رسالة مفتوحة للرئيس الاسد حول الموقف من المقاومة العراقية

 
 
 

شبكة المنصور

صلاح المختار
السيد الرئيس بشار الاسد اعزه الله


اولا ، وقبل كل شيء ، اتقدم لسيادتكم باطيب التحيات والتمنيات بالصحة لكم شخصيا ، وللشعب العربي في سوريا الشقيقة بالتقدم والازدهار والرفعة . كما ان من واجبي تأكيد موقفنا ، كمناضلين داعمين للمقاومة العراقية ومن كتابها ، وهو اننا ندعم سيادتكم في نضالكم من اجل استعادة حقوق الامة وتحرير اراضيها ، وهذا الموقف نابع من مبادئنا القومية التقدمية التي تحدد لنا مسارنا وخياراتنا ، فسوريا اليوم تقف في مقدمة مناهضي الامبريالية والصهيونية ، وانطلاقا من هذ الموقف القومي اعلن سيادتكم مرارا انه يدعم المقاومة العراقية في نضالها المشروع من اجل تحرير العراق ، وتلك مواقف لا يمكن لاي عربي يناضل ضد الاحتلال الا ان يدعمها ويشيد بها ، ويتمنى ان تتعزز وتؤثر اكثر واعمق في مجرى احداث الامة كلها خصوصا في العراق .


السيد الرئيس المحترم


ما دفعني للكتابة لسيادتكم مباشرة هو شعوري بالقلق على سمعة سوريا التحررية والقومية من جراء بعض المؤشرات التي تلفت الانتباه والتي ظهرت مؤخرا وتوحي بان ثمة محاولة للتعتيم على المقاومة العراقية وتغييبها من النشاطات التضامنية مع المقاومة العربية في كل مكان ، وهذه المحاولة ، ولكي استبعد اي التباس ، تقوم بها عناصر أساسا غير سورية تتظاهر بدعم سوريا والمقاومة ، وكانت تسلط الاضواء على المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان بقدر واضح ، الا انها ومنذ فترة قصيرة ، ولاسباب نعرفها بوضوح تام ، شرعت بتجاهل المقاومة العراقية والتركيز فقط على المقاومة في فلسطين ولبنان وكأن المقاومة العراقية اختفت من الوجود !


السيد الرئيس


اسمح لي بالاشارة الى حدثين وقعا في سوريا مؤخرا يؤكدان ما نقوله حول تجاهل المقاومة العراقية :


الحدث الاول هو مؤتمر ما سمي ب ( الاحزاب الشيوعية العربية ) الذي عقد في سوريا مؤخرا وتجنب الاشارة الى المقاومة العراقية واكتفى بدعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية .


الحدث الثاني هو ملتقى الجولان العربي والدولي الذي عقد اليوم ، وقام منظموه ايضا بتجاهل المقاومة العراقية والاعلان فقط عن دعم المقاومة في فلسطين ولبنان ! ولئن كان بالامكان فهم ان من نظم المؤتمر الاول جناح من الحزب الشيوعي السوري وحضرته عناصر من الاحزاب الشيوعية العربية ، عرف بعضها بدعم الاحتلال الامريكي للعراق ومن ثم فان تجاهلها للمقاومة العراقية ينسجم مع موقفها من الاحتلال ، فان ملتقى الجولان نظم من قبل جهات سورية ، او اشخاص لهم صلة بسوريا الدولة والحزب اضافة لعناصر غير سورية ، الامر الذي يجعل تجاهل المقاومة العراقية مثيرا للقلق لان الموقف السوري اساسي وحيوي في نضالنا من اجل تحرير العراق .


ولو ان تجاهل المقاومة العراقية حصل في حدث منفرد لكان بالامكان عدم الشعور بالقلق ، ولكن ان يتم تجاهل المقاومة العراقية بصورة متكررة وبالذات في موضوع يخص الجولان وبتوجيه من عناصر داعمة لسورية ، وفي سوريا ، فهو ما جعلنا نقلق .


السيد الرئيس


يعلم سيادتكم بان معركة الامة العربية الحاسمة ، بل معركة البشرية كلها ، تدور في العراق وليس في فلسطين او لبنان ، لان من يخوضها هي الامبريالية الامريكية ، بكل قدراتها المادية والتكنولوجية والعسكرية ، مقابل المقاومة العراقية بكافة فصائلها ، وهي معركة تغيير جذري للواقع في العراق وفي المنطقة والعالم ، في حين ان معركة الساحة الفلسطينية حاليا هي معركة من اجل تعديل الواقع الراهن بشكل طفيف وضمن توازناته وبناءه الأساسي ، بالوصول الى تسوية سياسية تقوم على اساسيات قرار 242 لمجلس الامن ، واتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة واوسلو وغيرها . اما صراع لبنان فاسمح لي سيادة الرئيس ان اكرر قولنا انه معركة عض اصابع بين امريكا وايران ليس الا من اجل تقاسم المغانم ، وهي حقيقة اكدتها احداث وتصريحات الايام الاخيرة ، وهو من ثم معركة هامشية وتابعة وملحقة بالصراع الرئيسي بين امريكا والمقاومة العراقية ، في الاطار الستراتيجي العام .


وفي ضوء ما تقدم ، ياسيادة الرئيس ، فان تجاهل المقاومة العراقية التي تخوض الصراع الرئيسي في الوطن العربي والعالم ، والذي سوف تقرر نتائجه مصير المنطقة والعالم ، والتركيز على مقاومة في فلسطين من اجل مساومة سياسية تقوم على الاعتراف باحتلال فلسطين قبل عام 1967 مقابل دويلة قزمة ومقزمة في مساحة تقل عن 20 % من مساحة فلسطين ، وهو ( نضال ) يحافظ على الواقع الحالي ولا يغيره الا جزئيا ، وعلى مقاومة في لبنان انتهت كمقاومة منذ تحرير جنوب لبنان ، واصبحت قوة ضغط تستخدمها ايران من اجل تعديل ، او تغيير بعض موازين القوى الاقليمية لصالحها ، نقول ان هذا التجاهل وذلك التركيز مضران بقضية تحرير الامة في العراق وفلسطين والجولان وغيرها .


ان اللعبة التي تقوم بها الامبريالية الامريكية وقوة اقليمية ، هي ايران ، هي لعبة استبدال التناقض الرئيسي ، وهو الصراع المرير بين المقاومة العراقية والامبريالية الامريكية ، بتناقض ثانوي في ساحة صراع ثانوي هو الصراع من اجل تسوية سياسية في فلسطين ، ومن اجل استعادة مزارع شبعا التي لم تعد مشكلة بعد اعتراف سوريا بتبعيتها للبنان .


ولكي لا يساء تفسير ما قلت اعيد تكرار موقفنا وهو ان تأكيدنا على ان الصراع الحالي في فلسطين هو معركة ثانوية لا صلة له بالمبدأ الثابت وهو ان قضية فلسطين هي القضية المركزية في الوطن العربي ، فتلك قضية مبدئية ثابتة لم ، ولن ، تتغير وسيبقى تحرير فلسطين ، من البحر الى النهر ، مهمة وواجب حركة التحرر الوطني العربية ، وفي مقدمتها المقاومة العراقية المسلحة . ان ما قصدناه هو تحديد طبيعة الصراع الستراتيجي ، وما يعرفه كل متابع او خبير هو ان الصراع الستراتيجي الاعظم في العالم يدور في العراق ، وليس في اي مكان اخر ، ولعل ما أعلنته الادارة الامريكية مؤخرا ، من ان تكاليف حرب العراق فقط تعادل 75 % من تكاليف حروب امريكا في الخارج ، يؤكد مركزية حرب تحرير العراق وتبعية صراعات المنطقة لها .


السيد الرئيس


من اجل ان تبقى سوريا ، تحت قيادتكم الشابة والشجاعة ، قوة دعم للمقاومة فان تدخلكم لتصحيح اخطاء بعض الاخوة في سوريا ، وايقاف محاولات بعض غير السوريين ، اعطاء انطباع بان سوريا هي التي تتجاهل المقاومة العراقية وليس هم ، ان تدخل سيادتكم لايقاف ذلك خطوة ضرورية نتمنى ان يقدم عليها سيادتكم باسرع وقت . ان استمرارهذا التوجه السلبي يضر بسوريا وسمعتها مع ان سيادتكم من بين القلة الشجاعة من القادة العرب الذين اعلنوا دعم المقاومة العراقية مبكرا ، واحتضنتم حوالي مليوني عراقي شردهم الاحتلال بكرم سوري اصيل . ان دعم المقاومة العراقية بكافة الطرق هو احد اهم شروط وضع حد للحملات على سوريا ومقدمة ضرورية لبدء مرحلة الرد العربي الهجومي المقابل على مستوى الامة كلها .


ان تحرير فلسطين يبدأ من العراق المحرر وليس العكس كما يقول الواقع الموضوعي ، وان تحرير الجولان بالقوة هو الخيار الوحيد الذي يحفظ للعرب بشكل عام ولسوريا بشكل خاص الكرامة والعزة والحقوق ، وتلك عملية من الصعب ان تتم بجهد سوري منفرد في ظل موازين القوى الاقليمية والدولية ، لذلك فان العراق المحرر هو احد اهم ضمانتين - الاولى قوة سوريا - لتحرير الجولان ، والاهم لتحرير سوريا من كل اشكال التأمر والضغط.


السيد الرئيس


في الختام ، اجدد عهدنا لكم ، ياسيادة الرئيس ، على الوقوف مع سوريا بحزم وبلا تردد ، فسوريا الداعمة للمقاومة العراقية هي قلعتنا الاخيرة وهي املنا . دمتم مناضلا عربيا اصيلا سيادة الرئيس وحفظ الله سوريا ، قلبا نابضا للعروبة ، من كل شر امريكي وصهيوني واقليمي عنصري حاقد .

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد / ٢٢ شـوال ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ١١ / تشرين الاول / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور