|
|
||||||
|
|
||||||
 |
 |
 |
 |
|||
|---|---|---|---|---|---|---|
 |
 |
|||||
|
|
||||||
|
|
||||||
|
|
||||||
موطيء قدم
|
||||||
|
شبكة المنصور |
||||||
| ذكرى محمد نادر | ||||||
|
يا برتقالاً عطش لوجهي... يا نخلاً... يا فراتاً... يا قداحاً على أكتاف الشجر... يا ماء النهر... يا طين الدهلة قرب مسناية الاعظمية... يا وطني.
صباحي ماطر وما زلت تحت أغطيتي امرض... او ادعي مرضا... كي لا اعيد تجربة نهار آخر يستوعبني بعيدا عنك! البارحة... حين وقفت وحدي ازاء نافذة يتوسطها قمر بارد... استدعيت وجهك... لم اعد اتعرفه... علمني على تقاطيعه ثانية... عيناك... ما كان لونهما... ووجهك اما زال مستديرا بأشواقي ام إنه صار بعد الغياب ناحلا؟ أنفاسك... ذكرني... أتحمل بعدها رائحة آخر سجائرك؟
اصابعك... هل اغفلت... اطراف شعري... يدهشك... فتشمه وانت تقول ما اطيبه! البارحة... وانا اقف امام نافذة يتوسطها قمر بارد... اردت ان اتذكرك... ان استعيد تفاصيلك... لون قميصك... صوت خطواتك...او نكهة ابتسامتك... او شكل نظراتك المتشاغبة... حين كان يعز عليك الكلام وتود لو تقول: اشتاقك!
تحت اغطية فراشي ارتجف لا بردا... ولا مرضا... ولكنما شوقا! واستعيد في ذاكرتي كتلميذة تكرار قصيدة لا بد لي من حفظها لامتحان عسير... واسترجع بأبياتها الشاعر محمد البغدادي... مثلي يقول: كمن لا يجد في الأرض بيتا يضمه ولا حضن أم... اذ ينام يشمه ولا امرأة كالريح وهو أمامها تبعثره يوما... ويوما تلمه ولا وطنا... يأوي على ظل نخلة ويشكو الى نهريه... هما يهمه! ذكرني.
أما زالت جذوة في قلبك تشعل لي بنفسجة حريق... وتعد قداس كلمات لاشتياقي؟ ذكرني... فصباحي ماطر جدا يمسح بكف مبلل وجه الذكريات! لم يترك القمر المغادر منذ الأمس اثرا لأتبع خطاه... كان وجهك حينها معلقا ما بين هالته ووجهي... واليوم تفرغ منه ذاكرة السماء!
علمني مجددا على وجهك... كيف هو... أخطت عليه سنوات البعد حكايات تتخفى خلف خطوط الغياب... أم إنك ما زلت تحفرني كما كنت تقول في وجعه الحميم! فلماذا اشعر ان قلبك بارد ...او يكاد! أم إنني بسبب البعد أتوهم او... أخاف؟
شتاؤهم بارد... طويل ومر... كالجفا! وتلك قاعدة الفراق... واكاد اسمع أمي... من فراش موتها تقول: آه يا ذكرى... تره الموت والفركه... سوية! “ولج أخ يمه ... حتى في موتك تصيرين ذكرى!” حقا انهما في الحرقة... سواء!... والله صدقت الموت والغربة سواء بسواء. حين كانت تبكيني... او تبكي غياب من رحل من دون وداع... إخوة صارت لهم قبور وهمية لوطن أخشى ان يغادرنا وجهه... فيما يبقى هو فينا مقيم!
يا قبر أمي الذي لا اعرف له طريقا... يا طريق بلاد لا أستطيع السعي اليها... يا الله... يا شجر الليمون الذي ازهر... يا شموس البرتقال... واقمار الرارنج المصفر من شوق ناضج... يا حقول القبرات... يا فرات... يا تمن العنبر... يا تمراً نحنُ اليه كل فطور صيام... يا سنابل حنطة ما عادت تقيم أود الجياع... يا اصحاب... حسن عبد الحميد... جواد الحطاب... حطابي الجميل وجثة موسيقاك انتظر ان تزف لحنا عند بابي... يا رعد ويا حيف على سعفه اليرتجف... يا جبار باشا ايها الغاوي ولعا... يا عالية طالب ايتها الباسلة بعدني لم اتعرف على قيامة بغدادك... يا نرمين ايتها المجنونة... علي حداد كيف حال مكتبتي يا فتى؟ علي السوداني هل ما زال كأسك فارغا من شفتيك... يا سلام الشماع وجنوح سفائن كتاباتك... يا احمد يا رجلا... لا اعرف منه الا قصة موته في مذبحة الفلوجة... في ليلة احتضن فيها جثة دبابة اميركية وهو يقول “بعد ما منها بد” فاستدار بوجهه نحو موته النبيل دون وداع... حسن العاني ايها الولد الطيب... وانت يا ابن الحميري يا خضير حين تهزأ من الاوجاع... وتضحكنا على بلايانا...! حميد قاسم اما زالت اصابعك تعصر الشعر وتقول “احبكم ... واثق بأننا نعيش, لان في الحياة متسع لاصدقاء مثلكم”... لك وينكم لعد...؟ لأني أينما يممت قلبي... فثم وجوهكم... ووجه حبيبي... وجه العراق... لك وينكم؟
انتم تكبرون بعيدا عني وآثاركم فيّ... في قلبي لا تزال فتية... كما بغداد... كما العراق القديم لأني اكرهه جديدا... يا قبور احبتي البقيت وحيدة من دون دموع زيارة العيد... من دون شموع التذكر... يا صواني خضر الياس... تحمل الاس المزهر بالحنين وتعبر دجلة... تتقد فيها شموع رجاء العاشقات... يرقبنها متأوهات: يا رب... لا تطفيء جذوة في قلب حبيبي!
ذكرني انت... ذكرني بوجهك اخاف ان اشحب من دونه... ما تفاصيله ما لون عينيك وطعم شفتيك... وصوتك من دون اسلاك الهاتف... أما زال حميميا حين يناديني... لاني اهجس ان قلبك بارد... أو يكاد... أم أنني بسبب البعد أتوهم!
لأني ارتجف بأشواقي منذ ليل البارحة حين قمر توسط نافذتي في وحدتها الكئيبة... قاربني... همّ ضياؤه بمس كتفي... كاد يلثمني... فهمست فيه: آه يا قمري... لا تفعل...لانني اشتاق... حبيبي!
جنيف في أصبوحة ذات مدر |
||||||
|
||||||
 |
 |
|||||
 |
 |
 |
 |
|||
