاح هذه العملية. وأحد مظاهر, بل اهمها على الاطلاق, ترسيخ العملية السياسية الامريكية في العراق والمنطقة هي الانتخابات. وبغض النظر عن شرعية او عدم شرعية هذه الانتخابات كونها تجري تحت حراسة حراب اميركا، فان نتائج هذه الانتخابات لايمكن تحت اي حال من الاحوال ان تخرج عن اطار التوجه والمخطط الامريكي. وهنا تفرض بعض التساؤلات حالها ليس لامريكا، بل لبعض الوطنيين الذين دخلت الى رؤوسهم بعض القناعات على امكانية انتاج حالة وطنية من الانتخابات ..

 

كيف يمكن لامريكا ان تقبل بانتاج حالة وطنية لا تتوافق مع وجودها العسكري والسياسي؟

كيف يمكن لامريكا ان تتخلى وهي التي تقف الان بين الخاسر وبين نصف المنتصر على الاقل في ان تسقط الاركان الثلاثة التي جلبتها خلف دباباتها واسست عليها عمليتها المخابراتية؟ يعني كيف يمكن لامريكا ان تتخلى عن مسعود وجلال وعن الدعوة وبدر والمجلس والحزب الاسلامي كأدوات تنفيذ مضمون لمصالحها السياسية والاقتصادية التي غزت واحتلت العراق من اجلها؟

 

كيف يمكن لاطراف العملية الطائفعرقية ان تتنازل عن مكاسبها التي حققتها عن طريق بيع الشرف الوطني والخيانة الذليلة؟

 

كيف يمكن لايران ان تتنازل عن المكاسب التي حققتها عبر الاكراد والاحزاب الطائفية والتي ترتقي الى مستوى الشراكة مع اميركا باقتسام جسد العراق؟

 

لماذا غيّر الطائفيون خطابهم في الآونة الاخيرة ليكون خطابا وطنيا دون ان يعقدوا مؤتمرات لاحزابهم وكتلهم يغيرون فيها استراتيجهم وتكتيكاتهم ويعلنون التغييرات على اعضاءهم وانصارهم وعلى العالم؟ ألا يعني هذا تغييرا في التكتيكات التي تجعلهم يغلبون فضائحهم وسقوطهم امام شعب العراق العظيم فقط؟ ألا يعني فقط تمسكهم بالنجاح في الانتخابات القادمة لضمان سنوات اربع جديدة في البرلمان والحكومة واستمرارا بذبح العراق والعراقيين؟

 

لنفترض جدلا ان هناك عزوفا في المزاج الانتخابي عن طرف او اكثر من بين مئات الكتل الطائفية الداخلة في الانتخابات فهل سيقود هذا لحالة انقلاب سياسي ام انه سيقود فقط الى حالة من حالات التوازن في النتائج الانتخابية لن يكون لها اي اثر تغييري محسوس على التركيبة الاحتلالية للعملية السياسية؟

 

غير هذه الاسئلة كثير .. والاجابات عليها لا تفضي أبدا الاّ الى طريق واحد وهو ان اميركا باقية وعمليتها السياسية والطائفية والعرقية هي الجلد الذي لبسته العملية الاحتلالية ولا يوجد دليل واحد على الاطلاق يوحي بان اميركا وحلفاءها الدوليين او المحليين هم في الطريق الى تغييره. كما ان الاتفاقية الامنية مع اميركا باقية وتحكم بقاء اميركا الى امد غير محدود في العراق. وبذلك يصير طريق البندقية هو الطريق الوحيد.

 

على الاخوة الذين يريدون اقناعنا ان العملية السياسية هي طريق محتمل او ممكن لاعادة حال العراق الوطني والقومي والسياسي ان يجيبونا على هذه الاسئلة وان يقنعونا ان دخولهم في العملية السياسية جنبا الى جنب مع بدر والمجلس والاسلامي والطالباني ومسعود سيعطيهم فرصة لتغيير خط تاسس وسار عليه هؤلاء واتفقوا مع اميركا على استلام السلطة وفقا له. وعليهم ان يقولوا لنا كيف ولماذا نجحت عمليات تزوير استفتاء الدستور وكل الانتخابات التي لحقتها وأفضت الى اقصاء مَن يسمَون بالعلمانيين او الوسطيين، ولماذا لم يتمكن احد من تعديل ميزان اللعبة خلال سنوات ما بعد الاحتلال رغم كل الهرج والمرج الاعلامي الذي سمعناه ونسمعه عن فشل العملية السياسية واسقاطها للعراق وشعبه في كوارث وفجائع لاتعد ولاتحصى من اخطرها التقسيم والشرذمة. ولماذا لم يتمكن احد من التاثير على قانون اجتثاث البعث بحيث ان القانون البديل الذي جاء لاحتواء فضيحة وجريمة قانون الاجتثاث والذي اقره البرلمان الاحتلالي تحت مسمى المساءلة والعدالة قد طواه النسيان رغم انه يعزز قانون الاجتثاث ويجذر مساراته الشوفينية والنازية اضافة الى قرارات حل الجيش ومؤسسات الدولة المختلفة. ألا يعني هذا ان القناعات نهائية عند الاحتلال واعوانه باجراءات وتفريخات وقوانين مابعد الاحتلال؟

 

اما قناعتنا نحن فهي ثابتة ومستقرة ولا نحيد عنها حتى يأذن الله بغيرها وهي ان المقاومة المسلحة هي الطريق الوحيد لتحرير العراق واعادته الى حاله الوطني والقومي والاسلامي, اعادته بلدا موحدا ومعافى من امراض الغزو والاحتلال.

 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٢١ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١٠ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور